♦ ملخص تاريخ مملكة اورهاي ܐܘܪܗ [ #الرها ] ” أسروينا “
★ ( خلفية عن القصة الكاملة لهذه المملكة )
★ ( النشأة ، الأسرة الحاكمة وسلطتها ، المجتمع ، الاحداث ، السقوط )
✳️ مقدمة : ” ان ملوك الرها الذين حافظوا على مملكتهم فترة تزيد عن الثلاثة قرون في منطقة كانت معرضة دوما للشقاق والعنف و في فترة مضطربة من التاريخ .. هؤلاء الملوك الذين قاموا بهذا العمل الفذ من فن الحكم المرن يستحقون اهتمامنا و احترامنا وتقديرنا حقا...!! “
▪️هذا المنشور قد يكون طويل ، لكنه مفيد لانه سوف يكسبك معرفة شبه كاملة أو كبيرة عن تاريخ هذه المملكة
— تنويه بالمصادر : أن معظم المحتوى هو مقتبس حرفيا من كتاب ﴿ اديسا المدينة المباركة ﴾ للبروفيسور سيجال .
• فلتبدا القراءة :
? النشأة و سلالة اريو [ الاباجرة ] :
إذا ما أردنا الحديث عن نشوء دولة الرها ، فيجب أن نشير إلى نقطة التحول المفصلية التي أدت لنشوء هذه الدولة ، الا وهو خروج الجزيرة الفراتية عن السلطة السياسية الفاعلة للملوك السلوقيين في سوريا ..
حصل هذا في شتاء العام 129-130 ق.م ،
حين تم تدمير جيش أنطيوخيوس السابع من قبل البارثيين
لم يتمكن ملوك سوريا بعدها من استعادة سلطانهم وراء الفرات ، وهذا الفراغ الذي تركه السلوقيون تم ملاءه من قبل البارثيين ( باستنثاء فترة صغيرة - حوالي اثني عشر عاما - سيطر فيها تيغرانس العظيم ملك ارمينيا ) ،
لم يمارس البارثيون حكم السلطة المركزية على الأقاليم ،
فتمتعت مناطق مختلفه بنوع من الإدارة الذاتية ..
وكثير من تلك المناطق تم حكمها بواسطة سلطات وصفت بأنها ( عربية ) ، على وجه الخصوص مناطق الحضر و سنجار في الشرق ، و ميسان في الجنوب ، و الرها و Anthemusia في الغرب .[ Anthemusia تقع في الخابور أو بين الفرات و الرها ]
وبذا شقت مدينة الرها طريقها لتصبح مقرا وعاصمة لمملكة قائمة بذاتها ، و كان ذلك قبل وقت قصير من هزيمة أنطيوخس السابع ( حوالي 127 ق.م ) ،
و يعزوا المؤرخون السريان تأسيس مملكة الرها إلى العام 180 وفق التقويم السلوقي أي 132-131 ق.م ، ويقال إن الملك الأول كان اسمه ( اريو ) .
ولهذا فقد سميت السلالة الحاكمة احيانا بسلالة اريو
كما أنها تسمى ايضا بسلالة الاباجرة
نظراً لشيوع اسم ابجر بين ملوكها
وهذا الاسم ( اريو Aryu ) هو مصطلح كنعاني آرامي لـ [ الأسد ] ..
وفي الثقافات السامية القديمة ، وخاصة في العالم العربي ، يتم اتخاذ اسماء الحيوانات في كثير من الأحيان كـ تسمية لـ الجماعات القبلية والأفراد .
و من المحتمل أنه قبل استيلاء أسرة اريو على السلطة كانت مدينة الرها مثل مدن أخرى في الإمبراطورية السلوقية، تدار من قبل اثنين من الحكام العسكريين ( والذي كان يطلق عليهم اسم "strategoi " ) واثنين من القضاة أو الحكام المدنيين،
وكان يتم تسمية هؤلاء على مر السنين ، وقد تم ذكرهم في وثيقة كتبت بعد وقت قصير من نهاية المملكة، وتظهر بشكل متكرر في النصوص اللاحقة، ولا سيما في استشهادات الرها. لكننا لا نجد أي إشارة إليهم في النصوص المتفرقة لفترة أسرة اريو ؛ فيمكننا أن نستنتج أن مناصبهم قد تم قمعها من قبل هؤلاء الملوك .
? كنا سابقا قد كتبنا منشورا عن أصل الاباجرة وناقشنا ما ينسب لهم من اصل نبطي ، اليك الرابط :
https://www.facebook.com/share/p/iPV...ibextid=oFDknk
? نوعية و اشكال الحكم الذي مارسه ملوك #الرها :
ومع ذلك ينبغي أن ندرك إن ملوك الرها لم يمارسوا السلطة المطلقة.
أن حالهم يشبه حال الكثير من الزعماء العشائريين الذين حكموا من خلال مجلس حكماء - ربما ما يعرف بـ الشيوخ - ، وقد ضم المجلس بلا شك أعضاء من العائلة المالكة.
و في إحدى الروايات يُطلق على كبار حاشية الملك عبارة:
” أولئك الزعماء الذين جلسوا على ركبهم المنحنية “
لكن جدير بالذكر انه يمكن ان تُقرأ أيضاً بعد تغيير طفيف :
” الزعماء الذين جلسوا في مجلس الملك “
كان المؤرخون الرومان يطلقون على ملوك الرها لقب الفيلارخ ( و الفيلارخ هو منصب يوناني يعني "حاكم القبيلة أو العشيرة" ) ، وهم محقون في ذلك..!
فقد كانت الرها في نهاية النظام الملكي لا تزال مقسمة - على الأقل رسميًا - إلى مناطق مخصصة للقبائل أو العشائر ؛ و كانت كل واحده منها تدار من قبل الأرخون [ الأرخون هو سيد القوم أو الدِّهْقَانُ العظيمُ أو بعبارة أخرى : رئيس القرية أو المنطقة ] .
و على الرغم من إن الملك بعد هذا التقسيم قد يبدوا من الناحية النظرية ليس أكثر من : ” الأول بين أقرانه في المملكة “ ، إلا أن ملك الرها احتفظ لنفسه و بكل هيبة و قوة برموز السلطة الخارجية ( كـ العملات والمراسلات ) .. بالإضافة إلى انه قد احتفظ لنفسه بجوهر السلطة أيضا
فـ سنة حكم الملك تظهر في نظم المعاملات والمواعيد جنبًا إلى جنب مع نظام الأباطرة ،كما كان الملك يقيم في قصر عظيم عند منبع الينابيع التي تغذي برك الأسماك الشهيرة.
وقد تعرضت مدينة الرها لدمار وكارثة طبيعية بفعل الفيضان الذي ضرب المدينة عام 201 للميلاد ، و طال الدمار قصر الملك أيضا
ولذا خوفًا من تكرار الفيضانات، بنى أبجر الكبير "بيتًا شتويًا" كمقر ملكي "مسكن" على جبل القلعة، وقد حدث هذا على ما يبدو في العام 205-6 للميلاد
كما أظهر الملوك علامات المُلك والمهابة في الموت أيضًا
حيث تخبرنا الكتب عن عناينتهم الكبير بالقبور والمدافن
فيصف أحد الكتاب الضريح الذي أقامه أبجر السادس 88-9م
بأنه كان "قبر عظيم للنحت الزخرفي..!"
و كان غطاء الرأس الخاص رمزًا مهمًا للملكية
و امتياز خاص بالملك..!
فحتى و إن منحت التيجان لجميع الرؤساء والقادة وغيرهم من كبار الشخصيات في المملكة ، لكن الملك وحده هو من كان يحق له ارتداء الديادم مع تاجه .
وقد ذكرت أهمية غطاء الرأس الملكي بوضوح في سيرة حياة أجاي ( الأسقف الأسطوري للرها وهو الأول بعد الرسول آداي )
فعندما اعتلى العرش الفاسق ابن أبجر الكبير، قال لـ أجاي، الذي كان من الواضح أنه كان يحتكر هذه الحرفة : "اصنع لي تاجًا من الذهب كما صنعت لآبائي". رفض آجاي، و وفق القصة فقد تم إعدامه بأمر من الملك بسبب تصرفه المسيء إلى الذات الملكية..!
وكانت الضرائب أيضا في يد الملك كما سنلاحظ فيما بعد.
كما سيطر الملك على القوات العسكرية للدولة ؛ فخلال الحملة التي هُزم فيها كراسوس عام 53 قبل الميلاد، كان الملك أبجر الثاني حاضرًا مع قواته.
كما يُذكر أن أبجر السابع أهدى تراجان خيولًا وفرسانًا ودروعًا وسهامًا في عام 114 م. وبعد نحو ثمانين عامًا، عرض أبجر الكبير على الإمبراطور سيفيروس خدمات رماته المهرة. وقد كانت الرماية هواية مفضلة في الرها، وكان الرماة في المنطقة مشهورين بالفعل في القرن التاسع قبل الميلاد. وشكل الرماة الرهاويين وحدة فرق في الجيش الإمبراطوري الذي قاده ماكسيمينوس إلى ألمانيا.
إذن فمن الواضح أن إدارة الرها كانت منظمة بكفاءة،
وكانت دولة متكاملة الأركان و ليست مجرد تنظيم بدائي
وهذا ليس بعجيب نظراً لموقعها و بلا شك أن المدينة وأهلها
قد استفادوا من الأسس الحضارية النظامية الهلينية السابقة .
? عن بعض المناصب الأخرى في الدولة :
• — في رواية تحول الملك أبجر إلى المسيحية نقرأ عن " الثاني في الملكه" كان يُدعى عبدو بار عبدو ( Abdu bar Abdu, ) .
لا شك أن "الثاني في المملكة" كان يحمل اللقب البارثي "باسغريبا" (Pasgriba) وربما لم يكن نائب الملك، بل الوريث الواضح للعرش ، ومن المؤكد أنه كان أعلى ضابط في المملكة.
• — ومن المناصب الرئيسية الأخرى للدولة هو منصب ” حاكم #العرب “ أو [ Arabarchos ] والذي ربما كانت له سلطة شرقي الرها
« أن وظيفة Arabarchos لا تزال غير مفهومة على وجه اليقين ، والمكتوب عنها في المنشور هو من تكهنات سيجال »
• — ربما كان الشخص ذو المقام الرفيع المسمى nuhadra في رتبة أقل من Arabarchos ، وهذا لانه ابن أحد الـ Arabarchos كان يحمل رتبة nuhadra .
• مثل باسغريبا، لقب nuhadra يبدو بارثيا وفي بارثيا خلال القرن الثالث الميلادي، كان يحمل هذا اللقب حاكم بلدة وضواحيها، وفي الرها في نفس الفترة ربما كان nuhadra مسؤولاً عن الإدارة المحلية. ومن المحتمل أيضًا أن تكون له وظائف عسكرية ، لأن الجنرال الفارسي الذي عاش في الرها كان يحمل لقب nuhadra.
• — تم الحفاظ على النظام العام في المدينة من قبل حارس أو مراقب المدينة والذي كان يطلق عليه اسم ” geziraye “، وهو مصطلح ربما كان أيضًا من أصل إيراني ( بارثي )
و بعد كارثة فيضان العام 201 م ، أصدر الملك تعليماته بأن ينام بعض الـ geziraye على الجدران من أكتوبر إلى أبريل وهذا من أجل إعطاء إشعار باقتراب فيضانات الأنهار
• — كان هناك أيضًا مساحو مدن و خبراء آخرون، "حكماء" أو "رجال ذو معرفة في الإدارة المحلية، بالإضافة إلى عمال يعملون في صيانة المباني الملكية .
• — كما ان ملوك الرها عينوا من أطلق عليه اسم الـ "sharrire" وهم بمثابة المقربين من الملك و المفوضين منه احيانا للقيام بالمهمام كمسؤولية الحفاظ على الأرشيف الرسمي للمدينة.
? مسئولية الملك تجاه شعبه :
ان العلاقة الطيبة بين الملك والشعب و شعور الملك بالمسؤولية ربما لن تتجلى بصورة أوضح مما تجلت فيه بعد كارثة و فيضان العام 201 م ، حيث تذكر وقائع اديسا المسجلة وفاة أكثر من 2.000 شخص في تلك الكارثة التي سببها فيضان نهر المدينة ، تذكر الكتب أن الملك سارع بأصدر مرسوم يقضي بإعفاء سكان المدينة والقرى المجاورة من دفع الضرائب باعتبارهم متضررين من الكارثة وبدأ على الفور في مشروع إعادة إعمار واسع النطاق .
? وكنا سابقا قد تحدثنا عن مجتمع الرها و التركيبة السكانية فيه و الديموغرافيا هناك في منشور مستقل ، وان احببت الإطلاع فاليك الرابط :
https://www.facebook.com/share/p/63R...ibextid=oFDknk
? بل كتبنا حتى عن وضع المرأة هناك و عن الازياء الشعبية لهم ، كتبنا عن هذا في منشورات مستقلة يمكن أن تعود لها من خلال البحث في حسابي أن احببت الإطلاع أكثر .
? احداث ملوك مملكة الرها و علاقتهم بـ #روما و #بارثيا و موقعهم بين القوى الإقليمية المتنافسة على المنطقة:
1 • كانت بداية النفوذ الروماني في الشام والمنطقة قد تزامنت مع صعود الامبراطورية الأرمنية والتي ما لبثت أن سقطت على يد جيوش روما ، وفي خضم هذا الصراع ، تذكر الكتب مشاركة زعيم الرها ( غالبا ابجر الاول ) مع الامبراطور الارمني تيغران ضد الجيش الروماني في معركة تيغرانوسيرتا في العام 69 ق.م ، وقد مني معه بالهزيمة الساحقة .
2 • بعد تخلص روما من نفوذ تيغران في الشام والمنطقة و مع قيام الجنرال الروماني بومبيوس بإعادة تنظيم مستعمرة الشرق الى ولايات رومانية متمثلة بولاية سوريا و ممالك عميلة أو تعمل لصالح روما ، فقد كان واضحا ان مملكة الرها - بقيادة ابجر الثاني آنذاك - ، قررت أن توالي روما وتعمل لصالحها ، و ضمن الترتيب الذي أقره بومبيوس للمنطقة تم الإقرار بكون ابجر الثاني حاكما لـ الرها .
3 • وعلى الرغم من هذا ؛ فإنه بعد اعوام قليلة .. وتحديدا في العام 53 ق.م .. كان الملك ابجر الثاني نفسه مُتهما بالمساهمة في واحده من اكبر الحوادث الساحقة التي حلت بالجيش الروماني...!
حصل هذا في حملة الجنرال الروماني " ماركوس ليسينيوس #كراسوس " على بارثيا و التي انتهت بشكل مخزي و كارثي بالنسبة للجيش الروماني
كان كراسوس، العضو في الحكم الثلاثي الأول وأغنى رجل في روما، قد تم إغرائه من خلال احتمال المجد والثروات العسكرية، فقرر غزو فرثيا - و دون موافقة رسمية من مجلس الشيوخ - .
و بعد رفضه عرضًا من الملك الأرميني" أرتافاسديس الثاني " للسماح له بغزو فرثيا عبر أرمينيا ، سار كراسوس في جيشه مباشرة من سوريا عبر الجزيرة الفراتية ، و اشتبكت قواته مع قوات الجنرال الفرثي " سورينا " بالقرب من كارهاي ( سهل حران ) .
ومع أن عدد فرسان كراسوس كان يفوق عدد فرسان سورينا بشكل كبير، إلا أن سلاح الفرسان التابع لسورينا تفوق تمامًا على المشاة الرومانية الثقيلة، وقتل أو أسر معظم الجنود الرومان.
