المدن القديمة
انقضت مئات السنين قبل أن تتطور قرى العصر الحجري إلى مدن. وكانت المدن الأولى قد ظهرت حوالي سنة 3500ق.م. في وادي دجلة والفرات بسومر. ويقع هذا الوادي في الجزء السفلي لبلاد ما بين النهرين، وهي ما تعرف بالعراق اليوم، وتطورت القرى المصرية بوادي النيل إلى مدن حوالي سنة 3000ق.م.، وصارت القرى بوادي نهر السند مدنًا حوالي سنة 2500ق.م، وبدأت المدن الصينية في الظهور حوالي منتصف القرن السابع عشر قبل الميلاد، بينما تطورت قرى الهنود في وسط أمريكا إلى المدن الأولى في نصف الكرة الغربي في القرن الثالث قبل الميلاد.
في العالم العربي والإسلامي لم يتأخر ظهور المدينة عن مناطق العالم الأخرى، بل إن بعض المدن العربية التي صارت من كبريات العواصم الإسلامية فيما بعد، تعود إلى 3000 أو 3500 سنة ق.م. كما في بعض المدن المصرية والعراقية وغيرها. ارتبط ظهور هذه المدن بالوديان والسهول حول الأنهار، وكانت لها خصائصها المميزة. جاءت هذه المدن نتاج حضارات قديمة نشأت في المناطق العربية، فتوافرت لها كل أسباب التطور والازدهار. وفي بداية انتشار الإسلام نشأت مدن جديدة استجابة لمتطلبات المجتمع الإسلامي الجديد وفق معايير وأسس إسلامية، وتميزت المدن الإسلامية بخصائص معمارية متميزة تتوافق مع القيم والتقاليد الإسلامية.
اختلفت المدن القديمة عن قرى العصر الحجري من نواح متعددة. فقد كانت المدن أكبر وكانت بها مبانٍ عامة كبيرة تشمل معابد وأماكن لتخزين الحبوب والأسلحة.
كان عدد الناس بالمدن أكبر منه بالقرى، واجتذبت أناسًا من خلفيات متنوعة، واختلف أيضًا عمل أهل المدن عن عمل أهل القرى ؛ فقدكان معظم العاملين من أهل القرى مزارعين. وكان بعض من أهل المدن يقومون بزراعة الأرض خارج المدن، لكن معظمهم كانت لهم أعمال لا علاقة لها بالزراعة. وقد ازداد عدد الحرفيين والعمال الحكوميين بالمدن الأولى وظهرت بها مجموعة جديدة من العمال وهم التجار والباعة.
الوصف:
كانت المدينة القديمة تغطي مساحة أقل من 2,5كم². وكان معظم سكانها يعيشون بالقرب من مصادر المياه بالمدينة ؛ لأنهم كانوا يحتاجون إلى أخذ المياه وحملها إلى أماكن بعيدة بأنفسهم. إلا أن التقدم التقني - خصوصًا إنشاء القنوات لنقل المياة إلى أماكن بعيدة- هو الذي مهد لامتداد بعض المدن القديمة. روما مثلاً امتدت إلى حجم أكبر من 10كم² بعد أن طورت المدينة نظام قنوات متميزًا.
وقد كانت معظم المدن القديمة محاطة بالأسوار لتحميها من الأعداء. كذلك ساعدت الجبال في حماية بعض المدن القديمة. كانت روما تقع على جبال، وكانت أثينا قد بُنيت حول جبل يلجأ الناس إليه إذا هاجم الأعداء المدينة. وكانت المنطقة الوسطى في معظم المدن تحتوي على مكان للعبادة وقصر الحاكم ومخزن للطعام. وكانت هذه المنطقة الوسطى في بعض المدن محاطة بسور يمنع الأعداء والجوعى من دخول المنطقة. وكانت المنازل تبدو مزدحمة مع بعضها حول المنطقة الوسطى.
