أفلام من السينما الإسپانية
أليسا و مارسيلا
Elisa and Marcela
هادي ياسين
ما أن اكتمل انتاج هذا الفيلم الإسپاني ( أليسا و مارسيلا ) في شهر فبراير / شباط 2019 ، حتى تم اختياره للمنافسة على جائزة ( الدب الذهبي ) لمهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته التاسعة و الستين التي انعقدت في شهر فبراير ذاته . و الفيلم من إخراج المخرجة الإسپانية ، غزيرة الإنتاج ، " إيزابيل كويكسيت " ، المولودة في كاتالونيا عام 1960 ، و هي التي كتبت سيناريو الفيلم ، بالتعاون مع الأستاذ في جامعة ( كورونيا ) الإسبانية " نارسيسو دي گابرييل " ، الذي ألف كتاباً عن ( أليسا و مارسيلا ) ، و ذلك اعتماداً على قصة حقيقية .
لقد تُوّجت هذه القصة ، ( الخطيرة ) حينها ، بواقعة تسجيل أول عقد زواج بين مثليتين في إسپانيا ، هما " مارسيلا غراسيا ايبس " و " أليسا سانشيز لوريغا " ، و ذلك في 8 يونيو / حزيران 1901 ، بعد أن ظلت العلاقة بينهما سرية ً لعدة سنوات .
الواقع ، إن المثليين موجودون منذ القدم ، ولكنهم كانوا منبوذين إجتماعياً عُرفاً ، و محتقرين من قبل الديانات شرعاً ، و مُلاحقين قانونياً لدى السلطات في الدول ، و لم يتم الإعتراف بهم إلا عام 1994 عندما أُقيم أول احتفال بشهر المثليين في الولايات المتحدة ، أما أول اعتراف بزواج المثليين قانونياً فقد تم في هولندا عام 2001 ثم تبعتها جميع الدول الأوربية ، بما فيها إسپانيا التي أقرت مثل هذا القانون عام 2005 . لذلك فأن واقعة تسجيل زواج " أليسا " و مارسيلا " عام 1901 إنما سُجلت كحادثة تاريخية غير مسبوقة . هذه الحادثة التقطتها المخرجة " ايزابيل كويكسيت " لتحولها الى هذا الفيلم المثير .
بدأت الحكاية عام 1889 ، و لا أحد من الأحياء الآن يعرف تفاصيلها بالتأكيد ، ولكن السيناريو جعلها تبدأ من يوم ممطر ، تذهب فيه " مارسيلا " الى المدرسة بدون مظلة ( لعبت دورها الممثلة الإسپانية " گريتا فرنانديز " ) و هذه المدرسة هي لتأهيل المُعلمات ، تديرها راهبات كاثوليكيات ، إحداهن هي عمة " اليسا " لعبت دورها الممثلةالإسپانية " ناتاليا دي مولينا " ) ، و ستلتقي " أليسا " بـ " مارسيلا " منذ لحظة دخولها مبللة ً بالمطر ، فتأخذها لتجفف ملابسها ، و منذ تلك اللحظة تتشكل بينهما مودة ، و هذه المودة ستتعمق شيئاً فشيئاً لتتحول الى عشق لا فكاك منه ، محفوظ بالسرية التامة و محفوف بالخطر وسط مجتمع كاثوليكي محافظ ، خصوصاً و أن الكاثوليكية الإسبانية هي سليلة محاكم التفتيش التي أسسها البابا " گريگوري التاسع " و نشطت في القرنين الخامس عشر و السادس عشر فأذاقت الناس الويلَ بسبب تشددها الديني .
