إلى الفنان "رشدي بلقاسمي" اعترافا واعتذارا على أمل أن ترقص العقول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
رقصة الشجر
أقف أمام المعلّق الإشهاري، تتساقط أوراق الشّجرة المرسومة على ورق البردي، والمثبتة على تابوت الوليّ الصالح جدّ المدية. تلتفّ أغصانها مشكّلة ما يشبه حبال المشانق. جسدي تنتابه رعشات خفيفة، وأشعر بدبيب أقرب ما يكون لدبيب النّمل، تطول قامتي إلى ما لا نهاية متجاوزة كلّ الأشجار، مخترقة كلّ الأبعاد. كأنّي بجسدي انتشى مثلي بتساقط تلك الأوراق. ينبعث إيقاع راقص بداخلي في تآلف عجيب مع حركات أطرافي وكتفيّ وخصري، فتتشكّل لوحة فنيّة تعبيرية تقطع كلّ الأغصان والأشجار.
الأشجار المطلّة على المعلّق خالية هي أيضا من أوراقها، إلّا من بعض الوريقات الغضّة، يبدو أنّها غريبة عن أشجارها. أوراق صفراء، وأحرى حمراء، وهذه خشنة، وتلك ملساء... يلحّ عليّ السؤال ما الذي يمنعها من الالتحاق بالبقيّة وادّعاء الشرف؟...فعلا إنّه المعلّق الإشهاري. حيها قرّرت الاستحواذ عليه. اقتلعته م على الجدار، بحركات حميمية متناسقة قرّبته من صدري، وأسلمت جسدي للنّغمات الممتعة المنبعثة من داخلي. ينطلق حرّا كالأحلام، يأخذني إلى المدى، يحطّم كلّ التّوابيت، ويشذّب كلّ الأشجار على وقع سانفونية مكمّلة ل"بحيرة البجع". هذا الجسد الذي أحتفي به ويحتفي بي، هذا الجسد الذي يعبّر بإشارات أسمى من أن يفهمها جدّ المدينة واحفاده.
أنا جالس أمام مكتبي أنقر عليه بإصبعي، أتأمّل المعلّق، ودون عناء تفكير أتوجّه إلى خزانة ثيابي، أرتدي من بينها قميصا فضفاضا، وسروالا فضفاضا هو الآخر، ثمّ حذاء خفيفا أقرب للجورب. شددت على خصري حزام "بونوارة"، وأضفت لمسة مكياج، وشغّلت الحاسوب لتبعث مه إيقاعات "سعداوي بدوي" تهزّ جسيدي والكثير م المحرّمات. ويبدأ العرض، انخرطت في رقص هستيري جعلني أتصالح مع ذاتي وأتماهى مع الفضاء الذي أتواجد فيه. قبل أن أبلغ من النشوة أقصاها ومن الحرّية مداها ، وقع بصري من خلال النافذة على ورقة تقطع صيلتها بالشجرة، تتهاوى نحو الأرض فيما يشبه الحركات الراقصة. حركة جسدي في نشاز تام مع الإيقاع، إمّا أنّها الرهبة م سجن العرف ومقولة الأشراف، وإمّا أنّها رهبة تحرّر الجسد م أثقال الروح. واصلت الرقص إلى أن استعدت تناسق الحركة مع الإيقاع، بدا لي أنّ باقي أوراق الأشجار الأخرى تتجمّع حولي، تلاحقني بنظراتها، ثمّ تعمل على محاكاة حركاتي. وقبل أن تتقن الرقص تتدلّى الأغصان الملتفّة كحبال المشانق وتعمل على استعادتها. تهدأ حركة الوريقات قليلا دون أن تعود إلى الأشجار. أشعر بسعادة لم يسبق أن عشتها، وبشموخ فاق شرف جدّ المدينة.
اهتزّ جسدي على وقع نغم بدويّ أصيل انتهى بي إلى حالة لك أن تسمّيها حالة وعي، أو لعلّها حالة شرف أسقطت كلّ الأقنعة، وتذكّرت أنّ الكثير من الأشجار لا تسقط أوراقها ، وأنّ الكثير من الأجساد التفّت حولها الأغصان.
