مسرحية أردنية تستعيد أسطورة "أنتيجوني" اليونانية
المسرحية تستحضر مأساة "أنتيجوني" الأسطورة اليونانية التي رفضت الانصياع لقرار الملك "كريون" بعدم دفن أخيها.
الأسطورة انطلاقا من الواقع
تونس - "أعرف أن لا أحد يبالي بما فعلت، لكني لن أرضخ ولن أستجدي دمعة من أحد، سأغادر هذا العالم محرومة من كل شيء، مدركة لحقيقة بما أنه لا وطن إذن لا سلام، أما أنتم الصامتون الخائفون على حياتكم فأنا أشفق عليكم من ذلك الشعور بالذنب الذي سيقض مضاجعكم، فالدور في المرة القادمة سيكون عليكم".
كانت هذه العبارات آخر ما تلفّظت به أنتيجوني قُبيْل إعدامها مع نهاية العرض المسرحي الأردني “أنتيجوني” للمخرج الفلسطيني حكيم حرب، الذي عرض ضمن المسابقة الرسمية للدورة الـ24 من أيام قرطاج المسرحية التي تنعقد هذا العام بين الثاني والعاشر من ديسمبر الجاري.
تقمّص الأدوار في هذا العمل الممثلون حكيم حرب (المخرج) وشام الدبس ومحمد كيمو ومحمود الزغول.
يستحضر المخرج من خلال هذه المسرحية مأساة “أنتيجوني” الأسطورة اليونانية التي رفضت الانصياع لقرار الملك “كريون” بعدم دفن أخيها، لأنه حسب منطق الملك لا يستحق هذا الأخ أن يعامل بكرامة ويدفن لأنه برأي الملك يمثّل الشر، فيما يسمح بدفن أخيه الآخر الذي قتل معه لأنه حسب رأيه يمثل الخير.
"أنتيجوني" وسّعت زاوية النضال من صراع بين صاحب الحق ومغتصب الأرض إلى صراع باطني بين الإنسان والذات
وطوّع المخرج أحداث “أنتيجوني” مع الواقع الحالي لاسيما في ظل ما يعيشه قطاع غزة من حصار خانق منذ 2007 وكذلك من عدوان عسكري غاشم ينفّذه الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر الماضي.
ترمز شخصية “أنتيجوني” إلى قطاع غزة المنكوب الذي يتعرّض لأشكال شتى من العنف والاضطهاد، لكنها رغم ذلك تختار المقاومة والصمود والتضحية دفاعا عن الحق والشرف، وترفض الانصياع للملك المتغطرس “كريون” رغم الإغراءات التي منحها إياها مقابل التطبيع مع الظلم والخيانة.
حين يتمادى المتغطرسون في وحشيتهم، تتجاوز القضية الحق في الحياة لينخفض سقف المطالب إلى ما هو أعمق ألا وهو حقوق ما بعد الحياة. فإن كانت “أنتيجوني” تجاهد من أجل مواراة أخيها الثرى، فإن ألف “أنتيجوني” تولّدها المشهدية الدرامية في غزة، ذاك القطاع المنكوب الذي طبّعت فيه الأعين والأحاسيس الانفعالية مع المباني المنهارة والنساء المكلومات وأيادي الرضع والأطفال المتشبثة بدُماهم أو قططهم البريئة.
ولئن اعتاد المسرحيون الذين يحملون قضية إنسانية أن يسلطوا الضوء على جزئية ويتفنّون في تشريحها وتمحيصها، فإن قضية الصمود والمقاومة في مسرحية “أنتيجوني” في نسختها العربية الجديدة وسّعت زاوية النضال من صراع بين صاحب الحق والعدو مغتصب الأرض إلى صراع باطني بين الإنسان والذات.
لقد استطاع حكيم حرب أن يحوّل نص “أنتيجوني” إلى دراما حية مثلما هو الحال عندما تحولت المطالبة بالحق في مسكن إلى المطالبة بالحق في قبر ومراسم دفن لائقة تكرم الميّت.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
المسرحية تستحضر مأساة "أنتيجوني" الأسطورة اليونانية التي رفضت الانصياع لقرار الملك "كريون" بعدم دفن أخيها.
