الكربون المشع في نباتنا وحيواننا وفي أجسامنا وفي غدائنا وعشائنا وافطارنا
عمليتان في هذه الحياة ، توجدان دائما جنبا الى جنب : عملية خلق ، الى جانبها عملية افناء .
وهي هكذا في ما وصفنا مما يحدث من ايجاد ذرة ذات اشعاع ، ثم افناء الاشعاع في هذه الذرة .
الأشعة الكونية تمطر هواءنا ، جو الأرض ، في أعاليه ، بالنترونات ، فتخلق من أزوته ، كربونا مشعا ويختلط هذا بالجو في شتى طبقاته ، حتى ينتشر فيه بالسوية . وفي نفس الوقت تجري عملية تلقائية ، عكس هذه ، وهي عودة الكربون المشع الى أزوت ، وأشعاعه الالكترونات .
ومقدار الخلق يقع بمقدار الافناء ، تماما .
فتظل نسبة الكربون المشع في الجو ثابتة ، أعني نسبته الى الكربون العادي غير المشع .
- وفي الأحياء جميعا :
وهي هي نفسها نسبة الكربون المشع ، في جميع الأحياء ، الى غير المشع .
لأن الأحياء جميعا تظل تتبادل مع الهواء كربونا ما ظلت حية . النبات يأخذ من هواء الجو كربونه ليصنع منه ، ومن ماء الأرض وبعض عناصرها ، جسمه و هو يتنفس ، وهي عملية يرد فيها النبات الى الجو بعض ما أخذ من كربونه . أخذ وعطاء ، من الكربون بنوعيه : مشع وغير مشع .
فالنسبة بين النوعين في النبات الحي هي كما هي في هواء الجو .
والحيوانات تأكل النباتات لتصنع منها أجسامها ، وهي تحرق هذا الطعام ، ثم هي تتنفس فترد الى الجو بعض كربونه . فهو اذن "تبادل بين الحيوان والنبات ، وبين هواء الجو ، يجعل نسبة الكربون المشع الى غير المشع ، في الكائن الحي ، هي كنسبته في الهواء ، ما ظل نبات" حيا ، وما ظل حيوان أو انسان .
- واذا ماتت الأحياء ..
فاذا ماتت الأحياء ، من حيوان أو نبات ، فهي قد تنحل كل الانحلال سريعا ، وتعود الى الهواء ، أكسيد کربون ، به الكربون المشع وغير المشع على السواء .
ولكن بعض يبقى : شجرة تموت ، ويبقى خشبها سنين وقرونا . ماشية تموت ويبقى شعرها وحافرها الأجيال الطوال وبهما كربونهما .
انسان يموت ويبقى جلد منه أو يبقى عظم .
لقد انقطع ما بين هذه الأحياء وبين هواء الجو من يوم أن ماتت . وهي من يوم أن ماتت لا تتزود بكربون مشع من الهواء جديد . وهي ماتت وبها حصيلة من الكربون المشع معلومة معروفة ، هي هي التي بالهواء الجوي . وهي ثابتة على الزمان . ويأخذ هذا الاشعاع في هذه المخلفات يفنى عاما بعد عام، وقرنا بعد قرن .
فهذه المخلفات هي التي يهدف العلماء الى تعيين أعمارها . انهم يقيسون كم ضاع من اشعاعها ، وعندهم مقدار ما يضيع من اشعاع في زمن معلوم .. من اشعاع العنصر الكربون كان مصدره ما كان . واذن هم يحسبون كم من الزمن ظل هذا المخلف الأثري ، من نبات كان ، أو حيوان ، ظل يفقد من اشعاعه . واذن كم من الزمن ظل وهو فاقد حياته . واذن فمتى عاش ؟
وقال الأستاذ ليبي ، ان كل ذرة من أثر ، كان يوما ما حيا ، تحمل شهادة بميلادها .
وأقول : ان كل ذرة من أثر ، كان يوما حيا ، تحمل شهادة بسنة وفاتها .
- كم في الكربون ، من كربون مشع ؟
حسب الأستاذ ليبي كم في الهواء الجوي ، كم في كربونه ( وهو على صورة ثاني أكسيد الكربون كما قدمنا ) من كربون غير مشع ، ومن كربون مشع .
وخرج من الحساب على أنه يوجد ، مع كل ذرة واحدة من الكربون المشع ، مليون مليون ذرة من الكربون العادي المستقر ، غير المشع .
وعلى هذه النسبة يوجد الكربون في كل كائن حي ، ما ظل حيا يتبادل مع الهواء الجوي كربونه .
