حسام محمد
قلب لوزة» درة الكنائس السورية وأجملها وأكثرها متانة وحياة
تحظى سوريا بمكانة تاريخية متأصلة في الحياة البشرية منذ نشأتها، فما أن تدخل الأراضي السورية سواء من جنوبها أو شمالها، أو من شرقها أو غربها، فأنك ستدخل بوابة التاريخ فعليا، فكل بقعة جغرافية فيها، وكل مدينة ستزورها ما هي إلا صفحة من صفحات الكتاب الأثري للإنسان، وأينما تجولت سينتهي بك المطاف بمدينة أثرية بالمجمل، أو بقلاع فيها أرشيف يكاد لا ينتهي، وكنائس تعد الأقدم عبر التاريخ.
صحيح، أن سوريا كانت مسرحا للحروب والغزوات خلال القرون الماضية أو العصر الحديث، ورغم فجاعة ما كان ينتج عن تلك الحروب والصراعات إلا أن آثار سوريا، كانت وستبقى كتابا، بل فيها مجلدات مملوءة بعبق الشعوب السابقة، من إبداعها في فنون البناء والعمران، إلى تلينها للحجر والصخور مقابل بناء معالم أثرية وحصون ودور عبادة وتعليم ستظل قائمة إلى الأجيال القادمة.
وهنا، على أحد سفوح الجبل الأعلى الواقع شمال غرب إدلب في الشمال السوري وعلى ارتفاع 683 متراً، تتربع كنيسة «قلب لوزة» الأشهر بين كنائس الكتلة الكلسية في شمالي سوريا، متفردة بدقة بنائها وجمال زخرفها وبعدها الأثري والحضاري، الذي جعلها محط أنظار الباحثين والسياح في العالم.
من أجمل الكنائس البيزنطية:
تعتبر كنيسة قلب لوزة من أجمل الكنائس البيزنطية في سوريا، وتتميز الكنيسة التاريخية بدقة بنائها وجمال زخارفها وتظهر أناقة وجمال البناء السوري الذي ابتكر أساليب معمارية جديدة، كانت مثالاً يحتذى به وينقله الأوروبيون في العصور الوسطى ونسجوا على منواله، فيما اعتبرها الباحثون آية في الجمال الهندسي والزخرفي ومن أروع الكنائس السورية قاطبة.
كنيسة قلب لوزة الواقعة في إدلب شمالي سوريا، وطراز العمارة المستخدم فيها، مصدر إلهام لكثير من الكنائس القوطية في أوروبا، مثل كاتدرائية نوتردام في فرنسا. وتقع الكنيسة الأثرية في البلدة التي تحمل الاسم نفسه قلب لوزة، التابعة لمدينة حارم بريف إدلب الغربي.
يختلف الباحثون حول التاريخ الدقيق لبناء هذه الكنيسة في الشمال السوري، وإذا ما كانت سبقت بناء دير سمعان العامودي الواقع على تل أنيسوي المعروف بإسم تل النسا، والتابع لمحافظة حلب شمالي سوريا، ويرجع الباحث الأمريكي بتلر تاريخ بنائها إلى عام 480م، لكن وفق تقديرات هي الأقرب فمن المعتقد بأن تاريخها يعود إلى منتصف القرن الخامس وبداية السادس الميلادي.
أما الباحث الفرنسي تشالنكو فيعتقد أنها بنيت عندما كان القديس سمعان حيّاً أو بعد وفاته مباشرة، بينما يُرجعها دو فوغويه إلى القرن السادس الميلادي، وبقيت الشعائر الدينية تمارس في هذه الكنيسة حتى القرن الثاني عشر الميلادي حيث تمّ هجرها أسوة ببقية قرى الكتلة الكلسية في شمال سوريا.
تعليق