الأسطورة انطلاقا من الواقع
تونس - "أعرف أن لا أحد يبالي بما فعلت، لكني لن أرضخ ولن أستجدي دمعة من أحد، سأغادر هذا العالم محرومة من كل شيء، مدركة لحقيقة بما أنه لا وطن إذن لا سلام، أما أنتم الصامتون الخائفون على حياتكم فأنا أشفق عليكم من ذلك الشعور بالذنب الذي سيقض مضاجعكم، فالدور في المرة القادمة سيكون عليكم".
كانت هذه العبارات آخر ما تلفّظت به أنتيجوني قُبيْل إعدامها مع نهاية العرض المسرحي الأردني “أنتيجوني” للمخرج الفلسطيني حكيم حرب، الذي عرض ضمن المسابقة الرسمية للدورة الـ24 من أيام قرطاج المسرحية التي تنعقد هذا العام بين الثاني والعاشر من ديسمبر الجاري.
تقمّص الأدوار في هذا العمل الممثلون حكيم حرب (المخرج) وشام الدبس ومحمد كيمو ومحمود الزغول.
يستحضر المخرج من خلال هذه المسرحية مأساة “أنتيجوني” الأسطورة اليونانية التي رفضت الانصياع لقرار الملك “كريون” بعدم دفن أخيها، لأنه حسب منطق الملك لا يستحق هذا الأخ أن يعامل بكرامة ويدفن لأنه برأي الملك يمثّل الشر، فيما يسمح بدفن أخيه الآخر الذي قتل معه لأنه حسب رأيه يمثل الخير.
"أنتيجوني" وسّعت زاوية النضال من صراع بين صاحب الحق ومغتصب الأرض إلى صراع باطني بين الإنسان والذات
وطوّع المخرج أحداث “أنتيجوني” مع الواقع الحالي لاسيما في ظل ما يعيشه قطاع غزة من حصار خانق منذ 2007 وكذلك من عدوان عسكري غاشم ينفّذه الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر الماضي.
ترمز شخصية “أنتيجوني” إلى قطاع غزة المنكوب الذي يتعرّض لأشكال شتى من العنف والاضطهاد، لكنها رغم ذلك تختار المقاومة والصمود والتضحية دفاعا عن الحق والشرف، وترفض الانصياع للملك المتغطرس “كريون” رغم الإغراءات التي منحها إياها مقابل التطبيع مع الظلم والخيانة.
حين يتمادى المتغطرسون في وحشيتهم، تتجاوز القضية الحق في الحياة لينخفض سقف المطالب إلى ما هو أعمق ألا وهو حقوق ما بعد الحياة. فإن كانت “أنتيجوني” تجاهد من أجل مواراة أخيها الثرى، فإن ألف “أنتيجوني” تولّدها المشهدية الدرامية في غزة، ذاك القطاع المنكوب الذي طبّعت فيه الأعين والأحاسيس الانفعالية مع المباني المنهارة والنساء المكلومات وأيادي الرضع والأطفال المتشبثة بدُماهم أو قططهم البريئة.
ولئن اعتاد المسرحيون الذين يحملون قضية إنسانية أن يسلطوا الضوء على جزئية ويتفنّون في تشريحها وتمحيصها، فإن قضية الصمود والمقاومة في مسرحية “أنتيجوني” في نسختها العربية الجديدة وسّعت زاوية النضال من صراع بين صاحب الحق والعدو مغتصب الأرض إلى صراع باطني بين الإنسان والذات.
لقد استطاع حكيم حرب أن يحوّل نص “أنتيجوني” إلى دراما حية مثلما هو الحال عندما تحولت المطالبة بالحق في مسكن إلى المطالبة بالحق في قبر ومراسم دفن لائقة تكرم الميّت.
انشرWhatsAppTwitterFacebook