بريق الذهب ٠
قصة قصيرة ٠
✍️ محروس يس ٠
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ ٠٠٠٠٠٠٠٠
قليلة هي الأوقات التي يجالس مختار فيها زوجته نعمة، ويدور بينهما حوار مسهب؛ علىٰ وجبة غداء كل جمعة حيث يصغي إلىٰ سرد منها لأهم أحداث أيامها الستة السابقة ٠
ونهاية كل شهر حين يمنحها مصروف البيت، هذه الجلسة التي لا تخلو - عادة - من بعض المشادات الكلامية إذ يوصيها - عامدًا - في كل مرة بإطلاق يدها في المصاريف، وعدم التقتير علىٰ نفسها، وعلى بيتها ٠
تمتمت بكلمات لا تكاد تسمع : " أممم؛ البيت الذي لم يعد بالنسبة لك سوىٰ مكان للنوم، والأكل، وتبديل الملابس، و ٠٠٠ "
ضاحكًا يرد : " الغياب الطويل عن البيت نهارًا - يا نعمة هانم - بسبب الوظيفة، وليلًا بسبب العمل الإضافي، وكله من أجلك، وأجل أولادنا "
نعمة - بتعجب - : " الأولاد ؟ أين هم الأولاد ؟!! وأي عمل إضافي هذا الذي يحتم علىٰ صاحبه العودة إلىٰ بيته - كل يوم - مع بزوغ الفجر ؟!! " ٠
علىٰ المقهىٰ يسأله المعلم أبو الروس عن خطة العملية الجديدة، يهب واقفًا يخطو نحو باب المقهىٰ خطوات، يعود أدراجه متاففًا، وهو يحرك مقعده ليلتصق بالمعلم ٠
في همس قال : " دعك - الآن - من الخطة، فعندي ما يشغلني عن ألف خطة ٠
أبو الروس : خير؛ إن شاء الله !! ٠
مختار : نعمة بدأت تتذمر من كثرة غيابي عن البيت ٠
أبو الروس : هل علمت بزواجك من المدام عنايات، أرملة صديقك سالم ؟!!
مختار : لا اعتقد؛ فإني أسير علىٰ نصيحتك بإهدائها بعد كل عملية قطعه من المشغولات الذهبية؛ إسورة، قلادة، خاتم، قرط ٠٠٠ إلخ ٠
أبو الروس - منتشيًا - : النساء يعشقن الذهب، وبريق المشغولات منه يشغلهن عن أي شيء مهما كان ذلك الشيء !!
مختار : إلا نعمة، فلم أشعر - يومًا - فرحها بأي هدية ٠
أبو الروس - زامًا علىٰ شفتيه، مقطبًا جبينه - ألهذا الحد ؟!
مختار : نعمة، من الزوجات اللواتي يؤثرن العواطف علىٰ الماديات، ويشغفن بم يناجي الروح ويداعب الوجدان، فهي تعزف - دومًا - عن التزين - داخل المنزل وخارجه - بحليها، خاصة ما أهديته لها ٠
أبو الروس : لا عليك، اقتناء الذهب لدىٰ النساء - كل النساء - في حد ذاته متعة نفسية، وبهجة روحية ٠
مختار - مؤكدًا - إلا نعمة، عنايات من هذا النوع وأكثر؛ فهي تلاحقني في هذا الأمر ملاحقة الزبائن لتوفير الصنف ٠
نعمة تغدو في البيت وتروح، ذاهبة آيبة كبندول الساعة؛ يومين مرا، ومختار لم يأت في موعده كالمعتاد، قلقها المتنامي عليه دفعها إلىٰ السؤال عنه في مقر عمله ٠
عادت وقد بلغ القلق منها مداه، فنظرات زملاء الزوج، وقسمات وجوههم تشي بالكثير؛ تتقافز إلىٰ ذهنها علامات استفهام عجزت عن إجاد ثمة جواب لأي من إحداها لصعوبتها ولغموضها ٠
ما لبثت تستريح من العناء البدني والذهني اللذين غشياها؛ الهاتف الأرضي يرن مسرعة رافعة سماعة الهاتف متحدثة مع الطالب :
= آلو ٠٠ مدام نعمة ؟ ٠
- أيوه يا فندم ٠
= مع حضرتك شكري رئيس الأستاذ مختار في العمل ٠
- مرحبًا أستاذ شكري، فيه أي أخبار عن مختار ؟!!
= الاستاذ مختار قبض عليه هو والمعلم أبو الروس، وبعض الأفراد بتهمة الإتجار في المخدرات، وتوزيعها علىٰ طلبة وطالبات الجامعة !!!
- ماذا تقول ؟!! ماذا تقول ؟!! مش ممكن !! مش معقول !!
