سفينة الفضاء أبولو ۱۱ ..
يوم أطلقوا الصاروخ برجاله الثلاثة الى القمر
كان هذا اليوم هو اليوم السادس عشر من شهر يولية عام ١٩٦٩ .
وكان المكان هو مركز الفضاء ( لكندي ) Kennedy Space Center في فلوردة بالولايات المتحدة .
وهي محطة للاطلاق اتخذوا لها من اسم رئيس الولايات المتحدة ، القتيل الراحل ، اسما .
وكانوا ضربوا موعدا لاطلاق الصاروخ بالذي حمل من رجال ، هو منتصف الساعة العاشرة من ذلك اليوم .
ومع هذا فقد سبق خلق كثير من أمريكا، ومن غير أمريكا من شرق وغرب ، الى هذا المكان حتى قدر الحاسبون أن عددهم بلغ المليون من الأنفس ، ازدحمت بهم الطرقات الى مكان الاطلاق ، بل انسدت بهم . والسيارات مس بعضها بعضا ، في طوابير تعطلت فيها عن الحركة هذا غير من جاءوا ساهرين ، أو من قضوا الليل في سياراتهم في العراء نائمين .
والصحفيون جاءوا من نحو ثمانين دولة . انه لم يثر أهل الأرض كمثل خبر نزول رجل على سطح القمر .
- العد التنازلي :
وازدحم المشاهدون وازدحم الصحفيون في مدرج لهم هناك عظيم ، يبعد عن منصة الاطلاق بعدا قد احتاج النظارة معه الى استخدام النظارات المقربة .
ورأى الناظرون من الصباح الباكر لوحة ، عليها اعداد ، تتغير أرقامها كل ثانية . انها لوحة التعداد التنازلي .
فاذا قرأت على اللوحة ٢١/١٥ كان معناها أنه بقي على الاطلاق ۲۱ دقيقة و ١٥ ثانية ، وتقرأ على التو بعدها ٢١/١٤ ثم ۲۱/١٣ . وهلم جرا ، نزولا ، حتى اذا قرأت ١٥/٠ علمت أنه لم يبق على الاطلاق غير ١٥ دقيقة فقط.
والتعداد التنازلي يبدأ حين يبدأ الفنيون يختبرون الصواريخ والمركبات الفضائية التي فوق الصاروخ للمرة الأخيرة ، وقد تطول مدة هذه الاختبارات أياما وساعات طويلة ، لأن عدد الاختبارات كبير . وليس جاذبا لعين المشاهد كهذه اللوحة المتحركة ، الدائمة الحركة .
(الصحفيون ، وقد بلغ عددهم ٣٥٠٠ من الولايات المتحدة ومن ٥٥ بلدا آخر ، يراقبون سفينة الفضاء أبولو ١١ وقد أخذت ترتفع ببطء الى السماء )
بعد ١٥ دقيقة من بدء صعود السفينة الفضائية . وترى في الصورة النظارة وهم يشهدون السفينة بمناظرهم المقربة ، ويأخذون صورا لها )
( سفينة الفضاء أبولو ۱۱ . وقد اشتعل صاروخها ، وأخذت تصعد الى السماء )
وترفع بصرك عن هذه اللوحة فيملأ عينك الصاروخ وقد تراءى من بعيد هائلا عارما ، لا ينافسه طولا الا برج الصعود الذي الى جانبه ، وعليه يصعد الرجال والفنيون يصعدون الى أي طبقة شاءوا من الصاروخ ومن المركبات الفضائية التي فوقه .
- وتسأل : أين رجال الفضاء ؟
وتسأل عن رجال الفضاء الثلاثة ، أين هم ؟ فتعلم أنهم جميعا احتلوا مكانهم من مركبة القيادة في أعلى الصاروخ منذ أكثر من ساعتين ونصف ، وأنهم اشتغلوا هذه المدة بفحص أجهزتهم هناك . وتعلم كذلك أنهم استيقظوا ، في بيتهم المعزول ، وهو على بعد بضعة كيلومترات من مكان الاطلاق ، في فجر ذلك اليوم . وجاءهم الأطباء أول شيء وفحصوهم آخر فحص . ثم هم تناولوا الافطار ، وكان طعاما لا يخلف في الجسم الا القليل من الفضلات . وتسأل فما كان ذلك ؟ فيأتيك الجواب ، انه اللحم والبيض وعصير البرتقال والقهوة . واتصل رجال الفضاء ، أو ان شئت فرواد الفضاء، أو ان شئت فملا حو الفضاء الثلاثة الذين غايتهم القمر ، اتصلوا بالتلفون بزوجاتهم وأهلهم آخر اتصال ، للوداع . فمن يدري !