وكانت الصحة تمثل مشكلة كبرى في المدن القديمة التي كان معظمها لا يملك نظامًا للتخلص من الفضلات. وكان الناس يرمون القمامة وبعض الفضلات ببساطة في الشوارع أو يجمعونها خارج سور المدينة. ونتيجة لهذا كانت الأمراض تنتشر بسرعة وكانت معدلات الوفاة في ارتفاع، وكانت الشوارع الضيقة غير المرصوفة تتحول إلى بحار من الطين عند نزول الأمطار. وقد بلغت بعض المدن القديمة درجة رفيعة من التقدم. روما مثلاً، كانت لها شبكة صرف صحي، ونظام لإمداد الماء، وإنشاءات عامة ضخمة كثيرة، بما في ذلك الحمامات العامة. وقد شملت المدن المتقدمة القديمة أثينا وبابل، وعددًا من مدن مصر. ★ تَصَفح: أثينا ؛ بابل ؛ مصر ؛ القدس ؛ روما.
السكان:
كان عدد السكان بالمدن القديمة أكبر منه بقرى العصر الحجري، لكنه أقل بكثير منه بالمدن المعاصرة. كان عدد السكان في معظم المدن أقل من 10,000، على الرغم من أن أثينا وبكين وروما، ومدنًا أخرى كثيرة كانت ذات كثافة أعلى من ذلك.
وقد شكل السكان الأوائل للمدن الأولى مجتمعات متجانسة ؛ ذلك لأنهم كانوا ينتمون إلى نفس الخلفيات العرقيّة والجغرافية، ويشتركون في الاعتقادات الدينية والسمات الثقافية. لكن سرعان ما بدأت المدن تجذب الناس من مشارب مختلفة. فقد نزح كثير من الناس من الريف بحثًا عن حياة أفضل بالمدينة. وقد أُسِر بعض الناس في الحرب وجلبوا للمدن ليعملوا عبيدًا. وكان قدوم النازحين الجدد قد حوّل المدن إلى مجتمعات متغايرة العناصر تتكون من أناس من مشارب مختلفة.
وقد أثمر تكوين المجتمعات المتباينة العناصر انتشارًا للثقافة، لكن كانت له آثار غير محمودة، وكان القادمون الجدد والمجموعة الأصلية، في كثير من المدن، لا يثق بعضهم في بعض. وقد نتج عن ذلك أنواع مختلفة من التّعصب والتمييز العنصري.
وكان سكان المدن القديمة ينقسمون إلى طبقات ؛ تكونت الطبقة العليا من الحكام والمسؤولين العسكريين وكبار القساوسة ؛ وتكونت الطبقة الدنيا من المزارعين والحرفيين والتجار ؛ وأتى في أدنى طبقات المجتمع القادمون الجدد، خصوصًا العبيد، وأولئك المنحدرون من مشارب تختلف كثيرًا عن تلك التي تميز المواطنين الأصلاء. كان القادمون الجدد يعاملون منبوذين، ويُجبر معظمهم على العيش في أقسام منفصلة من المدينة، كما أنهم كانوا يسكنون في أكثر مساكن المدينة سوءًا، ويعيشون على قليل من الطعام واللباس وبلا تعليم.
كانت العائلات والأسر من الطبقات العليا تسكن في منازل ضخمة ؛ بينما كان معظم الناس يسكنون في مساكن تتكون من حجرة واحدة صغيرة أو حجرتين. وفي جميع الطبقات، كان الأطفال والآباء والأجداد والأقارب الآخرون في كثير من العائلات يعيشون في نفس البيت.
وفي معظم المدن القديمة كان أطفال العائلات من الطبقات العليا فقط يتلقون تعليمًا رسميًا. أما الأطفال من الطبقات الأخرى فكانوا يتعلمون حرفة آبائهم عادة، أو لا يتلقون تعليمًا مطلقًا. كانت البنات من الطبقات كلها يتعلمن معظم الواجبات المنزلية من أمهاتهن.
عبد معظم الناس في البداية عددًا من الآلهة (الأوثان). وكان معظمهم يعتقد أن غضب الآلهة يسبب سوء الحظ الشخصي. وقد كانت الاحتفالات تقام لتكريم الآلهة وإرضائها. وكان معظم القدماء، بمن فيهم المصريون والإغريق والرومان، يبنون المعابد والتماثيل ويهبونها للآلهة. كذلك كان الهنود الحمر في كل من أمريكا الوسطى والجنوبية. فقد أنشأ الهنود الحمر مثلاً المباني الدينية المشهورة في تيوتيواكان بالقرب من مكسيكو سيتي.
