المستذئب..
قصّة
عبثا احاول ان انام واقفا ، عزيز النفس، لا ارجع عادة بالندم لفقد الطريق ، مذ التمع بوجهى وميض عينيه ، وبياض تكشيرته ، في الظلام الحالك ، انطبعت هيأته في ذاكرتي ، صورة تتقلّب في رأسي ، ليل نهار، اخذت منه بعض طباعه ، فبات يتجنبني كي لا نلتقي في طريق ، ليس خوفا ، انّما لأنه يُفكّر بنفس طريقتي، حتّى وان كنّا من فصيلين مختلفين ، ننام بعين واحدة ، وتبقى العين الثانية مفتوحة ، ترصد الطريق. سمعت عواءه ، يأتي من اعماق الغابة البعيدة ، وكأنّه يقول لي: نم قليلا ايها الاحمق ، فلقد بان بياض الفجر ،واقتربت تباشير الصباح ، لتتمكن من اداء وظيفتك ، مصحصحا ، مع زملائك من المدرسين والمدرسات ،
مضى في اليوم التالي الى عمله ، يسبقه انفه ، دخل غرفة المدرسين والمدرسات ، يتجوّل محدودب الظهر في اركانها ، يتشمم العطوروالروائح ، فتثار مشاعره، وتتوتّر اعضاء غرائزه ، فيخرج الى ساحة المدرسة، ينتظر انطلاق جرس الدرس.
سرحان شارف عمره على الخمسين ، لكنّه لازال يبحث عن ذئبته ، ذئبته المخلصة ، التي لاتُفضّل عليه غيره ، صامتة ، لكنّها تتحدّث بعينيها ، بملامحها ، بإيماآتها ، تعقل سلوكها نحوه ، بعاطفة مشتعلة ، لكنّه لم يجد ضمن رقعته ، سوى بنات آوى ، يتعالين بانوفهنَّ النتنة ، وفساد طباعهن ، نظراتهنّ غائمة ، واجسادهن تتلوّى بالعواء.
_ سنكمل هذا اليوم موضوعنا عن الذئب ، اعلموا ياولادي: ان الذئاب تعيش في جماعات ، يقود كلّ جماعة منها الذئب لأقوى ، واجبا أن يقود القطيع ذئب قوي ذو خبرة عالية، وهذا القائد دائماً يتزوج أنثى قوية ويكون مخلصاً لها طوال حياته .
يتوقّف الاستاذ سرحان قليلا عن الشرح ، يكشّر اسنانه اللامعة بالبياض ، حتّى يبرز ناباه الى الخارج، وتجحظ عيناه لترسل شعاعا مخيفا لمن ينظر اليه ، كان يخفي نوبته عن طلابه بادئ الامر، تنتابه اثناء الدرس رغبة في العواء ، لكنّها وبمرور الوقت ، صارت طبيعة لهم جميعا.
-ياطلابي سنجري الآن تمرينا عمليا في العواء .
-عواء إبدأْ !! عو عو عو عوووووووو
حتى اذا ما سمع من في المدرسة وخارجها ، ضجيج العواء ، علموا انّه درس الاحياء للأستاذ سرحان.
يخرج عندما يحل الليل ، يقطع مسافة طويلة الى الغابة ، ، متفائل ، يتحلى بالصبر ، يتّصف بالشجاعة ، والقدرة على المراوغة الى ابعد الحدود ، يهتدي بانعكاسات وميض النجوم ، على اوراق الاشجار ، فيستدل على طريقه ، في عمق الظلام ، يتحسس فريسته ، طائرما نزل على الارض، ارنب بين الادغال ، افعى تنساب بين الاحراش !! والكل يبحث عن طعامه ، يتعايش احوال الذئب الأقوى ، ثمّ يعود ليشرح لطلابه ذلك ، في اليوم التالي .
- اعلموا يااولادي ان الذئب يمتاز بحاسة شم قوية ، إذا جرى وثب وثباً شديداً ، وهو أصبر الحيوانات على الجوع ، وتكون له منطقة نفوذ على قطيع الذئاب، يحدد الذئب الأقوى منطقة نفوذه ، يترك علامات من بوله ، على الأشجار والأحجار ، لكي يعلم غيره من الذئاب حدود منطقتة.
يحرص الاستاذ سرحان على ان يكون شرحه للدرس مشوّقا ، ووصفه دقيقا ، يصوّر الاحداث لطلابه تصويرا ، فيستمعون اليه بشغف ، يستمتعون بكلامه ، يحفظونه ، حتّى صاروا يتأثرون باحوال الذئب ، ويتقمصون اوصافه.
ذات ليل اصابه الزكام ، لكنّ العزم بداخله ساقه الى الغابة كالعادة ، تجوّل فيها مبتعدا ، وهو يفتقد حاسة الشم ، حتّى خرج من منطقته الى منطقة غريمه ، وماهي الا لحظات ، مضت بسرعة البرق ، وجده واثبا امامه ، وثب هو الآخر ، وتقاتلا بشدّة ، حتّى ادمى احدهما الآخر، واستنفدا طاقتاهما ، تشم الذئاب رائحة الدماء فتخطف المسافة نحوهما ، تتقدّمها انيابها تتقطّر اللعاب ، وماهي الا لحظات قليلة حتى ابتلعتهما ، ولعقت الدماء .
