كيف بدأت المدن وتطورت؟
من المحتمل أن تكون حياة البشر على الأرض قد بدأت منذ حوالي مليوني عام. لكنهم بدأوا يعيشون في مستوطنات دائمة فقط منذ حوالي 10,000 سنة. وقد سُميّ الرجال والنساء الذين أسسوا هذه المستوطنات أناس العصر الحجري الجديد (النيوليثي). وقبل أن يبدأ الناس العيش في مستوطنات دائمة، كانوا ينتقلون من مكان إلى آخر لصيد الحيوانات وجمع النباتات للطعام. كان رجال العصر الحجري هم المزارعين الأوائل. وبهذه الصفة لم يكونوا بحاجة إلى التنقل للبحث عن الطعام وبدأوا يستقرون بالقرى.
وفي حوالي عام 3500 قبل الميلاد، كان عدد من قرى العصر الحجري قد تحولت إلى مدن صغيرة. ومنذ أن ظهرت المدينة الأولى، أنشأت شعوب كثيرة مدنًا عدة في أماكن مختلفة ولأسباب عديدة. اختلفت هذه المدن في الحجم والشكل، واتخذت لها نظمًا اقتصادية وحكومية واجتماعية مختلفة. لكن المستوطنات المستديمة سواء قرى العصر الحجري أو المدن الكبيرة كانت تحتاج في تكونها ونموها لأربعة ملامح. هي: 1- تطورات في التقنية. 2- بيئة طبيعية مساعدة. 3- تنظيم اجتماعي. 4- نمو سكاني.
تطورات في التقنية:
تشير كلمة التقنية إلى الاكتشافات والابتكارات التي ساعدت الناس لكي يحسِّنوا أسلوب حياتهم. إن تطوير المهارات الزراعية كان هو التقدم التقني الذي أدّى إلى إنشاء المدن.
تعلّم رجال العصر الحجري كيف يزرعون المحاصيل، واخترعوا الأدوات التي حسنت من أساليبهم الزراعية. وكذلك استأنسوا الحيوانات التي كانوا يستخدمونها في أعمالهم وتعد مصدرًا من مصادر الطعام. ساعدت هذه التطورات عددًا من عائلات العصر الحجري في إنتاج أكثر مما يحتاجون إليه من الطعام.
ونتيجة لهذا الفائض من الطعام انصرف كثير من الناس إلى أعمال أخرى غير الزراعة، وأصبح بعضهم ماهرًا في الحرف، فصنعوا السلال والأقمشة والمصنوعات الجلدية والأدوات والمصنوعات الأخرى. وأصبح آخرون يعملون في المناجم يحفرون الأرض بحثًا عن الصّوّان والمعادن والحجارة. وكان العاملون من غير المزارعين يكتسبون رزقهم بالاتجار في الأشياء التي كانوا يصنعونها للمزارعين مقابل ما عندهم من المحاصيل الفائضة. وقد جعل التقدم التقني عبر السنين أناسًا كثيرين قادرين على أن يعملوا بغير الزراعة. وهؤلاء هم الذين أنشأوا المدن في العالم وعمروها.
وقد أثر التقدم التقني على حياة المدينة عبر التاريخ. مثال ذلك أن تطوير الآلة البخارية في القرن الثامن عشر، منح الناس مصدر الطاقة الذي كانوا يحتاجون إليه في الصناعات الكبرى. وأصبحت كثير من المدن على نحو ما، مراكز عملاقة للصناعة نتيجة لهذا التقدم. وقد أدى التوسع الصناعي في بعض الأحيان إلى إنشاء مدن جديدة. وامتدت آلاف الضواحي حول المدن الكبرى خلال القرن العشرين. وقد جعلت السيارة وقاطرة السكة الحديدية ـ وهما نموذجان من التقدم التقني في المواصلات ـ وجود هذه الضواحي واقعًا ممكنًا. وقد احتاج معظم الناس الذين كانوا يسكنون الضواحي إلى سيارات وقطارات للذهاب إلى عملهم بالمدن والإياب منها.