المطر ، كان سبباً معقولاً و مقبولاً في السيناريو كمدخلٍ للتعارف بين الفتاتين ، ولكن ما هو غير مبرر تشكيل تلك العلاقة العشقية بينهما بسرعة ــ حسب الفيلم ــ و التي كانت " أليسا " هي التى تسعى اليها بلهفة مفضوحة أمامنا نحن المشاهدين ، ولكن يبدو أن المخرجة أرادت أن تكون " أليسا " هكذا في القصة ، كما أن الأعذار التي كانت تختلقها للقاء بـ " مارسيلا " بدت كما لو كانت صبيانية ، و تلك مسؤولية كاتبي السيناريو اللذين لم يحبكاها جيداً . ولكن كان واضحاً أن لهفة " أليسا " و توقها الى لقاء " مارسيلا " يكادان يفقدانها توازنها الداخلي .. غير أنها كانت تتمظهر بالثبات .
من الممكن أن نفسر سبب اندفاع " أليسا " بأن هرموناتها الجنسية تنطوي على شهوة ذكورية عالية لا تتوافق مع كونها مخلوقة كـ ( أنثى ) حسب نظرة المجتمع اليها من الناحية البايولوجية ، و هو مجتمع كاثوليكي لا يتسامح مطلقاً مع الخارج على تعاليم الرب و قوانين الطبيعة . بالمقابل فأن " مارسيلا " عطشى الى حنان حقيقي تفتقده منذ طفولتها ، فهي تخبر " أليسا " أنها عاشت في ملجأ أيتام حتى صار عمرها 10 سنوات ، و كانت تتناول الحساء المخفف بالماء المليء بالعناكب الميتة مع نحو أربعين آخرين في الملجأ ، ثم فجأةً ظهر لها والدان ، و هي لا تعرفهما ، و عاشت في كنفهما دون أن تشعر أنهما والداها ، خصوصاً و أن الأب كان جافاً معها ، و لم يعانقاها يوماً .. كما تقول .
فما أن وقعت عينا " أليسا " على " مارسيلا " الرقيقة ، و هي مبللة و في حالة ضَعف ، حتى وجدت فيها طريدتها المنشودة و النبع الأنثوي الذي يروي عطشها الذكوري . و في أحد أحاديثهما تقول " أليسا " في حركة مسرحية غير مُتقنة : ( أفضّل أن أفعل أيَّ شيء إلا الزواج من رجل .. أيَّ شيء ) ، و في ذلك إشارة ٌ مبطنة الى مثليتها .
منذ الانطلاقة الأولى للسينما عام 1895 ، شهدت هذه الصناعة محاولات عديدة لتطوير تقنياتها ، و منها تلوين الفيلم ، فنجحت أول محاولة على يد المصور الضوئي الإنجليزي " جي . أي . سميث " عام 1907 ، ثم تلتها محاولات عديدة خلال السنوات اللاحقة في تاريخ السينما ، حتى جاء عام 1939 ، فظهر الفيلم الأسطوري ( ذهب مع الريح ) ، و فيلم ( ساحرة وز ) ، بالألوان الكاملة . و بهذه الانتقالة أُدرِجت الأفلام التي بالأبيض و الأسود في خانة ( الأفلام الكلاسيكية ) ، و باتت صناعتها جزءاً من تاريخ صناعة السينما ، ولكن العيون الحساسة لم تهجر جمالية تلك الأفلام ، فعاد بعض المخرجين بين فترة و أخرى الى هذا النوع من الأفلام ، فقدموا تجارب ناجحة ، بل مذهلة ، نذكر منها ــ على المدى القريب ــ الفيلم الفرنسي ( الفنان ـ The Artist ) ، للمخرج " ميشيل نازيافيسنوس " ، و الذي فاز بعدة جوائز أوسكار عام 2012 ، منها جائزة أفضل فيلم ، و أفضل مخرج ، و أفضل ممثل في دور رئيسي لـ " جان دوجاران " ، و قبلها فاز بجائزة ( جمعية نقاد البث السينمائي ) و جائزة الأكاديمية الملكية البريطانية للفنون ( بافتا ) و جائزة گولدن گلوب . و كذلك فيلم ( حربٌ باردة Cold War ) ، الذي ترشح لثلاث جوائز أوسكار عام 2019 للمخرج البولندي " بافل بافليكوفسكي".
