مستغلآ ظاهرة التغير المناخي .. مزارع متميز من بابل ينفرد بإنشاء مزرعة لشجرة "البابايا" الإستوائية لتكون الأٌولى من نوعها في العراق
أجرى الحوار : حسنين العكام
كثيرة هي التغييرات التي طرأت على القطاع الزراعي في العراق خلال السنوات الأخيرة الماضية ؛ بسبب تغير المناخ والجفاف ، الأمر الذي إنعكس سلبآ على إنتاج العديد من المحاصيل الزراعية كمآ ونوعآ ، أما في محافظة بابل وتحديدآ في قضاء المسيب فالأمر كان مختلفآ نوعآ ما ، فقد تمكن المزارع محمود العساف وبعد تجارب عديدة من إنشاء مزرعة لشجرة (البابايا) الإستوائية ، لتكون الأٌولى من نوعها على مستوى البلد ، مستغلآ بذلك تغير مناخ العراق والذي أصبح مقاربآ للمناخ الاستوائي على حد قوله .
المكتب الاعلامي للاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية في بابل وبتوجيه من المكتب الاعلامي للاتحاد العام ، أجرى زيارة الى مزرعة العساف ؛ من اجل تسليط الضوء على طريقة زراعة (البابايا) وتعريف الفلاحين والمزارعين والهواة وعامة الناس بها ، حيث رحب بنا العساف ليصطحبنا بجولة داخل المزرعة تم خلالها إجراء حوار مفصل إبتدأه العساف قائلآ :
أنا مزارع ومن عائلة زراعية ، الزراعة عندي هواية وليست مجرد مهنة ، حيث إني أُحب الزراعة بصورة عامة ، وأرغب دائما بالخروج عن النمط التقليدي وإدخال التحديثات على عملي بشكل مستمر ، فأنا متابع لأخبار الزراعة عالميآ من خلال مواقع التواصل الإجتماعي ، وأقوم بين الحين والأخر ببعض عمليات تركيب وتطعيم النباتات وتجربة زراعة أنواع جديدة منها ... ، حيث كانت مزرعة (البابايا) هي جزء من هذه التجارب .
أما سبب إختياري (للبابايا) بالذات ؛ فقد إستهواني جمال شجرتها ، وسرعة نموها ، وإنتاجها المبكر للثمار قياسآ بغيرها من الاشجار المثمرة ؛ إذ تحتاج (البابايا) الى سنة واحدة أو أقل لتصبح شجرة كبيرة ومثمرة ، فضلآ عن ذلك فأن إنتاجها غير محدد بموسم ومستمر على مدار السنة تقريبآ ، وقد نجحت زراعتها في دول مناخها مقارب لمناخ العراق كالبحرين والسعودية ومصر .
* من أين حصلت على البذور ؟ وهل هنالك أصناف منها ؟
إستغرقت ما يقارب السنة وأنا أُجرب أنواع عديدة من البذور قمت بشرائها من عدة محافظات ، وكانت نسبة الإنبات منخفضة بشكل متفاوت ولم تتجاوز (١٠%) في أحسن الأحوال ، بل وحتى أن أحد الأصدقاء المختصين أرسل الي صنف رصين من الهند ، ولكن لم ينجح هو الأخر .. ، وفي نهاية المطاف قمت بشراء بذور من مكتب مختص بالبذور النادرة في محافظة كربلاء المقدسة ، لأتفاجئ بنسبة إِنبات وصلت الى (٩٩%) بعد أيام قليلة من زراعتها ، أما بالنسبة لسؤالك حول الأصناف فأُجيبك : نعم يوجد العديد منها ، والصنف الذي نجحت بزراعته هو ( ريد ليدي اف ١ ) .
* زراعة البذور كيف تتم ؟ وهل هنالك وقت محدد لزراعتها ؟
بالنسبة لموضوع الوقت فيمكن زراعتها في أي وقت من السنة ، وتتم الزراعة بتنقيع البذور بالماء اولآ لمدة يومين ، على ان يتم تبديل الماء مرتين يوميآ ، ثم تزرع البذور بتربة البيتموس المشبعة بالماء مسبقآ على شكل دايات في بيت زجاجي ، ويتم سقيها بواسطة مرشة صغيرة لتنبت البذور بعد (٨) أيام تقريبآ ، وبعد (١٠) أيام من الانبات تنقل الدايات الى الأكياس المخصصة لها ، وتتم مكافحتها من الفطريات والحشرات ، ليتم إخراجها من البيت الزجاجي بعد ان يصل إرتفاعها الى مايقارب (١٥_٢٥) سم ، على أن يتم توفير ظل متوسط لها في الفترة الأولى من زراعتها .