الاقتصاد:
أدى التقدم التقني في الزراعة إلى جعل نشأة القرى في العصر الحجري أمرًا ممكنًا، كما أن المزيد من التقدم فيها عمل على ظهور المدن القديمة. وقد ساعد اختراع الآلات الزراعية الجديدة واكتشاف أساليب جديدة للحصاد والري وتربية الحيوانات في زيادة الطعام. وكلما ازداد الفائض توقف عدد كبير من الناس عن الزراعة، وذهبوا إلى المدن بحثًا عن عمل آخر.
أصبح الحرفيون أهم مجموعة في المدن. وقد كان الحرفيون الأوائل يتجولون من مكان إلى آخر ؛ لأن مجتمعًا واحدًا لا يسعهم جميعًا. لكن عندما اتسعت المدن اتساعًا كافيًا لعيشهم، بدأ الحرفيون يستقرون بصفة دائمة. كان الحرفيون الأوائل يبيعون المنتجات التي يصنعونها، وبعد ذلك تعقدت الحياة بالمدينة، وظهرت مجموعة جديدة من التجار الذين كانوا يبيعون المنتجات التي يصنعها الآخرون. نشأت طبقة التجار نتيجة للتطور التقني في المواصلات. اخترعت العجلة، في وادي دجلة والفرات في حوالي سنة 3000ق.م، ودخل استعمالها في العالم القديم تدريجيًا. وقد مكنّت العربات ذوات العجلات والطرق المعبدة الواسعة الناس من نقل كميات كبيرة من السلع داخل المدن، ومن مدينة إلى أخرى للاتجار. وقد ساعدت التحسينات في المواصلات المائية التجار في تسويق سلعهم في الأماكن القريبة والديار البعيدة. ومن هنا أصبحت التجارة الخارجية ضرورية لاقتصاد بعض المدن القديمة. وقد أدى الفينيقيون دورًا رائدًا في تقدم التجارة في مساحات كبيرة من الماء.
نظام الحكم:
كان رجال الدِّين يقومون بكثير من أعباء الحكومة في المجتمعات الأولى ؛ حيث كان الناس يعتقدون أن سلطات هؤلاء القادة مستمدة من الآلهة. ولذلك كانوا مسؤولين لدى الآلهة وليس لدى الناس. وبتطور المجتمعات تولى الأباطرة والملوك والحكام غير الدينيين زمام الحكم. وقد وضع هؤلاء الحكام القوانين التي يمكن إنفاذها بالقوة العسكرية وقوة الشرطة. ورغم ذلك فإن كثيرًا من الناس مازالوا يعتقدون أن حق الحكم مستمد من الآلهة. ونتيجة لهذا كان للحكام الحق الإلهي في الحكم والقوة المدنية في إنفاذ القانون. وكان يحكم كثيرًا من المدن إداريون محليون، وكانوا مسؤولين لدى الإمبراطور أو الملك أو بعض السلطات العليا الأخرى. وكانت بعض المدن بما في ذلك أثينا مستقلة عن أية سلطة عليا. فقد كان حكامها يحكمون المدينة وما حولها، وكانت هذه المناطق تسمى الدولة ـ المدينة. ★ تَصَفح: الدولة المدينة. وقد كانت الطبقة العليا هي التي تدير حكومات المدن القديمة، وكانوا يفرضون الضرائب الباهظة على الحرفيين والمزارعين والتجار كي يدفعوا تكاليف إدارة الحكومة وإنشاء المباني العامة والقيام بمشاريع أخرى. ولم يكن للناس حق إبداء الرأي في نظام الحكم، وقد كانت أثينا وبعض الدول ـ المدن الإغريقية استثناءات مهمة في هذا الأمر. ففي هذه المدن كان البالغون الذكور غير الأرقاء يساعدون في تقرير سياسة الحكومة. ★ تَصَفح: الديمقراطية.