و جاءت الإسبانية " ايزابيل كويكسيت " لتقدم فيلمها ( أليسا و مارسيلا ) باللونين الأبيض و الأسود أيضاً ، و أحسب أن تلك كانت خطوة ذكية أقدمت عليها المخرجة ، فجاء شكل الفيلم متناسقاً مع مضمونه . و قدمت كاميرا " جنيفر كوكس " صوراً عريضة ً صافية ، ابتداءً من اللقطة الأولى و حتى نهاية الفيلم الذي استغرق ساعة و 53 دقيقة .
تبدأ القصة الحقيقية للفيلم عام 1889 عندما تلتقي " أليسا " و " مارسيلا " في مدرسة تأهيل المعلمات . أما الفيلم فيبدأ من الأرجنتين عام 1925 ، بلقطة عريضةٍ ، بعيدةٍ ، جميلة ، لقطارٍ قديمٍ يتهادى بعرباته الخشبية ، و فيه فتاةٌ جاءت من بعيد ، بحثاً عن جواب للسؤال الذي كان يؤرّقها و هي تردد مع نفسها :
( على قَدْر ما أتذكر ،
كانت طفولتي سعيدة .
ولكنني كبرتُ
و عندئذٍ بدأتِ الأسئلة
و مع الأسئلة جاءت المعاناة:
من أنا ؟
من أين جئتُ ؟
ما هي قصتي ؟
مَن هاتان المرأتان
اللتان كان اسماهما يُـنطقان دائماً بصوتٍ منخفض
حين كانتا تحسبان أنني لا أسمع ؟
من هما ؟ )
و من القطار توصلها فلاحةٌ بعربتها التي يجرها حصانان ، و تشير الى الكوخ الذي تسكن فيه المرأة التي جاءت الفتاة قاصدةً إياها ، و المرأة أصبح شعرها رمادياً و قد هرمت . إنها أمها ( مارسيلا ) ، و التي يبدو أنها حملت بها من الحطّاب " أندريس " ، و كانت قد تخلت عنها و هربت مع " أليسا " الى الأرجنتين عام 1902 بعد أن افتضح أمرهما و سُجنتا لمدة عام . و الآن و قد أصبح عمر الفتاة 24 عاماً ، جاءت الى أمها لتحكي لها القصة كما حصلت ، حسب رؤية الفيلم ، أي أن الفيلم اعتمد صيغة الإستذكار و رواية ما حصل في الماضي و تجسيده في الحاضر ، و هو ما يُسمى في السينما بـ ( فلاش باك ـflash back ) ، فتتحدث الأم عن ( كل شيء ) كما أرادت إبنتها " آنا " التي مثلت دورها الممثلة " سارة كاساسنوفاس" .
و تستغل المخرجة الـ ( كل شيء ) لتـُطعِّمَ الفيلم بمشهدٍ جنسي حميم جداً ، بين " أليسا " و " مارسيلا " لتؤكد خصوصية الفيلم ، و هذا المشهد لا يذكرنا بمشاهد الأفلام الإباحية الرخيصة ، بل بأفلامٍ من نمط فيلم المخرج التونسي / الفرنسي " عبداللطيف كشيش" ( Blue Is the Warmest Color ) الذي خطف جائزة السعفة الذهبية من مهرجان ( كان ) السينمائي الدولي عام 2013 . و فيه تظهر الفتاتان عاريتين تماماً في الفراش و هما تمارسان السحاق في مشهدٍ كامل حتى بلوغ الذروة .
