نايات فرنسية وهندية ومدائح مغربية تجتمع في فاس للموسيقى العالمية العريقة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نايات فرنسية وهندية ومدائح مغربية تجتمع في فاس للموسيقى العالمية العريقة

    نايات فرنسية وهندية ومدائح مغربية تجتمع في فاس للموسيقى العالمية العريقة


    المهرجان يسعى إلى إبراز روح التعايش من خلال رحلات موسيقية ساحرة.
    الخميس 2024/05/30

    إبراز الجوانب العاطفية للموسيقى (صور عمر شنافي)

    يواصل مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة تقديم حفلاته الموسيقية في أماكن مختلفة من مدينة فاس، منظما فقرات موسيقية من شتى أرجاء العالم، ما يجعل من جمهوره، الذي توافد على المدينة من داخل المغرب وخارجها، يعيش حالة سفر روحية مع موسيقات الشرق والغرب والشمال والجنوب، ممثلا نقطة تلتقي فيها كل أصناف الموسيقى العريقة وآلاتها.

    فاس (المغرب) - عاش جمهور مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، مساء الثلاثاء، على إيقاع نغمات الناي الساحرة للمجموعة الفرنسية “ثلاثي الخطوط الثلاثة”، ذات الريبيرتوار الغني وغير المسبوق الذي يتقاطع مع الموسيقى العريقة والشعبية.

    ولقد تمكن الثلاثي إيزابيل كوروي ومارين سابلونيير وهنري تورنييه، الذين عزف كل واحد منهم على نوع معين من الناي، أن يسافروا عبر نغمات هذه الآلة التي صنعت منذ عقود من الزمن، بالجمهور في رحلة فريدة واستثنائية حيث يمتزج جمال حديقة جنان سبيل العريقة بسحر نغمة الناي.

    عبرت إيزابيل كوروي، عضو مجموعة “ثلاثي الخطوط الثلاثة”، في تصريح لها بالمناسبة عن سعادتها بالمشاركة إلى جانب زميليها بالمجموعة، في مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة. وقالت “لقد أتيحت لي الفرصة للعزف، وأنا سعيدة بالعودة إلى المهرجان، وأساسا من أجل إسماع نغمات الناي في هذه الحديقة التي هي الفضاء الملائم للناي”.

    وبخصوص اختيار الناي كآلات أساسية للمجموعة، أوضحت كوروي “نحن ثلاثة عازفين بثلاثة خطوط. والهدف هو تقاطع هذه الخطوط والأساليب والريبيرتوارات من خلال تقديم ريبيرتوار في حلة حديثة للغاية لأنه جديد وتم تصميمه انطلاقا من موسيقى عريقة جدا”.

    وارتباطا بالمثل الذي يقول إن الناي يُصنع لكي يسحر العالم، وإنه مستلهم من ثراء توليفات الألوان التي يقدمها التقاء ثلاث عائلات من الناي، فإن مجموعة “ثلاثي الخطوط الثلاثة” قد نهلت في حفل فني بفاس، من ريبيرتوار “غني وغير مسبوق يتقاطع من الموسيقى العلمية والشعبية”.
    سحر الناي



    ◙ عزف خالد


    مؤكدة على أن ثلاثي الخطوط الثلاثة يستكشفون ويبتكرون مجالات عزف جديدة انطلاقا من توليفات أصلية وترتيبات شخصية. وأبرزت أنه من خلال خلق هذا الجسر بين الموسيقى العريقة والشعبية، فإننا نخلق خطا ثالثا لا نحتاج فيه إلى التمييز بين ما تم تعلمه وما هو شائع. وينصهر الموسيقيون الثلاثة الذين يستمدون قوتهم من ريبيرتوارهم الموسيقي وقوة تفرد مسارهم، في حوار تعددي وسلس يجمع بين الفضاءات والجماليات والأزمنة البعيدة.

    كما استقبل المهرجان في حفل آخر عازف الناي الهندي الموهوب ج.أ. جايانت، أستاذ فن الناي الكارناتيكي الذي سافر بالجمهور في العوالم الفريدة والاستثنائية للموسيقى الكلاسيكية لجنوب الهند. ومنذ النغمات الأولى، نسج جايانت من خلال عزفه على ناي البانسوري موسيقى تصويرية ساحرة. وأثبت فنه، المستلهم من التقاليد المتجذرة التي ورثها عن معلمه، روعته وسحره الحقيقي.

    ◙ مجموعة ثلاثي الخطوط الثلاثة الفرنسية تنهل من ريبيرتوار غني وغير مسبوق يتقاطع من الموسيقى العلمية والشعبية

    وتعكس التقنيات البارعة لجايانت، سواء في العزف بالأصابع أو في إدارة التنفس، عن العمق الكبير لمزمار البانسوري حتى في المقطوعات المنخفضة الصعبة للغاية. وبفضل براعة أدائه التي تحترم مبادئ الشروتي والسودام، أتحف عشاق الموسيقى الحاضرين بمقطوعات موسيقية ساحرة.

