30/4/2024
تناولت رسومات الموزاييك المعالم الدينية والأثرية بسوريا مثل الجامع الأموي بدمشق (الجزيرة)
الموزاييك الدمشقي.. حرفة عريقة تحتضر تحت أنظارنا
تناولت رسومات الموزاييك المعالم الدينية والأثرية بسوريا مثل الجامع الأموي بدمشق (الجزيرة)
الموزاييك مصطلح لاتيني، يطلق على فن تطعيم الخشب، والحفر عليه، وإنه فن يدوي شامي أصيل، ارتبطت به كثير من أنماط العمارة الشامية من قصور وحمامات ومساجد ومكتبات عامة، وبيوت خاصة، ويقال إنه «عميد» جميع الفنون اليدوية، التي تعتمد على زخرفة الخشب؛ لإنتاج أعمال متنوعة للعرض والزينة.
فن الموزاييك اليدوي من أقدم الحرف السورية، والدمشقية بصورة خاصة. وعرف الدمشقيون صناعة الموازييك منذ مطلع القرن التاسع عشر عبر التنوع الكبير في المنتوجات الخشبية مزخرفة، والمطعمة بالفضة والصدف والعظم، وبات الموزاييك سفيراً لسورية في دولة العالم، لكنها اليوم تشهد تراجعا حادا بسبب هجرة الحرفيين بعد الحرب، وارتفاع تكاليف صناعتها، وصعوبة تصديرها أو تأسيس مشاغلها خارج سورية.
الموزاييك ابتكار دمشقي انتشر قبل 500 سنة من خلال عدد من أسر دمشق، والتي عملت في مجال الحرف اليدوية، ومنها آل النعسان. ولكن حسب المصادر التاريخية الحديثة، فإن الفنان جرجي بيطار، هو مؤسس فن الموزاييك الدمشقي في شكله الحديث، وقد ولد جرجي بيطار عام 1840 في الحارة الجوانية في منطقة باب توما في دمشق، وينتمي إلى عائلة امتهنت البيطرة حرفة لها.
حاول والده جبرائيل أن يعلمه مهنة الأجداد، لكنه كان ميالا إلى النجارة، حيث كان يتردد إلى سوق النجارين، ويبتاع عدتها لإصلاح الأبواب والشبابيك. ولما تحقق والده من نجاحه الباهر في تلك الصناعة، افتتح له حانوتا صغيرا في الحارة الجوانية.
وفي عام 1869م، صنع البيطار أول قطعة "موزاييك"، وذلك بجمع قضبان من الخشب الملون طبيعيا ذات مقطع مثلث أو مربع، ثم قصها على شكل رقائق، ولصقها على المصنوعات الخشبية بالغراء الطبيعي. وأسس مركزا لفن التطعيم بالخشب «منجور الموزاييك» الذي ابتكره. وراح يصنع أصناف الأثاث البديع الفاخر والقطع الفنية الجميلة التي تمثل الإبداع الإنساني والعراقة السورية والفن الدمشقي الخالص. وقد نشأت الفكرة عام 1860 لما رأى شجرة ليمون يابسة في باحة دير الآباء الفرنسيسكان، فنشرها قطعا، وفصلها، وحفر لوحا من الجوز الغامق، ونزل فيه عروقا وزهورا مختلفة بأشكال هندسية دقيقة.
عمل جرجي بيطار، حتى نهاية حياته، في أصالة الفن وإتقانه، فتعلم منه عدد كبير من العمال، وتخرج في مدرسته تلامذة مشهورون دربوا بدورهم عشرات الحرفيين الدمشقيين، حتى بلغ عدد العاملين في صناعة الموزاييك بين عامي 1920 و1940 أكثر من 1000 شخص. وهؤلاء فتحوا حوانيت، وورشا، وعلموا ودربوا عشرات الحرفيين في هذه الصناعة الدمشقية، ونذكر منهم: الياس اسطفان، وأنطون بييت، وجرجي شنيارة، ويوسف حوش، وأنطون فرنسا، وجرجي تباز، وفرنسيس أشقر، وميشال طعمة الذي نقل ورشته إلى بيروت عام 1860.