فيلم ( أليسا و مارسيلا ) لم ينل جائزة الدب الذهبي من مهرجان برلين السينمائي الدولي ، ولكنه سيبقى علامة مميزة في سجل المخرجة و سجل السينما الإسبانية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليكم رابط الفيلم :
https://ok.ru/video/2792313260668
عن سينما العالم
أليسا و مارسيلا
Elisa and Marcela
هادي ياسين
ما أن اكتمل انتاج هذا الفيلم الإسپاني ( أليسا و مارسيلا ) في شهر فبراير / شباط 2019 ، حتى تم اختياره للمنافسة على جائزة ( الدب الذهبي ) لمهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته التاسعة و الستين التي انعقدت في شهر فبراير ذاته . و الفيلم من إخراج المخرجة الإسپانية ، غزيرة الإنتاج ، " إيزابيل كويكسيت " ، المولودة في كاتالونيا عام 1960 ، و هي التي كتبت سيناريو الفيلم ، بالتعاون مع الأستاذ في جامعة ( كورونيا ) الإسبانية " نارسيسو دي گابرييل " ، الذي ألف كتاباً عن ( أليسا و مارسيلا ) ، و ذلك اعتماداً على قصة حقيقية .
لقد تُوّجت هذه القصة ، ( الخطيرة ) حينها ، بواقعة تسجيل أول عقد زواج بين مثليتين في إسپانيا ، هما " مارسيلا غراسيا ايبس " و " أليسا سانشيز لوريغا " ، و ذلك في 8 يونيو / حزيران 1901 ، بعد أن ظلت العلاقة بينهما سرية ً لعدة سنوات .
الواقع ، إن المثليين موجودون منذ القدم ، ولكنهم كانوا منبوذين إجتماعياً عُرفاً ، و محتقرين من قبل الديانات شرعاً ، و مُلاحقين قانونياً لدى السلطات في الدول ، و لم يتم الإعتراف بهم إلا عام 1994 عندما أُقيم أول احتفال بشهر المثليين في الولايات المتحدة ، أما أول اعتراف بزواج المثليين قانونياً فقد تم في هولندا عام 2001 ثم تبعتها جميع الدول الأوربية ، بما فيها إسپانيا التي أقرت مثل هذا القانون عام 2005 . لذلك فأن واقعة تسجيل زواج " أليسا " و مارسيلا " عام 1901 إنما سُجلت كحادثة تاريخية غير مسبوقة . هذه الحادثة التقطتها المخرجة " ايزابيل كويكسيت " لتحولها الى هذا الفيلم المثير .
بدأت الحكاية عام 1889 ، و لا أحد من الأحياء الآن يعرف تفاصيلها بالتأكيد ، ولكن السيناريو جعلها تبدأ من يوم ممطر ، تذهب فيه " مارسيلا " الى المدرسة بدون مظلة ( لعبت دورها الممثلة الإسپانية " گريتا فرنانديز " ) و هذه المدرسة هي لتأهيل المُعلمات ، تديرها راهبات كاثوليكيات ، إحداهن هي عمة " اليسا " لعبت دورها الممثلةالإسپانية " ناتاليا دي مولينا " ) ، و ستلتقي " أليسا " بـ " مارسيلا " منذ لحظة دخولها مبللة ً بالمطر ، فتأخذها لتجفف ملابسها ، و منذ تلك اللحظة تتشكل بينهما مودة ، و هذه المودة ستتعمق شيئاً فشيئاً لتتحول الى عشق لا فكاك منه ، محفوظ بالسرية التامة و محفوف بالخطر وسط مجتمع كاثوليكي محافظ ، خصوصاً و أن الكاثوليكية الإسبانية هي سليلة محاكم التفتيش التي أسسها البابا " گريگوري التاسع " و نشطت في القرنين الخامس عشر و السادس عشر فأذاقت الناس الويلَ بسبب تشددها الديني .