وتعلم أنهم بعد ذلك لبسوا ملابس الفضاء، وحملوا الى سفينة الفضاء حملا سريعا .
- واقتربت الساعة :
ويلفت انتباهك سكون حل في المكان طارىء ، وتنظر في الجمع الحاشد فتجد النظارات قد ارتفعت الى الأعين تنظر إلى بعيد وترمي بنظرك الى اللوحة الراقمة فتقرأ عليها ۸/۱۰ فتعلم أنها دقائق ثمان وعشر ثوان ، بعدها يصعد الصاروخ بسفينة الفضاء التي حمل .
وما هي الا دقيقتان أو ثلاث حتى ترى برج الصعود قد انزاح بغتة عن موضعه ، واذا الصاروخ واقف وحده ، على منصة الإطلاق ، لا يسنده شيء . وتعلم أنه انقطع ما بينه وبين من حوله وما حوله من اتصال ، وانقطعت الطاقة الخارجية التي كانت تمده ، وأصبح لا يعتمد الا على ما فيه من طاقة داخلية ، وبقي اللاسلكي وحده طريق الكلام .
وتنظر فاذا اللوحة تقول ان الزمن ۳/۱۰ ، ومعنى ذلك أنه لم يبق على الاطلاق غير ٣ دقائق وعشر ثوان وتعلم مما قرأت أن هذه هي اللحظة التي عندها ينقض رجال الاطلاق أيديهم من أجهزة الاطلاق ، ويتركونها في أيدي الحاسبات الالكترونية ، تجري عمليات الاطلاق في تتابعها خطوة خطوة ، ولا سلطان للرجال عليها . الا أن يحدث خطأ مريع ينذر بكارثة ، في المائتين من الثواني الباقية ، وعندئذ فقط يستطيع الرئيس المسئول عن ذلك أن يضغط على زر ، ضغطة يوقف بها حركة كل شيء .
وتقرأ على اللوحة ۱۰ ، ۹ ، ۸ ، ٠٠ انها الثواني تجري. وبغتة تتصاعد الأبخرة بيضاء من تحت الصاروخ ، ثم هي تمتد وتثور وتصطخب فيما حوله .
وتقرأ اللوحة . انها ٥ ، ٤ ، ٣ ، ٢ ، ١ ، ٠ ٠ ٠
واهتز الصاروخ قليلا بالذي حمل ، وتراءى للعين كأنه تململ من ثقل . ودمدم ، فسمع الناس له قصفة كالرعد . ثم اذا به ينطلق كالسهم الى السماء انطلاقا ، وهو يجر وراءه ذيلا طويلا من لهب .
- اعتذار عن تأخر الاطلاق وراءه معنى خطير :
وجاء صوت الرجل الكبير القائم على اطلاق الصاروخ يقول :
لم يتأخر عن موعد انطلاقه غير ٧٢٤ ملي ثانية Milli - Seconds .
وحسب الرجل أن السامعين لم يستطيعوا أن يدركوا معنى ما قال ، فزاد فقال :
ان ملي الثانية عبارة عن جزء من ألف من الثانية ودهش السامعون . ان تأخر الاطلاق عن موعده بلغ اقل من ٢/٤ الثانية .
ولكن وراء هذه الدقة في قياس الزمن ، وغير الزمان في رحلات الفضاء ، خطر عظيم .
وذلك أن الراحل الى القمر يضرب له موعدا يلقاه فيه بعد ثلاثة أيام مثلا. ولكنه يريد أن يلقاه في موضع من فلكه خاص ، وأن يلقاه على وضع له خاص ، وأن ينزل عليه في نقطة خاصة بمنطقة منه خاصة . والقمر في اثناء الرحلة يسير في الثانية بسرعة كبيرة . وهو في رحلة الثلاثة الأيام يبتعد عن موضعه ساعة الاطلاق بأكثر من ٢١٥٠٠ كيلومتر وهو في مداره حول الأرض . وهو بالاضافة الى كل هذا يدور حول نفسه نحو ۱۲ درجة في اليوم الواحد . والأرض كذلك تدور في فلكها ، وتدور حول نفسها . فالأوضاع النسبية بين الأرض والقمر تتغير كل ثانية ، فالراحل الى الفضاء لا بد أن يعتبر كل هذا في تحديد موعد الاطلاق من الأرض ، وموعد لقاء القمر على الوضع المطلوب في الموضع المطلوب على سطحه . ومن أجل هذا لا بد من ضبط كل مواعيد اللقاءات التي تجري في السماء بالثواني . ورائدو القمر عندهم في مركباتهم القدرة على التصرف أثناء الرحلة بحيث يصححون الأخطاء ، ولكنها قدرة محدودة .