البيئة الطبيعية للمدينة :
تشمل موقعها ومناخها ومدى توافر الماء والطعام بها. أنشئت المدن في بيئات كثيرة مختلفة، لكن تطورها اعتمد على سمات بيئية مساعدة، فلا بد أن يوجد بكل المدن قدر كاف من مياه الشرب. وقد كانت المجتمعات الزراعية الأولى في حاجة إلى كميات مناسبة من مياه الأمطار لزراعة المحاصيل. كما أن التربة الصالحة أساسية أيضًا في زراعة المحاصيل، وقد يكون القرب من مصادر الطعام الأخرى كالحيوانات والخضراوات النافعة عاملاً مساعدًا. وتشمل المظاهر البيئية الأخرى التي ساعدت على تطور المدن الطقس المعتدل المناسب، والموقع بجوار المواد التي يمكن أن تستخدم في صناعة الملبس والمسكن.
ولقد وجدت المجموعات البشرية الأولى مظاهر بيئية كثيرة مشجعة في الأودية النهرية في المناخات شبه المدارية. وتقع بعض القرى والمدن الأولى في وادي دجلة والفرات في العراق، ووادي النيل بمصر والسودان، ووادي هوان هي (النهر الأصفر) بالصين، ووادي نهر السند بالهند وباكستان. ★ تَصَفح: العالم، تاريخ.
وساعدت مظاهر بيئية أخرى في تطور المدن عبر السنين. فمثلاً، كان الناس يسافرون منذ الزمن القديم بالسفن ليتاجروا مع الأمم الأخرى. وقد أصبحت معظم المدن التي تتاخم مساحات واسعة من الماء مراكز تجارية مهمة مثل: إسطنبول (تركيا) لندن (إنجلترا) شنغهاي (الصين) البندقية (إيطاليا). وقد تطورت شيكاغو بالولايات المتحدة، وتورونتو بكندا على نحو ما، بسبب وقوعهما على امتداد خطوط مواصلات بحرية وبرية مهمة. وقد اشتهرت مدن كثيرة، مثل مانشستر بإنجلترا كمراكز صناعية لقربها من المعادن والمواد الخام التي تحتاج إليها الصناعة، بينما تدين بعض المدن بتطورها أساسًا للمناخ. وقد كان المناخ الدافئ الصحي لأنحاء فلوريدا والجنوب الغربي للولايات المتحدة جاذبًا لكثير من الناس.
التنظيم الاجتماعي:
لابد من وجود قواعد سلوكية معينة لكي يستقيم النظام والسلام والأمن في أي مجتمع. وقد أجمع كثير من الناس منذ العصر الحجري على أنه من الخطأ إيذاء أو سرقة أحد من مجموعتهم. وبالمقابل توقع الناس أن يحترم الآخرون حقهم في السلامة والتملك. وللناس أيضًا واجبات نحو مجموعتهم ككل. وقد قاتلوا لحماية مجموعتهم من الأعداء.
إن حفظ النظام لأية مجموعة يتطلب أيضًا وجود نوع من السلطة. ففي العائلة، يبسط الآباء سلطانهم على أبنائهم. وفي المجموعات الاجتماعية الكبرى التي تشمل المدن، لابد أن يلتزم المواطنون بسلطة الحكومة.
لقد كان لقرى العصور الحجرية تنظيم اجتماعي بسيط ؛ فقد كان لزامًا على الناس أن يحترموا حقوق بعضهم، وكان على الأطفال أن يطيعوا آباءهم. وقد كان بكثير من القرى عدد قليل جدًا من المسؤولين الحكوميين. وربما قام أحد أفراد القرية بحراسة فائض الطعام، وربما كان هناك رأس مدبر للدفاع ضد الغزاة. وباطراد التوسع في المدن، بقيت واجبات أعضاء العائلة وجيرانهم نحو بعضهم كما هي، لكن حفظ النظام أصبح يتطلب أن تؤدي الحكومات دورًا كبيرًا في إدارة شؤون المجتمع وتوفير الخدمات العامة للجماهير. لذلك زاد عدد المسؤولين الحكوميين والعمال الذين تحتاج إليهم المدن كثيرًا. وتحتاج كثير من المدن اليوم إلى آلاف العاملين الحكوميين، وهؤلاء العاملون يشملون، العُمَد ومخططي المدن والموظفين، والكاتبين، ورجال الإطفاء، وجامعي القمامة، ومسؤولي الصحة وضباط الشرطة والمدرسين، وغيرهم.