المطر ، كان سبباً معقولاً و مقبولاً في السيناريو كمدخلٍ للتعارف بين الفتاتين ، ولكن ما هو غير مبرر تشكيل تلك العلاقة العشقية بينهما بسرعة ــ حسب الفيلم ــ و التي كانت " أليسا " هي التى تسعى اليها بلهفة مفضوحة أمامنا نحن المشاهدين ، ولكن يبدو أن المخرجة أرادت أن تكون " أليسا " هكذا في القصة ، كما أن الأعذار التي كانت تختلقها للقاء بـ " مارسيلا " بدت كما لو كانت صبيانية ، و تلك مسؤولية كاتبي السيناريو اللذين لم يحبكاها جيداً . ولكن كان واضحاً أن لهفة " أليسا " و توقها الى لقاء " مارسيلا " يكادان يفقدانها توازنها الداخلي .. غير أنها كانت تتمظهر بالثبات .
من الممكن أن نفسر سبب اندفاع " أليسا " بأن هرموناتها الجنسية تنطوي على شهوة ذكورية عالية لا تتوافق مع كونها مخلوقة كـ ( أنثى ) حسب نظرة المجتمع اليها من الناحية البايولوجية ، و هو مجتمع كاثوليكي لا يتسامح مطلقاً مع الخارج على تعاليم الرب و قوانين الطبيعة . بالمقابل فأن " مارسيلا " عطشى الى حنان حقيقي تفتقده منذ طفولتها ، فهي تخبر " أليسا " أنها عاشت في ملجأ أيتام حتى صار عمرها 10 سنوات ، و كانت تتناول الحساء المخفف بالماء المليء بالعناكب الميتة مع نحو أربعين آخرين في الملجأ ، ثم فجأةً ظهر لها والدان ، و هي لا تعرفهما ، و عاشت في كنفهما دون أن تشعر أنهما والداها ، خصوصاً و أن الأب كان جافاً معها ، و لم يعانقاها يوماً .. كما تقول .
فما أن وقعت عينا " أليسا " على " مارسيلا " الرقيقة ، و هي مبللة و في حالة ضَعف ، حتى وجدت فيها طريدتها المنشودة و النبع الأنثوي الذي يروي عطشها الذكوري . و في أحد أحاديثهما تقول " أليسا " في حركة مسرحية غير مُتقنة : ( أفضّل أن أفعل أيَّ شيء إلا الزواج من رجل .. أيَّ شيء ) ، و في ذلك إشارة ٌ مبطنة الى مثليتها .
منذ الانطلاقة الأولى للسينما عام 1895 ، شهدت هذه الصناعة محاولات عديدة لتطوير تقنياتها ، و منها تلوين الفيلم ، فنجحت أول محاولة على يد المصور الضوئي الإنجليزي " جي . أي . سميث " عام 1907 ، ثم تلتها محاولات عديدة خلال السنوات اللاحقة في تاريخ السينما ، حتى جاء عام 1939 ، فظهر الفيلم الأسطوري ( ذهب مع الريح ) ، و فيلم ( ساحرة وز ) ، بالألوان الكاملة . و بهذه الانتقالة أُدرِجت الأفلام التي بالأبيض و الأسود في خانة ( الأفلام الكلاسيكية ) ، و باتت صناعتها جزءاً من تاريخ صناعة السينما ، ولكن العيون الحساسة لم تهجر جمالية تلك الأفلام ، فعاد بعض المخرجين بين فترة و أخرى الى هذا النوع من الأفلام ، فقدموا تجارب ناجحة ، بل مذهلة ، نذكر منها ــ على المدى القريب ــ الفيلم الفرنسي ( الفنان ـ The Artist ) ، للمخرج " ميشيل نازيافيسنوس " ، و الذي فاز بعدة جوائز أوسكار عام 2012 ، منها جائزة أفضل فيلم ، و أفضل مخرج ، و أفضل ممثل في دور رئيسي لـ " جان دوجاران " ، و قبلها فاز بجائزة ( جمعية نقاد البث السينمائي ) و جائزة الأكاديمية الملكية البريطانية للفنون ( بافتا ) و جائزة گولدن گلوب . و كذلك فيلم ( حربٌ باردة Cold War ) ، الذي ترشح لثلاث جوائز أوسكار عام 2019 للمخرج البولندي " بافل بافليكوفسكي".