وشارك جرجي بيطار عام 1891 في معرض فيينا لتمثيل الصناعة الدمشقية، وشغفه بالموزاييك جعله يخرج هذه الحرفة الشامية من حارته في «باب توما»، لتصل أعماله إلى غالبية دول العالم، حتى دخلت مقر الأمم المتحدة. وفي عام 1908م، توجه بيطار بعدئذ إلى روما، حاملا معه الخزانة المهداة إلى البابا بيوس العاشر لتكون أجمل هدية في الفاتيكان، وكما أهدى طاولة من الخشب المطعم بالصدف والموزاييك لمقر الأمم المتحدة.
في عام 1895م، استدعاه والي دمشق العثماني سعيد باشا، لإرسال هدية نفيسة إلى السلطان العثماني عبد الحميد الثاني لمناسبة المعرض الصناعي في إستانبول. فصنع 50 قطعة فنية من خزائن ومكاتب وكراس، وأشرف بنفسه على إيصالها إلى إستانبول، فوصلت إليها، وقد نالت إعجاب السلطان، فنقده مبلغا وافرا من أجل مشاريعه الخيرية، وقلده وسام المجيدي الخامس، وميدالية الافتخار الفضية، وهي بمنزلة براءة اختراع اليوم.
وانتشر الموزاييك بفضل جمهرة من حرفيي دمشق العاملين في مجال الزخرفة والنجارة والحفر على الخشب، وتخصص بعضهم بفن الموزاييك فقط، مثل أسرتي ألماظ وقنيني، وتركزت ورش هؤلاء في حارات دمشق القديمة؛ كالعمارة ومئذنة الشحم والقيمرية، وكما انتشرت الورش في بيروت والقدس وحلب.
تناولت رسومات الموزاييك المعالم الدينية والأثرية بسوريا مثل الجامع الأموي بدمشق (الجزيرة)
الموزاييك الدمشقي.. حرفة عريقة تحتضر تحت أنظارنا
تناولت رسومات الموزاييك المعالم الدينية والأثرية بسوريا مثل الجامع الأموي بدمشق (الجزيرة)
الموزاييك مصطلح لاتيني، يطلق على فن تطعيم الخشب، والحفر عليه، وإنه فن يدوي شامي أصيل، ارتبطت به كثير من أنماط العمارة الشامية من قصور وحمامات ومساجد ومكتبات عامة، وبيوت خاصة، ويقال إنه «عميد» جميع الفنون اليدوية، التي تعتمد على زخرفة الخشب؛ لإنتاج أعمال متنوعة للعرض والزينة.
في عام 1869م، صنع البيطار أول قطعة "موزاييك"، وذلك بجمع قضبان من الخشب الملون طبيعيا ذات مقطع مثلث أو مربع، ثم قصها على شكل رقائق، ولصقها على المصنوعات الخشبية بالغراء الطبيعي.
الموزاييك الدمشقي: تاريخ وعراقةفن الموزاييك اليدوي من أقدم الحرف السورية، والدمشقية بصورة خاصة. وعرف الدمشقيون صناعة الموازييك منذ مطلع القرن التاسع عشر عبر التنوع الكبير في المنتوجات الخشبية مزخرفة، والمطعمة بالفضة والصدف والعظم، وبات الموزاييك سفيراً لسورية في دولة العالم، لكنها اليوم تشهد تراجعا حادا بسبب هجرة الحرفيين بعد الحرب، وارتفاع تكاليف صناعتها، وصعوبة تصديرها أو تأسيس مشاغلها خارج سورية.
الموزاييك ابتكار دمشقي انتشر قبل 500 سنة من خلال عدد من أسر دمشق، والتي عملت في مجال الحرف اليدوية، ومنها آل النعسان. ولكن حسب المصادر التاريخية الحديثة، فإن الفنان جرجي بيطار، هو مؤسس فن الموزاييك الدمشقي في شكله الحديث، وقد ولد جرجي بيطار عام 1840 في الحارة الجوانية في منطقة باب توما في دمشق، وينتمي إلى عائلة امتهنت البيطرة حرفة لها.