يوم أطلقوا الصاروخ برجاله الثلاثة الى القمر
كان هذا اليوم هو اليوم السادس عشر من شهر يولية عام ١٩٦٩ .
وكان المكان هو مركز الفضاء ( لكندي ) Kennedy Space Center في فلوردة بالولايات المتحدة .
وهي محطة للاطلاق اتخذوا لها من اسم رئيس الولايات المتحدة ، القتيل الراحل ، اسما .
وكانوا ضربوا موعدا لاطلاق الصاروخ بالذي حمل من رجال ، هو منتصف الساعة العاشرة من ذلك اليوم .
ومع هذا فقد سبق خلق كثير من أمريكا، ومن غير أمريكا من شرق وغرب ، الى هذا المكان حتى قدر الحاسبون أن عددهم بلغ المليون من الأنفس ، ازدحمت بهم الطرقات الى مكان الاطلاق ، بل انسدت بهم . والسيارات مس بعضها بعضا ، في طوابير تعطلت فيها عن الحركة هذا غير من جاءوا ساهرين ، أو من قضوا الليل في سياراتهم في العراء نائمين .
والصحفيون جاءوا من نحو ثمانين دولة . انه لم يثر أهل الأرض كمثل خبر نزول رجل على سطح القمر .
- العد التنازلي :
وازدحم المشاهدون وازدحم الصحفيون في مدرج لهم هناك عظيم ، يبعد عن منصة الاطلاق بعدا قد احتاج النظارة معه الى استخدام النظارات المقربة .
ورأى الناظرون من الصباح الباكر لوحة ، عليها اعداد ، تتغير أرقامها كل ثانية . انها لوحة التعداد التنازلي .
فاذا قرأت على اللوحة ٢١/١٥ كان معناها أنه بقي على الاطلاق ۲۱ دقيقة و ١٥ ثانية ، وتقرأ على التو بعدها ٢١/١٤ ثم ۲۱/١٣ . وهلم جرا ، نزولا ، حتى اذا قرأت ١٥/٠ علمت أنه لم يبق على الاطلاق غير ١٥ دقيقة فقط.
والتعداد التنازلي يبدأ حين يبدأ الفنيون يختبرون الصواريخ والمركبات الفضائية التي فوق الصاروخ للمرة الأخيرة ، وقد تطول مدة هذه الاختبارات أياما وساعات طويلة ، لأن عدد الاختبارات كبير . وليس جاذبا لعين المشاهد كهذه اللوحة المتحركة ، الدائمة الحركة .
(الصحفيون ، وقد بلغ عددهم ٣٥٠٠ من الولايات المتحدة ومن ٥٥ بلدا آخر ، يراقبون سفينة الفضاء أبولو ١١ وقد أخذت ترتفع ببطء الى السماء )
بعد ١٥ دقيقة من بدء صعود السفينة الفضائية . وترى في الصورة النظارة وهم يشهدون السفينة بمناظرهم المقربة ، ويأخذون صورا لها )
( سفينة الفضاء أبولو ۱۱ . وقد اشتعل صاروخها ، وأخذت تصعد الى السماء )
وترفع بصرك عن هذه اللوحة فيملأ عينك الصاروخ وقد تراءى من بعيد هائلا عارما ، لا ينافسه طولا الا برج الصعود الذي الى جانبه ، وعليه يصعد الرجال والفنيون يصعدون الى أي طبقة شاءوا من الصاروخ ومن المركبات الفضائية التي فوقه .
- وتسأل : أين رجال الفضاء ؟
وتسأل عن رجال الفضاء الثلاثة ، أين هم ؟ فتعلم أنهم جميعا احتلوا مكانهم من مركبة القيادة في أعلى الصاروخ منذ أكثر من ساعتين ونصف ، وأنهم اشتغلوا هذه المدة بفحص أجهزتهم هناك . وتعلم كذلك أنهم استيقظوا ، في بيتهم المعزول ، وهو على بعد بضعة كيلومترات من مكان الاطلاق ، في فجر ذلك اليوم . وجاءهم الأطباء أول شيء وفحصوهم آخر فحص . ثم هم تناولوا الافطار ، وكان طعاما لا يخلف في الجسم الا القليل من الفضلات . وتسأل فما كان ذلك ؟ فيأتيك الجواب ، انه اللحم والبيض وعصير البرتقال والقهوة . واتصل رجال الفضاء ، أو ان شئت فرواد الفضاء، أو ان شئت فملا حو الفضاء الثلاثة الذين غايتهم القمر ، اتصلوا بالتلفون بزوجاتهم وأهلهم آخر اتصال ، للوداع . فمن يدري !