جرة تخزين مطلية -أعلى- وجدت في وادي نهر السند بالباكستان ويبلغ ارتفاعها حوالي 75سم. |
في العالم العربي والإسلامي لم يتأخر ظهور المدينة عن مناطق العالم الأخرى، بل إن بعض المدن العربية التي صارت من كبريات العواصم الإسلامية فيما بعد، تعود إلى 3000 أو 3500 سنة ق.م. كما في بعض المدن المصرية والعراقية وغيرها. ارتبط ظهور هذه المدن بالوديان والسهول حول الأنهار، وكانت لها خصائصها المميزة. جاءت هذه المدن نتاج حضارات قديمة نشأت في المناطق العربية، فتوافرت لها كل أسباب التطور والازدهار. وفي بداية انتشار الإسلام نشأت مدن جديدة استجابة لمتطلبات المجتمع الإسلامي الجديد وفق معايير وأسس إسلامية، وتميزت المدن الإسلامية بخصائص معمارية متميزة تتوافق مع القيم والتقاليد الإسلامية.
قرى العصر الحجري هي أسلاف المدن. تصوُّر فنان يبين كيف تبدو القرية في جارلشوف بجزر شتلاند في العصر الحجري. الحائط يحيط بالمنازل وبرج المراقبة العالي. حفظ معظم الناس الطعام في جرار كبيرة. |
اختلفت المدن القديمة عن قرى العصر الحجري من نواح متعددة. فقد كانت المدن أكبر وكانت بها مبانٍ عامة كبيرة تشمل معابد وأماكن لتخزين الحبوب والأسلحة.
كان عدد الناس بالمدن أكبر منه بالقرى، واجتذبت أناسًا من خلفيات متنوعة، واختلف أيضًا عمل أهل المدن عن عمل أهل القرى ؛ فقدكان معظم العاملين من أهل القرى مزارعين. وكان بعض من أهل المدن يقومون بزراعة الأرض خارج المدن، لكن معظمهم كانت لهم أعمال لا علاقة لها بالزراعة. وقد ازداد عدد الحرفيين والعمال الحكوميين بالمدن الأولى وظهرت بها مجموعة جديدة من العمال وهم التجار والباعة.
بريين مدينة إغريقية عتيقة تقع الآن فيما يعرف بغربي تركيا. وقد كان الحائط حول المدينة يدفع عنها الغزاة. ومكان السوق، يشتمل على مبان ضيقة، وساحة كبيرة، تحتل وسط المدينة. وتقوم على مقربة من ذلك المباني الحكومية ودور العبادة، ويوجد المسرح الخارجي بالقرب منها. وتقع صالة الألعاب الرياضية والاستاد على امتداد الحائط القريب. وقد وضعت المنازل كما هو الحال في معظم المدن الراهنة في شكل وحدات مستطيلة. |
كانت المدينة القديمة تغطي مساحة أقل من 2,5كم². وكان معظم سكانها يعيشون بالقرب من مصادر المياه بالمدينة ؛ لأنهم كانوا يحتاجون إلى أخذ المياه وحملها إلى أماكن بعيدة بأنفسهم. إلا أن التقدم التقني - خصوصًا إنشاء القنوات لنقل المياة إلى أماكن بعيدة- هو الذي مهد لامتداد بعض المدن القديمة. روما مثلاً امتدت إلى حجم أكبر من 10كم² بعد أن طورت المدينة نظام قنوات متميزًا.
وقد كانت معظم المدن القديمة محاطة بالأسوار لتحميها من الأعداء. كذلك ساعدت الجبال في حماية بعض المدن القديمة. كانت روما تقع على جبال، وكانت أثينا قد بُنيت حول جبل يلجأ الناس إليه إذا هاجم الأعداء المدينة. وكانت المنطقة الوسطى في معظم المدن تحتوي على مكان للعبادة وقصر الحاكم ومخزن للطعام. وكانت هذه المنطقة الوسطى في بعض المدن محاطة بسور يمنع الأعداء والجوعى من دخول المنطقة. وكانت المنازل تبدو مزدحمة مع بعضها حول المنطقة الوسطى.
وكانت الصحة تمثل مشكلة كبرى في المدن القديمة التي كان معظمها لا يملك نظامًا للتخلص من الفضلات. وكان الناس يرمون القمامة وبعض الفضلات ببساطة في الشوارع أو يجمعونها خارج سور المدينة. ونتيجة لهذا كانت الأمراض تنتشر بسرعة وكانت معدلات الوفاة في ارتفاع، وكانت الشوارع الضيقة غير المرصوفة تتحول إلى بحار من الطين عند نزول الأمطار. وقد بلغت بعض المدن القديمة درجة رفيعة من التقدم. روما مثلاً، كانت لها شبكة صرف صحي، ونظام لإمداد الماء، وإنشاءات عامة ضخمة كثيرة، بما في ذلك الحمامات العامة. وقد شملت المدن المتقدمة القديمة أثينا وبابل، وعددًا من مدن مصر. ★ تَصَفح: أثينا ؛ بابل ؛ مصر ؛ القدس ؛ روما.
