الأرض ..
في التاريخ بين بسيطة ومكوَّرة
في اللغة العربية ، وفي كل لغة من لغات الأرض ، تعبیران مختلفان ، أحدهما يعبر عن المعرفة الظاهرة البادهة ، التي تراها العين أول وهلة ، أو تسمعها الأذن ، أو تحسها الأحاسيس جميعا ، وثاني التعبيرين ، يعبر عن المعرفة الباطنة ، التي يكشف عنها البحث ، وتكشف الدراسة وهي كثيرا ما تتعارض مع الشيء الباده والتعبير الباده .
ولغة الكلام ، عندما تخرج على أفواه الناس ، تعبر عما جرى عليه العرف من المعارف الظاهرة البادهة : ولو خالف المعرفة الباطنة التي يكشف عنها الجهد العقلي تلك التي تظل رغم تكشفها غريبة على لسان السواد من الناس .
- فنجان وقع فانكسر :
ومن أمثلة ذلك أن أقول أن فنجاني سقط على الأرض فانكسر .. وتقول ما الذي أسقطه ؟
ويأتيك الجواب بأن الأرض جذبته .
وهذا هو التعبير الباده عن هذه الظاهرة. وتستطيع انت نقده على الفور . فأولا انت تقول ان الجاذبية لا معنى لها ، لفظ ابتدع لسقوط شيء زعمنا انه انجذب ، جذبته الأرض . وتقول انك تجذب أخاك بأن تمسكه فتشده اليك . وليس بين الأرض والفنجان رابطة تشده اليها .
ويستطيع حتى العالم الفيزيائي نقده كذلك على الفور : ان الجاذبية عنده قوة لا تراها العين ، أثبت وجودها بتجارب في المختبرات ، ارته في غير ابهام ولا غموض ، أن الجسم ينجذب الى الجسم كائنا هذا وذاك ما كان وعنده اذن أن الفنجان الذي انكسر ، كان انکساره ، لا يجذب الأرض للفنجان وحده، وانما بتجاذب الاثنين معا . انه تفاعل لا فعل . وهو يقول لك ان الفنجان يجذب الأرض ، كما تجذب الأرض الفنجان . وهو يقول لك، ان صح تعبيرك بأن الأرض جذبت الفنجان صح أيضا التعبير بأن الفنجان جذب الأرض اليه فقد فانكسر .
وتأبى أنت بالطبع أن تكون هذه لغة الناس. وتهدف الى اللغة البادهة ، لغة العين التي ترى الفنجان يتحرك الى الأرض فينكسر .
وينسى العالم ما كان بينك وبينه من نقاش .
وبعد أيام تعود فتضبطه يعبر ، غير ذاكر ، عن سقوط فنجان الى الأرض ، فيقول : انه سقط بجذب الأرض اياه . لم يقل بتجاذبهما .
درج على ما درج عليه التعبير الانساني الذي يجري في السواد من الناس . التعبير عن بواده الظواهر ، ببواده الكلام .
- واستيقظ مع طلوع الشمس :
ومثل آخر .
عالم من علماء الفلك تسأله في أي ساعة استيقظ في الصباح ، فيقول لك انه استيقظ مع « طلوع الشمس » !
الشمس اذن تطلع يا سيدي الأستاذ ، وهي التي تغيب ، وانتم تقولون ان الشمس هي التي ثبتت لتدور حولها الأرض ! !
فيقول لك طبعا انه انما يعبر عن الظاهر الباده السهل في نقل المعاني . . لغة البداهة لغة الناس . وادخال لغة الباطن ، لفة الحقيقة غير الظاهرة ، يعقد مجاري الحياة .
- والأرض البسيطة :
ونأتي على المثل الذي أردنا ، من كل هذا الكلام تقول ان ابن بطوطة ، في رحلاته الشهيرة ، ظل يقطع الأرض البسيطة قطعا .
الأرض البسيطة !
وتسأل : وهل انبسطت الأرض ؟
ويأتيك الجواب : لا . ان الأرض ما انبسطت ولكنها في النظر الباده هي بسيطة . وهي بسيطة لكل
من سار ويسير وسوف يسير عليها .
وتقول بل هي مكورة ..
ويقول صاحبك ، ولو كان عالم أرض ، نعم أعلم أنها مكورة ، ولكنه تكور لا يحسه السائر عليها أبدا . السائر الذي همه هم الحياة على هذه الأرض ، زارعها ، وباني المساكن عليها . ان الذي يحس التكور دارس السماء والأرض . وأنا ان قلت ان ابن بطوطة ظل يقطع الأرض المكورة قطعا ، لثقل هذا حتى على الرجل الفلكي .