كما ان كراسوس نفسه قد قُتل مع ابنه عندما تحولت مفاوضات الهدنة إلى عنف.
،
• يصف المؤرخ بلوطرخس الدور الذي لعبه ابجر الثاني ( والذي يسميه بـ أريامنيس أو الزعيم العربي ) ، الدور الذي لعبه في الكارثة التي حلت على الجيش الروماني .. واليكم هذا نص بلوطرخس :
” جاء زعيم عربي، يُدعى أريامنيس، وهو رجل ماكر وخائن، وشخص أثبت أنه من بين كل الأذى الذي جمعه الحظ العاثر لتدمير الرومان كان أعظمهم وأكملهم.
وقد عرف بعض الجنود الذين خدموا تحت قيادة بومبي في هذه الأجزاء أن هذا الرجل استفاد من لطف ذلك القائد وكان ( اي كراسوس ) يُعتقد أنه صديق لروما؛
وقد حاول أن يشق طريقه إلى ثقة كراسوس، ليرى ما إذا كان بإمكانه إبعاده جانبًا قدر الإمكان عن النهر و السفوح ، و إسقاطه إلى أسفل سهل لا حدود له بحيث يمكن تطويقه.
وبناء على ذلك عند وصوله إلى كراسوس، أشاد البربري ( اي الأجنبي ) بالجنرال ببومبي باعتباره أحد المحسنين له كما و هنأ كراسوس على قواته ، لكنه انتقده بعد ذلك لإضاعة الوقت في التأخير والاستعدادات.
و بعد أن أقنع البربري كراسوس، قام بسحبه بعيدًا عن النهر وقاده عبر وسط السهل، و بطريقة كانت مناسبة وسهلة في البداية ولكنها سرعان ما أصبحت صعبة عندما ظهرت الرمال العميقة، و سهول ليس بها أشجار ولا ماء ولا حدود في أي مكان يمكن أن تصل إليه العين،
بحيث لم يستنزف العطش وصعوبات المسيرة الرجال فحسب، بل كان أيضًا كل ما يقع على أعينهم يملأهم بالاكتئاب ؛ لأنهم لم يروا أي نبات، ولا جدول، ولا نتوء تل منحدر، ولا عشبًا ينمو - ولكن فقط أمواجًا تشبه البحر من أكوام رمل الصحراء التي لا تعد ولا تحصى تحيط بالجيش.
وكان هذا في حد ذاته كافيا لإثارة الشكوك حول الخيانة.
كاسيوس... أساء إلى البربري سرًا و قال: «يا أحقر الناس، أي روح شرير أتت بك إلينا؟» « بأية مواد مخدرة وباية شعوذة أقنعت كراسوس بصب جيشه في هاوية الصحراء المتسعة و اتباع طريق أكثر ملاءمة لزعيم لصوص بدوي منه لإمبراطور روماني؟».
لكن البربري، الذي كان شخصًا ماكرًا، حاول تشجيعهم، وحثهم على التحمل لفترة أطول قليلاً؛ وبينما كان يجري بجانب الجنود ويقدم لهم مساعدته، كان يمازحهم ضاحكًا ويقول: «هل تعتقد أنك تسير عبر كامبانيا، مشتاقًا إلى ينابيعها وجداولها وظلالها وحماماتها (بالتأكيد) !) والحانات؟ لكن تذكر أنك تعبر الأرض على حدود آشور والعربية!
وهكذا لعب البربري دور المعلم مع الرومان، وهرب قبل أن يصبح خداعه واضحًا، ولكن ليس بدون علم كراسوس - حتى أنه أقنعه بأنه سيعمل لمصلحته ويربك نصائح أعدائه »
انتهى الاقتباس
رابط النص من كتاب بلوطرخس:
https://books.google.com/books?id=Xy...PT1086&dq=robb er+chief+of+Nomads+than+for+a+Roman+imperator&sour ce=bl&ots=yXNq0PT9El&sig=ACfU3U3SoovR73j_4o60YNLJf 90ZiSj3Vw&hl=ar&sa=X&ved=2ahUKEwit3taNpoGGAxXKnf0H HWuaBuoQ6AF6BAglEAI#v=onepage&q=robber%20chief%20o f%20Nomads%20than%20for%20a%20Roman%20imperator&f= false
— و يقول البروفيسور سيجال تعليقا على هذا :
” هل كان أبجر خائناََ لروما، أم أن نصيحته لـ كراسوس كانت حسنة النية ولكنها غير حكيمة، أو حتى أسيء فهمها..؟
يحكم المؤرخون المعاصرون على أبجر بشكل أقل قسوة من حكم بلوتارخ. فقد كان وضع ابجر بكل المقاييس، لا يحسد عليه.
تقع الرها في المجال السياسي و الثقافي لبارثيا. ولا بد أن أبجر كان يحترم قوة الرومان، وربما كان يشعر بالامتنان لبومبي ؛ لكن تعاطفه بلا شك كان يميل نحو البارثيين.
و ربما كان عار هزيمة كراسوس هي التي دفعت المؤرخين الرومان إلى عزوها إلى أسباب أخرى غير عدم كفاءة قائدهم.
مثل : شدة الظروف المحلية وغدر الحلفاء.
فهذه هي حججهم ولكنها غير مقنعة.
كما ان ريف حران لا يقدم في شهر مايو المظهر المزعج الذي وصفه بلوتارخ، ولا توجد قرى ونقاط مياه متباعدة .
وأخيراً قد توجد هناك أدلة تبرئ ابجر هذا تمامًا من الخيانة ، فمن السجل السرياني يبدو أنه كان هناك انقطاع في استمرارية ملوك الرها بين عام 53 قبل الميلاد وهو عام هزيمة كراسوس و52 قبل الميلاد. و ليس من المستحيل أن أبجر - بعيدًا عن كونه غدرًا كما يريد بلوتارخ أن نعتقد - قد ظل مخلصًا لحليفه الروماني ودفع ثمن صموده خسارة عرشه. “ انتهى
4 • وما يهم بعد كل هذا ، إن هزيمة كراسوس قد أعادت الهيمنة البارثية على الأراضي شرق الفرات.
5 • و قد مر قرن من الزمان قبل أن تظهر الرها مرة أخرى في التاريخ الروماني .. وفي عام 49 م، كان ملك الرها - وهو أبجر آخر - ( ابجر الخامس ) عضوا في الوفد الذي ذهب إلى زيوغما لاستقبال الامير الفرثي مهرداد ( وهو المرشح من قبل روما لعرش بارثيا )
ويقال ان أبجر - بشكل غير نزيه - كان يحتجز مهرداد يومًا بعد يوم في مدينة الرها. ويمكننا أن نفترض أنه قدم له وسائل ترفيه سخية، حيث أن الأمير البارثي كما يشير مؤرخنا كان "شابًا عديم الخبرة بدد الثروة بالتبذير .
و أخيرًا رافق أبجر مهرداد في حملته إلى الشرق، وقد القى الرومان باللوم على الملك الرهاوي ليس فقط في التأخير - كان فصل الشتاء قدا بدأ بالفعل - ، ولكن أيضًا في المسار غير المباشر الذي تم سلكه.
فقد مر مهرداد مع مرافقه عبر جبال أرمينيا وعبر أديابين. ولكن قبل أن يتمكن من اختبار قدراته في المعركة هجره ملك أديابين أولاً، ثم ملك الرها فتم هزيمته وأسره، وتم تشويهه على يد الملك البارثي غودارز (غوتارزيس).
يقول سيجال : ” و ربما كانت خيانة هذا الأبجر هي التي دفعت بلوتارخ، بعد ستين عامًا، إلى أن ينسب سلوكًا مشابهًا إلى الأبجر السابق...!!
اي أبغار من زمن كراسوس ، فإذا نظرنا من خلال عيون الرومان، فإن اسم أبجر الرها يمكن أن يُساوى بسهولة مع المماطلة و الازدواجية . “ انتهى
6 • وفي العام 114 م ، وصل الامبراطور الروماني تراجان إلى أنطاكية ليباشر الحملة التي كانت مقررة لإحداث التسوية النهائية للمقاطعات الشرقية.
فجاء إليه مبعوثو ملك الرها ( ابجر السابع ) بالهدايا و رسائل الصداقة ، و مبررين استسلام الملك المتأخر بسبب خوفه من البارثيين، على الرغم من أنه قبل خمس سنوات فقط - وفقًا لأحد المصادر - كان قد اشترى سيادة مملكته من الفرثيين مقابل مبلغ كبير من المال.
زار تراجان الرها، واستمتع مع الملك و الذي - كما قيل لنا - أحضر ابنه ليؤدي "رقصة بربرية".
إن ولاء أبجر، و هداياه الباهظة الثمن ( 25 حصانًا و فرسانًا، و دروعًا، وم خزنًا كبيرًا من السهام ) وتدخل ابنه الوسيم الذي أصبح المفضل لدى الإمبراطور، كل هذه العوامل مجتمعة حثت تراجان على استعادة الرها إلى سلطة روما .
كان زعيم Anthemusia المجاور أقل حظًا فقد هرب، و - بناءً على اقتراح أبجر - استولت القوات الرومانية على عاصمته باتناي ( Batnae ) وضمت أراضيه .
مع ذلك لم يكن أبجر لم يكن موثوقًا به ، وفي عام 116 عندما كان تراجان يستريح بعد غزوه لأديابين وقطسيفون، انضمت الرها إلى ثورة عامة في بلاد ما بين النهرين ؛ و تم ذبح الحاميات الرومانية أو طردها.
انتقم الرومان سريعًا و تم إرسال القائد ( Lucius Quietus ) لاستعادة النظام ، بدوره حاصر نصيبين واستولى عليها. تم انتشال الرها ودميرها بالنار والسيف، ويبدو أن ملكها قد هلك في الفوضى
7 • وبعد وفاة تراجان عام 117، تخلى خليفته هادريان عن معظم فتوحات روما شرق الفرات .
8 • و يبدو ان عرش الرها ظل شاغرًا لمدة عامين، قم تم تعيين أمير بارثي، يدعى " Parthamaspatès " حاكما على الرها ، وهذا الأمير كان قد رفعه الرومان إلى عرش بارثيا لكن المواطنين هناك رفضوه بطبيعة الحال ، فتم تعويضه بحكم الرها أو أسروينا كما كانت تسمى .
9 • ولكن في عام 123 م كانت السلالة المحلية قد استعادت مكانتها في الرها مع اعتلاء الملك معنو ( معن السابع ) ..
10 • و بعد جيل واحد، و في وقت مبكر من عهد الإمبراطور ماركوس أوريليوس ، استأنف البارثيون هجومهم ضد روما ..
و ملك الرها ( معن الثامن ) تم استبداله بـ ( وائل بر سهرو = وائل بن شهر ) وهذا الاخير ضرب العملات المعدنية مع صورة ملك فرثيا [ 163–165 م ]
عبر البارثيون نهر الفرات إلى سوريا
و لجأ معن الثامن إلى المعسكر الروماني، لكن عودته لم تتأخر طويلاً.
ففي عام 165 حاصر الجنرال الروماني السوري أفيديوس كاسيوس الرها ؛ فذبح مواطنوها الحامية البارثية واعترفوا بالرومان.
11 • وبموجب معاهدة سلام في العام التالي، أصبح حاكم أسروينا ( الرها ) عميلاً لروما ؛ تمت استعادة مانو بلقب فيلورومايوس Philorhomaios ( اي صديق الرومان ) .
12 • أتى بعد معن الثامن ابنه ( ابجر الثامن أو العظيم )
13 • وبعد ثلاثين عامًا كان ملك الرها ( ابجر ) يشتبك مرة أخرى مع روما .. وقد حصل هذا في خضم احداث الصراع بين الامبراطور ( سيبتيموس سيفيروس )، و منافسه (بيشينيوس نيجر)
و سرعان ما تمكن سيفيروس من هزيمة أبجر وحلفائه ، و لفترة من الوقت قام بتعيين وكيل مسؤول عن أسروينا. ولكن سرعان ما أعاد العرش إلى أبجر. و تصالح أبجر تمامًا مع سيبتيموس سيفيروس ، وفي عرض إضافي للولاء اتخذ أبجر الثامن الاسم اللاتيني ” لوسيوس إيليوس أوريليوس سيبتيموس “ .
• عبر البارثيون نهر دجلة وحاصروا نصيبين ، لكن أبجر، الذي تبنى الاسم الروماني " لوسيوس إيليوس أوريليوس سيبتيموس "، عرض خدمات رماته المهرة على روما و وقف الى جانبها .. أعلن سيفيروس، بعد هزيمة البارثيين في حملة سهلة في 197-198، مرة أخرى أن أسروينا دولة عميلة، واعترف بسلطة أبجر عليها.
كما دعا أبجر لزيارة روما ، و كان استقبال ملك الرها هناك - كما يقول مؤرخ روماني - هو أكثر فخامة يتم منحها لحاكم أجنبي منذ أن استقبل نيرون تيريداتس من أرمينيا في عام 66 م.
ومن المؤكد أن رحلة أبجر تمت بعد عام 204 عندما عاد الإمبراطور إلى وطنه .
14 • توفي أبجر الكبير على الأرجح عام 212 وخلفه ابنه أبجر سيفيروس ( ابجر التاسع وقد اتخذ بلا شك اسم سيفيروس كمجاملة للإمبراطور )، لكن استقلال الرها كان يقترب من نهايته.
? سقوط مملكة الرها
15 • أرسل الامبراطور الروماني " كاراكلا " - و الذي كان يستعد لحملته ضد بارثيا - دعوة ودية إلى ملك الرها لزيارته، ، وعندما وصل الملك تم القبض عليه وخلعه بحجة أنه أساء معاملة الرعايا..!
وأصدر كاراكلا الأوامر بقتل ابجر التاسع وابنه
و في 213-214 - ربما في يناير 214 -
أُعلنت الرها ولاية رومانية
وانتهى استقلالها فعليا على يد كاراكلا .
( من سخرية القدر أن كاركلا نفسه قد اغتيل لاحقا في ربيع 217 وفي سهل حران الذي يقع جنوبي مدينة الرها مباشرة )
16 • أحداث السنوات التالية غامضة .. تُظهر عملات الرها إنها استخدمت ألقاب عدة. ومع ذلك، وفقًا للتاريخ السرياني، فإن الملك معنو التاسع ( معن التاسع ) حكم لمدة ستة وعشرين عامًا حتى عام 240؛ و على الارجح أنه كان ملكًا بالاسم فقط وبدون صلاحيات فعالة.
17 • و يبدو أن معنو ذاك. قد خلفه أبجر ( ابجر العاشر ) والذي ربما كان مثل سلفه الاخير - ملكا بالاسم - وفي ظروف سياسية اسوء
• في مايو 243 كانت المدينة تدار من قبل مقيم روماني واثنين من الحكام العسكريين ”strategoi“ ... ويبدو أن الملك أبجر قد انسحب إلى روما مع زوجته. و انتهت الملكية بعد حوالي 375 سنة
? الخلاصة :
تأسست مملكة الرها عندما انسحب السلوقيون إلى غرب الفرات، تاركين بلاد ما بين النهرين لصالح البارثيين؛ وانتهى الأمر عندما فرضت روما حكمها المباشر على المقاطعات الشرقية.
كان بإمكان الرها الحفاظ على نفسها أكثر تحت سيادة بارثيا وهي السيادة الفاترة مقارنة بسيادة روما ، أو حتى عندما كانت روما راضية بممارسة هيمنة غير مباشرة فقط..
ولكن على اي حال فلا يمكنها النجاة من صراع مفتوح مع قوى كبرى.
