Mohammad Kujjah
الباحث السوري.. محمد قجة
القدس ....القدس .... القدس
1 - عام 2009 تم اختيار مدينة القدس الشريف عاصمة للثقافة العربية .
ومشاركة مني في تلك المناسبة ، قمت بإصدار كتاب ضخم بعنوان ( القدس في عيون الشعراء ) ، وقد اعيد طبعه غير مرة .
وقد كتبت مقدمة مستفيضة من 40 صفحة حول تاريخ القدس ، وما شهدته من صراعات ، وسوف اختار أجزاء من هذه المقدمة انشرها تباعا في فترات مناسبة .
وهذا الآن هو الجزء الاول من المقدمة .
2 - هذا الكتاب
حينما اختير "القدس الشريف" ليكون عاصمة الثقافة العربية عام 2009 لم يكن ذلك بدعاً ولا ترفاً، فالقدس مدينة الفضائل التي تمتد عميقاً في جذور التاريخ، تلك الفضائل التي أجمعت عليها شعوب الأديان السماوية، ومن قبلها كل من سكن القدس عبر تاريخها القديم العريق.
وقد حظيت مدينة القدس باهتمام المؤرخين والباحثين والآثاريين والأدباء والشعراء، إلى جانب اهتمام من كتبوا في العلوم الدينية حول القدس، وما كتب في "فضائل القدس" عبر التاريخ الإسلامي العريض.
3 - ومدينة القدس، واحدة من أكثر مدن العالم ذكراً واهتماماً على مدى آلاف السنين، وواحدة من أكثر مدن العالم إشكالية وصراعاً بين عناصر الديانات السماوية .
وبعض هذه الصراعات قائم على أسس أسطورية، أو على مزاعم كاذبة. ولكن تلك الأساطير وتلك المزاعم رافقتها حروب وغزوات، دفعت مدينة القدس ثمنها دماراً وخراباً وتهجيراً وقتلاً وسلب أراض وممتلكات .
ولهذا فإننا نرى مدينة القدس ماثلة في آداب الشعوب، وفي كتابات المؤرخين، وبارزة في الأساطير التي أدت إلى حروب الفرنجة التي سمتها اوربا الحروب الصليبية، كما هي بارزة في الأساطير المؤسسة لقيام الكيان الصهيوني، ومن أفضل من تحدث عن أساطير الحروب الصليبية هو الدكتور شاكر مصطفى المفكر العربي السوري ، رحمه الله. بينما يعتبر المفكر الفرنسي "روجيه غارودي " من أفضل من تحدث عن الأساطير الصهيونية في كتاباته المختلفة، مما أدى إلى عزله والتضييق عليه، وملاحقته بالأحكام القضائية الجائرة .
4 - وتاريخ القدس الممتد آلاف السنين عرف بواكير الحضارات البشرية في المشرق العربي وبلاد ما بين النهرين. ولهذا كان من الطبيعي أن نرى الحضارات المتتابعة تمر في فلسطين والقدس، كاليبوسيين وفراعنة مصر والآشوريين والإخمينيين والبابليين في دولتهم الحديثة والرومان والبيزنطيين، وصولاً إلى الفتح العربي الإسلامي لمدينة القدس .
ومن يومها غدت مدينة القدس درة المدن الإسلامية ومهوى القلوب والأفئدة، وهي أولى القبلتين قبل أن تتجه الصلاة إلى مكة المكرمة وكعبتها وهي ثالث الحرمين بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة حيث الكعبة المشرفة والمسجد النبوي. ولهذا كان من الطبيعي أن نرى هذا الاهتمام الواسع بها لدى المؤرخين والرحالة والجغرافيين والفقهاء والمحدثين والشعراء وسائر فئات المسلمين على اختلاف اهتماماتهم .
الى جانب قدسيتها المسيحية الواسعة ، لانها تضم كنيسة القيامة العريقة .
5 - وقد تمكن المسلمون من إخراج الغزو الصليبي بعد قرنين من الحروب والصراع واستنزاف الطاقات. وسوف يتمكنون من تحرير بيت المقدس مرة أخرى، وهذا منطق التاريخ .
وقد أردت في هذا الكتاب الاستئناس ببعض ما قدمه الشعر العربي حول مدينة القدس، وتوظيف هذا الشعر في فصول بحسب الموضوعات التي تناولها الشعراء، وأدرجت تلك الموضوعات في خمسة فصول هي:
الفصل الأول: محطات الألم
الفصل الثاني: اتهام الذات
الفصل الثالث: استنهاض الهمم
الفصل الرابع: التفاؤل بالمستقبل
الفصل الخامس: فضائل القدس
6 - والشعر الذي اخترته، لم يكن على سبيل إحصاء كل ما كُتب حول القدس، فهذا يحتاج إلى مجلدات وإلى آلاف الصفحات. ولكنني آثرت أن أتتبع المراحل الزمنية المرتبطة بما تعرضت له القدس من احتلال ومجازر. سواء أكان ذلك في مرحلة ما سمي "الحروب الصليبية". أو في الاحتلال الاستيطاني الصهيوني في العصر الحديث.
واخترت النصوص الشعرية التي تواكب هذه المراحل من خلال الفصول الخمسة التي ينتظم فيها هذا الكتاب.
وكان من طبيعية الموضوع أن تغطي النصوص المختارة الفترات الزنكية والأيوبية والمملوكية خلال مائتي سنة من الحروب الصليبية 1098-1291م. وما قاسته البلاد وبخاصة بلاد الشام من ويلات ودمار ومذابح على يد جيوش همجية حاقدة تنطلق من حضارة متخلفة بدائية.
كما تم اختيار النصوص من الشعر العربي الحديث لتواكب مراحل النكبة العربية في فلسطين منذ مطلع القرن العشرين وتدفق المهاجرين اليهود برعاية بريطانية تجّسدت في وعد "بلفور" وزير خارجية بريطانيا، في تزامن مع انهيار الدولة العثمانية واقتسام بلاد الشام والعراق بين بريطانيا وفرنسا في اتفاقية "سايكس –بيكو" سيئة الذكر.
7 - وأغتنم هذه المناسبة لأتقدم بالشكر الجزيل إلى نجلي الأكبر "د. حسن قجّـة" الذي كان له الإسهام الأكبر في أعمال هذا الكتاب: تنفيذاً وإخراجاً وتننضيداً. وكان لجهده الأثر الواضح في إنجاز العمل.
8 - الصور المرفقة :
- غلاف كتاب القدس في عيون الشعراء
- قبة الصخرة
- المسجد الأقصى
- منظر عام لمدينة القدس يتوسطها الحرم القدسي