و جاءت الإسبانية " ايزابيل كويكسيت " لتقدم فيلمها ( أليسا و مارسيلا ) باللونين الأبيض و الأسود أيضاً ، و أحسب أن تلك كانت خطوة ذكية أقدمت عليها المخرجة ، فجاء شكل الفيلم متناسقاً مع مضمونه . و قدمت كاميرا " جنيفر كوكس " صوراً عريضة ً صافية ، ابتداءً من اللقطة الأولى و حتى نهاية الفيلم الذي استغرق ساعة و 53 دقيقة .
تبدأ القصة الحقيقية للفيلم عام 1889 عندما تلتقي " أليسا " و " مارسيلا " في مدرسة تأهيل المعلمات . أما الفيلم فيبدأ من الأرجنتين عام 1925 ، بلقطة عريضةٍ ، بعيدةٍ ، جميلة ، لقطارٍ قديمٍ يتهادى بعرباته الخشبية ، و فيه فتاةٌ جاءت من بعيد ، بحثاً عن جواب للسؤال الذي كان يؤرّقها و هي تردد مع نفسها :
( على قَدْر ما أتذكر ،
كانت طفولتي سعيدة .
ولكنني كبرتُ
و عندئذٍ بدأتِ الأسئلة
و مع الأسئلة جاءت المعاناة:
من أنا ؟
من أين جئتُ ؟
ما هي قصتي ؟
مَن هاتان المرأتان
اللتان كان اسماهما يُـنطقان دائماً بصوتٍ منخفض
حين كانتا تحسبان أنني لا أسمع ؟
من هما ؟ )
و من القطار توصلها فلاحةٌ بعربتها التي يجرها حصانان ، و تشير الى الكوخ الذي تسكن فيه المرأة التي جاءت الفتاة قاصدةً إياها ، و المرأة أصبح شعرها رمادياً و قد هرمت . إنها أمها ( مارسيلا ) ، و التي يبدو أنها حملت بها من الحطّاب " أندريس " ، و كانت قد تخلت عنها و هربت مع " أليسا " الى الأرجنتين عام 1902 بعد أن افتضح أمرهما و سُجنتا لمدة عام . و الآن و قد أصبح عمر الفتاة 24 عاماً ، جاءت الى أمها لتحكي لها القصة كما حصلت ، حسب رؤية الفيلم ، أي أن الفيلم اعتمد صيغة الإستذكار و رواية ما حصل في الماضي و تجسيده في الحاضر ، و هو ما يُسمى في السينما بـ ( فلاش باك ـflash back ) ، فتتحدث الأم عن ( كل شيء ) كما أرادت إبنتها " آنا " التي مثلت دورها الممثلة " سارة كاساسنوفاس" .
و تستغل المخرجة الـ ( كل شيء ) لتـُطعِّمَ الفيلم بمشهدٍ جنسي حميم جداً ، بين " أليسا " و " مارسيلا " لتؤكد خصوصية الفيلم ، و هذا المشهد لا يذكرنا بمشاهد الأفلام الإباحية الرخيصة ، بل بأفلامٍ من نمط فيلم المخرج التونسي / الفرنسي " عبداللطيف كشيش" ( Blue Is the Warmest Color ) الذي خطف جائزة السعفة الذهبية من مهرجان ( كان ) السينمائي الدولي عام 2013 . و فيه تظهر الفتاتان عاريتين تماماً في الفراش و هما تمارسان السحاق في مشهدٍ كامل حتى بلوغ الذروة .
فيلم ( أليسا و مارسيلا ) لم ينل جائزة الدب الذهبي من مهرجان برلين السينمائي الدولي ، ولكنه سيبقى علامة مميزة في سجل المخرجة و سجل السينما الإسبانية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليكم رابط الفيلم :
https://ok.ru/video/2792313260668
عن سينما العالم