Arslan Vendij - مثقفو حلب
☆ حصان ....
عشرون عاما وهو يمتطي ظهري
كبرنا معا ، لم نفارق بعضا سوى في المساء عند النوم ....
طوال هذه السنين كان يعاملني بطيب وحنان ودون قسوة أو ضغط أو مجهود زائد يزيد عن قدرتي على التحمل .
و أنا في ذات الوقت لم أقصر معه في تلبيته بأي أمر أستطيع فعله سواء بالسرعة أو بطول المسير ...
كنا معا في الزيارات و قضاء الحوائج و الصيد وحتى عندما يريد أن يشكي همه كان يأخذني معه إلى قمة الجبل حيث الصفاء و النقاء و الهواء العليل أجلس بجانبه و أنصت له ليخلع قبعته ويضعها فوق رأسي ويبدأ بالكلام عن أولاده و زوجته و ضغوطات الحياة ثم بعد ذلك نعود أدراجنا إلى المزرعة .
ثلاثة أيام لم أره فيها
عجبا هل هو مريض بحكم عمره الذي تجاوز السبعين أم هناك شيء لم أعرفه بعد ....
هاهو الطبيب قادم لزيارته
ويبدو أن حالته لا تسر الخاطر ...
لكن ماحدث في صباح اليوم التالي
قام من فراشه وجاء لزيارتي في الإسطبل وعلائم التعب و المرض ظاهرة على وجهه
اقترب مني وقبل رأسي ثم عانقني بكلتا يديه باكيا قلت في نفسي :
أهو قرب الأجل ..
و كأنه قد قرأ ما بداخلي ليقول لي :
أجل أجل لقد اقترب الأجل .
حزنت عليه وامتزجت دموعنا
على ما آلت إليه حاله .
دقائق .. و إذا به يرتمي
عند أقدامي مفارقا الحياة .
خرجت من الإسطبل و توجهت إلى المنزل و بدأت أضرب الأبواب و الجدران بحوافري علهم يسمعوني إلى أن خرجوا جميعا وشاهدوا والدهم مرميا على الأرض .
بعد أن دفنوه داخل المزرعة قرر أبناؤه وتكريما لوالدهم من خلال معرفتهم بشدة تعلقه بي أن لا يجلس أحد على ظهري بعد الآن وأحبوا أيضا أن يتركوا باب سياج المزرعة مفتوحا تاركين لي حرية البقاء أو المغادرة ....
فتح باب السياج
ركضت مسرعا نحو ذاك الجبل الذي كان يأخذني إليه عندما يريد أن يشكي لي همومه وصلت إلى المكان الذي كنا نجلس فيه و تذكرت أيام الماضي وقفت على أرجلي الخلفية و رفعت أرجلي الأمامية نحو الأعلى وصهلت بأعلى صوتي صرخة قوية على فراقه أظن بأن جميع أهل القرية سمعوها .
بعدها ما كان مني
إلا أن أعود إلى تلك المزرعة وإلى ذلك الإسطبل الذي تجمعني معه
ذكريات جميلة
إلى أن أموت هناك
و أدفن بجواره ......
.
.
.
بابا .. بابا
تعال وانظر
كيف ينام حصان جدي .
#أرسلان