وهنا يجب أن أشير الى أن (البابايا) وبحكم حجمها ونموها يجب أن تزرع على شكل خطوط وبمسافة (٢) متر بين كل خطين وكذلك (٢) متر بين شجرة واخرى .
* هل وقعت لديكم خسائر ؟ وكيف وجدتم تأقلم (البابايا) مع إختلاف درجات الحرارة في موطنها الجديد ؟
عدد الأشجار التي زرعتها هو (٤٣٠) شجرة ، مزروعة على شكل خطوط بمساحة نصف دونم ، مكونةٌ بذلك غابة استوائية صغيرة لشجرة (البابايا) ، وبعد مرور مايقارب السنة على زراعتها ، أُحب ومن خلالكم أن أُطمئن الجميع بعدم حدوث اي خسائر ، بل حدث العكس ! حيث أن هنالك عدد من الأشجار إنشقت الى فرعين ، ولدينا نية لعمل ترقيد هوائي للأفرع المنشقة ؛ لغرص فصلها وزراعتها كأشجار مستقلة .
وبالنسبة للتغير الحراري فإن تأثيره يقتصر على نمو النبات وتساقط الأزهار فقط في البرد القارص والصقيع (والذي أصبح نادر الحدوث عندنا) ، وكذلك في ذورة فصل الصيف وبشهر أب تحديدآ ، حيث يعاود النبات نموه وإنتاج الأزهار والثمار بمجرد إنقضاء هاتين الفترتين .
هل تصاب (البابايا) بالأفات الزراعية ؟ وما هو تأثيرها وعلاجها إن وجدت ؟
نعم تصاب (البابايا) احيانآ بالفطريات ؛ إذ تقوم الفطريات بنخر ساق النبات وإسقاطه ، وكإجراء وقائي أقوم بوضع دائرة من الرماد تحيط بساق الشجرة ؛ فالرماد يعتبر سور حماية يمنع وصول الفطريات والنيماتودا للنباتات لينتهي الموضوع بكل بساطة ، غير ذلك لايوجد أفة تذكر ، وهنا تضاف ميزة أُخرى لزراعة (البابايا) ، وهي قلة الإصابة بالأفات .
وهنالك ملاحظة يجدر لفت الإنتباه اليها ، وهي ضعف شجرة البابايا نوعآ ما أمام الرياح القوية والعواصف ؛ لذلك يفضل زراعتها بأماكن غير معرضة لهذه الظروف أو تكون محمية بمصدات رياح ، كأن تكون محاطة بأشجار أو أبنية أو ما شابه ذلك .
* (البابايا) هي نبات إستوائي ، كيف وجدت تأثير الجفاف عليها ؟ وهل تحتاج الى خدمة خاصة أو سماد معين ؟
بالنسبة للجفاف فإن أرضنا وكأغلب أراضي شمال بابل تعاني من الجاف ، ففي فصل الصيف أسقي المزرعة مرة واحدة في الإسبوع في حال توفر الماء ، وأحيانا تطول المدة لتصل الى رية واحدة كل (١٠_١٥) يوم عند إنقطاع الماء ، وبذلك نستطيع القول إن (البابايا) جيدة بتحمل الجفاف ، نعم الماء الوفير جيد لنمو النبات ، ولكن لا بأس بالقليل في أوقات الشحة .
وفيما يخص الخدمة ، فبالرغم من كوننا مبتدئين بزراعة (البابايا) ، لكننا نجحنا بإنشاء المزرعة بخدمة بسيطة ، وتسميد قليل ، ولفترات متباعدة ، (فالبابايا) نبات طبيعي عشبي لايحتاج الى خدمة كبيرة .
* قلت إن (البابايا) نبات عشبي ! فهل هذا يعني أن عمرها قصير ؟ وكم يستمر إنتاجها ؟
نعم (البابايا) شجرة عشبية ، ولتكون الإجابة أكثر سلاسة ودقة ؛ سأتكلم عن الإنتاج بالتفصيل أولآ ، ثم أنتقل للكلام عن عمر النبتة بشكل عام لاحقآ ، تبدأ (البابايا) بالإنتاج بعد سنة أو أقل من زراعتها كما ذكرت سابقآ ، ويستمر إنتاج النبات للثمار على مدار السنة تقريبآ ، حيث تتحول الازهار (التي تتكون بأعلى الشجرة) الى ثمار ، ليلي ذلك تكون طبقة جديدة من الأزهار فوق الثمار ، وتتحول هي الاخرى الى ثمار ، ثم طبقة ثالثة وهكذا .. ، وبذلك تنضج الثمار بشكل متتابع ومستمر طيلة موسم التزهير على شكل طبقات تنمو وتنضج بالتتابع .