ومع ذلك فإن استمرار حكم أسرة الرها 375 عاماً يعد رقماً قياسياً رائعاً في منطقة معرضة للشقاق والعنف و في فترة مضطربة من التاريخ.
إن الملوك الذين قاموا بهذا العمل الفذ من فن الحكم المرن يستحقون اهتمامنا و احترامنا حقا .
انتهى ?♦ ملخص تاريخ مملكة اورهاي ܐܘܪܗ [ #الرها ] ” أسروينا “ ★ ( خلفية عن القصة الكاملة لهذه المملكة )
★ ( النشأة ، الأسرة الحاكمة وسلطتها ، المجتمع ، الاحداث ، السقوط )
✳️ مقدمة : ” ان ملوك الرها الذين حافظوا على مملكتهم فترة تزيد عن الثلاثة قرون في منطقة كانت معرضة دوما للشقاق والعنف و في فترة مضطربة من التاريخ .. هؤلاء الملوك الذين قاموا بهذا العمل الفذ من فن الحكم المرن يستحقون اهتمامنا و احترامنا وتقديرنا حقا...!! “
▪️هذا المنشور قد يكون طويل ، لكنه مفيد لانه سوف يكسبك معرفة شبه كاملة أو كبيرة عن تاريخ هذه المملكة
— تنويه بالمصادر : أن معظم المحتوى هو مقتبس حرفيا من كتاب ﴿ اديسا المدينة المباركة ﴾ للبروفيسور سيجال .
• فلتبدا القراءة :
? النشأة و سلالة اريو [ الاباجرة ] :
إذا ما أردنا الحديث عن نشوء دولة الرها ، فيجب أن نشير إلى نقطة التحول المفصلية التي أدت لنشوء هذه الدولة ، الا وهو خروج الجزيرة الفراتية عن السلطة السياسية الفاعلة للملوك السلوقيين في سوريا ..
حصل هذا في شتاء العام 129-130 ق.م ،
حين تم تدمير جيش أنطيوخيوس السابع من قبل البارثيين
لم يتمكن ملوك سوريا بعدها من استعادة سلطانهم وراء الفرات ، وهذا الفراغ الذي تركه السلوقيون تم ملاءه من قبل البارثيين ( باستنثاء فترة صغيرة - حوالي اثني عشر عاما - سيطر فيها تيغرانس العظيم ملك ارمينيا ) ،
لم يمارس البارثيون حكم السلطة المركزية على الأقاليم ،
فتمتعت مناطق مختلفه بنوع من الإدارة الذاتية ..
وكثير من تلك المناطق تم حكمها بواسطة سلطات وصفت بأنها ( عربية ) ، على وجه الخصوص مناطق الحضر و سنجار في الشرق ، و ميسان في الجنوب ، و الرها و Anthemusia في الغرب .[ Anthemusia تقع في الخابور أو بين الفرات و الرها ]
وبذا شقت مدينة الرها طريقها لتصبح مقرا وعاصمة لمملكة قائمة بذاتها ، و كان ذلك قبل وقت قصير من هزيمة أنطيوخس السابع ( حوالي 127 ق.م ) ،
و يعزوا المؤرخون السريان تأسيس مملكة الرها إلى العام 180 وفق التقويم السلوقي أي 132-131 ق.م ، ويقال إن الملك الأول كان اسمه ( اريو ) .
ولهذا فقد سميت السلالة الحاكمة احيانا بسلالة اريو
كما أنها تسمى ايضا بسلالة الاباجرة
نظراً لشيوع اسم ابجر بين ملوكها
وهذا الاسم ( اريو Aryu ) هو مصطلح كنعاني آرامي لـ [ الأسد ] ..
وفي الثقافات السامية القديمة ، وخاصة في العالم العربي ، يتم اتخاذ اسماء الحيوانات في كثير من الأحيان كـ تسمية لـ الجماعات القبلية والأفراد .
و من المحتمل أنه قبل استيلاء أسرة اريو على السلطة كانت مدينة الرها مثل مدن أخرى في الإمبراطورية السلوقية، تدار من قبل اثنين من الحكام العسكريين ( والذي كان يطلق عليهم اسم "strategoi " ) واثنين من القضاة أو الحكام المدنيين،
وكان يتم تسمية هؤلاء على مر السنين ، وقد تم ذكرهم في وثيقة كتبت بعد وقت قصير من نهاية المملكة، وتظهر بشكل متكرر في النصوص اللاحقة، ولا سيما في استشهادات الرها. لكننا لا نجد أي إشارة إليهم في النصوص المتفرقة لفترة أسرة اريو ؛ فيمكننا أن نستنتج أن مناصبهم قد تم قمعها من قبل هؤلاء الملوك .
? كنا سابقا قد كتبنا منشورا عن أصل الاباجرة وناقشنا ما ينسب لهم من اصل نبطي ، اليك الرابط :
https://www.facebook.com/share/p/iPV...ibextid=oFDknk
? نوعية و اشكال الحكم الذي مارسه ملوك #الرها :
ومع ذلك ينبغي أن ندرك إن ملوك الرها لم يمارسوا السلطة المطلقة.
أن حالهم يشبه حال الكثير من الزعماء العشائريين الذين حكموا من خلال مجلس حكماء - ربما ما يعرف بـ الشيوخ - ، وقد ضم المجلس بلا شك أعضاء من العائلة المالكة.
و في إحدى الروايات يُطلق على كبار حاشية الملك عبارة:
” أولئك الزعماء الذين جلسوا على ركبهم المنحنية “
لكن جدير بالذكر انه يمكن ان تُقرأ أيضاً بعد تغيير طفيف :
” الزعماء الذين جلسوا في مجلس الملك “
كان المؤرخون الرومان يطلقون على ملوك الرها لقب الفيلارخ ( و الفيلارخ هو منصب يوناني يعني "حاكم القبيلة أو العشيرة" ) ، وهم محقون في ذلك..!
فقد كانت الرها في نهاية النظام الملكي لا تزال مقسمة - على الأقل رسميًا - إلى مناطق مخصصة للقبائل أو العشائر ؛ و كانت كل واحده منها تدار من قبل الأرخون [ الأرخون هو سيد القوم أو الدِّهْقَانُ العظيمُ أو بعبارة أخرى : رئيس القرية أو المنطقة ] .
و على الرغم من إن الملك بعد هذا التقسيم قد يبدوا من الناحية النظرية ليس أكثر من : ” الأول بين أقرانه في المملكة “ ، إلا أن ملك الرها احتفظ لنفسه و بكل هيبة و قوة برموز السلطة الخارجية ( كـ العملات والمراسلات ) .. بالإضافة إلى انه قد احتفظ لنفسه بجوهر السلطة أيضا
فـ سنة حكم الملك تظهر في نظم المعاملات والمواعيد جنبًا إلى جنب مع نظام الأباطرة ،كما كان الملك يقيم في قصر عظيم عند منبع الينابيع التي تغذي برك الأسماك الشهيرة.
وقد تعرضت مدينة الرها لدمار وكارثة طبيعية بفعل الفيضان الذي ضرب المدينة عام 201 للميلاد ، و طال الدمار قصر الملك أيضا
ولذا خوفًا من تكرار الفيضانات، بنى أبجر الكبير "بيتًا شتويًا" كمقر ملكي "مسكن" على جبل القلعة، وقد حدث هذا على ما يبدو في العام 205-6 للميلاد
كما أظهر الملوك علامات المُلك والمهابة في الموت أيضًا
حيث تخبرنا الكتب عن عناينتهم الكبير بالقبور والمدافن
فيصف أحد الكتاب الضريح الذي أقامه أبجر السادس 88-9م
بأنه كان "قبر عظيم للنحت الزخرفي..!"
و كان غطاء الرأس الخاص رمزًا مهمًا للملكية
و امتياز خاص بالملك..!
فحتى و إن منحت التيجان لجميع الرؤساء والقادة وغيرهم من كبار الشخصيات في المملكة ، لكن الملك وحده هو من كان يحق له ارتداء الديادم مع تاجه .
وقد ذكرت أهمية غطاء الرأس الملكي بوضوح في سيرة حياة أجاي ( الأسقف الأسطوري للرها وهو الأول بعد الرسول آداي )
فعندما اعتلى العرش الفاسق ابن أبجر الكبير، قال لـ أجاي، الذي كان من الواضح أنه كان يحتكر هذه الحرفة : "اصنع لي تاجًا من الذهب كما صنعت لآبائي". رفض آجاي، و وفق القصة فقد تم إعدامه بأمر من الملك بسبب تصرفه المسيء إلى الذات الملكية..!
وكانت الضرائب أيضا في يد الملك كما سنلاحظ فيما بعد.
كما سيطر الملك على القوات العسكرية للدولة ؛ فخلال الحملة التي هُزم فيها كراسوس عام 53 قبل الميلاد، كان الملك أبجر الثاني حاضرًا مع قواته.
كما يُذكر أن أبجر السابع أهدى تراجان خيولًا وفرسانًا ودروعًا وسهامًا في عام 114 م. وبعد نحو ثمانين عامًا، عرض أبجر الكبير على الإمبراطور سيفيروس خدمات رماته المهرة. وقد كانت الرماية هواية مفضلة في الرها، وكان الرماة في المنطقة مشهورين بالفعل في القرن التاسع قبل الميلاد. وشكل الرماة الرهاويين وحدة فرق في الجيش الإمبراطوري الذي قاده ماكسيمينوس إلى ألمانيا.
إذن فمن الواضح أن إدارة الرها كانت منظمة بكفاءة،
وكانت دولة متكاملة الأركان و ليست مجرد تنظيم بدائي
وهذا ليس بعجيب نظراً لموقعها و بلا شك أن المدينة وأهلها
قد استفادوا من الأسس الحضارية النظامية الهلينية السابقة .
? عن بعض المناصب الأخرى في الدولة :
• — في رواية تحول الملك أبجر إلى المسيحية نقرأ عن " الثاني في الملكه" كان يُدعى عبدو بار عبدو ( Abdu bar Abdu, ) .
لا شك أن "الثاني في المملكة" كان يحمل اللقب البارثي "باسغريبا" (Pasgriba) وربما لم يكن نائب الملك، بل الوريث الواضح للعرش ، ومن المؤكد أنه كان أعلى ضابط في المملكة.
• — ومن المناصب الرئيسية الأخرى للدولة هو منصب ” حاكم #العرب “ أو [ Arabarchos ] والذي ربما كانت له سلطة شرقي الرها
« أن وظيفة Arabarchos لا تزال غير مفهومة على وجه اليقين ، والمكتوب عنها في المنشور هو من تكهنات سيجال »
• — ربما كان الشخص ذو المقام الرفيع المسمى nuhadra في رتبة أقل من Arabarchos ، وهذا لانه ابن أحد الـ Arabarchos كان يحمل رتبة nuhadra .
• مثل باسغريبا، لقب nuhadra يبدو بارثيا وفي بارثيا خلال القرن الثالث الميلادي، كان يحمل هذا اللقب حاكم بلدة وضواحيها، وفي الرها في نفس الفترة ربما كان nuhadra مسؤولاً عن الإدارة المحلية. ومن المحتمل أيضًا أن تكون له وظائف عسكرية ، لأن الجنرال الفارسي الذي عاش في الرها كان يحمل لقب nuhadra.
• — تم الحفاظ على النظام العام في المدينة من قبل حارس أو مراقب المدينة والذي كان يطلق عليه اسم ” geziraye “، وهو مصطلح ربما كان أيضًا من أصل إيراني ( بارثي )
و بعد كارثة فيضان العام 201 م ، أصدر الملك تعليماته بأن ينام بعض الـ geziraye على الجدران من أكتوبر إلى أبريل وهذا من أجل إعطاء إشعار باقتراب فيضانات الأنهار
• — كان هناك أيضًا مساحو مدن و خبراء آخرون، "حكماء" أو "رجال ذو معرفة في الإدارة المحلية، بالإضافة إلى عمال يعملون في صيانة المباني الملكية .
• — كما ان ملوك الرها عينوا من أطلق عليه اسم الـ "sharrire" وهم بمثابة المقربين من الملك و المفوضين منه احيانا للقيام بالمهمام كمسؤولية الحفاظ على الأرشيف الرسمي للمدينة.
? مسئولية الملك تجاه شعبه :
ان العلاقة الطيبة بين الملك والشعب و شعور الملك بالمسؤولية ربما لن تتجلى بصورة أوضح مما تجلت فيه بعد كارثة و فيضان العام 201 م ، حيث تذكر وقائع اديسا المسجلة وفاة أكثر من 2.000 شخص في تلك الكارثة التي سببها فيضان نهر المدينة ، تذكر الكتب أن الملك سارع بأصدر مرسوم يقضي بإعفاء سكان المدينة والقرى المجاورة من دفع الضرائب باعتبارهم متضررين من الكارثة وبدأ على الفور في مشروع إعادة إعمار واسع النطاق .
? وكنا سابقا قد تحدثنا عن مجتمع الرها و التركيبة السكانية فيه و الديموغرافيا هناك في منشور مستقل ، وان احببت الإطلاع فاليك الرابط :
https://www.facebook.com/share/p/63R...ibextid=oFDknk
? بل كتبنا حتى عن وضع المرأة هناك و عن الازياء الشعبية لهم ، كتبنا عن هذا في منشورات مستقلة يمكن أن تعود لها من خلال البحث في حسابي أن احببت الإطلاع أكثر .
? احداث ملوك مملكة الرها و علاقتهم بـ #روما و #بارثيا و موقعهم بين القوى الإقليمية المتنافسة على المنطقة:
1 • كانت بداية النفوذ الروماني في الشام والمنطقة قد تزامنت مع صعود الامبراطورية الأرمنية والتي ما لبثت أن سقطت على يد جيوش روما ، وفي خضم هذا الصراع ، تذكر الكتب مشاركة زعيم الرها ( غالبا ابجر الاول ) مع الامبراطور الارمني تيغران ضد الجيش الروماني في معركة تيغرانوسيرتا في العام 69 ق.م ، وقد مني معه بالهزيمة الساحقة .
2 • بعد تخلص روما من نفوذ تيغران في الشام والمنطقة و مع قيام الجنرال الروماني بومبيوس بإعادة تنظيم مستعمرة الشرق الى ولايات رومانية متمثلة بولاية سوريا و ممالك عميلة أو تعمل لصالح روما ، فقد كان واضحا ان مملكة الرها - بقيادة ابجر الثاني آنذاك - ، قررت أن توالي روما وتعمل لصالحها ، و ضمن الترتيب الذي أقره بومبيوس للمنطقة تم الإقرار بكون ابجر الثاني حاكما لـ الرها .
3 • وعلى الرغم من هذا ؛ فإنه بعد اعوام قليلة .. وتحديدا في العام 53 ق.م .. كان الملك ابجر الثاني نفسه مُتهما بالمساهمة في واحده من اكبر الحوادث الساحقة التي حلت بالجيش الروماني...!
حصل هذا في حملة الجنرال الروماني " ماركوس ليسينيوس #كراسوس " على بارثيا و التي انتهت بشكل مخزي و كارثي بالنسبة للجيش الروماني
كان كراسوس، العضو في الحكم الثلاثي الأول وأغنى رجل في روما، قد تم إغرائه من خلال احتمال المجد والثروات العسكرية، فقرر غزو فرثيا - و دون موافقة رسمية من مجلس الشيوخ - .
و بعد رفضه عرضًا من الملك الأرميني" أرتافاسديس الثاني " للسماح له بغزو فرثيا عبر أرمينيا ، سار كراسوس في جيشه مباشرة من سوريا عبر الجزيرة الفراتية ، و اشتبكت قواته مع قوات الجنرال الفرثي " سورينا " بالقرب من كارهاي ( سهل حران ) .