النمو السكاني:
عاش في العصر الحجري حوالي 10 مليون نسمة فقط. وبلغ تعداد سكان العالم ما يقرب من 500 مليون نسمة حوالي سنة 1650م. وحوالي 4بليون سنة 1980م. وقد أدى هذا الانفجار السكاني إلى زيادة في حجم المدن وعددها. وهناك عاملان آخران ساعدا في تطور المدن. أحدهما التكثّف السكاني أو التمدين السُّكاني، وهو زيادة الكثافة السكانية في أجزاء صغيرة من الأرض، وهذه الأجزاء هي المدن وما حولها من المناطق. والعامل الآخر يسمى أحيانًا تنوع السكان وهو حركة أُناس من خلفيات ثقافية مختلفة إلى المدن. وبمرور السنين، أخذت المدن تضم أناسًا من أعراق وأديان مختلفة وقوميات ومجموعات لغوية مختلفة. وقد نتج عن اختلاط الناس انتشار ثقافي، وهو الإجراء الذي يتعلم الناس من خلاله تبادل الآراء بغض النظر عن اختلاف مشاربهم وتنوع ثقافاتهم. ويعدُّ الانتشار الثقافي من أشد العناصر أهمية في تطور الحضارة.
من المحتمل أن تكون حياة البشر على الأرض قد بدأت منذ حوالي مليوني عام. لكنهم بدأوا يعيشون في مستوطنات دائمة فقط منذ حوالي 10,000 سنة. وقد سُميّ الرجال والنساء الذين أسسوا هذه المستوطنات أناس العصر الحجري الجديد (النيوليثي). وقبل أن يبدأ الناس العيش في مستوطنات دائمة، كانوا ينتقلون من مكان إلى آخر لصيد الحيوانات وجمع النباتات للطعام. كان رجال العصر الحجري هم المزارعين الأوائل. وبهذه الصفة لم يكونوا بحاجة إلى التنقل للبحث عن الطعام وبدأوا يستقرون بالقرى.
وفي حوالي عام 3500 قبل الميلاد، كان عدد من قرى العصر الحجري قد تحولت إلى مدن صغيرة. ومنذ أن ظهرت المدينة الأولى، أنشأت شعوب كثيرة مدنًا عدة في أماكن مختلفة ولأسباب عديدة. اختلفت هذه المدن في الحجم والشكل، واتخذت لها نظمًا اقتصادية وحكومية واجتماعية مختلفة. لكن المستوطنات المستديمة سواء قرى العصر الحجري أو المدن الكبيرة كانت تحتاج في تكونها ونموها لأربعة ملامح. هي: 1- تطورات في التقنية. 2- بيئة طبيعية مساعدة. 3- تنظيم اجتماعي. 4- نمو سكاني.
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أكبر عشر مدن في كل قارة | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
المصدر : الإحصاءات والتقديرات السكانية بين عامي 1976 و 1995م. |
أنشطة أوقات الفراغ تعتبر من العناصر المهمة في حياة المدن. مزاولة رياضة الإبحار (أعلاه) من ضروب الترفيه في المدن الساحلية، كسيدني. |
عالما التجارة والصناعة يتيحان فرص العمل لملايين الناس الذين يقطنون المدن. سوق الحبوب المفتوح بكابول في أفغانستان (أعلاه) يجعل المدينة مركزا تجاريا مهمًا. |
البلديات تقدّم خدمات جمة، كإطفاء الحرائق، والتخلص من مياه المجاري لآلاف بل لملايين البشر. وفي الصورة (أعلاه). اجتماع أعضاء الهيئات التشريعية بمجلس المدينة بتورونتو بكندا. |
تشير كلمة التقنية إلى الاكتشافات والابتكارات التي ساعدت الناس لكي يحسِّنوا أسلوب حياتهم. إن تطوير المهارات الزراعية كان هو التقدم التقني الذي أدّى إلى إنشاء المدن.