كانت أور إحدى المدن الأولى التي أنشأها السومريون حوالي عام 3500ق.م. فيما يسمى الآن بالعراق. وقد بنوا الزكورة (المعبد) (خلفية الصورة أعلاه) في شكل جبل ربما لأنهم كانوا فيما سبق يتعبدون على قمم الجبال. |
كان عدد السكان بالمدن القديمة أكبر منه بقرى العصر الحجري، لكنه أقل بكثير منه بالمدن المعاصرة. كان عدد السكان في معظم المدن أقل من 10,000، على الرغم من أن أثينا وبكين وروما، ومدنًا أخرى كثيرة كانت ذات كثافة أعلى من ذلك.
وقد شكل السكان الأوائل للمدن الأولى مجتمعات متجانسة ؛ ذلك لأنهم كانوا ينتمون إلى نفس الخلفيات العرقيّة والجغرافية، ويشتركون في الاعتقادات الدينية والسمات الثقافية. لكن سرعان ما بدأت المدن تجذب الناس من مشارب مختلفة. فقد نزح كثير من الناس من الريف بحثًا عن حياة أفضل بالمدينة. وقد أُسِر بعض الناس في الحرب وجلبوا للمدن ليعملوا عبيدًا. وكان قدوم النازحين الجدد قد حوّل المدن إلى مجتمعات متغايرة العناصر تتكون من أناس من مشارب مختلفة.
وقد أثمر تكوين المجتمعات المتباينة العناصر انتشارًا للثقافة، لكن كانت له آثار غير محمودة، وكان القادمون الجدد والمجموعة الأصلية، في كثير من المدن، لا يثق بعضهم في بعض. وقد نتج عن ذلك أنواع مختلفة من التّعصب والتمييز العنصري.
مدينة تمجاد إحدى مدن الإمبراطورية الرومانية الكبيرة، بنيت في القرن الثاني الميلادي فيما يعرف الآن بالجزائر. شاد المهندسون العسكريون تمجاد وكثيرًا من المدن الأخرى كمعسكرات للجنود الرومان. تبين الصورة أطلال تمجاد. |
كانت العائلات والأسر من الطبقات العليا تسكن في منازل ضخمة ؛ بينما كان معظم الناس يسكنون في مساكن تتكون من حجرة واحدة صغيرة أو حجرتين. وفي جميع الطبقات، كان الأطفال والآباء والأجداد والأقارب الآخرون في كثير من العائلات يعيشون في نفس البيت.
وفي معظم المدن القديمة كان أطفال العائلات من الطبقات العليا فقط يتلقون تعليمًا رسميًا. أما الأطفال من الطبقات الأخرى فكانوا يتعلمون حرفة آبائهم عادة، أو لا يتلقون تعليمًا مطلقًا. كانت البنات من الطبقات كلها يتعلمن معظم الواجبات المنزلية من أمهاتهن.
عبد معظم الناس في البداية عددًا من الآلهة (الأوثان). وكان معظمهم يعتقد أن غضب الآلهة يسبب سوء الحظ الشخصي. وقد كانت الاحتفالات تقام لتكريم الآلهة وإرضائها. وكان معظم القدماء، بمن فيهم المصريون والإغريق والرومان، يبنون المعابد والتماثيل ويهبونها للآلهة. كذلك كان الهنود الحمر في كل من أمريكا الوسطى والجنوبية. فقد أنشأ الهنود الحمر مثلاً المباني الدينية المشهورة في تيوتيواكان بالقرب من مكسيكو سيتي.