ومع أن عدد فرسان كراسوس كان يفوق عدد فرسان سورينا بشكل كبير، إلا أن سلاح الفرسان التابع لسورينا تفوق تمامًا على المشاة الرومانية الثقيلة، وقتل أو أسر معظم الجنود الرومان.
كما ان كراسوس نفسه قد قُتل مع ابنه عندما تحولت مفاوضات الهدنة إلى عنف.
،
• يصف المؤرخ بلوطرخس الدور الذي لعبه ابجر الثاني ( والذي يسميه بـ أريامنيس أو الزعيم العربي ) ، الدور الذي لعبه في الكارثة التي حلت على الجيش الروماني .. واليكم هذا نص بلوطرخس :
” جاء زعيم عربي، يُدعى أريامنيس، وهو رجل ماكر وخائن، وشخص أثبت أنه من بين كل الأذى الذي جمعه الحظ العاثر لتدمير الرومان كان أعظمهم وأكملهم.
وقد عرف بعض الجنود الذين خدموا تحت قيادة بومبي في هذه الأجزاء أن هذا الرجل استفاد من لطف ذلك القائد وكان ( اي كراسوس ) يُعتقد أنه صديق لروما؛
وقد حاول أن يشق طريقه إلى ثقة كراسوس، ليرى ما إذا كان بإمكانه إبعاده جانبًا قدر الإمكان عن النهر و السفوح ، و إسقاطه إلى أسفل سهل لا حدود له بحيث يمكن تطويقه.
وبناء على ذلك عند وصوله إلى كراسوس، أشاد البربري ( اي الأجنبي ) بالجنرال ببومبي باعتباره أحد المحسنين له كما و هنأ كراسوس على قواته ، لكنه انتقده بعد ذلك لإضاعة الوقت في التأخير والاستعدادات.
و بعد أن أقنع البربري كراسوس، قام بسحبه بعيدًا عن النهر وقاده عبر وسط السهل، و بطريقة كانت مناسبة وسهلة في البداية ولكنها سرعان ما أصبحت صعبة عندما ظهرت الرمال العميقة، و سهول ليس بها أشجار ولا ماء ولا حدود في أي مكان يمكن أن تصل إليه العين،
بحيث لم يستنزف العطش وصعوبات المسيرة الرجال فحسب، بل كان أيضًا كل ما يقع على أعينهم يملأهم بالاكتئاب ؛ لأنهم لم يروا أي نبات، ولا جدول، ولا نتوء تل منحدر، ولا عشبًا ينمو - ولكن فقط أمواجًا تشبه البحر من أكوام رمل الصحراء التي لا تعد ولا تحصى تحيط بالجيش.
وكان هذا في حد ذاته كافيا لإثارة الشكوك حول الخيانة.
كاسيوس... أساء إلى البربري سرًا و قال: «يا أحقر الناس، أي روح شرير أتت بك إلينا؟» « بأية مواد مخدرة وباية شعوذة أقنعت كراسوس بصب جيشه في هاوية الصحراء المتسعة و اتباع طريق أكثر ملاءمة لزعيم لصوص بدوي منه لإمبراطور روماني؟».
لكن البربري، الذي كان شخصًا ماكرًا، حاول تشجيعهم، وحثهم على التحمل لفترة أطول قليلاً؛ وبينما كان يجري بجانب الجنود ويقدم لهم مساعدته، كان يمازحهم ضاحكًا ويقول: «هل تعتقد أنك تسير عبر كامبانيا، مشتاقًا إلى ينابيعها وجداولها وظلالها وحماماتها (بالتأكيد) !) والحانات؟ لكن تذكر أنك تعبر الأرض على حدود آشور والعربية!
وهكذا لعب البربري دور المعلم مع الرومان، وهرب قبل أن يصبح خداعه واضحًا، ولكن ليس بدون علم كراسوس - حتى أنه أقنعه بأنه سيعمل لمصلحته ويربك نصائح أعدائه »
انتهى الاقتباس
رابط النص من كتاب بلوطرخس:
https://books.google.com/books?id=Xy...erator&f=false
— و يقول البروفيسور سيجال تعليقا على هذا :
” هل كان أبجر خائناََ لروما، أم أن نصيحته لـ كراسوس كانت حسنة النية ولكنها غير حكيمة، أو حتى أسيء فهمها..؟
يحكم المؤرخون المعاصرون على أبجر بشكل أقل قسوة من حكم بلوتارخ. فقد كان وضع ابجر بكل المقاييس، لا يحسد عليه.
تقع الرها في المجال السياسي و الثقافي لبارثيا. ولا بد أن أبجر كان يحترم قوة الرومان، وربما كان يشعر بالامتنان لبومبي ؛ لكن تعاطفه بلا شك كان يميل نحو البارثيين.
و ربما كان عار هزيمة كراسوس هي التي دفعت المؤرخين الرومان إلى عزوها إلى أسباب أخرى غير عدم كفاءة قائدهم.
مثل : شدة الظروف المحلية وغدر الحلفاء.
فهذه هي حججهم ولكنها غير مقنعة.
كما ان ريف حران لا يقدم في شهر مايو المظهر المزعج الذي وصفه بلوتارخ، ولا توجد قرى ونقاط مياه متباعدة .
وأخيراً قد توجد هناك أدلة تبرئ ابجر هذا تمامًا من الخيانة ، فمن السجل السرياني يبدو أنه كان هناك انقطاع في استمرارية ملوك الرها بين عام 53 قبل الميلاد وهو عام هزيمة كراسوس و52 قبل الميلاد. و ليس من المستحيل أن أبجر - بعيدًا عن كونه غدرًا كما يريد بلوتارخ أن نعتقد - قد ظل مخلصًا لحليفه الروماني ودفع ثمن صموده خسارة عرشه. “ انتهى
4 • وما يهم بعد كل هذا ، إن هزيمة كراسوس قد أعادت الهيمنة البارثية على الأراضي شرق الفرات.
5 • و قد مر قرن من الزمان قبل أن تظهر الرها مرة أخرى في التاريخ الروماني .. وفي عام 49 م، كان ملك الرها - وهو أبجر آخر - ( ابجر الخامس ) عضوا في الوفد الذي ذهب إلى زيوغما لاستقبال الامير الفرثي مهرداد ( وهو المرشح من قبل روما لعرش بارثيا )
ويقال ان أبجر - بشكل غير نزيه - كان يحتجز مهرداد يومًا بعد يوم في مدينة الرها. ويمكننا أن نفترض أنه قدم له وسائل ترفيه سخية، حيث أن الأمير البارثي كما يشير مؤرخنا كان "شابًا عديم الخبرة بدد الثروة بالتبذير .
و أخيرًا رافق أبجر مهرداد في حملته إلى الشرق، وقد القى الرومان باللوم على الملك الرهاوي ليس فقط في التأخير - كان فصل الشتاء قدا بدأ بالفعل - ، ولكن أيضًا في المسار غير المباشر الذي تم سلكه.
فقد مر مهرداد مع مرافقه عبر جبال أرمينيا وعبر أديابين. ولكن قبل أن يتمكن من اختبار قدراته في المعركة هجره ملك أديابين أولاً، ثم ملك الرها فتم هزيمته وأسره، وتم تشويهه على يد الملك البارثي غودارز (غوتارزيس).
يقول سيجال : ” و ربما كانت خيانة هذا الأبجر هي التي دفعت بلوتارخ، بعد ستين عامًا، إلى أن ينسب سلوكًا مشابهًا إلى الأبجر السابق...!!
اي أبغار من زمن كراسوس ، فإذا نظرنا من خلال عيون الرومان، فإن اسم أبجر الرها يمكن أن يُساوى بسهولة مع المماطلة و الازدواجية . “ انتهى
6 • وفي العام 114 م ، وصل الامبراطور الروماني تراجان إلى أنطاكية ليباشر الحملة التي كانت مقررة لإحداث التسوية النهائية للمقاطعات الشرقية.
فجاء إليه مبعوثو ملك الرها ( ابجر السابع ) بالهدايا و رسائل الصداقة ، و مبررين استسلام الملك المتأخر بسبب خوفه من البارثيين، على الرغم من أنه قبل خمس سنوات فقط - وفقًا لأحد المصادر - كان قد اشترى سيادة مملكته من الفرثيين مقابل مبلغ كبير من المال.
زار تراجان الرها، واستمتع مع الملك و الذي - كما قيل لنا - أحضر ابنه ليؤدي "رقصة بربرية".
إن ولاء أبجر، و هداياه الباهظة الثمن ( 25 حصانًا و فرسانًا، و دروعًا، وم خزنًا كبيرًا من السهام ) وتدخل ابنه الوسيم الذي أصبح المفضل لدى الإمبراطور، كل هذه العوامل مجتمعة حثت تراجان على استعادة الرها إلى سلطة روما .
كان زعيم Anthemusia المجاور أقل حظًا فقد هرب، و - بناءً على اقتراح أبجر - استولت القوات الرومانية على عاصمته باتناي ( Batnae ) وضمت أراضيه .
مع ذلك لم يكن أبجر لم يكن موثوقًا به ، وفي عام 116 عندما كان تراجان يستريح بعد غزوه لأديابين وقطسيفون، انضمت الرها إلى ثورة عامة في بلاد ما بين النهرين ؛ و تم ذبح الحاميات الرومانية أو طردها.
انتقم الرومان سريعًا و تم إرسال القائد ( Lucius Quietus ) لاستعادة النظام ، بدوره حاصر نصيبين واستولى عليها. تم انتشال الرها ودميرها بالنار والسيف، ويبدو أن ملكها قد هلك في الفوضى
7 • وبعد وفاة تراجان عام 117، تخلى خليفته هادريان عن معظم فتوحات روما شرق الفرات .
8 • و يبدو ان عرش الرها ظل شاغرًا لمدة عامين، قم تم تعيين أمير بارثي، يدعى " Parthamaspatès " حاكما على الرها ، وهذا الأمير كان قد رفعه الرومان إلى عرش بارثيا لكن المواطنين هناك رفضوه بطبيعة الحال ، فتم تعويضه بحكم الرها أو أسروينا كما كانت تسمى .
9 • ولكن في عام 123 م كانت السلالة المحلية قد استعادت مكانتها في الرها مع اعتلاء الملك معنو ( معن السابع ) ..
10 • و بعد جيل واحد، و في وقت مبكر من عهد الإمبراطور ماركوس أوريليوس ، استأنف البارثيون هجومهم ضد روما ..
و ملك الرها ( معن الثامن ) تم استبداله بـ ( وائل بر سهرو = وائل بن شهر ) وهذا الاخير ضرب العملات المعدنية مع صورة ملك فرثيا [ 163–165 م ]
عبر البارثيون نهر الفرات إلى سوريا
و لجأ معن الثامن إلى المعسكر الروماني، لكن عودته لم تتأخر طويلاً.
ففي عام 165 حاصر الجنرال الروماني السوري أفيديوس كاسيوس الرها ؛ فذبح مواطنوها الحامية البارثية واعترفوا بالرومان.
11 • وبموجب معاهدة سلام في العام التالي، أصبح حاكم أسروينا ( الرها ) عميلاً لروما ؛ تمت استعادة مانو بلقب فيلورومايوس Philorhomaios ( اي صديق الرومان ) .
12 • أتى بعد معن الثامن ابنه ( ابجر الثامن أو العظيم )
13 • وبعد ثلاثين عامًا كان ملك الرها ( ابجر ) يشتبك مرة أخرى مع روما .. وقد حصل هذا في خضم احداث الصراع بين الامبراطور ( سيبتيموس سيفيروس )، و منافسه (بيشينيوس نيجر)
و سرعان ما تمكن سيفيروس من هزيمة أبجر وحلفائه ، و لفترة من الوقت قام بتعيين وكيل مسؤول عن أسروينا. ولكن سرعان ما أعاد العرش إلى أبجر. و تصالح أبجر تمامًا مع سيبتيموس سيفيروس ، وفي عرض إضافي للولاء اتخذ أبجر الثامن الاسم اللاتيني ” لوسيوس إيليوس أوريليوس سيبتيموس “ .
• عبر البارثيون نهر دجلة وحاصروا نصيبين ، لكن أبجر، الذي تبنى الاسم الروماني " لوسيوس إيليوس أوريليوس سيبتيموس "، عرض خدمات رماته المهرة على روما و وقف الى جانبها .. أعلن سيفيروس، بعد هزيمة البارثيين في حملة سهلة في 197-198، مرة أخرى أن أسروينا دولة عميلة، واعترف بسلطة أبجر عليها.
كما دعا أبجر لزيارة روما ، و كان استقبال ملك الرها هناك - كما يقول مؤرخ روماني - هو أكثر فخامة يتم منحها لحاكم أجنبي منذ أن استقبل نيرون تيريداتس من أرمينيا في عام 66 م.
ومن المؤكد أن رحلة أبجر تمت بعد عام 204 عندما عاد الإمبراطور إلى وطنه .
14 • توفي أبجر الكبير على الأرجح عام 212 وخلفه ابنه أبجر سيفيروس ( ابجر التاسع وقد اتخذ بلا شك اسم سيفيروس كمجاملة للإمبراطور )، لكن استقلال الرها كان يقترب من نهايته.
? سقوط مملكة الرها
15 • أرسل الامبراطور الروماني " كاراكلا " - و الذي كان يستعد لحملته ضد بارثيا - دعوة ودية إلى ملك الرها لزيارته، ، وعندما وصل الملك تم القبض عليه وخلعه بحجة أنه أساء معاملة الرعايا..!
وأصدر كاراكلا الأوامر بقتل ابجر التاسع وابنه
و في 213-214 - ربما في يناير 214 -
أُعلنت الرها ولاية رومانية
وانتهى استقلالها فعليا على يد كاراكلا .
( من سخرية القدر أن كاركلا نفسه قد اغتيل لاحقا في ربيع 217 وفي سهل حران الذي يقع جنوبي مدينة الرها مباشرة )
16 • أحداث السنوات التالية غامضة .. تُظهر عملات الرها إنها استخدمت ألقاب عدة. ومع ذلك، وفقًا للتاريخ السرياني، فإن الملك معنو التاسع ( معن التاسع ) حكم لمدة ستة وعشرين عامًا حتى عام 240؛ و على الارجح أنه كان ملكًا بالاسم فقط وبدون صلاحيات فعالة.
17 • و يبدو أن معنو ذاك. قد خلفه أبجر ( ابجر العاشر ) والذي ربما كان مثل سلفه الاخير - ملكا بالاسم - وفي ظروف سياسية اسوء
• في مايو 243 كانت المدينة تدار من قبل مقيم روماني واثنين من الحكام العسكريين ”strategoi“ ... ويبدو أن الملك أبجر قد انسحب إلى روما مع زوجته. و انتهت الملكية بعد حوالي 375 سنة
? الخلاصة :
تأسست مملكة الرها عندما انسحب السلوقيون إلى غرب الفرات، تاركين بلاد ما بين النهرين لصالح البارثيين؛ وانتهى الأمر عندما فرضت روما حكمها المباشر على المقاطعات الشرقية.
كان بإمكان الرها الحفاظ على نفسها أكثر تحت سيادة بارثيا وهي السيادة الفاترة مقارنة بسيادة روما ، أو حتى عندما كانت روما راضية بممارسة هيمنة غير مباشرة فقط..
ولكن على اي حال فلا يمكنها النجاة من صراع مفتوح مع قوى كبرى.
ومع ذلك فإن استمرار حكم أسرة الرها 375 عاماً يعد رقماً قياسياً رائعاً في منطقة معرضة للشقاق والعنف و في فترة مضطربة من التاريخ.
إن الملوك الذين قاموا بهذا العمل الفذ من فن الحكم المرن يستحقون اهتمامنا و احترامنا حقا .