يستمر هذا الموضوع لغاية عمر (٨_١٠) سنوات تقريبآ ، بعد ذلك يصبح طول الشجرة (١٠) متر أو اكثر ، حيث يقل إنتاج الثمار في هذه المرحلة ويصعب جنيها ، وهنا يجب قطع الشجرة من الأسفل مع ترك جزء من الجذع ؛ لتنمو الشجرة من جديد ، أو تستبدل بزراعة شجرة أُخرى في حال عدم نمو الجزء الباقي بعد قطعه ، وهذه الصفات هي من صفات النباتات العشبية .
* بعد نجاحك بزراعة (البابايا) ، هل لديكم خطة للتسويق ؟ وهل تنصح بزراعتها ؟
بالنسبة للتسويق فإني وكما تحدثت لكم في بداية الحوار أُمارس الزراعة أحيانآ كهواية وليس كمهنة فقط ، خصوصآ عندما يتعلق الأمر بالتجريب ، أما الأن ومع إقتراب موعد جني الثمار ، فإني اتوقع ان تلاقي (البابايا) إقبال جيد في السوق ؛ (فالبابايا) فاكهة لذيذة مذاقها بين المانجو والشمام ، وفوائدها عديدة لإحتوائها عدد من الفيتامينات والعناصر المهمة لصحة الإنسان ومضادات الأكسدة وفعالة في معالجة جرثومة المعدة ومحاربة الشيخوخة ... ، أضف الى ذلك كله أن فاكهة (البابايا) تنقل وتخزن وتستهلك بشكل مباشر وبدون الحاجة إلى تبريد أو ظرف خاص .. ، كل هذه الميزات تجعل موضوع تسويق ثمار (البابايا) سهل نوعآ ما ولا يحتاج الى تخطيط مسبق .
وبالنسبة لسؤالك حول النصح بزراعتها ، فأني لا أنصح المزارعين والفلاحين فقط ! بل أنصح كل من لديه أرض متروكة بأن يستغلالها لزراعة (البابايا) وحتى في المنازل ، وبالرغم من إني لم أجني الثمار من المزرعة ؛ كون الوقت لازال مبكرآ على ذلك ، فإني أرى أن (البابايا) تصلح لتكوين غابات صغيرة ومثمرة حتى في الساحات والمتنزهات داخل المدن ؛ لتضيف اليها جمالية وتلطف جوها وخلال مدة قصيرة لا تتجاوز السنة ، وأنا على الإستعداد للتعاون مع المزراعين والفلاحين وأي شخص يرغب بزراعة (البابايا) والوقوف معه ومتابعته وصولآ لمرحلة الاثمار .
* ختامآ هل لديك فكرة او أي إضافة ترغب بقولها ؟
الحوار معكم كان شيق ومثمر ، وأتقدم اولآ بالشكر والإمتنان لكم وبالاخص الى رئيس الاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية السيد سالم الخفاجي ؛ لتسليطكم الضوء على تجربتي من خلال هذا الحوار ، والذي اامل أن تصل المعلومة من خلاله لكل من يرغب بتجربة زراعة (البابايا) ، وكذلك شكري موصول لكل من زارني ودعمني وساهم بنشر تجربتي وقدم لي معلومة او نصيحة ، وأخص بذلك رئيس شعبة زراعة المسيب المهندس عدنان الخفاجي والذي كان له دور في تشجيعي على مواصلة التجربة وتقديم المعلومات الإرشادية ، ولا أنسى دور الناشط الزراعي الاستاذ حيدر عبد الكاظم في تقديم الدعم المنعوي والتحفيز الإيجابي من خلال زيارته وتواصله ونشر تجربتي في مجموعته الخاصة .
وختامآ ومن خلال قراءتي ومتابعتي لتغيرات المناخ في العراق (والذي أصبح مقاربآ للمناخ الإستوائي) ، أتوقع مستقبلآ إنتشار ونجاح زراعة النباتات الاستوائية فيه ، بل وحتى فيما يخص المحاصيل المحلية ، أتوقع بإن يتم زراعة بعض المحاصيل الإستراتيجية بعروتين خريفية وشتوية في حال ما إستمر وضع المناخ على ما هو عليه الأن .