وتعلم أنهم بعد ذلك لبسوا ملابس الفضاء، وحملوا الى سفينة الفضاء حملا سريعا .
- واقتربت الساعة :
ويلفت انتباهك سكون حل في المكان طارىء ، وتنظر في الجمع الحاشد فتجد النظارات قد ارتفعت الى الأعين تنظر إلى بعيد وترمي بنظرك الى اللوحة الراقمة فتقرأ عليها ۸/۱۰ فتعلم أنها دقائق ثمان وعشر ثوان ، بعدها يصعد الصاروخ بسفينة الفضاء التي حمل .
وما هي الا دقيقتان أو ثلاث حتى ترى برج الصعود قد انزاح بغتة عن موضعه ، واذا الصاروخ واقف وحده ، على منصة الإطلاق ، لا يسنده شيء . وتعلم أنه انقطع ما بينه وبين من حوله وما حوله من اتصال ، وانقطعت الطاقة الخارجية التي كانت تمده ، وأصبح لا يعتمد الا على ما فيه من طاقة داخلية ، وبقي اللاسلكي وحده طريق الكلام .
وتنظر فاذا اللوحة تقول ان الزمن ۳/۱۰ ، ومعنى ذلك أنه لم يبق على الاطلاق غير ٣ دقائق وعشر ثوان وتعلم مما قرأت أن هذه هي اللحظة التي عندها ينقض رجال الاطلاق أيديهم من أجهزة الاطلاق ، ويتركونها في أيدي الحاسبات الالكترونية ، تجري عمليات الاطلاق في تتابعها خطوة خطوة ، ولا سلطان للرجال عليها . الا أن يحدث خطأ مريع ينذر بكارثة ، في المائتين من الثواني الباقية ، وعندئذ فقط يستطيع الرئيس المسئول عن ذلك أن يضغط على زر ، ضغطة يوقف بها حركة كل شيء .
وتقرأ على اللوحة ۱۰ ، ۹ ، ۸ ، ٠٠ انها الثواني تجري. وبغتة تتصاعد الأبخرة بيضاء من تحت الصاروخ ، ثم هي تمتد وتثور وتصطخب فيما حوله .
وتقرأ اللوحة . انها ٥ ، ٤ ، ٣ ، ٢ ، ١ ، ٠ ٠ ٠
واهتز الصاروخ قليلا بالذي حمل ، وتراءى للعين كأنه تململ من ثقل . ودمدم ، فسمع الناس له قصفة كالرعد . ثم اذا به ينطلق كالسهم الى السماء انطلاقا ، وهو يجر وراءه ذيلا طويلا من لهب .
- اعتذار عن تأخر الاطلاق وراءه معنى خطير :
وجاء صوت الرجل الكبير القائم على اطلاق الصاروخ يقول :
لم يتأخر عن موعد انطلاقه غير ٧٢٤ ملي ثانية Milli - Seconds .
وحسب الرجل أن السامعين لم يستطيعوا أن يدركوا معنى ما قال ، فزاد فقال :
ان ملي الثانية عبارة عن جزء من ألف من الثانية ودهش السامعون . ان تأخر الاطلاق عن موعده بلغ اقل من ٢/٤ الثانية .
ولكن وراء هذه الدقة في قياس الزمن ، وغير الزمان في رحلات الفضاء ، خطر عظيم .
وذلك أن الراحل الى القمر يضرب له موعدا يلقاه فيه بعد ثلاثة أيام مثلا. ولكنه يريد أن يلقاه في موضع من فلكه خاص ، وأن يلقاه على وضع له خاص ، وأن ينزل عليه في نقطة خاصة بمنطقة منه خاصة . والقمر في اثناء الرحلة يسير في الثانية بسرعة كبيرة . وهو في رحلة الثلاثة الأيام يبتعد عن موضعه ساعة الاطلاق بأكثر من ٢١٥٠٠ كيلومتر وهو في مداره حول الأرض . وهو بالاضافة الى كل هذا يدور حول نفسه نحو ۱۲ درجة في اليوم الواحد . والأرض كذلك تدور في فلكها ، وتدور حول نفسها . فالأوضاع النسبية بين الأرض والقمر تتغير كل ثانية ، فالراحل الى الفضاء لا بد أن يعتبر كل هذا في تحديد موعد الاطلاق من الأرض ، وموعد لقاء القمر على الوضع المطلوب في الموضع المطلوب على سطحه . ومن أجل هذا لا بد من ضبط كل مواعيد اللقاءات التي تجري في السماء بالثواني . ورائدو القمر عندهم في مركباتهم القدرة على التصرف أثناء الرحلة بحيث يصححون الأخطاء ، ولكنها قدرة محدودة .
تعليق