روما واحدة من أكبر المدن القديمة بلغت مساحتها أكثر من 10كم²، وبلغ عدد سكانها حوالي مليون نسمة. وقد كانت القنوات تحمل الماء من العيون الجبلية. وأحد هذه المباني التي تشبه شكل الحائط - تبدوعلى أسفل اليمين- من مخطط روما (أعلاه). كان بروما عدد من المباني العمومية الكبيرة، وقد اشتملت على المباني الحكومية بالإضافة إلى المبنى المستطيل للسيرك المسمى «سيركوس ماكسيموس» (يسارالصورة) والبناء الدائري للكولوسيوم (يمين) وقد كانا محلين لترفيه الناس. |
أدى التقدم التقني في الزراعة إلى جعل نشأة القرى في العصر الحجري أمرًا ممكنًا، كما أن المزيد من التقدم فيها عمل على ظهور المدن القديمة. وقد ساعد اختراع الآلات الزراعية الجديدة واكتشاف أساليب جديدة للحصاد والري وتربية الحيوانات في زيادة الطعام. وكلما ازداد الفائض توقف عدد كبير من الناس عن الزراعة، وذهبوا إلى المدن بحثًا عن عمل آخر.
أصبح الحرفيون أهم مجموعة في المدن. وقد كان الحرفيون الأوائل يتجولون من مكان إلى آخر ؛ لأن مجتمعًا واحدًا لا يسعهم جميعًا. لكن عندما اتسعت المدن اتساعًا كافيًا لعيشهم، بدأ الحرفيون يستقرون بصفة دائمة. كان الحرفيون الأوائل يبيعون المنتجات التي يصنعونها، وبعد ذلك تعقدت الحياة بالمدينة، وظهرت مجموعة جديدة من التجار الذين كانوا يبيعون المنتجات التي يصنعها الآخرون. نشأت طبقة التجار نتيجة للتطور التقني في المواصلات. اخترعت العجلة، في وادي دجلة والفرات في حوالي سنة 3000ق.م، ودخل استعمالها في العالم القديم تدريجيًا. وقد مكنّت العربات ذوات العجلات والطرق المعبدة الواسعة الناس من نقل كميات كبيرة من السلع داخل المدن، ومن مدينة إلى أخرى للاتجار. وقد ساعدت التحسينات في المواصلات المائية التجار في تسويق سلعهم في الأماكن القريبة والديار البعيدة. ومن هنا أصبحت التجارة الخارجية ضرورية لاقتصاد بعض المدن القديمة. وقد أدى الفينيقيون دورًا رائدًا في تقدم التجارة في مساحات كبيرة من الماء.
المدن العربية القديمة كانت محاطة بالأسوار. يتوسط المدينة دائماً المسجد الجامع تحيط به الأسواق والمنازل. بنيت مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية قديماً (أعلاه) على النمط المذكور. |
كان رجال الدِّين يقومون بكثير من أعباء الحكومة في المجتمعات الأولى ؛ حيث كان الناس يعتقدون أن سلطات هؤلاء القادة مستمدة من الآلهة. ولذلك كانوا مسؤولين لدى الآلهة وليس لدى الناس. وبتطور المجتمعات تولى الأباطرة والملوك والحكام غير الدينيين زمام الحكم. وقد وضع هؤلاء الحكام القوانين التي يمكن إنفاذها بالقوة العسكرية وقوة الشرطة. ورغم ذلك فإن كثيرًا من الناس مازالوا يعتقدون أن حق الحكم مستمد من الآلهة. ونتيجة لهذا كان للحكام الحق الإلهي في الحكم والقوة المدنية في إنفاذ القانون. وكان يحكم كثيرًا من المدن إداريون محليون، وكانوا مسؤولين لدى الإمبراطور أو الملك أو بعض السلطات العليا الأخرى. وكانت بعض المدن بما في ذلك أثينا مستقلة عن أية سلطة عليا. فقد كان حكامها يحكمون المدينة وما حولها، وكانت هذه المناطق تسمى الدولة ـ المدينة. ★ تَصَفح: الدولة المدينة. وقد كانت الطبقة العليا هي التي تدير حكومات المدن القديمة، وكانوا يفرضون الضرائب الباهظة على الحرفيين والمزارعين والتجار كي يدفعوا تكاليف إدارة الحكومة وإنشاء المباني العامة والقيام بمشاريع أخرى. ولم يكن للناس حق إبداء الرأي في نظام الحكم، وقد كانت أثينا وبعض الدول ـ المدن الإغريقية استثناءات مهمة في هذا الأمر. ففي هذه المدن كان البالغون الذكور غير الأرقاء يساعدون في تقرير سياسة الحكومة. ★ تَصَفح: الديمقراطية.