قصّة
عبثا احاول ان انام واقفا ، عزيز النفس، لا ارجع عادة بالندم لفقد الطريق ، مذ التمع بوجهى وميض عينيه ، وبياض تكشيرته ، في الظلام الحالك ، انطبعت هيأته في ذاكرتي ، صورة تتقلّب في رأسي ، ليل نهار، اخذت منه بعض طباعه ، فبات يتجنبني كي لا نلتقي في طريق ، ليس خوفا ، انّما لأنه يُفكّر بنفس طريقتي، حتّى وان كنّا من فصيلين مختلفين ، ننام بعين واحدة ، وتبقى العين الثانية مفتوحة ، ترصد الطريق. سمعت عواءه ، يأتي من اعماق الغابة البعيدة ، وكأنّه يقول لي: نم قليلا ايها الاحمق ، فلقد بان بياض الفجر ،واقتربت تباشير الصباح ، لتتمكن من اداء وظيفتك ، مصحصحا ، مع زملائك من المدرسين والمدرسات ،
مضى في اليوم التالي الى عمله ، يسبقه انفه ، دخل غرفة المدرسين والمدرسات ، يتجوّل محدودب الظهر في اركانها ، يتشمم العطوروالروائح ، فتثار مشاعره، وتتوتّر اعضاء غرائزه ، فيخرج الى ساحة المدرسة، ينتظر انطلاق جرس الدرس.
سرحان شارف عمره على الخمسين ، لكنّه لازال يبحث عن ذئبته ، ذئبته المخلصة ، التي لاتُفضّل عليه غيره ، صامتة ، لكنّها تتحدّث بعينيها ، بملامحها ، بإيماآتها ، تعقل سلوكها نحوه ، بعاطفة مشتعلة ، لكنّه لم يجد ضمن رقعته ، سوى بنات آوى ، يتعالين بانوفهنَّ النتنة ، وفساد طباعهن ، نظراتهنّ غائمة ، واجسادهن تتلوّى بالعواء.
_ سنكمل هذا اليوم موضوعنا عن الذئب ، اعلموا ياولادي: ان الذئاب تعيش في جماعات ، يقود كلّ جماعة منها الذئب لأقوى ، واجبا أن يقود القطيع ذئب قوي ذو خبرة عالية، وهذا القائد دائماً يتزوج أنثى قوية ويكون مخلصاً لها طوال حياته .
يتوقّف الاستاذ سرحان قليلا عن الشرح ، يكشّر اسنانه اللامعة بالبياض ، حتّى يبرز ناباه الى الخارج، وتجحظ عيناه لترسل شعاعا مخيفا لمن ينظر اليه ، كان يخفي نوبته عن طلابه بادئ الامر، تنتابه اثناء الدرس رغبة في العواء ، لكنّها وبمرور الوقت ، صارت طبيعة لهم جميعا.
-ياطلابي سنجري الآن تمرينا عمليا في العواء .
-عواء إبدأْ !! عو عو عو عوووووووو
حتى اذا ما سمع من في المدرسة وخارجها ، ضجيج العواء ، علموا انّه درس الاحياء للأستاذ سرحان.
يخرج عندما يحل الليل ، يقطع مسافة طويلة الى الغابة ، ، متفائل ، يتحلى بالصبر ، يتّصف بالشجاعة ، والقدرة على المراوغة الى ابعد الحدود ، يهتدي بانعكاسات وميض النجوم ، على اوراق الاشجار ، فيستدل على طريقه ، في عمق الظلام ، يتحسس فريسته ، طائرما نزل على الارض، ارنب بين الادغال ، افعى تنساب بين الاحراش !! والكل يبحث عن طعامه ، يتعايش احوال الذئب الأقوى ، ثمّ يعود ليشرح لطلابه ذلك ، في اليوم التالي .
- اعلموا يااولادي ان الذئب يمتاز بحاسة شم قوية ، إذا جرى وثب وثباً شديداً ، وهو أصبر الحيوانات على الجوع ، وتكون له منطقة نفوذ على قطيع الذئاب، يحدد الذئب الأقوى منطقة نفوذه ، يترك علامات من بوله ، على الأشجار والأحجار ، لكي يعلم غيره من الذئاب حدود منطقتة.
يحرص الاستاذ سرحان على ان يكون شرحه للدرس مشوّقا ، ووصفه دقيقا ، يصوّر الاحداث لطلابه تصويرا ، فيستمعون اليه بشغف ، يستمتعون بكلامه ، يحفظونه ، حتّى صاروا يتأثرون باحوال الذئب ، ويتقمصون اوصافه.
ذات ليل اصابه الزكام ، لكنّ العزم بداخله ساقه الى الغابة كالعادة ، تجوّل فيها مبتعدا ، وهو يفتقد حاسة الشم ، حتّى خرج من منطقته الى منطقة غريمه ، وماهي الا لحظات ، مضت بسرعة البرق ، وجده واثبا امامه ، وثب هو الآخر ، وتقاتلا بشدّة ، حتّى ادمى احدهما الآخر، واستنفدا طاقتاهما ، تشم الذئاب رائحة الدماء فتخطف المسافة نحوهما ، تتقدّمها انيابها تتقطّر اللعاب ، وماهي الا لحظات قليلة حتى ابتلعتهما ، ولعقت الدماء .