= الأستاذ مختار ورفاقه في قسم العاصمة حيث التحقيقات الأولية ثم العرض علىٰ النيابة !!! ٠
أعوام خمسة قضاها مختار، مرت عليه وعلىٰ نعمة كأنها خمسة عشر عامًا كما هو منطوق الحكم عليه وعلىٰ شركائه قبل الاستئناف ٠
علىٰ باب القسم تقف نعمة وصالح أخو زوجها الصغير الذي رافقها دون بقية إخوته رحلة الاهتمام بمختار، والعناية به داخل محبسه؛ وما إن زالت الأسوار بين مختار ونعمه، ورفعت الحواجز بينهما إذا به يجري نحوها جري طفل افتقد دفء حضن أمه سنين عددا ٠
حين وصل إليها بصوت متهدج خاطبها : شكرًا يا بنت الأصول سوف أكون لك
- ما حييت - خادمًا لن أفارقك أبدًا، وأطرق إلىٰ رأسه إلىٰ الأرض وقال هامسًا :
" حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا عنايات "
قصة قصيرة ٠
✍️ محروس يس ٠
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ ٠٠٠٠٠٠٠٠
قليلة هي الأوقات التي يجالس مختار فيها زوجته نعمة، ويدور بينهما حوار مسهب؛ علىٰ وجبة غداء كل جمعة حيث يصغي إلىٰ سرد منها لأهم أحداث أيامها الستة السابقة ٠
ونهاية كل شهر حين يمنحها مصروف البيت، هذه الجلسة التي لا تخلو - عادة - من بعض المشادات الكلامية إذ يوصيها - عامدًا - في كل مرة بإطلاق يدها في المصاريف، وعدم التقتير علىٰ نفسها، وعلى بيتها ٠
تمتمت بكلمات لا تكاد تسمع : " أممم؛ البيت الذي لم يعد بالنسبة لك سوىٰ مكان للنوم، والأكل، وتبديل الملابس، و ٠٠٠ "
ضاحكًا يرد : " الغياب الطويل عن البيت نهارًا - يا نعمة هانم - بسبب الوظيفة، وليلًا بسبب العمل الإضافي، وكله من أجلك، وأجل أولادنا "
نعمة - بتعجب - : " الأولاد ؟ أين هم الأولاد ؟!! وأي عمل إضافي هذا الذي يحتم علىٰ صاحبه العودة إلىٰ بيته - كل يوم - مع بزوغ الفجر ؟!! " ٠
علىٰ المقهىٰ يسأله المعلم أبو الروس عن خطة العملية الجديدة، يهب واقفًا يخطو نحو باب المقهىٰ خطوات، يعود أدراجه متاففًا، وهو يحرك مقعده ليلتصق بالمعلم ٠
في همس قال : " دعك - الآن - من الخطة، فعندي ما يشغلني عن ألف خطة ٠
أبو الروس : خير؛ إن شاء الله !! ٠
مختار : نعمة بدأت تتذمر من كثرة غيابي عن البيت ٠
أبو الروس : هل علمت بزواجك من المدام عنايات، أرملة صديقك سالم ؟!!
مختار : لا اعتقد؛ فإني أسير علىٰ نصيحتك بإهدائها بعد كل عملية قطعه من المشغولات الذهبية؛ إسورة، قلادة، خاتم، قرط ٠٠٠ إلخ ٠
أبو الروس - منتشيًا - : النساء يعشقن الذهب، وبريق المشغولات منه يشغلهن عن أي شيء مهما كان ذلك الشيء !!
مختار : إلا نعمة، فلم أشعر - يومًا - فرحها بأي هدية ٠
أبو الروس - زامًا علىٰ شفتيه، مقطبًا جبينه - ألهذا الحد ؟!
مختار : نعمة، من الزوجات اللواتي يؤثرن العواطف علىٰ الماديات، ويشغفن بم يناجي الروح ويداعب الوجدان، فهي تعزف - دومًا - عن التزين - داخل المنزل وخارجه - بحليها، خاصة ما أهديته لها ٠
أبو الروس : لا عليك، اقتناء الذهب لدىٰ النساء - كل النساء - في حد ذاته متعة نفسية، وبهجة روحية ٠
مختار - مؤكدًا - إلا نعمة، عنايات من هذا النوع وأكثر؛ فهي تلاحقني في هذا الأمر ملاحقة الزبائن لتوفير الصنف ٠
نعمة تغدو في البيت وتروح، ذاهبة آيبة كبندول الساعة؛ يومين مرا، ومختار لم يأت في موعده كالمعتاد، قلقها المتنامي عليه دفعها إلىٰ السؤال عنه في مقر عمله ٠
عادت وقد بلغ القلق منها مداه، فنظرات زملاء الزوج، وقسمات وجوههم تشي بالكثير؛ تتقافز إلىٰ ذهنها علامات استفهام عجزت عن إجاد ثمة جواب لأي من إحداها لصعوبتها ولغموضها ٠
ما لبثت تستريح من العناء البدني والذهني اللذين غشياها؛ الهاتف الأرضي يرن مسرعة رافعة سماعة الهاتف متحدثة مع الطالب :
= آلو ٠٠ مدام نعمة ؟ ٠
- أيوه يا فندم ٠
= مع حضرتك شكري رئيس الأستاذ مختار في العمل ٠
- مرحبًا أستاذ شكري، فيه أي أخبار عن مختار ؟!!
= الاستاذ مختار قبض عليه هو والمعلم أبو الروس، وبعض الأفراد بتهمة الإتجار في المخدرات، وتوزيعها علىٰ طلبة وطالبات الجامعة !!!
- ماذا تقول ؟!! ماذا تقول ؟!! مش ممكن !! مش معقول !!
= الأستاذ مختار ورفاقه في قسم العاصمة حيث التحقيقات الأولية ثم العرض علىٰ النيابة !!! ٠
أعوام خمسة قضاها مختار، مرت عليه وعلىٰ نعمة كأنها خمسة عشر عامًا كما هو منطوق الحكم عليه وعلىٰ شركائه قبل الاستئناف ٠
علىٰ باب القسم تقف نعمة وصالح أخو زوجها الصغير الذي رافقها دون بقية إخوته رحلة الاهتمام بمختار، والعناية به داخل محبسه؛ وما إن زالت الأسوار بين مختار ونعمه، ورفعت الحواجز بينهما إذا به يجري نحوها جري طفل افتقد دفء حضن أمه سنين عددا ٠
حين وصل إليها بصوت متهدج خاطبها : شكرًا يا بنت الأصول سوف أكون لك
- ما حييت - خادمًا لن أفارقك أبدًا، وأطرق إلىٰ رأسه إلىٰ الأرض وقال هامسًا :
" حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا عنايات "