( كربون مشع )
( نواة ذرة أزوت في الجو ، يصيبها نترون من الأشعة الكونية ، فيحل بها ، ويطرد بروتونا منها ، فتصبح النواة ذرة كربون مشع ، غير مستقر ، يحاول الرجوع الى أزوت )
( أزوت )
( نواة ذرة كربون مشع ، غير مستقر ، ترجع الى أصلها ، الى أزوت ، فيتحول نترون منها الى بروتون ، ومع التحول يخرج الكترون ، هو الاشعاع الذي يعده العداد )
وحسب فوجد أن كل ما في هذه الكرة الأرضية وحولها من الكربون المشع لا يزيد على ٧٩ طنا !!
- كم يستغرق الكربون المشع من الزمن ليفقد اشعاعه :
سبق أن قلنا ان الكربون المشع ، في كتلة ما من الكربون ، يفقد نصف اشعاعه في ٥٥٦٨ عاماً . فلو أن بها اليوم ٨٠ ألف مليون ذرة كربون مشعة ، لتفقع منها بعد ٥٥٦٨ عاماً ٤٠ ألف مليون ذرة كربون لتصير ذرات من أزوت . ومن بعد فوات ٥٥٦٨ عاماً أخرى يتفقع من هذه بعضها لتصير ذرات من أزوت ، أي ۲۰ ألف مليون ذرة من الكربون المشع . وهلم جرا ..
ونعد الذرات بالملايين ، وليس هذا بغريب ، اذا علمنا أن الجرام الواحد من الأدروجين مثلا ، وهو أخف الذرات ، به نحو ستمائة ألف مليون مليون مليون ذرة ، وأن الجرام من الكربون وهو ذرة أثقل من ذرة الأدروجين ۱۲ مرة ، به نحو خمسين ألف مليون مليون مليون ذرة.
ومن غريب أمر هذا التحول ، من ذرات كربون مشع ، الى ذرات أزوت عادي غير ذي اشعاع ، أنه لا يتأثر بحرارة أو برودة ، أو ارتفاع في الجو أو انخفاض ، أو زيادة في ضغط أو نقص فيه . انه ثابت ، يجري على السنين ، وعلى رغم القرون .
- تقدم كبير في تاريخ الأشياء :
انه ، منذ بدأت هذه البحوث من بعد الحرب العالمية الثانية ، الى هذه الأعوام الحاضرة ، تقدم علم التأريخ هذا ، بواسطة الكربون ذي الاشعاع ، تقدما كبيرا . وكثرت مختبراته حتى زادت اليوم على الأربعين . وفي انجلترا أذكر على الأقل ثلاثة مختبرات قائمة بهذا الأمر فيها .
وكان المؤرخ العلمي في أول الأمر يحتاج الى مقدار كبير من الفحم يستخرجه من الأثر المطلوب عمره ، يصل الى بضع عشرات من الجرامات . أما اليوم وقد تحسنت الأجهزة ، وزادت دقة ، فقد أمكن الاكتفاء بمقادير من الفحم قليلة قد لا تزيد على جزء من مائة من الجرام الواحد .
وبدأ التاريخ باستحضار الفحم الصلب الأسود من عيناته . ولكن أكثر المعامل اليوم تستخرجه من مخلفات على صورة غاز ، ثاني أكسيد الكربون أو غير ثاني أكسيد الكربون ، ثم هي تنقيه في أنابيبه دون أن يمس الهواء و هي تدخله من بعد ذلك الى عدادات الكترونية ، أشبه بعدادات ( جيجر » ، لتعد فيه النبضات . وبها أداة خاصة تحصي هذه النبضات احصاء ، فلا يقف عندها العالم ، كل الوقت ، يتسمع لها أو ينظر الى آثارها .
وزادت أجهزة الرصد هذه - هذه العدادات حساسية ، فصارت تحس بمقدار من النبض أقل كثيرا مما كانت تحس به أولا . أقل بنحو ۲۰۰۰ مرة . ومعنى هذا أنها استطاعت أن ترصد ذرات الكربون من هذه المخلفات حتى القديم الأقدم منها ، الذي ضعف اشعاعه بمرور الزمن ضعفا شديدا . وأغلب المختبرات اليوم تستطيع أن تؤرخ الى نحو ٣٥٠٠٠ سنة أو ٤٥٠٠٠ سنة مضت . ولكن منها ما استطاع أن يؤرخ الى ۷۰۰۰۰ سنة مضت .
- ومن بعد الكربون ، تقوم ذرات أخرى تؤرخ :
ولا يقف التاريخ بالذرة الى هذه الألوف من السنين، الى ٤٥٠٠٠ أو الى ۷۰۰۰۰ يعجز الكربون فتقوم بدلا منه ذرات من عناصر أخرى ، تؤرخ بطريقة شبيهة بطريقته .
فعنصر البوتسيوم مثلا ، يتحول على القرون ، وهو يؤرخ المليون عام .
فبالكربون والبوتسيوم ، يشبر بهما العلماء كل المدة من الزمان التي عاشها فوق هذه الأرض الانسان .