حاول والده جبرائيل أن يعلمه مهنة الأجداد، لكنه كان ميالا إلى النجارة، حيث كان يتردد إلى سوق النجارين، ويبتاع عدتها لإصلاح الأبواب والشبابيك. ولما تحقق والده من نجاحه الباهر في تلك الصناعة، افتتح له حانوتا صغيرا في الحارة الجوانية.
وفي عام 1869م، صنع البيطار أول قطعة "موزاييك"، وذلك بجمع قضبان من الخشب الملون طبيعيا ذات مقطع مثلث أو مربع، ثم قصها على شكل رقائق، ولصقها على المصنوعات الخشبية بالغراء الطبيعي. وأسس مركزا لفن التطعيم بالخشب «منجور الموزاييك» الذي ابتكره. وراح يصنع أصناف الأثاث البديع الفاخر والقطع الفنية الجميلة التي تمثل الإبداع الإنساني والعراقة السورية والفن الدمشقي الخالص. وقد نشأت الفكرة عام 1860 لما رأى شجرة ليمون يابسة في باحة دير الآباء الفرنسيسكان، فنشرها قطعا، وفصلها، وحفر لوحا من الجوز الغامق، ونزل فيه عروقا وزهورا مختلفة بأشكال هندسية دقيقة.
عمل جرجي بيطار، حتى نهاية حياته، في أصالة الفن وإتقانه، فتعلم منه عدد كبير من العمال، وتخرج في مدرسته تلامذة مشهورون دربوا بدورهم عشرات الحرفيين الدمشقيين، حتى بلغ عدد العاملين في صناعة الموزاييك بين عامي 1920 و1940 أكثر من 1000 شخص. وهؤلاء فتحوا حوانيت، وورشا، وعلموا ودربوا عشرات الحرفيين في هذه الصناعة الدمشقية، ونذكر منهم: الياس اسطفان، وأنطون بييت، وجرجي شنيارة، ويوسف حوش، وأنطون فرنسا، وجرجي تباز، وفرنسيس أشقر، وميشال طعمة الذي نقل ورشته إلى بيروت عام 1860.
وشارك جرجي بيطار عام 1891 في معرض فيينا لتمثيل الصناعة الدمشقية، وشغفه بالموزاييك جعله يخرج هذه الحرفة الشامية من حارته في «باب توما»، لتصل أعماله إلى غالبية دول العالم، حتى دخلت مقر الأمم المتحدة. وفي عام 1908م، توجه بيطار بعدئذ إلى روما، حاملا معه الخزانة المهداة إلى البابا بيوس العاشر لتكون أجمل هدية في الفاتيكان، وكما أهدى طاولة من الخشب المطعم بالصدف والموزاييك لمقر الأمم المتحدة.
في عام 1895م، استدعاه والي دمشق العثماني سعيد باشا، لإرسال هدية نفيسة إلى السلطان العثماني عبد الحميد الثاني لمناسبة المعرض الصناعي في إستانبول. فصنع 50 قطعة فنية من خزائن ومكاتب وكراس، وأشرف بنفسه على إيصالها إلى إستانبول، فوصلت إليها، وقد نالت إعجاب السلطان، فنقده مبلغا وافرا من أجل مشاريعه الخيرية، وقلده وسام المجيدي الخامس، وميدالية الافتخار الفضية، وهي بمنزلة براءة اختراع اليوم.
وانتشر الموزاييك بفضل جمهرة من حرفيي دمشق العاملين في مجال الزخرفة والنجارة والحفر على الخشب، وتخصص بعضهم بفن الموزاييك فقط، مثل أسرتي ألماظ وقنيني، وتركزت ورش هؤلاء في حارات دمشق القديمة؛ كالعمارة ومئذنة الشحم والقيمرية، وكما انتشرت الورش في بيروت والقدس وحلب.
تعليق