رَجُلٌ من رَذاذ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رَجُلٌ من رَذاذ..

    رَجُلٌ من رَذاذ..
    نظراتُهُ تنبتُ على رذاذ الماءالأزاهيرَ والورد لتعكس في خيوط الشمس الوان الطيف ،يراقبُ طائرَ الحباب (*)وهو يرفرف بجناحيه، ويتحول بعد سكون من جانب الى آخر، ليلتقط قطرات الماء المتناثرة،وكذلك تفعل انثاه الى جانبه مدَّ ذراعهُ من الخلف وهو يجذبَُ خصرَها اليه لتشاركه نشوة الهواء البارد والرذاذ المتساقط على الوجه والأطراف حلّقا سوياً مع الطائرين على موسيقى هديرالماء المتصبب من أعالي الجبال شعرَا بنشاطٍ في ذاكرتيهما وهمايرفرفان بجناحيهما رفرفاتٍ سريعةٍ ويحاولان الأستقرار في فضاءٍ يتحوّلُ على الدوام بين الألوان المستطيرة عن شعاع الشمس ولمّا أقتربَتْ منه هتف قلباهما بالحبّ وأضحتْ الظلال الوارفة للأشجار الكبيرة تردد صدى الهتاف ، تناولَ قصَبَةً وانثنى يعبَثُ بجسدٍ صغير لطائرٍ ميّت يطفوا فوق الماء وفي لحظةٍ ما صَرَفَهُ هذا المنظر البائس عن متعة الإبصار وانطوَتْ غيمة الحزنِ على خَطَراتِهِ فَوَجَدَ نَفسَهُ وحيداً تقودُهُ خطواتُهُ صوبَ تلك الشجرة الكبيرة اليابسة وفي كلِّ مرةٍ يقتربُ منها تُثارُ شجونَهُ فيبكي حسراتَهُ الساخنة ويدعوا الله أن ينفُخَ فيها روح الإخضرار ويبثَّ في أغصانها ولو ثَمَرةً واحدةً.يتَأ لّم، يعاني، يَتمنّى لو لم يكُ شيئا ،يستغفِرُ..يرفعُ يداهُ بالدعاء،يتبعُ أقدامهُ بلا هدفٍ معيّنٍ ،يَذرعُ الشوارعَ جيئة وذهابا ،يحشُرُ ذاتَهُ في الزّحام،يختفي في داخلهِ ويتمنى لو أنه لا يَراهُ أحدٌ يعرفهُ،يعودُ حينَ يبتَلِعَ الليلُ الغَسَقَ،ينامُ ،يَحلمُ أنّهُ عادَ طفلاً،يرتقي قمةَ الجبلِ يرى نفسَهُ مُعَلّقاً كطائرِ الحباب،يُرفرِفُ بجناحيهِ وسَطَ الرَّذاذِ
    يسقطُ في القاعِ ،يعي ذاتَهُ مستيقظاً يستمتعُ بالنّعيمِ في الظّلالِ الباردةِ لتلك الشّجرةِ التي كانتْ يابسةً.
    -----------------
    (*)طائر الحباب:طائر اصغر من العصفور يلتقط بمنقاره الرذاذ المتساقط من ماء الشلال وغيره.ويسمى ايضا الطائر الطنّان.
    اسماعيل آل رجب
    قاص وناقد عراقي
    المجموعة القصصية الاولى
يعمل...
X