أجرت سيغلندة غايزل حوارها الطويل مع ألبرتو مانغويل.حول كتاب «حياة متخيّلة»

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أجرت سيغلندة غايزل حوارها الطويل مع ألبرتو مانغويل.حول كتاب «حياة متخيّلة»

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Screenshot_٢٠٢٤٠٦٠٧-٠١٢٤٣٨_Chrome.jpg 
مشاهدات:	5 
الحجم:	104.0 كيلوبايت 
الهوية:	217310

    حسن داوود

    عن لقاء مطوّل مع ألبرتو مانغويل… في البحث عن قارئ عبقري!

    لأن اللقاء بألبرتو مانغويل كان متعذّرا، بسبب جائحة كورونا، أجرت سيغلندة غايزل حوارها الطويل معه عبر الـ»زووم» وقد بدأته في شهر نيسان/أبريل عام 2020. في التقديم للحوار- الكتاب كتبت المحاورة أنها قرّرت ذلك، من حين ما قرأت كتاب «تاريخ القراءة» الصادر في 1995، الذي تُرجم إلى خمس وثلاثين لغة، جاعلا من مانغويل كاتبا عالميا، كما يقول. كتبه الأخرى يدور أكثرها حول الكتب والمكتبات. ومرّة، إذ راحت سيغلندة تسأل صاحب مكتبة، إن كان لديه كتاب لمانغويل، أجابها «أليس هذا الذي لا يكتب إلا عن الكتب؟». أما مكتبته، التي تحتوي على ما يقرب من أربعين ألف كتاب فجرى الحديث عنها كثيرا في الحوار، عن بدايات تكونها، ومكانها الذي تحوّل معْلما يُزار، وعن نقلها عبر المحيط من قارة إلى أخرى.
    لكن أهم ما في الحوار هو ما يتعلّق بما استخلصه مانغويل من تجارب قراءاته الطويلة والمبدعة. ولنخصّص هنا ما جمعته ذاكرته الشاسعة الاتساع، وقدرته على أن يبقي الكثير مما قرأه حاضرا ليُستشهد به. ففي الصفحات التي تتعلق بـ»الكوميديا الإلهية» لدانتي نقرأه وهو يذكر التفاصيل والأوصاف، بل الكلمات، بتدفق غير معهود في عمل الذاكرات، تلك التي دأبها الإسقاط والانتقاء والإيجاز، لكن ما يجعل ذاك الحوار أكثر أهمية هو قدرة المتكلّم على إقامة الصلات بين ما يقرأه، سواء كان الفارق بينها شاسعا، سواء زمانيا أو مكانيا، أو حتى لغويّا. ولكون مانغويل قارئا بلغات خمس أو ستّ، أتيح له أن يتعدّى ما يتعلّق بمعنى ما يقرأ، ليصل إلى ما يعتبر بابا من أبواب الكتاب العديدة وهو، تبيان الفوارق العميقة والبنيوية بين اللغات.
    والحوار وقف طويلا عند اعتبار مانغويل نفسه قارئا، وكاتبا من ثمّ، غير أكاديمي. في هذه الصفة يشترك مع معلّمه وسابقه خورخي بورخيس، في أنهما ليسا مرغمين على قراءة أي شيء محدّد، أي في قدرتهما على عدم الالتزام بشريك واحد: «لقد علّمني (بورخيس) أنني لست بحاجة إلى النظرية، وأن المعرفة التي يقدّمها الأدب لا تأتي من النظرية، بل من المتعة التي نستمدّها من الكلمات والأفكار». ذلك الفارق بين الأكاديمي والقارئ الأدبي، إن صحّ التصنيف، يقوم على أن الأخير لا يقف عند نقطة وصول، أو عند استقرار أو نهاية مطاف، فالمعرفة تنمو وتتسع مع كل ابتداع جديد تأتي به قراءة كتاب.
    ويتجه الحوار نحو صورة الكاتب كما هي متأسّسة في مخيّلات القرّاء، ليبدأ من اعتراف مانغويل كيف أنه أصيب بالخيبة (التي ربما كانت الأولى في مسار كونه كاتبا) حين علم أن الصبيّ الراوي في «جزيرة الكنز» ليس هو مؤلّف الكتاب. هي خيبة مكتنفة بالإحساس، أن يكون ما حدث لشخصية، رُسم في مخيّلة شخص آخر. ليس فقط لدلالة ذلك على أن ما افترضه القارئ مؤلّفٌ ومصطنع، بل لأنه يهدّد المصداقية التي تتأتى من فعل القراءة نفسه.
    في الكتاب إقرار أجراه مانغويل على لسان ألبير كامو الذي كان قد كتب مرّة «أن المشاعر النبيلة تصنع أدبا رديئا». وها هو مانغويل يثني على ذلك بقوله، إن من الصعب الوقوع على روايات جيدة تفضي إلى نهايات سعيدة، لأن القرّاء يأملون في النهايات المفرحة، كأن لا يموت البطل، أو أن يلتقي بحبيبته في نهاية المطاف، لكنه، عند حصول ذلك، يشعر كم هي ساذجة وقاصرة النوايا الحسنة.
    عن تعلّق القارئ بالنهايات المفجعة يجيب مانغويل، «إنها فكرة التطهّر الأسطورية، التجربة الأليمة التي تجعلنا ندرك أن شخصا آخر يختبر هذا الألم ولسنا نحن، إنها نوع من الشماتة». وعلى أي حال، نحن كصنف بشري، نحبّ الدم، يقول مانغويل معلّقا، «سواء في المسرح الروماني، أو في حلبات الملاكمة، أو في الرغبة في الانضمام إلى الجيش، أو من خلال مشاهدة أفلام الحركة المليئة بالعنف» وفي عودة إلى أليساندرو باريكو يستعير مانغويل قولا منه «إننا نحبّ الحرب.. بل نحبّ العنف». وإذ تفصّل إجابات مانغويل موضوع النهايات السعيدة للروايات، والأخرى المأساوية، أجد نفسي كقارئ للكتاب، كيف أن الحكايات العربية بغالبها ذهبت نحو اختتام ما تروية بلقاء المحبًّين واقترانهما. غير أنها تعمد إلى إضافة سطر أخير يعلن أن هذين السعيدين لا بد لهما من أن يموتا في نهاية المطاف، حين يأتيهما «هادم اللذّات ومفرّق الجماعات». في تفسير الدافع لذلك التعقيب يلزم كلام كثير لا مجال هنا للخوض فيه».

    كتاب «حياة متخيّلة» هو نصّ حواري طويل بين سيغلندة غايزل وألبرتو مانغويل صدر عن دار الساقي في 207 صفحات- سنة 2023.

    كاتب لبناني
    التعديل الأخير تم بواسطة Rawda Haidar; الساعة 06-07-2024, 01:31 AM.
يعمل...
X