انتهى ?
★ ( خلفية عن القصة الكاملة لهذه المملكة )
★ ( النشأة ، الأسرة الحاكمة وسلطتها ، المجتمع ، الاحداث ، السقوط )
✳️ مقدمة : ” ان ملوك الرها الذين حافظوا على مملكتهم فترة تزيد عن الثلاثة قرون في منطقة كانت معرضة دوما للشقاق والعنف و في فترة مضطربة من التاريخ .. هؤلاء الملوك الذين قاموا بهذا العمل الفذ من فن الحكم المرن يستحقون اهتمامنا و احترامنا وتقديرنا حقا...!! “
▪️هذا المنشور قد يكون طويل ، لكنه مفيد لانه سوف يكسبك معرفة شبه كاملة أو كبيرة عن تاريخ هذه المملكة
— تنويه بالمصادر : أن معظم المحتوى هو مقتبس حرفيا من كتاب ﴿ اديسا المدينة المباركة ﴾ للبروفيسور سيجال .
• فلتبدا القراءة :
? النشأة و سلالة اريو [ الاباجرة ] :
إذا ما أردنا الحديث عن نشوء دولة الرها ، فيجب أن نشير إلى نقطة التحول المفصلية التي أدت لنشوء هذه الدولة ، الا وهو خروج الجزيرة الفراتية عن السلطة السياسية الفاعلة للملوك السلوقيين في سوريا ..
حصل هذا في شتاء العام 129-130 ق.م ،
حين تم تدمير جيش أنطيوخيوس السابع من قبل البارثيين
لم يتمكن ملوك سوريا بعدها من استعادة سلطانهم وراء الفرات ، وهذا الفراغ الذي تركه السلوقيون تم ملاءه من قبل البارثيين ( باستنثاء فترة صغيرة - حوالي اثني عشر عاما - سيطر فيها تيغرانس العظيم ملك ارمينيا ) ،
لم يمارس البارثيون حكم السلطة المركزية على الأقاليم ،
فتمتعت مناطق مختلفه بنوع من الإدارة الذاتية ..
وكثير من تلك المناطق تم حكمها بواسطة سلطات وصفت بأنها ( عربية ) ، على وجه الخصوص مناطق الحضر و سنجار في الشرق ، و ميسان في الجنوب ، و الرها و Anthemusia في الغرب .[ Anthemusia تقع في الخابور أو بين الفرات و الرها ]
وبذا شقت مدينة الرها طريقها لتصبح مقرا وعاصمة لمملكة قائمة بذاتها ، و كان ذلك قبل وقت قصير من هزيمة أنطيوخس السابع ( حوالي 127 ق.م ) ،
و يعزوا المؤرخون السريان تأسيس مملكة الرها إلى العام 180 وفق التقويم السلوقي أي 132-131 ق.م ، ويقال إن الملك الأول كان اسمه ( اريو ) .
ولهذا فقد سميت السلالة الحاكمة احيانا بسلالة اريو
كما أنها تسمى ايضا بسلالة الاباجرة
نظراً لشيوع اسم ابجر بين ملوكها
وهذا الاسم ( اريو Aryu ) هو مصطلح كنعاني آرامي لـ [ الأسد ] ..
وفي الثقافات السامية القديمة ، وخاصة في العالم العربي ، يتم اتخاذ اسماء الحيوانات في كثير من الأحيان كـ تسمية لـ الجماعات القبلية والأفراد .
و من المحتمل أنه قبل استيلاء أسرة اريو على السلطة كانت مدينة الرها مثل مدن أخرى في الإمبراطورية السلوقية، تدار من قبل اثنين من الحكام العسكريين ( والذي كان يطلق عليهم اسم "strategoi " ) واثنين من القضاة أو الحكام المدنيين،
وكان يتم تسمية هؤلاء على مر السنين ، وقد تم ذكرهم في وثيقة كتبت بعد وقت قصير من نهاية المملكة، وتظهر بشكل متكرر في النصوص اللاحقة، ولا سيما في استشهادات الرها. لكننا لا نجد أي إشارة إليهم في النصوص المتفرقة لفترة أسرة اريو ؛ فيمكننا أن نستنتج أن مناصبهم قد تم قمعها من قبل هؤلاء الملوك .
? كنا سابقا قد كتبنا منشورا عن أصل الاباجرة وناقشنا ما ينسب لهم من اصل نبطي ، اليك الرابط :
https://www.facebook.com/share/p/iPV...ibextid=oFDknk
? نوعية و اشكال الحكم الذي مارسه ملوك #الرها :
ومع ذلك ينبغي أن ندرك إن ملوك الرها لم يمارسوا السلطة المطلقة.
أن حالهم يشبه حال الكثير من الزعماء العشائريين الذين حكموا من خلال مجلس حكماء - ربما ما يعرف بـ الشيوخ - ، وقد ضم المجلس بلا شك أعضاء من العائلة المالكة.
و في إحدى الروايات يُطلق على كبار حاشية الملك عبارة:
” أولئك الزعماء الذين جلسوا على ركبهم المنحنية “
لكن جدير بالذكر انه يمكن ان تُقرأ أيضاً بعد تغيير طفيف :
” الزعماء الذين جلسوا في مجلس الملك “
كان المؤرخون الرومان يطلقون على ملوك الرها لقب الفيلارخ ( و الفيلارخ هو منصب يوناني يعني "حاكم القبيلة أو العشيرة" ) ، وهم محقون في ذلك..!
فقد كانت الرها في نهاية النظام الملكي لا تزال مقسمة - على الأقل رسميًا - إلى مناطق مخصصة للقبائل أو العشائر ؛ و كانت كل واحده منها تدار من قبل الأرخون [ الأرخون هو سيد القوم أو الدِّهْقَانُ العظيمُ أو بعبارة أخرى : رئيس القرية أو المنطقة ] .
و على الرغم من إن الملك بعد هذا التقسيم قد يبدوا من الناحية النظرية ليس أكثر من : ” الأول بين أقرانه في المملكة “ ، إلا أن ملك الرها احتفظ لنفسه و بكل هيبة و قوة برموز السلطة الخارجية ( كـ العملات والمراسلات ) .. بالإضافة إلى انه قد احتفظ لنفسه بجوهر السلطة أيضا
فـ سنة حكم الملك تظهر في نظم المعاملات والمواعيد جنبًا إلى جنب مع نظام الأباطرة ،كما كان الملك يقيم في قصر عظيم عند منبع الينابيع التي تغذي برك الأسماك الشهيرة.
وقد تعرضت مدينة الرها لدمار وكارثة طبيعية بفعل الفيضان الذي ضرب المدينة عام 201 للميلاد ، و طال الدمار قصر الملك أيضا
ولذا خوفًا من تكرار الفيضانات، بنى أبجر الكبير "بيتًا شتويًا" كمقر ملكي "مسكن" على جبل القلعة، وقد حدث هذا على ما يبدو في العام 205-6 للميلاد
كما أظهر الملوك علامات المُلك والمهابة في الموت أيضًا
حيث تخبرنا الكتب عن عناينتهم الكبير بالقبور والمدافن
فيصف أحد الكتاب الضريح الذي أقامه أبجر السادس 88-9م
بأنه كان "قبر عظيم للنحت الزخرفي..!"
و كان غطاء الرأس الخاص رمزًا مهمًا للملكية
و امتياز خاص بالملك..!
فحتى و إن منحت التيجان لجميع الرؤساء والقادة وغيرهم من كبار الشخصيات في المملكة ، لكن الملك وحده هو من كان يحق له ارتداء الديادم مع تاجه .
وقد ذكرت أهمية غطاء الرأس الملكي بوضوح في سيرة حياة أجاي ( الأسقف الأسطوري للرها وهو الأول بعد الرسول آداي )
فعندما اعتلى العرش الفاسق ابن أبجر الكبير، قال لـ أجاي، الذي كان من الواضح أنه كان يحتكر هذه الحرفة : "اصنع لي تاجًا من الذهب كما صنعت لآبائي". رفض آجاي، و وفق القصة فقد تم إعدامه بأمر من الملك بسبب تصرفه المسيء إلى الذات الملكية..!
وكانت الضرائب أيضا في يد الملك كما سنلاحظ فيما بعد.
كما سيطر الملك على القوات العسكرية للدولة ؛ فخلال الحملة التي هُزم فيها كراسوس عام 53 قبل الميلاد، كان الملك أبجر الثاني حاضرًا مع قواته.
كما يُذكر أن أبجر السابع أهدى تراجان خيولًا وفرسانًا ودروعًا وسهامًا في عام 114 م. وبعد نحو ثمانين عامًا، عرض أبجر الكبير على الإمبراطور سيفيروس خدمات رماته المهرة. وقد كانت الرماية هواية مفضلة في الرها، وكان الرماة في المنطقة مشهورين بالفعل في القرن التاسع قبل الميلاد. وشكل الرماة الرهاويين وحدة فرق في الجيش الإمبراطوري الذي قاده ماكسيمينوس إلى ألمانيا.
إذن فمن الواضح أن إدارة الرها كانت منظمة بكفاءة،
وكانت دولة متكاملة الأركان و ليست مجرد تنظيم بدائي
وهذا ليس بعجيب نظراً لموقعها و بلا شك أن المدينة وأهلها
قد استفادوا من الأسس الحضارية النظامية الهلينية السابقة .
? عن بعض المناصب الأخرى في الدولة :
• — في رواية تحول الملك أبجر إلى المسيحية نقرأ عن " الثاني في الملكه" كان يُدعى عبدو بار عبدو ( Abdu bar Abdu, ) .
لا شك أن "الثاني في المملكة" كان يحمل اللقب البارثي "باسغريبا" (Pasgriba) وربما لم يكن نائب الملك، بل الوريث الواضح للعرش ، ومن المؤكد أنه كان أعلى ضابط في المملكة.
• — ومن المناصب الرئيسية الأخرى للدولة هو منصب ” حاكم #العرب “ أو [ Arabarchos ] والذي ربما كانت له سلطة شرقي الرها
« أن وظيفة Arabarchos لا تزال غير مفهومة على وجه اليقين ، والمكتوب عنها في المنشور هو من تكهنات سيجال »
• — ربما كان الشخص ذو المقام الرفيع المسمى nuhadra في رتبة أقل من Arabarchos ، وهذا لانه ابن أحد الـ Arabarchos كان يحمل رتبة nuhadra .
• مثل باسغريبا، لقب nuhadra يبدو بارثيا وفي بارثيا خلال القرن الثالث الميلادي، كان يحمل هذا اللقب حاكم بلدة وضواحيها، وفي الرها في نفس الفترة ربما كان nuhadra مسؤولاً عن الإدارة المحلية. ومن المحتمل أيضًا أن تكون له وظائف عسكرية ، لأن الجنرال الفارسي الذي عاش في الرها كان يحمل لقب nuhadra.
• — تم الحفاظ على النظام العام في المدينة من قبل حارس أو مراقب المدينة والذي كان يطلق عليه اسم ” geziraye “، وهو مصطلح ربما كان أيضًا من أصل إيراني ( بارثي )
و بعد كارثة فيضان العام 201 م ، أصدر الملك تعليماته بأن ينام بعض الـ geziraye على الجدران من أكتوبر إلى أبريل وهذا من أجل إعطاء إشعار باقتراب فيضانات الأنهار
• — كان هناك أيضًا مساحو مدن و خبراء آخرون، "حكماء" أو "رجال ذو معرفة في الإدارة المحلية، بالإضافة إلى عمال يعملون في صيانة المباني الملكية .
• — كما ان ملوك الرها عينوا من أطلق عليه اسم الـ "sharrire" وهم بمثابة المقربين من الملك و المفوضين منه احيانا للقيام بالمهمام كمسؤولية الحفاظ على الأرشيف الرسمي للمدينة.
? مسئولية الملك تجاه شعبه :
ان العلاقة الطيبة بين الملك والشعب و شعور الملك بالمسؤولية ربما لن تتجلى بصورة أوضح مما تجلت فيه بعد كارثة و فيضان العام 201 م ، حيث تذكر وقائع اديسا المسجلة وفاة أكثر من 2.000 شخص في تلك الكارثة التي سببها فيضان نهر المدينة ، تذكر الكتب أن الملك سارع بأصدر مرسوم يقضي بإعفاء سكان المدينة والقرى المجاورة من دفع الضرائب باعتبارهم متضررين من الكارثة وبدأ على الفور في مشروع إعادة إعمار واسع النطاق .
? وكنا سابقا قد تحدثنا عن مجتمع الرها و التركيبة السكانية فيه و الديموغرافيا هناك في منشور مستقل ، وان احببت الإطلاع فاليك الرابط :
https://www.facebook.com/share/p/63R...ibextid=oFDknk
? بل كتبنا حتى عن وضع المرأة هناك و عن الازياء الشعبية لهم ، كتبنا عن هذا في منشورات مستقلة يمكن أن تعود لها من خلال البحث في حسابي أن احببت الإطلاع أكثر .
? احداث ملوك مملكة الرها و علاقتهم بـ #روما و #بارثيا و موقعهم بين القوى الإقليمية المتنافسة على المنطقة:
1 • كانت بداية النفوذ الروماني في الشام والمنطقة قد تزامنت مع صعود الامبراطورية الأرمنية والتي ما لبثت أن سقطت على يد جيوش روما ، وفي خضم هذا الصراع ، تذكر الكتب مشاركة زعيم الرها ( غالبا ابجر الاول ) مع الامبراطور الارمني تيغران ضد الجيش الروماني في معركة تيغرانوسيرتا في العام 69 ق.م ، وقد مني معه بالهزيمة الساحقة .
2 • بعد تخلص روما من نفوذ تيغران في الشام والمنطقة و مع قيام الجنرال الروماني بومبيوس بإعادة تنظيم مستعمرة الشرق الى ولايات رومانية متمثلة بولاية سوريا و ممالك عميلة أو تعمل لصالح روما ، فقد كان واضحا ان مملكة الرها - بقيادة ابجر الثاني آنذاك - ، قررت أن توالي روما وتعمل لصالحها ، و ضمن الترتيب الذي أقره بومبيوس للمنطقة تم الإقرار بكون ابجر الثاني حاكما لـ الرها .
3 • وعلى الرغم من هذا ؛ فإنه بعد اعوام قليلة .. وتحديدا في العام 53 ق.م .. كان الملك ابجر الثاني نفسه مُتهما بالمساهمة في واحده من اكبر الحوادث الساحقة التي حلت بالجيش الروماني...!
حصل هذا في حملة الجنرال الروماني " ماركوس ليسينيوس #كراسوس " على بارثيا و التي انتهت بشكل مخزي و كارثي بالنسبة للجيش الروماني
كان كراسوس، العضو في الحكم الثلاثي الأول وأغنى رجل في روما، قد تم إغرائه من خلال احتمال المجد والثروات العسكرية، فقرر غزو فرثيا - و دون موافقة رسمية من مجلس الشيوخ - .
و بعد رفضه عرضًا من الملك الأرميني" أرتافاسديس الثاني " للسماح له بغزو فرثيا عبر أرمينيا ، سار كراسوس في جيشه مباشرة من سوريا عبر الجزيرة الفراتية ، و اشتبكت قواته مع قوات الجنرال الفرثي " سورينا " بالقرب من كارهاي ( سهل حران ) .
ومع أن عدد فرسان كراسوس كان يفوق عدد فرسان سورينا بشكل كبير، إلا أن سلاح الفرسان التابع لسورينا تفوق تمامًا على المشاة الرومانية الثقيلة، وقتل أو أسر معظم الجنود الرومان.
كما ان كراسوس نفسه قد قُتل مع ابنه عندما تحولت مفاوضات الهدنة إلى عنف.