في التاريخ بين بسيطة ومكوَّرة
في اللغة العربية ، وفي كل لغة من لغات الأرض ، تعبیران مختلفان ، أحدهما يعبر عن المعرفة الظاهرة البادهة ، التي تراها العين أول وهلة ، أو تسمعها الأذن ، أو تحسها الأحاسيس جميعا ، وثاني التعبيرين ، يعبر عن المعرفة الباطنة ، التي يكشف عنها البحث ، وتكشف الدراسة وهي كثيرا ما تتعارض مع الشيء الباده والتعبير الباده .
ولغة الكلام ، عندما تخرج على أفواه الناس ، تعبر عما جرى عليه العرف من المعارف الظاهرة البادهة : ولو خالف المعرفة الباطنة التي يكشف عنها الجهد العقلي تلك التي تظل رغم تكشفها غريبة على لسان السواد من الناس .
- فنجان وقع فانكسر :
ومن أمثلة ذلك أن أقول أن فنجاني سقط على الأرض فانكسر .. وتقول ما الذي أسقطه ؟
ويأتيك الجواب بأن الأرض جذبته .
وهذا هو التعبير الباده عن هذه الظاهرة. وتستطيع انت نقده على الفور . فأولا انت تقول ان الجاذبية لا معنى لها ، لفظ ابتدع لسقوط شيء زعمنا انه انجذب ، جذبته الأرض . وتقول انك تجذب أخاك بأن تمسكه فتشده اليك . وليس بين الأرض والفنجان رابطة تشده اليها .
ويستطيع حتى العالم الفيزيائي نقده كذلك على الفور : ان الجاذبية عنده قوة لا تراها العين ، أثبت وجودها بتجارب في المختبرات ، ارته في غير ابهام ولا غموض ، أن الجسم ينجذب الى الجسم كائنا هذا وذاك ما كان وعنده اذن أن الفنجان الذي انكسر ، كان انکساره ، لا يجذب الأرض للفنجان وحده، وانما بتجاذب الاثنين معا . انه تفاعل لا فعل . وهو يقول لك ان الفنجان يجذب الأرض ، كما تجذب الأرض الفنجان . وهو يقول لك، ان صح تعبيرك بأن الأرض جذبت الفنجان صح أيضا التعبير بأن الفنجان جذب الأرض اليه فقد فانكسر .
وتأبى أنت بالطبع أن تكون هذه لغة الناس. وتهدف الى اللغة البادهة ، لغة العين التي ترى الفنجان يتحرك الى الأرض فينكسر .
وينسى العالم ما كان بينك وبينه من نقاش .
وبعد أيام تعود فتضبطه يعبر ، غير ذاكر ، عن سقوط فنجان الى الأرض ، فيقول : انه سقط بجذب الأرض اياه . لم يقل بتجاذبهما .
درج على ما درج عليه التعبير الانساني الذي يجري في السواد من الناس . التعبير عن بواده الظواهر ، ببواده الكلام .
- واستيقظ مع طلوع الشمس :
ومثل آخر .
عالم من علماء الفلك تسأله في أي ساعة استيقظ في الصباح ، فيقول لك انه استيقظ مع « طلوع الشمس » !
الشمس اذن تطلع يا سيدي الأستاذ ، وهي التي تغيب ، وانتم تقولون ان الشمس هي التي ثبتت لتدور حولها الأرض ! !
فيقول لك طبعا انه انما يعبر عن الظاهر الباده السهل في نقل المعاني . . لغة البداهة لغة الناس . وادخال لغة الباطن ، لفة الحقيقة غير الظاهرة ، يعقد مجاري الحياة .
- والأرض البسيطة :
ونأتي على المثل الذي أردنا ، من كل هذا الكلام تقول ان ابن بطوطة ، في رحلاته الشهيرة ، ظل يقطع الأرض البسيطة قطعا .
الأرض البسيطة !
وتسأل : وهل انبسطت الأرض ؟
ويأتيك الجواب : لا . ان الأرض ما انبسطت ولكنها في النظر الباده هي بسيطة . وهي بسيطة لكل
من سار ويسير وسوف يسير عليها .
وتقول بل هي مكورة ..
ويقول صاحبك ، ولو كان عالم أرض ، نعم أعلم أنها مكورة ، ولكنه تكور لا يحسه السائر عليها أبدا . السائر الذي همه هم الحياة على هذه الأرض ، زارعها ، وباني المساكن عليها . ان الذي يحس التكور دارس السماء والأرض . وأنا ان قلت ان ابن بطوطة ظل يقطع الأرض المكورة قطعا ، لثقل هذا حتى على الرجل الفلكي .
تعليق