أجرى الحوار : حسنين العكام
كثيرة هي التغييرات التي طرأت على القطاع الزراعي في العراق خلال السنوات الأخيرة الماضية ؛ بسبب تغير المناخ والجفاف ، الأمر الذي إنعكس سلبآ على إنتاج العديد من المحاصيل الزراعية كمآ ونوعآ ، أما في محافظة بابل وتحديدآ في قضاء المسيب فالأمر كان مختلفآ نوعآ ما ، فقد تمكن المزارع محمود العساف وبعد تجارب عديدة من إنشاء مزرعة لشجرة (البابايا) الإستوائية ، لتكون الأٌولى من نوعها على مستوى البلد ، مستغلآ بذلك تغير مناخ العراق والذي أصبح مقاربآ للمناخ الاستوائي على حد قوله .
المكتب الاعلامي للاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية في بابل وبتوجيه من المكتب الاعلامي للاتحاد العام ، أجرى زيارة الى مزرعة العساف ؛ من اجل تسليط الضوء على طريقة زراعة (البابايا) وتعريف الفلاحين والمزارعين والهواة وعامة الناس بها ، حيث رحب بنا العساف ليصطحبنا بجولة داخل المزرعة تم خلالها إجراء حوار مفصل إبتدأه العساف قائلآ :
أنا مزارع ومن عائلة زراعية ، الزراعة عندي هواية وليست مجرد مهنة ، حيث إني أُحب الزراعة بصورة عامة ، وأرغب دائما بالخروج عن النمط التقليدي وإدخال التحديثات على عملي بشكل مستمر ، فأنا متابع لأخبار الزراعة عالميآ من خلال مواقع التواصل الإجتماعي ، وأقوم بين الحين والأخر ببعض عمليات تركيب وتطعيم النباتات وتجربة زراعة أنواع جديدة منها ... ، حيث كانت مزرعة (البابايا) هي جزء من هذه التجارب .
أما سبب إختياري (للبابايا) بالذات ؛ فقد إستهواني جمال شجرتها ، وسرعة نموها ، وإنتاجها المبكر للثمار قياسآ بغيرها من الاشجار المثمرة ؛ إذ تحتاج (البابايا) الى سنة واحدة أو أقل لتصبح شجرة كبيرة ومثمرة ، فضلآ عن ذلك فأن إنتاجها غير محدد بموسم ومستمر على مدار السنة تقريبآ ، وقد نجحت زراعتها في دول مناخها مقارب لمناخ العراق كالبحرين والسعودية ومصر .
* من أين حصلت على البذور ؟ وهل هنالك أصناف منها ؟
إستغرقت ما يقارب السنة وأنا أُجرب أنواع عديدة من البذور قمت بشرائها من عدة محافظات ، وكانت نسبة الإنبات منخفضة بشكل متفاوت ولم تتجاوز (١٠%) في أحسن الأحوال ، بل وحتى أن أحد الأصدقاء المختصين أرسل الي صنف رصين من الهند ، ولكن لم ينجح هو الأخر .. ، وفي نهاية المطاف قمت بشراء بذور من مكتب مختص بالبذور النادرة في محافظة كربلاء المقدسة ، لأتفاجئ بنسبة إِنبات وصلت الى (٩٩%) بعد أيام قليلة من زراعتها ، أما بالنسبة لسؤالك حول الأصناف فأُجيبك : نعم يوجد العديد منها ، والصنف الذي نجحت بزراعته هو ( ريد ليدي اف ١ ) .
* زراعة البذور كيف تتم ؟ وهل هنالك وقت محدد لزراعتها ؟
بالنسبة لموضوع الوقت فيمكن زراعتها في أي وقت من السنة ، وتتم الزراعة بتنقيع البذور بالماء اولآ لمدة يومين ، على ان يتم تبديل الماء مرتين يوميآ ، ثم تزرع البذور بتربة البيتموس المشبعة بالماء مسبقآ على شكل دايات في بيت زجاجي ، ويتم سقيها بواسطة مرشة صغيرة لتنبت البذور بعد (٨) أيام تقريبآ ، وبعد (١٠) أيام من الانبات تنقل الدايات الى الأكياس المخصصة لها ، وتتم مكافحتها من الفطريات والحشرات ، ليتم إخراجها من البيت الزجاجي بعد ان يصل إرتفاعها الى مايقارب (١٥_٢٥) سم ، على أن يتم توفير ظل متوسط لها في الفترة الأولى من زراعتها .