،
• يصف المؤرخ بلوطرخس الدور الذي لعبه ابجر الثاني ( والذي يسميه بـ أريامنيس أو الزعيم العربي ) ، الدور الذي لعبه في الكارثة التي حلت على الجيش الروماني .. واليكم هذا نص بلوطرخس :
” جاء زعيم عربي، يُدعى أريامنيس، وهو رجل ماكر وخائن، وشخص أثبت أنه من بين كل الأذى الذي جمعه الحظ العاثر لتدمير الرومان كان أعظمهم وأكملهم.
وقد عرف بعض الجنود الذين خدموا تحت قيادة بومبي في هذه الأجزاء أن هذا الرجل استفاد من لطف ذلك القائد وكان ( اي كراسوس ) يُعتقد أنه صديق لروما؛
وقد حاول أن يشق طريقه إلى ثقة كراسوس، ليرى ما إذا كان بإمكانه إبعاده جانبًا قدر الإمكان عن النهر و السفوح ، و إسقاطه إلى أسفل سهل لا حدود له بحيث يمكن تطويقه.
وبناء على ذلك عند وصوله إلى كراسوس، أشاد البربري ( اي الأجنبي ) بالجنرال ببومبي باعتباره أحد المحسنين له كما و هنأ كراسوس على قواته ، لكنه انتقده بعد ذلك لإضاعة الوقت في التأخير والاستعدادات.
و بعد أن أقنع البربري كراسوس، قام بسحبه بعيدًا عن النهر وقاده عبر وسط السهل، و بطريقة كانت مناسبة وسهلة في البداية ولكنها سرعان ما أصبحت صعبة عندما ظهرت الرمال العميقة، و سهول ليس بها أشجار ولا ماء ولا حدود في أي مكان يمكن أن تصل إليه العين،
بحيث لم يستنزف العطش وصعوبات المسيرة الرجال فحسب، بل كان أيضًا كل ما يقع على أعينهم يملأهم بالاكتئاب ؛ لأنهم لم يروا أي نبات، ولا جدول، ولا نتوء تل منحدر، ولا عشبًا ينمو - ولكن فقط أمواجًا تشبه البحر من أكوام رمل الصحراء التي لا تعد ولا تحصى تحيط بالجيش.
وكان هذا في حد ذاته كافيا لإثارة الشكوك حول الخيانة.
كاسيوس... أساء إلى البربري سرًا و قال: «يا أحقر الناس، أي روح شرير أتت بك إلينا؟» « بأية مواد مخدرة وباية شعوذة أقنعت كراسوس بصب جيشه في هاوية الصحراء المتسعة و اتباع طريق أكثر ملاءمة لزعيم لصوص بدوي منه لإمبراطور روماني؟».
لكن البربري، الذي كان شخصًا ماكرًا، حاول تشجيعهم، وحثهم على التحمل لفترة أطول قليلاً؛ وبينما كان يجري بجانب الجنود ويقدم لهم مساعدته، كان يمازحهم ضاحكًا ويقول: «هل تعتقد أنك تسير عبر كامبانيا، مشتاقًا إلى ينابيعها وجداولها وظلالها وحماماتها (بالتأكيد) !) والحانات؟ لكن تذكر أنك تعبر الأرض على حدود آشور والعربية!
وهكذا لعب البربري دور المعلم مع الرومان، وهرب قبل أن يصبح خداعه واضحًا، ولكن ليس بدون علم كراسوس - حتى أنه أقنعه بأنه سيعمل لمصلحته ويربك نصائح أعدائه »
انتهى الاقتباس
رابط النص من كتاب بلوطرخس:
https://books.google.com/books?id=Xy...PT1086&dq=robb er+chief+of+Nomads+than+for+a+Roman+imperator&sour ce=bl&ots=yXNq0PT9El&sig=ACfU3U3SoovR73j_4o60YNLJf 90ZiSj3Vw&hl=ar&sa=X&ved=2ahUKEwit3taNpoGGAxXKnf0H HWuaBuoQ6AF6BAglEAI#v=onepage&q=robber%20chief%20o f%20Nomads%20than%20for%20a%20Roman%20imperator&f= false
— و يقول البروفيسور سيجال تعليقا على هذا :
” هل كان أبجر خائناََ لروما، أم أن نصيحته لـ كراسوس كانت حسنة النية ولكنها غير حكيمة، أو حتى أسيء فهمها..؟
يحكم المؤرخون المعاصرون على أبجر بشكل أقل قسوة من حكم بلوتارخ. فقد كان وضع ابجر بكل المقاييس، لا يحسد عليه.
تقع الرها في المجال السياسي و الثقافي لبارثيا. ولا بد أن أبجر كان يحترم قوة الرومان، وربما كان يشعر بالامتنان لبومبي ؛ لكن تعاطفه بلا شك كان يميل نحو البارثيين.
و ربما كان عار هزيمة كراسوس هي التي دفعت المؤرخين الرومان إلى عزوها إلى أسباب أخرى غير عدم كفاءة قائدهم.
مثل : شدة الظروف المحلية وغدر الحلفاء.
فهذه هي حججهم ولكنها غير مقنعة.
كما ان ريف حران لا يقدم في شهر مايو المظهر المزعج الذي وصفه بلوتارخ، ولا توجد قرى ونقاط مياه متباعدة .
وأخيراً قد توجد هناك أدلة تبرئ ابجر هذا تمامًا من الخيانة ، فمن السجل السرياني يبدو أنه كان هناك انقطاع في استمرارية ملوك الرها بين عام 53 قبل الميلاد وهو عام هزيمة كراسوس و52 قبل الميلاد. و ليس من المستحيل أن أبجر - بعيدًا عن كونه غدرًا كما يريد بلوتارخ أن نعتقد - قد ظل مخلصًا لحليفه الروماني ودفع ثمن صموده خسارة عرشه. “ انتهى
4 • وما يهم بعد كل هذا ، إن هزيمة كراسوس قد أعادت الهيمنة البارثية على الأراضي شرق الفرات.
5 • و قد مر قرن من الزمان قبل أن تظهر الرها مرة أخرى في التاريخ الروماني .. وفي عام 49 م، كان ملك الرها - وهو أبجر آخر - ( ابجر الخامس ) عضوا في الوفد الذي ذهب إلى زيوغما لاستقبال الامير الفرثي مهرداد ( وهو المرشح من قبل روما لعرش بارثيا )
ويقال ان أبجر - بشكل غير نزيه - كان يحتجز مهرداد يومًا بعد يوم في مدينة الرها. ويمكننا أن نفترض أنه قدم له وسائل ترفيه سخية، حيث أن الأمير البارثي كما يشير مؤرخنا كان "شابًا عديم الخبرة بدد الثروة بالتبذير .
و أخيرًا رافق أبجر مهرداد في حملته إلى الشرق، وقد القى الرومان باللوم على الملك الرهاوي ليس فقط في التأخير - كان فصل الشتاء قدا بدأ بالفعل - ، ولكن أيضًا في المسار غير المباشر الذي تم سلكه.
فقد مر مهرداد مع مرافقه عبر جبال أرمينيا وعبر أديابين. ولكن قبل أن يتمكن من اختبار قدراته في المعركة هجره ملك أديابين أولاً، ثم ملك الرها فتم هزيمته وأسره، وتم تشويهه على يد الملك البارثي غودارز (غوتارزيس).
يقول سيجال : ” و ربما كانت خيانة هذا الأبجر هي التي دفعت بلوتارخ، بعد ستين عامًا، إلى أن ينسب سلوكًا مشابهًا إلى الأبجر السابق...!!
اي أبغار من زمن كراسوس ، فإذا نظرنا من خلال عيون الرومان، فإن اسم أبجر الرها يمكن أن يُساوى بسهولة مع المماطلة و الازدواجية . “ انتهى
6 • وفي العام 114 م ، وصل الامبراطور الروماني تراجان إلى أنطاكية ليباشر الحملة التي كانت مقررة لإحداث التسوية النهائية للمقاطعات الشرقية.
فجاء إليه مبعوثو ملك الرها ( ابجر السابع ) بالهدايا و رسائل الصداقة ، و مبررين استسلام الملك المتأخر بسبب خوفه من البارثيين، على الرغم من أنه قبل خمس سنوات فقط - وفقًا لأحد المصادر - كان قد اشترى سيادة مملكته من الفرثيين مقابل مبلغ كبير من المال.
زار تراجان الرها، واستمتع مع الملك و الذي - كما قيل لنا - أحضر ابنه ليؤدي "رقصة بربرية".
إن ولاء أبجر، و هداياه الباهظة الثمن ( 25 حصانًا و فرسانًا، و دروعًا، وم خزنًا كبيرًا من السهام ) وتدخل ابنه الوسيم الذي أصبح المفضل لدى الإمبراطور، كل هذه العوامل مجتمعة حثت تراجان على استعادة الرها إلى سلطة روما .
كان زعيم Anthemusia المجاور أقل حظًا فقد هرب، و - بناءً على اقتراح أبجر - استولت القوات الرومانية على عاصمته باتناي ( Batnae ) وضمت أراضيه .
مع ذلك لم يكن أبجر لم يكن موثوقًا به ، وفي عام 116 عندما كان تراجان يستريح بعد غزوه لأديابين وقطسيفون، انضمت الرها إلى ثورة عامة في بلاد ما بين النهرين ؛ و تم ذبح الحاميات الرومانية أو طردها.
انتقم الرومان سريعًا و تم إرسال القائد ( Lucius Quietus ) لاستعادة النظام ، بدوره حاصر نصيبين واستولى عليها. تم انتشال الرها ودميرها بالنار والسيف، ويبدو أن ملكها قد هلك في الفوضى
7 • وبعد وفاة تراجان عام 117، تخلى خليفته هادريان عن معظم فتوحات روما شرق الفرات .
8 • و يبدو ان عرش الرها ظل شاغرًا لمدة عامين، قم تم تعيين أمير بارثي، يدعى " Parthamaspatès " حاكما على الرها ، وهذا الأمير كان قد رفعه الرومان إلى عرش بارثيا لكن المواطنين هناك رفضوه بطبيعة الحال ، فتم تعويضه بحكم الرها أو أسروينا كما كانت تسمى .
9 • ولكن في عام 123 م كانت السلالة المحلية قد استعادت مكانتها في الرها مع اعتلاء الملك معنو ( معن السابع ) ..
10 • و بعد جيل واحد، و في وقت مبكر من عهد الإمبراطور ماركوس أوريليوس ، استأنف البارثيون هجومهم ضد روما ..
و ملك الرها ( معن الثامن ) تم استبداله بـ ( وائل بر سهرو = وائل بن شهر ) وهذا الاخير ضرب العملات المعدنية مع صورة ملك فرثيا [ 163–165 م ]
عبر البارثيون نهر الفرات إلى سوريا
و لجأ معن الثامن إلى المعسكر الروماني، لكن عودته لم تتأخر طويلاً.
ففي عام 165 حاصر الجنرال الروماني السوري أفيديوس كاسيوس الرها ؛ فذبح مواطنوها الحامية البارثية واعترفوا بالرومان.
11 • وبموجب معاهدة سلام في العام التالي، أصبح حاكم أسروينا ( الرها ) عميلاً لروما ؛ تمت استعادة مانو بلقب فيلورومايوس Philorhomaios ( اي صديق الرومان ) .
12 • أتى بعد معن الثامن ابنه ( ابجر الثامن أو العظيم )
13 • وبعد ثلاثين عامًا كان ملك الرها ( ابجر ) يشتبك مرة أخرى مع روما .. وقد حصل هذا في خضم احداث الصراع بين الامبراطور ( سيبتيموس سيفيروس )، و منافسه (بيشينيوس نيجر)
و سرعان ما تمكن سيفيروس من هزيمة أبجر وحلفائه ، و لفترة من الوقت قام بتعيين وكيل مسؤول عن أسروينا. ولكن سرعان ما أعاد العرش إلى أبجر. و تصالح أبجر تمامًا مع سيبتيموس سيفيروس ، وفي عرض إضافي للولاء اتخذ أبجر الثامن الاسم اللاتيني ” لوسيوس إيليوس أوريليوس سيبتيموس “ .
• عبر البارثيون نهر دجلة وحاصروا نصيبين ، لكن أبجر، الذي تبنى الاسم الروماني " لوسيوس إيليوس أوريليوس سيبتيموس "، عرض خدمات رماته المهرة على روما و وقف الى جانبها .. أعلن سيفيروس، بعد هزيمة البارثيين في حملة سهلة في 197-198، مرة أخرى أن أسروينا دولة عميلة، واعترف بسلطة أبجر عليها.
كما دعا أبجر لزيارة روما ، و كان استقبال ملك الرها هناك - كما يقول مؤرخ روماني - هو أكثر فخامة يتم منحها لحاكم أجنبي منذ أن استقبل نيرون تيريداتس من أرمينيا في عام 66 م.
ومن المؤكد أن رحلة أبجر تمت بعد عام 204 عندما عاد الإمبراطور إلى وطنه .
14 • توفي أبجر الكبير على الأرجح عام 212 وخلفه ابنه أبجر سيفيروس ( ابجر التاسع وقد اتخذ بلا شك اسم سيفيروس كمجاملة للإمبراطور )، لكن استقلال الرها كان يقترب من نهايته.
? سقوط مملكة الرها
15 • أرسل الامبراطور الروماني " كاراكلا " - و الذي كان يستعد لحملته ضد بارثيا - دعوة ودية إلى ملك الرها لزيارته، ، وعندما وصل الملك تم القبض عليه وخلعه بحجة أنه أساء معاملة الرعايا..!
وأصدر كاراكلا الأوامر بقتل ابجر التاسع وابنه
و في 213-214 - ربما في يناير 214 -
أُعلنت الرها ولاية رومانية
وانتهى استقلالها فعليا على يد كاراكلا .
( من سخرية القدر أن كاركلا نفسه قد اغتيل لاحقا في ربيع 217 وفي سهل حران الذي يقع جنوبي مدينة الرها مباشرة )
16 • أحداث السنوات التالية غامضة .. تُظهر عملات الرها إنها استخدمت ألقاب عدة. ومع ذلك، وفقًا للتاريخ السرياني، فإن الملك معنو التاسع ( معن التاسع ) حكم لمدة ستة وعشرين عامًا حتى عام 240؛ و على الارجح أنه كان ملكًا بالاسم فقط وبدون صلاحيات فعالة.
17 • و يبدو أن معنو ذاك. قد خلفه أبجر ( ابجر العاشر ) والذي ربما كان مثل سلفه الاخير - ملكا بالاسم - وفي ظروف سياسية اسوء
• في مايو 243 كانت المدينة تدار من قبل مقيم روماني واثنين من الحكام العسكريين ”strategoi“ ... ويبدو أن الملك أبجر قد انسحب إلى روما مع زوجته. و انتهت الملكية بعد حوالي 375 سنة
? الخلاصة :
تأسست مملكة الرها عندما انسحب السلوقيون إلى غرب الفرات، تاركين بلاد ما بين النهرين لصالح البارثيين؛ وانتهى الأمر عندما فرضت روما حكمها المباشر على المقاطعات الشرقية.
كان بإمكان الرها الحفاظ على نفسها أكثر تحت سيادة بارثيا وهي السيادة الفاترة مقارنة بسيادة روما ، أو حتى عندما كانت روما راضية بممارسة هيمنة غير مباشرة فقط..
ولكن على اي حال فلا يمكنها النجاة من صراع مفتوح مع قوى كبرى.
ومع ذلك فإن استمرار حكم أسرة الرها 375 عاماً يعد رقماً قياسياً رائعاً في منطقة معرضة للشقاق والعنف و في فترة مضطربة من التاريخ.