تعلّم رجال العصر الحجري كيف يزرعون المحاصيل، واخترعوا الأدوات التي حسنت من أساليبهم الزراعية. وكذلك استأنسوا الحيوانات التي كانوا يستخدمونها في أعمالهم وتعد مصدرًا من مصادر الطعام. ساعدت هذه التطورات عددًا من عائلات العصر الحجري في إنتاج أكثر مما يحتاجون إليه من الطعام.
ونتيجة لهذا الفائض من الطعام انصرف كثير من الناس إلى أعمال أخرى غير الزراعة، وأصبح بعضهم ماهرًا في الحرف، فصنعوا السلال والأقمشة والمصنوعات الجلدية والأدوات والمصنوعات الأخرى. وأصبح آخرون يعملون في المناجم يحفرون الأرض بحثًا عن الصّوّان والمعادن والحجارة. وكان العاملون من غير المزارعين يكتسبون رزقهم بالاتجار في الأشياء التي كانوا يصنعونها للمزارعين مقابل ما عندهم من المحاصيل الفائضة. وقد جعل التقدم التقني عبر السنين أناسًا كثيرين قادرين على أن يعملوا بغير الزراعة. وهؤلاء هم الذين أنشأوا المدن في العالم وعمروها.
وقد أثر التقدم التقني على حياة المدينة عبر التاريخ. مثال ذلك أن تطوير الآلة البخارية في القرن الثامن عشر، منح الناس مصدر الطاقة الذي كانوا يحتاجون إليه في الصناعات الكبرى. وأصبحت كثير من المدن على نحو ما، مراكز عملاقة للصناعة نتيجة لهذا التقدم. وقد أدى التوسع الصناعي في بعض الأحيان إلى إنشاء مدن جديدة. وامتدت آلاف الضواحي حول المدن الكبرى خلال القرن العشرين. وقد جعلت السيارة وقاطرة السكة الحديدية ـ وهما نموذجان من التقدم التقني في المواصلات ـ وجود هذه الضواحي واقعًا ممكنًا. وقد احتاج معظم الناس الذين كانوا يسكنون الضواحي إلى سيارات وقطارات للذهاب إلى عملهم بالمدن والإياب منها.
البيئة الطبيعية للمدينة :
تشمل موقعها ومناخها ومدى توافر الماء والطعام بها. أنشئت المدن في بيئات كثيرة مختلفة، لكن تطورها اعتمد على سمات بيئية مساعدة، فلا بد أن يوجد بكل المدن قدر كاف من مياه الشرب. وقد كانت المجتمعات الزراعية الأولى في حاجة إلى كميات مناسبة من مياه الأمطار لزراعة المحاصيل. كما أن التربة الصالحة أساسية أيضًا في زراعة المحاصيل، وقد يكون القرب من مصادر الطعام الأخرى كالحيوانات والخضراوات النافعة عاملاً مساعدًا. وتشمل المظاهر البيئية الأخرى التي ساعدت على تطور المدن الطقس المعتدل المناسب، والموقع بجوار المواد التي يمكن أن تستخدم في صناعة الملبس والمسكن.
ولقد وجدت المجموعات البشرية الأولى مظاهر بيئية كثيرة مشجعة في الأودية النهرية في المناخات شبه المدارية. وتقع بعض القرى والمدن الأولى في وادي دجلة والفرات في العراق، ووادي النيل بمصر والسودان، ووادي هوان هي (النهر الأصفر) بالصين، ووادي نهر السند بالهند وباكستان. ★ تَصَفح: العالم، تاريخ.