وهنا يجب أن أشير الى أن (البابايا) وبحكم حجمها ونموها يجب أن تزرع على شكل خطوط وبمسافة (٢) متر بين كل خطين وكذلك (٢) متر بين شجرة واخرى .
* هل وقعت لديكم خسائر ؟ وكيف وجدتم تأقلم (البابايا) مع إختلاف درجات الحرارة في موطنها الجديد ؟
عدد الأشجار التي زرعتها هو (٤٣٠) شجرة ، مزروعة على شكل خطوط بمساحة نصف دونم ، مكونةٌ بذلك غابة استوائية صغيرة لشجرة (البابايا) ، وبعد مرور مايقارب السنة على زراعتها ، أُحب ومن خلالكم أن أُطمئن الجميع بعدم حدوث اي خسائر ، بل حدث العكس ! حيث أن هنالك عدد من الأشجار إنشقت الى فرعين ، ولدينا نية لعمل ترقيد هوائي للأفرع المنشقة ؛ لغرص فصلها وزراعتها كأشجار مستقلة .
وبالنسبة للتغير الحراري فإن تأثيره يقتصر على نمو النبات وتساقط الأزهار فقط في البرد القارص والصقيع (والذي أصبح نادر الحدوث عندنا) ، وكذلك في ذورة فصل الصيف وبشهر أب تحديدآ ، حيث يعاود النبات نموه وإنتاج الأزهار والثمار بمجرد إنقضاء هاتين الفترتين .
هل تصاب (البابايا) بالأفات الزراعية ؟ وما هو تأثيرها وعلاجها إن وجدت ؟
نعم تصاب (البابايا) احيانآ بالفطريات ؛ إذ تقوم الفطريات بنخر ساق النبات وإسقاطه ، وكإجراء وقائي أقوم بوضع دائرة من الرماد تحيط بساق الشجرة ؛ فالرماد يعتبر سور حماية يمنع وصول الفطريات والنيماتودا للنباتات لينتهي الموضوع بكل بساطة ، غير ذلك لايوجد أفة تذكر ، وهنا تضاف ميزة أُخرى لزراعة (البابايا) ، وهي قلة الإصابة بالأفات .
وهنالك ملاحظة يجدر لفت الإنتباه اليها ، وهي ضعف شجرة البابايا نوعآ ما أمام الرياح القوية والعواصف ؛ لذلك يفضل زراعتها بأماكن غير معرضة لهذه الظروف أو تكون محمية بمصدات رياح ، كأن تكون محاطة بأشجار أو أبنية أو ما شابه ذلك .
* (البابايا) هي نبات إستوائي ، كيف وجدت تأثير الجفاف عليها ؟ وهل تحتاج الى خدمة خاصة أو سماد معين ؟
بالنسبة للجفاف فإن أرضنا وكأغلب أراضي شمال بابل تعاني من الجاف ، ففي فصل الصيف أسقي المزرعة مرة واحدة في الإسبوع في حال توفر الماء ، وأحيانا تطول المدة لتصل الى رية واحدة كل (١٠_١٥) يوم عند إنقطاع الماء ، وبذلك نستطيع القول إن (البابايا) جيدة بتحمل الجفاف ، نعم الماء الوفير جيد لنمو النبات ، ولكن لا بأس بالقليل في أوقات الشحة .
وفيما يخص الخدمة ، فبالرغم من كوننا مبتدئين بزراعة (البابايا) ، لكننا نجحنا بإنشاء المزرعة بخدمة بسيطة ، وتسميد قليل ، ولفترات متباعدة ، (فالبابايا) نبات طبيعي عشبي لايحتاج الى خدمة كبيرة .
* قلت إن (البابايا) نبات عشبي ! فهل هذا يعني أن عمرها قصير ؟ وكم يستمر إنتاجها ؟
نعم (البابايا) شجرة عشبية ، ولتكون الإجابة أكثر سلاسة ودقة ؛ سأتكلم عن الإنتاج بالتفصيل أولآ ، ثم أنتقل للكلام عن عمر النبتة بشكل عام لاحقآ ، تبدأ (البابايا) بالإنتاج بعد سنة أو أقل من زراعتها كما ذكرت سابقآ ، ويستمر إنتاج النبات للثمار على مدار السنة تقريبآ ، حيث تتحول الازهار (التي تتكون بأعلى الشجرة) الى ثمار ، ليلي ذلك تكون طبقة جديدة من الأزهار فوق الثمار ، وتتحول هي الاخرى الى ثمار ، ثم طبقة ثالثة وهكذا .. ، وبذلك تنضج الثمار بشكل متتابع ومستمر طيلة موسم التزهير على شكل طبقات تنمو وتنضج بالتتابع .