إن الملوك الذين قاموا بهذا العمل الفذ من فن الحكم المرن يستحقون اهتمامنا و احترامنا حقا .
انتهى ?♦ ملخص تاريخ مملكة اورهاي ܐܘܪܗ [ #الرها ] ” أسروينا “ ★ ( خلفية عن القصة الكاملة لهذه المملكة )
★ ( النشأة ، الأسرة الحاكمة وسلطتها ، المجتمع ، الاحداث ، السقوط )
✳️ مقدمة : ” ان ملوك الرها الذين حافظوا على مملكتهم فترة تزيد عن الثلاثة قرون في منطقة كانت معرضة دوما للشقاق والعنف و في فترة مضطربة من التاريخ .. هؤلاء الملوك الذين قاموا بهذا العمل الفذ من فن الحكم المرن يستحقون اهتمامنا و احترامنا وتقديرنا حقا...!! “
▪️هذا المنشور قد يكون طويل ، لكنه مفيد لانه سوف يكسبك معرفة شبه كاملة أو كبيرة عن تاريخ هذه المملكة
— تنويه بالمصادر : أن معظم المحتوى هو مقتبس حرفيا من كتاب ﴿ اديسا المدينة المباركة ﴾ للبروفيسور سيجال .
• فلتبدا القراءة :
? النشأة و سلالة اريو [ الاباجرة ] :
إذا ما أردنا الحديث عن نشوء دولة الرها ، فيجب أن نشير إلى نقطة التحول المفصلية التي أدت لنشوء هذه الدولة ، الا وهو خروج الجزيرة الفراتية عن السلطة السياسية الفاعلة للملوك السلوقيين في سوريا ..
حصل هذا في شتاء العام 129-130 ق.م ،
حين تم تدمير جيش أنطيوخيوس السابع من قبل البارثيين
لم يتمكن ملوك سوريا بعدها من استعادة سلطانهم وراء الفرات ، وهذا الفراغ الذي تركه السلوقيون تم ملاءه من قبل البارثيين ( باستنثاء فترة صغيرة - حوالي اثني عشر عاما - سيطر فيها تيغرانس العظيم ملك ارمينيا ) ،
لم يمارس البارثيون حكم السلطة المركزية على الأقاليم ،
فتمتعت مناطق مختلفه بنوع من الإدارة الذاتية ..
وكثير من تلك المناطق تم حكمها بواسطة سلطات وصفت بأنها ( عربية ) ، على وجه الخصوص مناطق الحضر و سنجار في الشرق ، و ميسان في الجنوب ، و الرها و Anthemusia في الغرب .[ Anthemusia تقع في الخابور أو بين الفرات و الرها ]
وبذا شقت مدينة الرها طريقها لتصبح مقرا وعاصمة لمملكة قائمة بذاتها ، و كان ذلك قبل وقت قصير من هزيمة أنطيوخس السابع ( حوالي 127 ق.م ) ،
و يعزوا المؤرخون السريان تأسيس مملكة الرها إلى العام 180 وفق التقويم السلوقي أي 132-131 ق.م ، ويقال إن الملك الأول كان اسمه ( اريو ) .
ولهذا فقد سميت السلالة الحاكمة احيانا بسلالة اريو
كما أنها تسمى ايضا بسلالة الاباجرة
نظراً لشيوع اسم ابجر بين ملوكها
وهذا الاسم ( اريو Aryu ) هو مصطلح كنعاني آرامي لـ [ الأسد ] ..
وفي الثقافات السامية القديمة ، وخاصة في العالم العربي ، يتم اتخاذ اسماء الحيوانات في كثير من الأحيان كـ تسمية لـ الجماعات القبلية والأفراد .
و من المحتمل أنه قبل استيلاء أسرة اريو على السلطة كانت مدينة الرها مثل مدن أخرى في الإمبراطورية السلوقية، تدار من قبل اثنين من الحكام العسكريين ( والذي كان يطلق عليهم اسم "strategoi " ) واثنين من القضاة أو الحكام المدنيين،
وكان يتم تسمية هؤلاء على مر السنين ، وقد تم ذكرهم في وثيقة كتبت بعد وقت قصير من نهاية المملكة، وتظهر بشكل متكرر في النصوص اللاحقة، ولا سيما في استشهادات الرها. لكننا لا نجد أي إشارة إليهم في النصوص المتفرقة لفترة أسرة اريو ؛ فيمكننا أن نستنتج أن مناصبهم قد تم قمعها من قبل هؤلاء الملوك .
? كنا سابقا قد كتبنا منشورا عن أصل الاباجرة وناقشنا ما ينسب لهم من اصل نبطي ، اليك الرابط :
https://www.facebook.com/share/p/iPV...ibextid=oFDknk
? نوعية و اشكال الحكم الذي مارسه ملوك #الرها :
ومع ذلك ينبغي أن ندرك إن ملوك الرها لم يمارسوا السلطة المطلقة.
أن حالهم يشبه حال الكثير من الزعماء العشائريين الذين حكموا من خلال مجلس حكماء - ربما ما يعرف بـ الشيوخ - ، وقد ضم المجلس بلا شك أعضاء من العائلة المالكة.
و في إحدى الروايات يُطلق على كبار حاشية الملك عبارة:
” أولئك الزعماء الذين جلسوا على ركبهم المنحنية “
لكن جدير بالذكر انه يمكن ان تُقرأ أيضاً بعد تغيير طفيف :
” الزعماء الذين جلسوا في مجلس الملك “
كان المؤرخون الرومان يطلقون على ملوك الرها لقب الفيلارخ ( و الفيلارخ هو منصب يوناني يعني "حاكم القبيلة أو العشيرة" ) ، وهم محقون في ذلك..!
فقد كانت الرها في نهاية النظام الملكي لا تزال مقسمة - على الأقل رسميًا - إلى مناطق مخصصة للقبائل أو العشائر ؛ و كانت كل واحده منها تدار من قبل الأرخون [ الأرخون هو سيد القوم أو الدِّهْقَانُ العظيمُ أو بعبارة أخرى : رئيس القرية أو المنطقة ] .
و على الرغم من إن الملك بعد هذا التقسيم قد يبدوا من الناحية النظرية ليس أكثر من : ” الأول بين أقرانه في المملكة “ ، إلا أن ملك الرها احتفظ لنفسه و بكل هيبة و قوة برموز السلطة الخارجية ( كـ العملات والمراسلات ) .. بالإضافة إلى انه قد احتفظ لنفسه بجوهر السلطة أيضا
فـ سنة حكم الملك تظهر في نظم المعاملات والمواعيد جنبًا إلى جنب مع نظام الأباطرة ،كما كان الملك يقيم في قصر عظيم عند منبع الينابيع التي تغذي برك الأسماك الشهيرة.
وقد تعرضت مدينة الرها لدمار وكارثة طبيعية بفعل الفيضان الذي ضرب المدينة عام 201 للميلاد ، و طال الدمار قصر الملك أيضا
ولذا خوفًا من تكرار الفيضانات، بنى أبجر الكبير "بيتًا شتويًا" كمقر ملكي "مسكن" على جبل القلعة، وقد حدث هذا على ما يبدو في العام 205-6 للميلاد
كما أظهر الملوك علامات المُلك والمهابة في الموت أيضًا
حيث تخبرنا الكتب عن عناينتهم الكبير بالقبور والمدافن
فيصف أحد الكتاب الضريح الذي أقامه أبجر السادس 88-9م
بأنه كان "قبر عظيم للنحت الزخرفي..!"
و كان غطاء الرأس الخاص رمزًا مهمًا للملكية
و امتياز خاص بالملك..!
فحتى و إن منحت التيجان لجميع الرؤساء والقادة وغيرهم من كبار الشخصيات في المملكة ، لكن الملك وحده هو من كان يحق له ارتداء الديادم مع تاجه .
وقد ذكرت أهمية غطاء الرأس الملكي بوضوح في سيرة حياة أجاي ( الأسقف الأسطوري للرها وهو الأول بعد الرسول آداي )
فعندما اعتلى العرش الفاسق ابن أبجر الكبير، قال لـ أجاي، الذي كان من الواضح أنه كان يحتكر هذه الحرفة : "اصنع لي تاجًا من الذهب كما صنعت لآبائي". رفض آجاي، و وفق القصة فقد تم إعدامه بأمر من الملك بسبب تصرفه المسيء إلى الذات الملكية..!
وكانت الضرائب أيضا في يد الملك كما سنلاحظ فيما بعد.
كما سيطر الملك على القوات العسكرية للدولة ؛ فخلال الحملة التي هُزم فيها كراسوس عام 53 قبل الميلاد، كان الملك أبجر الثاني حاضرًا مع قواته.
كما يُذكر أن أبجر السابع أهدى تراجان خيولًا وفرسانًا ودروعًا وسهامًا في عام 114 م. وبعد نحو ثمانين عامًا، عرض أبجر الكبير على الإمبراطور سيفيروس خدمات رماته المهرة. وقد كانت الرماية هواية مفضلة في الرها، وكان الرماة في المنطقة مشهورين بالفعل في القرن التاسع قبل الميلاد. وشكل الرماة الرهاويين وحدة فرق في الجيش الإمبراطوري الذي قاده ماكسيمينوس إلى ألمانيا.
إذن فمن الواضح أن إدارة الرها كانت منظمة بكفاءة،
وكانت دولة متكاملة الأركان و ليست مجرد تنظيم بدائي
وهذا ليس بعجيب نظراً لموقعها و بلا شك أن المدينة وأهلها
قد استفادوا من الأسس الحضارية النظامية الهلينية السابقة .
? عن بعض المناصب الأخرى في الدولة :
• — في رواية تحول الملك أبجر إلى المسيحية نقرأ عن " الثاني في الملكه" كان يُدعى عبدو بار عبدو ( Abdu bar Abdu, ) .
لا شك أن "الثاني في المملكة" كان يحمل اللقب البارثي "باسغريبا" (Pasgriba) وربما لم يكن نائب الملك، بل الوريث الواضح للعرش ، ومن المؤكد أنه كان أعلى ضابط في المملكة.
• — ومن المناصب الرئيسية الأخرى للدولة هو منصب ” حاكم #العرب “ أو [ Arabarchos ] والذي ربما كانت له سلطة شرقي الرها
« أن وظيفة Arabarchos لا تزال غير مفهومة على وجه اليقين ، والمكتوب عنها في المنشور هو من تكهنات سيجال »
• — ربما كان الشخص ذو المقام الرفيع المسمى nuhadra في رتبة أقل من Arabarchos ، وهذا لانه ابن أحد الـ Arabarchos كان يحمل رتبة nuhadra .
• مثل باسغريبا، لقب nuhadra يبدو بارثيا وفي بارثيا خلال القرن الثالث الميلادي، كان يحمل هذا اللقب حاكم بلدة وضواحيها، وفي الرها في نفس الفترة ربما كان nuhadra مسؤولاً عن الإدارة المحلية. ومن المحتمل أيضًا أن تكون له وظائف عسكرية ، لأن الجنرال الفارسي الذي عاش في الرها كان يحمل لقب nuhadra.
• — تم الحفاظ على النظام العام في المدينة من قبل حارس أو مراقب المدينة والذي كان يطلق عليه اسم ” geziraye “، وهو مصطلح ربما كان أيضًا من أصل إيراني ( بارثي )
و بعد كارثة فيضان العام 201 م ، أصدر الملك تعليماته بأن ينام بعض الـ geziraye على الجدران من أكتوبر إلى أبريل وهذا من أجل إعطاء إشعار باقتراب فيضانات الأنهار
• — كان هناك أيضًا مساحو مدن و خبراء آخرون، "حكماء" أو "رجال ذو معرفة في الإدارة المحلية، بالإضافة إلى عمال يعملون في صيانة المباني الملكية .
• — كما ان ملوك الرها عينوا من أطلق عليه اسم الـ "sharrire" وهم بمثابة المقربين من الملك و المفوضين منه احيانا للقيام بالمهمام كمسؤولية الحفاظ على الأرشيف الرسمي للمدينة.
? مسئولية الملك تجاه شعبه :
ان العلاقة الطيبة بين الملك والشعب و شعور الملك بالمسؤولية ربما لن تتجلى بصورة أوضح مما تجلت فيه بعد كارثة و فيضان العام 201 م ، حيث تذكر وقائع اديسا المسجلة وفاة أكثر من 2.000 شخص في تلك الكارثة التي سببها فيضان نهر المدينة ، تذكر الكتب أن الملك سارع بأصدر مرسوم يقضي بإعفاء سكان المدينة والقرى المجاورة من دفع الضرائب باعتبارهم متضررين من الكارثة وبدأ على الفور في مشروع إعادة إعمار واسع النطاق .
? وكنا سابقا قد تحدثنا عن مجتمع الرها و التركيبة السكانية فيه و الديموغرافيا هناك في منشور مستقل ، وان احببت الإطلاع فاليك الرابط :
https://www.facebook.com/share/p/63R...ibextid=oFDknk
? بل كتبنا حتى عن وضع المرأة هناك و عن الازياء الشعبية لهم ، كتبنا عن هذا في منشورات مستقلة يمكن أن تعود لها من خلال البحث في حسابي أن احببت الإطلاع أكثر .
? احداث ملوك مملكة الرها و علاقتهم بـ #روما و #بارثيا و موقعهم بين القوى الإقليمية المتنافسة على المنطقة:
1 • كانت بداية النفوذ الروماني في الشام والمنطقة قد تزامنت مع صعود الامبراطورية الأرمنية والتي ما لبثت أن سقطت على يد جيوش روما ، وفي خضم هذا الصراع ، تذكر الكتب مشاركة زعيم الرها ( غالبا ابجر الاول ) مع الامبراطور الارمني تيغران ضد الجيش الروماني في معركة تيغرانوسيرتا في العام 69 ق.م ، وقد مني معه بالهزيمة الساحقة .
2 • بعد تخلص روما من نفوذ تيغران في الشام والمنطقة و مع قيام الجنرال الروماني بومبيوس بإعادة تنظيم مستعمرة الشرق الى ولايات رومانية متمثلة بولاية سوريا و ممالك عميلة أو تعمل لصالح روما ، فقد كان واضحا ان مملكة الرها - بقيادة ابجر الثاني آنذاك - ، قررت أن توالي روما وتعمل لصالحها ، و ضمن الترتيب الذي أقره بومبيوس للمنطقة تم الإقرار بكون ابجر الثاني حاكما لـ الرها .
3 • وعلى الرغم من هذا ؛ فإنه بعد اعوام قليلة .. وتحديدا في العام 53 ق.م .. كان الملك ابجر الثاني نفسه مُتهما بالمساهمة في واحده من اكبر الحوادث الساحقة التي حلت بالجيش الروماني...!
حصل هذا في حملة الجنرال الروماني " ماركوس ليسينيوس #كراسوس " على بارثيا و التي انتهت بشكل مخزي و كارثي بالنسبة للجيش الروماني
كان كراسوس، العضو في الحكم الثلاثي الأول وأغنى رجل في روما، قد تم إغرائه من خلال احتمال المجد والثروات العسكرية، فقرر غزو فرثيا - و دون موافقة رسمية من مجلس الشيوخ - .
و بعد رفضه عرضًا من الملك الأرميني" أرتافاسديس الثاني " للسماح له بغزو فرثيا عبر أرمينيا ، سار كراسوس في جيشه مباشرة من سوريا عبر الجزيرة الفراتية ، و اشتبكت قواته مع قوات الجنرال الفرثي " سورينا " بالقرب من كارهاي ( سهل حران ) .