وساعدت مظاهر بيئية أخرى في تطور المدن عبر السنين. فمثلاً، كان الناس يسافرون منذ الزمن القديم بالسفن ليتاجروا مع الأمم الأخرى. وقد أصبحت معظم المدن التي تتاخم مساحات واسعة من الماء مراكز تجارية مهمة مثل: إسطنبول (تركيا) لندن (إنجلترا) شنغهاي (الصين) البندقية (إيطاليا). وقد تطورت شيكاغو بالولايات المتحدة، وتورونتو بكندا على نحو ما، بسبب وقوعهما على امتداد خطوط مواصلات بحرية وبرية مهمة. وقد اشتهرت مدن كثيرة، مثل مانشستر بإنجلترا كمراكز صناعية لقربها من المعادن والمواد الخام التي تحتاج إليها الصناعة، بينما تدين بعض المدن بتطورها أساسًا للمناخ. وقد كان المناخ الدافئ الصحي لأنحاء فلوريدا والجنوب الغربي للولايات المتحدة جاذبًا لكثير من الناس.
التنظيم الاجتماعي:
لابد من وجود قواعد سلوكية معينة لكي يستقيم النظام والسلام والأمن في أي مجتمع. وقد أجمع كثير من الناس منذ العصر الحجري على أنه من الخطأ إيذاء أو سرقة أحد من مجموعتهم. وبالمقابل توقع الناس أن يحترم الآخرون حقهم في السلامة والتملك. وللناس أيضًا واجبات نحو مجموعتهم ككل. وقد قاتلوا لحماية مجموعتهم من الأعداء.
إن حفظ النظام لأية مجموعة يتطلب أيضًا وجود نوع من السلطة. ففي العائلة، يبسط الآباء سلطانهم على أبنائهم. وفي المجموعات الاجتماعية الكبرى التي تشمل المدن، لابد أن يلتزم المواطنون بسلطة الحكومة.
لقد كان لقرى العصور الحجرية تنظيم اجتماعي بسيط ؛ فقد كان لزامًا على الناس أن يحترموا حقوق بعضهم، وكان على الأطفال أن يطيعوا آباءهم. وقد كان بكثير من القرى عدد قليل جدًا من المسؤولين الحكوميين. وربما قام أحد أفراد القرية بحراسة فائض الطعام، وربما كان هناك رأس مدبر للدفاع ضد الغزاة. وباطراد التوسع في المدن، بقيت واجبات أعضاء العائلة وجيرانهم نحو بعضهم كما هي، لكن حفظ النظام أصبح يتطلب أن تؤدي الحكومات دورًا كبيرًا في إدارة شؤون المجتمع وتوفير الخدمات العامة للجماهير. لذلك زاد عدد المسؤولين الحكوميين والعمال الذين تحتاج إليهم المدن كثيرًا. وتحتاج كثير من المدن اليوم إلى آلاف العاملين الحكوميين، وهؤلاء العاملون يشملون، العُمَد ومخططي المدن والموظفين، والكاتبين، ورجال الإطفاء، وجامعي القمامة، ومسؤولي الصحة وضباط الشرطة والمدرسين، وغيرهم.
النمو السكاني:
عاش في العصر الحجري حوالي 10 مليون نسمة فقط. وبلغ تعداد سكان العالم ما يقرب من 500 مليون نسمة حوالي سنة 1650م. وحوالي 4بليون سنة 1980م. وقد أدى هذا الانفجار السكاني إلى زيادة في حجم المدن وعددها. وهناك عاملان آخران ساعدا في تطور المدن. أحدهما التكثّف السكاني أو التمدين السُّكاني، وهو زيادة الكثافة السكانية في أجزاء صغيرة من الأرض، وهذه الأجزاء هي المدن وما حولها من المناطق. والعامل الآخر يسمى أحيانًا تنوع السكان وهو حركة أُناس من خلفيات ثقافية مختلفة إلى المدن. وبمرور السنين، أخذت المدن تضم أناسًا من أعراق وأديان مختلفة وقوميات ومجموعات لغوية مختلفة. وقد نتج عن اختلاط الناس انتشار ثقافي، وهو الإجراء الذي يتعلم الناس من خلاله تبادل الآراء بغض النظر عن اختلاف مشاربهم وتنوع ثقافاتهم. ويعدُّ الانتشار الثقافي من أشد العناصر أهمية في تطور الحضارة.