عمليتان في هذه الحياة ، توجدان دائما جنبا الى جنب : عملية خلق ، الى جانبها عملية افناء .
وهي هكذا في ما وصفنا مما يحدث من ايجاد ذرة ذات اشعاع ، ثم افناء الاشعاع في هذه الذرة .
الأشعة الكونية تمطر هواءنا ، جو الأرض ، في أعاليه ، بالنترونات ، فتخلق من أزوته ، كربونا مشعا ويختلط هذا بالجو في شتى طبقاته ، حتى ينتشر فيه بالسوية . وفي نفس الوقت تجري عملية تلقائية ، عكس هذه ، وهي عودة الكربون المشع الى أزوت ، وأشعاعه الالكترونات .
ومقدار الخلق يقع بمقدار الافناء ، تماما .
فتظل نسبة الكربون المشع في الجو ثابتة ، أعني نسبته الى الكربون العادي غير المشع .
- وفي الأحياء جميعا :
وهي هي نفسها نسبة الكربون المشع ، في جميع الأحياء ، الى غير المشع .
لأن الأحياء جميعا تظل تتبادل مع الهواء كربونا ما ظلت حية . النبات يأخذ من هواء الجو كربونه ليصنع منه ، ومن ماء الأرض وبعض عناصرها ، جسمه و هو يتنفس ، وهي عملية يرد فيها النبات الى الجو بعض ما أخذ من كربونه . أخذ وعطاء ، من الكربون بنوعيه : مشع وغير مشع .
فالنسبة بين النوعين في النبات الحي هي كما هي في هواء الجو .
والحيوانات تأكل النباتات لتصنع منها أجسامها ، وهي تحرق هذا الطعام ، ثم هي تتنفس فترد الى الجو بعض كربونه . فهو اذن "تبادل بين الحيوان والنبات ، وبين هواء الجو ، يجعل نسبة الكربون المشع الى غير المشع ، في الكائن الحي ، هي كنسبته في الهواء ، ما ظل نبات" حيا ، وما ظل حيوان أو انسان .
- واذا ماتت الأحياء ..
فاذا ماتت الأحياء ، من حيوان أو نبات ، فهي قد تنحل كل الانحلال سريعا ، وتعود الى الهواء ، أكسيد کربون ، به الكربون المشع وغير المشع على السواء .
ولكن بعض يبقى : شجرة تموت ، ويبقى خشبها سنين وقرونا . ماشية تموت ويبقى شعرها وحافرها الأجيال الطوال وبهما كربونهما .
انسان يموت ويبقى جلد منه أو يبقى عظم .
لقد انقطع ما بين هذه الأحياء وبين هواء الجو من يوم أن ماتت . وهي من يوم أن ماتت لا تتزود بكربون مشع من الهواء جديد . وهي ماتت وبها حصيلة من الكربون المشع معلومة معروفة ، هي هي التي بالهواء الجوي . وهي ثابتة على الزمان . ويأخذ هذا الاشعاع في هذه المخلفات يفنى عاما بعد عام، وقرنا بعد قرن .
فهذه المخلفات هي التي يهدف العلماء الى تعيين أعمارها . انهم يقيسون كم ضاع من اشعاعها ، وعندهم مقدار ما يضيع من اشعاع في زمن معلوم .. من اشعاع العنصر الكربون كان مصدره ما كان . واذن هم يحسبون كم من الزمن ظل هذا المخلف الأثري ، من نبات كان ، أو حيوان ، ظل يفقد من اشعاعه . واذن كم من الزمن ظل وهو فاقد حياته . واذن فمتى عاش ؟
وقال الأستاذ ليبي ، ان كل ذرة من أثر ، كان يوما ما حيا ، تحمل شهادة بميلادها .
وأقول : ان كل ذرة من أثر ، كان يوما حيا ، تحمل شهادة بسنة وفاتها .
- كم في الكربون ، من كربون مشع ؟
حسب الأستاذ ليبي كم في الهواء الجوي ، كم في كربونه ( وهو على صورة ثاني أكسيد الكربون كما قدمنا ) من كربون غير مشع ، ومن كربون مشع .
وخرج من الحساب على أنه يوجد ، مع كل ذرة واحدة من الكربون المشع ، مليون مليون ذرة من الكربون العادي المستقر ، غير المشع .
وعلى هذه النسبة يوجد الكربون في كل كائن حي ، ما ظل حيا يتبادل مع الهواء الجوي كربونه .