يستمر هذا الموضوع لغاية عمر (٨_١٠) سنوات تقريبآ ، بعد ذلك يصبح طول الشجرة (١٠) متر أو اكثر ، حيث يقل إنتاج الثمار في هذه المرحلة ويصعب جنيها ، وهنا يجب قطع الشجرة من الأسفل مع ترك جزء من الجذع ؛ لتنمو الشجرة من جديد ، أو تستبدل بزراعة شجرة أُخرى في حال عدم نمو الجزء الباقي بعد قطعه ، وهذه الصفات هي من صفات النباتات العشبية .
* بعد نجاحك بزراعة (البابايا) ، هل لديكم خطة للتسويق ؟ وهل تنصح بزراعتها ؟
بالنسبة للتسويق فإني وكما تحدثت لكم في بداية الحوار أُمارس الزراعة أحيانآ كهواية وليس كمهنة فقط ، خصوصآ عندما يتعلق الأمر بالتجريب ، أما الأن ومع إقتراب موعد جني الثمار ، فإني اتوقع ان تلاقي (البابايا) إقبال جيد في السوق ؛ (فالبابايا) فاكهة لذيذة مذاقها بين المانجو والشمام ، وفوائدها عديدة لإحتوائها عدد من الفيتامينات والعناصر المهمة لصحة الإنسان ومضادات الأكسدة وفعالة في معالجة جرثومة المعدة ومحاربة الشيخوخة ... ، أضف الى ذلك كله أن فاكهة (البابايا) تنقل وتخزن وتستهلك بشكل مباشر وبدون الحاجة إلى تبريد أو ظرف خاص .. ، كل هذه الميزات تجعل موضوع تسويق ثمار (البابايا) سهل نوعآ ما ولا يحتاج الى تخطيط مسبق .
وبالنسبة لسؤالك حول النصح بزراعتها ، فأني لا أنصح المزارعين والفلاحين فقط ! بل أنصح كل من لديه أرض متروكة بأن يستغلالها لزراعة (البابايا) وحتى في المنازل ، وبالرغم من إني لم أجني الثمار من المزرعة ؛ كون الوقت لازال مبكرآ على ذلك ، فإني أرى أن (البابايا) تصلح لتكوين غابات صغيرة ومثمرة حتى في الساحات والمتنزهات داخل المدن ؛ لتضيف اليها جمالية وتلطف جوها وخلال مدة قصيرة لا تتجاوز السنة ، وأنا على الإستعداد للتعاون مع المزراعين والفلاحين وأي شخص يرغب بزراعة (البابايا) والوقوف معه ومتابعته وصولآ لمرحلة الاثمار .
* ختامآ هل لديك فكرة او أي إضافة ترغب بقولها ؟
الحوار معكم كان شيق ومثمر ، وأتقدم اولآ بالشكر والإمتنان لكم وبالاخص الى رئيس الاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية السيد سالم الخفاجي ؛ لتسليطكم الضوء على تجربتي من خلال هذا الحوار ، والذي اامل أن تصل المعلومة من خلاله لكل من يرغب بتجربة زراعة (البابايا) ، وكذلك شكري موصول لكل من زارني ودعمني وساهم بنشر تجربتي وقدم لي معلومة او نصيحة ، وأخص بذلك رئيس شعبة زراعة المسيب المهندس عدنان الخفاجي والذي كان له دور في تشجيعي على مواصلة التجربة وتقديم المعلومات الإرشادية ، ولا أنسى دور الناشط الزراعي الاستاذ حيدر عبد الكاظم في تقديم الدعم المنعوي والتحفيز الإيجابي من خلال زيارته وتواصله ونشر تجربتي في مجموعته الخاصة .
وختامآ ومن خلال قراءتي ومتابعتي لتغيرات المناخ في العراق (والذي أصبح مقاربآ للمناخ الإستوائي) ، أتوقع مستقبلآ إنتشار ونجاح زراعة النباتات الاستوائية فيه ، بل وحتى فيما يخص المحاصيل المحلية ، أتوقع بإن يتم زراعة بعض المحاصيل الإستراتيجية بعروتين خريفية وشتوية في حال ما إستمر وضع المناخ على ما هو عليه الأن .