    وفضلا عن حسه التقني الرفيع، اكتسى الأداء الذي قدمه عازف الناي الهندي بعدا شاعريا، من خلال إبراز الجوانب الغنائية والعاطفية للموسيقى. وتجسد التناغم بين العازف وآلته على شكل لوحة صوتية غنية ودقيقة قادرة على التعبير عن مجموعة واسعة من المشاعر والأحاسيس. وقد بدا التناغم جليا وواضحا بين الألحان العذبة الرائعة للناي وآلة المريدانغام التي كان يعزف عليها براميش كيشور، مما جعل الجمهور يعيش تجربة موسيقية متميزة واستثنائية.

    وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أعرب ج.أ جايانت عن فخره الكبير بدعوته لإحياء حفل ضمن فعاليات هذه التظاهرة المرموقة. وأوضح الفنان الهندي “إنه لشرف عظيم لي أن أكون جزءا من هذا المهرجان الدولي ذائع الصيت”، وأعرب جايانت وشريكه في المنصة راميش كيشور، وكلاهما لا يزالان شابين، عن “سعادتهما الكبيرة” بأن أتيحت لهما فرصة الغناء أمام جمهور قدم من مختلف بقاع العالم.

    وفسح حفل ج.أ جايانت لعشاق الموسيقى العالمية العريقة المجال لعيش متعة حقيقية وتجربة فريدة من نوعها. فمن خلال براعته في العزف على الناي الكارناتيكي والتزامه العميق بتقاليده سافر هذا العرض بالجمهور في قلب الروحانية وجمالية الموسيقى الهندية.

    وبدورها أحيت المجموعة الوطنية التيجانية للسماع والمديح، مساء الثلاثاء بفضاء جنان السبيل التاريخي بفاس، أمسية فنية قدمت خلالها نفحات عطرة في فن المديح والسماع الصوفي.
    المديح الصوفي



    ◙ أذكار وأناشيد لا تنسى


    على مدى نحو ساعة ونصف وفي عرض استثنائي فريد ضمن فعاليات الدورة 27 من مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، أتحفت هذه المجموعة برئاسة المنشد محسن نورش وبحضور 12 منشدا، الجمهور الذي حج بكثافة لمتابعة هذا العرض، بأناشيد وأنغام وقصائد في مدح النبي المصطفى عليه السلام، ومحبة وتعظيم الخالق.

    وأدى أعضاء المجموعة قصائد وقطعا صوفية متنوعة من بينها “البردة” للإمام البوصيري، التي تعد من أشهر القصائد في مدح النبي المصطفى، وكذلك قصيدة الهمزية في مدح خير البرية، إذ تعتبر القصيدتان من الدرر النادرة، وسط تفاعل كبير من الجماهير الحاضرة.

    وفي تصريح له أفاد المسؤول عن المجموعة الوطنية التيجانية للسماع والإنشاد محسن نورش، بأن هذه الليلة الصوفية فرصة لملاقاة الجمهور وإمتاعه بطابق متنوع من قصائد المدح، والوقوف على هذا التراث المغربي الحاضر على الدوام في الوجدان والذاكرة المغربية بتجلياته المختلفة. وأضاف نورش أنها “لحظات ماتعة وجميلة وسفر صوفي بامتياز للاستمتاع بقصائد المديح والسماع التيجاني والصلاة والسلام على رسول الله”.

    ◙ مهرجان فاس للموسيقى العالمية يسعى لإبراز فترة التعايش السلمي بين الديانات في تاريخ الأندلس التي اعتبرت “زمنا ذهبيا” لازالت روحه حاضرة بالمغرب

    وفي سياق متصل، أفاد بأن الطريقة التيجانية التي بصمت الخزانة السماعية المغربية وأثرتها بعدد كبير من الأنغام والمستعملات، تهتم بالسماع المغربي الأصيل، وبتقديم القصائد الصوفية وكذلك الطبوع والإيقاعات المغربية الأصيلة بهدف العناية بهذا التراث وضمان استمراره ونقله إلى الأجيال القادمة.

    ويهدف مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، الذي ينظم إلى غاية الأول من يونيو المقبل، تحت شعار “شوقا لروح الأندلس”، إلى إبراز فترة التعايش السلمي ما بين الديانات في تاريخ الأندلس من القرن 8 إلى غاية القرن 15، تلك الحقبة التي اعتبرت “زمنا ذهبيا” لازالت روحه حاضرة بالمغرب.

    وتحل إسبانيا ضيف شرف هذه الدورة من خلال برمجة تتضمن عروضا فنية تمتزج فيها الألوان الموسيقية لكلا البلدين، شاهدة بذلك على عمق وتجذر الروابط التاريخية والأخوية التي تربط شبه الجزيرة الإيبيرية بالمملكة المغربية، استشرافا لمستقبل مشرق وواعد للمملكتين.

    ووفاء لروح فاس، تقترح هذه الدورة برمجة متنوعة ومنفتحة على ثقافات وروحانيات من مختلف البقاع، حيث تلتقي خلال هذه النسخة نخبة من الموسيقيين المشهورين على غرار نجم الموسيقى الصوفية الكبير سامي يوسف، وفنان الفلامينكو فيسنتي أميكو، إضافة إلى حفل ستابات ماطر بقيادة المايسترو باولو أولمي.
يعمل...
X