( كربون مشع )
( نواة ذرة أزوت في الجو ، يصيبها نترون من الأشعة الكونية ، فيحل بها ، ويطرد بروتونا منها ، فتصبح النواة ذرة كربون مشع ، غير مستقر ، يحاول الرجوع الى أزوت )
( أزوت )
( نواة ذرة كربون مشع ، غير مستقر ، ترجع الى أصلها ، الى أزوت ، فيتحول نترون منها الى بروتون ، ومع التحول يخرج الكترون ، هو الاشعاع الذي يعده العداد )
وحسب فوجد أن كل ما في هذه الكرة الأرضية وحولها من الكربون المشع لا يزيد على ٧٩ طنا !!
- كم يستغرق الكربون المشع من الزمن ليفقد اشعاعه :
سبق أن قلنا ان الكربون المشع ، في كتلة ما من الكربون ، يفقد نصف اشعاعه في ٥٥٦٨ عاماً . فلو أن بها اليوم ٨٠ ألف مليون ذرة كربون مشعة ، لتفقع منها بعد ٥٥٦٨ عاماً ٤٠ ألف مليون ذرة كربون لتصير ذرات من أزوت . ومن بعد فوات ٥٥٦٨ عاماً أخرى يتفقع من هذه بعضها لتصير ذرات من أزوت ، أي ۲۰ ألف مليون ذرة من الكربون المشع . وهلم جرا ..
ونعد الذرات بالملايين ، وليس هذا بغريب ، اذا علمنا أن الجرام الواحد من الأدروجين مثلا ، وهو أخف الذرات ، به نحو ستمائة ألف مليون مليون مليون ذرة ، وأن الجرام من الكربون وهو ذرة أثقل من ذرة الأدروجين ۱۲ مرة ، به نحو خمسين ألف مليون مليون مليون ذرة.
ومن غريب أمر هذا التحول ، من ذرات كربون مشع ، الى ذرات أزوت عادي غير ذي اشعاع ، أنه لا يتأثر بحرارة أو برودة ، أو ارتفاع في الجو أو انخفاض ، أو زيادة في ضغط أو نقص فيه . انه ثابت ، يجري على السنين ، وعلى رغم القرون .
- تقدم كبير في تاريخ الأشياء :
انه ، منذ بدأت هذه البحوث من بعد الحرب العالمية الثانية ، الى هذه الأعوام الحاضرة ، تقدم علم التأريخ هذا ، بواسطة الكربون ذي الاشعاع ، تقدما كبيرا . وكثرت مختبراته حتى زادت اليوم على الأربعين . وفي انجلترا أذكر على الأقل ثلاثة مختبرات قائمة بهذا الأمر فيها .
وكان المؤرخ العلمي في أول الأمر يحتاج الى مقدار كبير من الفحم يستخرجه من الأثر المطلوب عمره ، يصل الى بضع عشرات من الجرامات . أما اليوم وقد تحسنت الأجهزة ، وزادت دقة ، فقد أمكن الاكتفاء بمقادير من الفحم قليلة قد لا تزيد على جزء من مائة من الجرام الواحد .
وبدأ التاريخ باستحضار الفحم الصلب الأسود من عيناته . ولكن أكثر المعامل اليوم تستخرجه من مخلفات على صورة غاز ، ثاني أكسيد الكربون أو غير ثاني أكسيد الكربون ، ثم هي تنقيه في أنابيبه دون أن يمس الهواء و هي تدخله من بعد ذلك الى عدادات الكترونية ، أشبه بعدادات ( جيجر » ، لتعد فيه النبضات . وبها أداة خاصة تحصي هذه النبضات احصاء ، فلا يقف عندها العالم ، كل الوقت ، يتسمع لها أو ينظر الى آثارها .
وزادت أجهزة الرصد هذه - هذه العدادات حساسية ، فصارت تحس بمقدار من النبض أقل كثيرا مما كانت تحس به أولا . أقل بنحو ۲۰۰۰ مرة . ومعنى هذا أنها استطاعت أن ترصد ذرات الكربون من هذه المخلفات حتى القديم الأقدم منها ، الذي ضعف اشعاعه بمرور الزمن ضعفا شديدا . وأغلب المختبرات اليوم تستطيع أن تؤرخ الى نحو ٣٥٠٠٠ سنة أو ٤٥٠٠٠ سنة مضت . ولكن منها ما استطاع أن يؤرخ الى ۷۰۰۰۰ سنة مضت .
- ومن بعد الكربون ، تقوم ذرات أخرى تؤرخ :
ولا يقف التاريخ بالذرة الى هذه الألوف من السنين، الى ٤٥٠٠٠ أو الى ۷۰۰۰۰ يعجز الكربون فتقوم بدلا منه ذرات من عناصر أخرى ، تؤرخ بطريقة شبيهة بطريقته .
فعنصر البوتسيوم مثلا ، يتحول على القرون ، وهو يؤرخ المليون عام .
فبالكربون والبوتسيوم ، يشبر بهما العلماء كل المدة من الزمان التي عاشها فوق هذه الأرض الانسان .
تعليق