ومع أن عدد فرسان كراسوس كان يفوق عدد فرسان سورينا بشكل كبير، إلا أن سلاح الفرسان التابع لسورينا تفوق تمامًا على المشاة الرومانية الثقيلة، وقتل أو أسر معظم الجنود الرومان.
كما ان كراسوس نفسه قد قُتل مع ابنه عندما تحولت مفاوضات الهدنة إلى عنف.
،
• يصف المؤرخ بلوطرخس الدور الذي لعبه ابجر الثاني ( والذي يسميه بـ أريامنيس أو الزعيم العربي ) ، الدور الذي لعبه في الكارثة التي حلت على الجيش الروماني .. واليكم هذا نص بلوطرخس :
” جاء زعيم عربي، يُدعى أريامنيس، وهو رجل ماكر وخائن، وشخص أثبت أنه من بين كل الأذى الذي جمعه الحظ العاثر لتدمير الرومان كان أعظمهم وأكملهم.
وقد عرف بعض الجنود الذين خدموا تحت قيادة بومبي في هذه الأجزاء أن هذا الرجل استفاد من لطف ذلك القائد وكان ( اي كراسوس ) يُعتقد أنه صديق لروما؛
وقد حاول أن يشق طريقه إلى ثقة كراسوس، ليرى ما إذا كان بإمكانه إبعاده جانبًا قدر الإمكان عن النهر و السفوح ، و إسقاطه إلى أسفل سهل لا حدود له بحيث يمكن تطويقه.
وبناء على ذلك عند وصوله إلى كراسوس، أشاد البربري ( اي الأجنبي ) بالجنرال ببومبي باعتباره أحد المحسنين له كما و هنأ كراسوس على قواته ، لكنه انتقده بعد ذلك لإضاعة الوقت في التأخير والاستعدادات.
و بعد أن أقنع البربري كراسوس، قام بسحبه بعيدًا عن النهر وقاده عبر وسط السهل، و بطريقة كانت مناسبة وسهلة في البداية ولكنها سرعان ما أصبحت صعبة عندما ظهرت الرمال العميقة، و سهول ليس بها أشجار ولا ماء ولا حدود في أي مكان يمكن أن تصل إليه العين،
بحيث لم يستنزف العطش وصعوبات المسيرة الرجال فحسب، بل كان أيضًا كل ما يقع على أعينهم يملأهم بالاكتئاب ؛ لأنهم لم يروا أي نبات، ولا جدول، ولا نتوء تل منحدر، ولا عشبًا ينمو - ولكن فقط أمواجًا تشبه البحر من أكوام رمل الصحراء التي لا تعد ولا تحصى تحيط بالجيش.
وكان هذا في حد ذاته كافيا لإثارة الشكوك حول الخيانة.
كاسيوس... أساء إلى البربري سرًا و قال: «يا أحقر الناس، أي روح شرير أتت بك إلينا؟» « بأية مواد مخدرة وباية شعوذة أقنعت كراسوس بصب جيشه في هاوية الصحراء المتسعة و اتباع طريق أكثر ملاءمة لزعيم لصوص بدوي منه لإمبراطور روماني؟».
لكن البربري، الذي كان شخصًا ماكرًا، حاول تشجيعهم، وحثهم على التحمل لفترة أطول قليلاً؛ وبينما كان يجري بجانب الجنود ويقدم لهم مساعدته، كان يمازحهم ضاحكًا ويقول: «هل تعتقد أنك تسير عبر كامبانيا، مشتاقًا إلى ينابيعها وجداولها وظلالها وحماماتها (بالتأكيد) !) والحانات؟ لكن تذكر أنك تعبر الأرض على حدود آشور والعربية!
وهكذا لعب البربري دور المعلم مع الرومان، وهرب قبل أن يصبح خداعه واضحًا، ولكن ليس بدون علم كراسوس - حتى أنه أقنعه بأنه سيعمل لمصلحته ويربك نصائح أعدائه »
انتهى الاقتباس
رابط النص من كتاب بلوطرخس:
https://books.google.com/books?id=Xy...erator&f=false
— و يقول البروفيسور سيجال تعليقا على هذا :
” هل كان أبجر خائناََ لروما، أم أن نصيحته لـ كراسوس كانت حسنة النية ولكنها غير حكيمة، أو حتى أسيء فهمها..؟
يحكم المؤرخون المعاصرون على أبجر بشكل أقل قسوة من حكم بلوتارخ. فقد كان وضع ابجر بكل المقاييس، لا يحسد عليه.
تقع الرها في المجال السياسي و الثقافي لبارثيا. ولا بد أن أبجر كان يحترم قوة الرومان، وربما كان يشعر بالامتنان لبومبي ؛ لكن تعاطفه بلا شك كان يميل نحو البارثيين.
و ربما كان عار هزيمة كراسوس هي التي دفعت المؤرخين الرومان إلى عزوها إلى أسباب أخرى غير عدم كفاءة قائدهم.
مثل : شدة الظروف المحلية وغدر الحلفاء.
فهذه هي حججهم ولكنها غير مقنعة.
كما ان ريف حران لا يقدم في شهر مايو المظهر المزعج الذي وصفه بلوتارخ، ولا توجد قرى ونقاط مياه متباعدة .
وأخيراً قد توجد هناك أدلة تبرئ ابجر هذا تمامًا من الخيانة ، فمن السجل السرياني يبدو أنه كان هناك انقطاع في استمرارية ملوك الرها بين عام 53 قبل الميلاد وهو عام هزيمة كراسوس و52 قبل الميلاد. و ليس من المستحيل أن أبجر - بعيدًا عن كونه غدرًا كما يريد بلوتارخ أن نعتقد - قد ظل مخلصًا لحليفه الروماني ودفع ثمن صموده خسارة عرشه. “ انتهى
4 • وما يهم بعد كل هذا ، إن هزيمة كراسوس قد أعادت الهيمنة البارثية على الأراضي شرق الفرات.
5 • و قد مر قرن من الزمان قبل أن تظهر الرها مرة أخرى في التاريخ الروماني .. وفي عام 49 م، كان ملك الرها - وهو أبجر آخر - ( ابجر الخامس ) عضوا في الوفد الذي ذهب إلى زيوغما لاستقبال الامير الفرثي مهرداد ( وهو المرشح من قبل روما لعرش بارثيا )
ويقال ان أبجر - بشكل غير نزيه - كان يحتجز مهرداد يومًا بعد يوم في مدينة الرها. ويمكننا أن نفترض أنه قدم له وسائل ترفيه سخية، حيث أن الأمير البارثي كما يشير مؤرخنا كان "شابًا عديم الخبرة بدد الثروة بالتبذير .
و أخيرًا رافق أبجر مهرداد في حملته إلى الشرق، وقد القى الرومان باللوم على الملك الرهاوي ليس فقط في التأخير - كان فصل الشتاء قدا بدأ بالفعل - ، ولكن أيضًا في المسار غير المباشر الذي تم سلكه.
فقد مر مهرداد مع مرافقه عبر جبال أرمينيا وعبر أديابين. ولكن قبل أن يتمكن من اختبار قدراته في المعركة هجره ملك أديابين أولاً، ثم ملك الرها فتم هزيمته وأسره، وتم تشويهه على يد الملك البارثي غودارز (غوتارزيس).
يقول سيجال : ” و ربما كانت خيانة هذا الأبجر هي التي دفعت بلوتارخ، بعد ستين عامًا، إلى أن ينسب سلوكًا مشابهًا إلى الأبجر السابق...!!
اي أبغار من زمن كراسوس ، فإذا نظرنا من خلال عيون الرومان، فإن اسم أبجر الرها يمكن أن يُساوى بسهولة مع المماطلة و الازدواجية . “ انتهى
6 • وفي العام 114 م ، وصل الامبراطور الروماني تراجان إلى أنطاكية ليباشر الحملة التي كانت مقررة لإحداث التسوية النهائية للمقاطعات الشرقية.
فجاء إليه مبعوثو ملك الرها ( ابجر السابع ) بالهدايا و رسائل الصداقة ، و مبررين استسلام الملك المتأخر بسبب خوفه من البارثيين، على الرغم من أنه قبل خمس سنوات فقط - وفقًا لأحد المصادر - كان قد اشترى سيادة مملكته من الفرثيين مقابل مبلغ كبير من المال.
زار تراجان الرها، واستمتع مع الملك و الذي - كما قيل لنا - أحضر ابنه ليؤدي "رقصة بربرية".
إن ولاء أبجر، و هداياه الباهظة الثمن ( 25 حصانًا و فرسانًا، و دروعًا، وم خزنًا كبيرًا من السهام ) وتدخل ابنه الوسيم الذي أصبح المفضل لدى الإمبراطور، كل هذه العوامل مجتمعة حثت تراجان على استعادة الرها إلى سلطة روما .
كان زعيم Anthemusia المجاور أقل حظًا فقد هرب، و - بناءً على اقتراح أبجر - استولت القوات الرومانية على عاصمته باتناي ( Batnae ) وضمت أراضيه .
مع ذلك لم يكن أبجر لم يكن موثوقًا به ، وفي عام 116 عندما كان تراجان يستريح بعد غزوه لأديابين وقطسيفون، انضمت الرها إلى ثورة عامة في بلاد ما بين النهرين ؛ و تم ذبح الحاميات الرومانية أو طردها.
انتقم الرومان سريعًا و تم إرسال القائد ( Lucius Quietus ) لاستعادة النظام ، بدوره حاصر نصيبين واستولى عليها. تم انتشال الرها ودميرها بالنار والسيف، ويبدو أن ملكها قد هلك في الفوضى
7 • وبعد وفاة تراجان عام 117، تخلى خليفته هادريان عن معظم فتوحات روما شرق الفرات .
8 • و يبدو ان عرش الرها ظل شاغرًا لمدة عامين، قم تم تعيين أمير بارثي، يدعى " Parthamaspatès " حاكما على الرها ، وهذا الأمير كان قد رفعه الرومان إلى عرش بارثيا لكن المواطنين هناك رفضوه بطبيعة الحال ، فتم تعويضه بحكم الرها أو أسروينا كما كانت تسمى .
9 • ولكن في عام 123 م كانت السلالة المحلية قد استعادت مكانتها في الرها مع اعتلاء الملك معنو ( معن السابع ) ..
10 • و بعد جيل واحد، و في وقت مبكر من عهد الإمبراطور ماركوس أوريليوس ، استأنف البارثيون هجومهم ضد روما ..
و ملك الرها ( معن الثامن ) تم استبداله بـ ( وائل بر سهرو = وائل بن شهر ) وهذا الاخير ضرب العملات المعدنية مع صورة ملك فرثيا [ 163–165 م ]
عبر البارثيون نهر الفرات إلى سوريا
و لجأ معن الثامن إلى المعسكر الروماني، لكن عودته لم تتأخر طويلاً.
ففي عام 165 حاصر الجنرال الروماني السوري أفيديوس كاسيوس الرها ؛ فذبح مواطنوها الحامية البارثية واعترفوا بالرومان.
11 • وبموجب معاهدة سلام في العام التالي، أصبح حاكم أسروينا ( الرها ) عميلاً لروما ؛ تمت استعادة مانو بلقب فيلورومايوس Philorhomaios ( اي صديق الرومان ) .
12 • أتى بعد معن الثامن ابنه ( ابجر الثامن أو العظيم )
13 • وبعد ثلاثين عامًا كان ملك الرها ( ابجر ) يشتبك مرة أخرى مع روما .. وقد حصل هذا في خضم احداث الصراع بين الامبراطور ( سيبتيموس سيفيروس )، و منافسه (بيشينيوس نيجر)
و سرعان ما تمكن سيفيروس من هزيمة أبجر وحلفائه ، و لفترة من الوقت قام بتعيين وكيل مسؤول عن أسروينا. ولكن سرعان ما أعاد العرش إلى أبجر. و تصالح أبجر تمامًا مع سيبتيموس سيفيروس ، وفي عرض إضافي للولاء اتخذ أبجر الثامن الاسم اللاتيني ” لوسيوس إيليوس أوريليوس سيبتيموس “ .
• عبر البارثيون نهر دجلة وحاصروا نصيبين ، لكن أبجر، الذي تبنى الاسم الروماني " لوسيوس إيليوس أوريليوس سيبتيموس "، عرض خدمات رماته المهرة على روما و وقف الى جانبها .. أعلن سيفيروس، بعد هزيمة البارثيين في حملة سهلة في 197-198، مرة أخرى أن أسروينا دولة عميلة، واعترف بسلطة أبجر عليها.
كما دعا أبجر لزيارة روما ، و كان استقبال ملك الرها هناك - كما يقول مؤرخ روماني - هو أكثر فخامة يتم منحها لحاكم أجنبي منذ أن استقبل نيرون تيريداتس من أرمينيا في عام 66 م.
ومن المؤكد أن رحلة أبجر تمت بعد عام 204 عندما عاد الإمبراطور إلى وطنه .
14 • توفي أبجر الكبير على الأرجح عام 212 وخلفه ابنه أبجر سيفيروس ( ابجر التاسع وقد اتخذ بلا شك اسم سيفيروس كمجاملة للإمبراطور )، لكن استقلال الرها كان يقترب من نهايته.
? سقوط مملكة الرها
15 • أرسل الامبراطور الروماني " كاراكلا " - و الذي كان يستعد لحملته ضد بارثيا - دعوة ودية إلى ملك الرها لزيارته، ، وعندما وصل الملك تم القبض عليه وخلعه بحجة أنه أساء معاملة الرعايا..!
وأصدر كاراكلا الأوامر بقتل ابجر التاسع وابنه
و في 213-214 - ربما في يناير 214 -
أُعلنت الرها ولاية رومانية
وانتهى استقلالها فعليا على يد كاراكلا .
( من سخرية القدر أن كاركلا نفسه قد اغتيل لاحقا في ربيع 217 وفي سهل حران الذي يقع جنوبي مدينة الرها مباشرة )
16 • أحداث السنوات التالية غامضة .. تُظهر عملات الرها إنها استخدمت ألقاب عدة. ومع ذلك، وفقًا للتاريخ السرياني، فإن الملك معنو التاسع ( معن التاسع ) حكم لمدة ستة وعشرين عامًا حتى عام 240؛ و على الارجح أنه كان ملكًا بالاسم فقط وبدون صلاحيات فعالة.
17 • و يبدو أن معنو ذاك. قد خلفه أبجر ( ابجر العاشر ) والذي ربما كان مثل سلفه الاخير - ملكا بالاسم - وفي ظروف سياسية اسوء
• في مايو 243 كانت المدينة تدار من قبل مقيم روماني واثنين من الحكام العسكريين ”strategoi“ ... ويبدو أن الملك أبجر قد انسحب إلى روما مع زوجته. و انتهت الملكية بعد حوالي 375 سنة
? الخلاصة :
تأسست مملكة الرها عندما انسحب السلوقيون إلى غرب الفرات، تاركين بلاد ما بين النهرين لصالح البارثيين؛ وانتهى الأمر عندما فرضت روما حكمها المباشر على المقاطعات الشرقية.
كان بإمكان الرها الحفاظ على نفسها أكثر تحت سيادة بارثيا وهي السيادة الفاترة مقارنة بسيادة روما ، أو حتى عندما كانت روما راضية بممارسة هيمنة غير مباشرة فقط..
ولكن على اي حال فلا يمكنها النجاة من صراع مفتوح مع قوى كبرى.
ومع ذلك فإن استمرار حكم أسرة الرها 375 عاماً يعد رقماً قياسياً رائعاً في منطقة معرضة للشقاق والعنف و في فترة مضطربة من التاريخ.
إن الملوك الذين قاموا بهذا العمل الفذ من فن الحكم المرن يستحقون اهتمامنا و احترامنا حقا .
انتهى ?