رياض انقزو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
رقصة الشجر
أقف أمام المعلّق الإشهاري، تتساقط أوراق الشّجرة المرسومة على ورق البردي، والمثبتة على تابوت الوليّ الصالح جدّ المدية. تلتفّ أغصانها مشكّلة ما يشبه حبال المشانق. جسدي تنتابه رعشات خفيفة، وأشعر بدبيب أقرب ما يكون لدبيب النّمل، تطول قامتي إلى ما لا نهاية متجاوزة كلّ الأشجار، مخترقة كلّ الأبعاد. كأنّي بجسدي انتشى مثلي بتساقط تلك الأوراق. ينبعث إيقاع راقص بداخلي في تآلف عجيب مع حركات أطرافي وكتفيّ وخصري، فتتشكّل لوحة فنيّة تعبيرية تقطع كلّ الأغصان والأشجار.
الأشجار المطلّة على المعلّق خالية هي أيضا من أوراقها، إلّا من بعض الوريقات الغضّة، يبدو أنّها غريبة عن أشجارها. أوراق صفراء، وأحرى حمراء، وهذه خشنة، وتلك ملساء... يلحّ عليّ السؤال ما الذي يمنعها من الالتحاق بالبقيّة وادّعاء الشرف؟...فعلا إنّه المعلّق الإشهاري. حيها قرّرت الاستحواذ عليه. اقتلعته م على الجدار، بحركات حميمية متناسقة قرّبته من صدري، وأسلمت جسدي للنّغمات الممتعة المنبعثة من داخلي. ينطلق حرّا كالأحلام، يأخذني إلى المدى، يحطّم كلّ التّوابيت، ويشذّب كلّ الأشجار على وقع سانفونية مكمّلة ل"بحيرة البجع". هذا الجسد الذي أحتفي به ويحتفي بي، هذا الجسد الذي يعبّر بإشارات أسمى من أن يفهمها جدّ المدينة واحفاده.
أنا جالس أمام مكتبي أنقر عليه بإصبعي، أتأمّل المعلّق، ودون عناء تفكير أتوجّه إلى خزانة ثيابي، أرتدي من بينها قميصا فضفاضا، وسروالا فضفاضا هو الآخر، ثمّ حذاء خفيفا أقرب للجورب. شددت على خصري حزام "بونوارة"، وأضفت لمسة مكياج، وشغّلت الحاسوب لتبعث مه إيقاعات "سعداوي بدوي" تهزّ جسيدي والكثير م المحرّمات. ويبدأ العرض، انخرطت في رقص هستيري جعلني أتصالح مع ذاتي وأتماهى مع الفضاء الذي أتواجد فيه. قبل أن أبلغ من النشوة أقصاها ومن الحرّية مداها ، وقع بصري من خلال النافذة على ورقة تقطع صيلتها بالشجرة، تتهاوى نحو الأرض فيما يشبه الحركات الراقصة. حركة جسدي في نشاز تام مع الإيقاع، إمّا أنّها الرهبة م سجن العرف ومقولة الأشراف، وإمّا أنّها رهبة تحرّر الجسد م أثقال الروح. واصلت الرقص إلى أن استعدت تناسق الحركة مع الإيقاع، بدا لي أنّ باقي أوراق الأشجار الأخرى تتجمّع حولي، تلاحقني بنظراتها، ثمّ تعمل على محاكاة حركاتي. وقبل أن تتقن الرقص تتدلّى الأغصان الملتفّة كحبال المشانق وتعمل على استعادتها. تهدأ حركة الوريقات قليلا دون أن تعود إلى الأشجار. أشعر بسعادة لم يسبق أن عشتها، وبشموخ فاق شرف جدّ المدينة.
اهتزّ جسدي على وقع نغم بدويّ أصيل انتهى بي إلى حالة لك أن تسمّيها حالة وعي، أو لعلّها حالة شرف أسقطت كلّ الأقنعة، وتذكّرت أنّ الكثير من الأشجار لا تسقط أوراقها ، وأنّ الكثير من الأجساد التفّت حولها الأغصان.
رياض انقزو