كل سوق له قصة وحكاية.. أسواق دمشق بين التراث والحاضر
معمار فريد وشواهد تاريخية حية يمكن استثمارها كقوة ناعمة.
الاثنين 2024/03/18
أسواق دمشق يفوح منها عبق تاريخ عريق
الأسواق القديمة ليست مجرد أماكن تجارية، بل هي شواهد حية على تاريخ الشعوب وثقافاتها وعاداتها، خاصة من خلال معمارها وخصوصياتها. وتزخر دمشق بأسواق يعود تاريخها إلى قرون خلت، حتى صارت كتابا مفتوحا لكل من يريد قراءة تاريخ المدينة العربية الأشهر بكل تقلباته.
بين الماضي والحاضر ترعرعت أعاجيبها، وتجسدت قصصها، ناسجة أجمل النوادر والحقائق، يسكن عبقها الممزوج بتاريخ دأب دوما على الإشراق، خارجا من الزمن بأبهى الصور وأندرها، ﻻ عجب في ذلك، إنها أسواق دمشق التي تختصر حضارات وثقافات، جهودا وسعيا، تخبرنا في كل شبر فيها عن حكاية عن أوابد وأسطورة أو معجزة، تتنوع وتتلون بين التاريخ والفنون المعمارية واليدوية، بين الإبداع الإنساني والحفاظ على كل ما هو عريق.
لأسواق دمشق حكاياتها الشيقة، المزدحمة بالشغف. ﻻ نبالغ إن قلنا إن تلك الأسواق تاريخ بأكمله، وعناوين لحضارات مرت، وإن كان العنوان الذي نقرأه في وظيفتها التجارة، إلا أن تلك الأسواق تحتفظ برونقها وأسرارها الإنسانية والاجتماعية، ومازالت تشع ببريق كنوزها المختلفة المخبوءة، التي تحفظ بين ثناياها بعبق التاريخ، وهذا ما يحدثنا عنه الباحث والخبير في تواريخ تلك المنشآت ودقائقها محمد شعلان الطيار ليتحفنا بأجوبة لأسئلة هائمة حولها.
أسواق ومعمار
حديث شيق وغني، يكتنز بالمعلومات الدقيقة والمبهرة للباحث شعلان الطيار الذي يبدأ كلامه مع “العرب” حول أسواق دمشق قائلا “توزعت الأسواق في جميع أنحاء المدينة، إلا أن التركيز بشكل أساسي، كان في محيط الجامع الأموي وعلى محور الشارع المستقيم، وكان السوق الرئيسي في المدنية، ويمتاز بالطول، حيث يصل إلى ثلاثة أميال تقريبا، كانت الأسواق بشكل عام تقوم على توزيع الكتلة البشرية بحيث يتجه كل إلى حاجته للتخفيف ما أمكن من التجمعات، وكل سوق له زبائنه”.
ويضيف “المنطقة التجارية تركزت في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة، ولم تكن المحلات مختلطة سابقا كما هو في زمننا الحالي، بل كان هناك تخصص بنوع محدد من السلع، وتلك الأسواق سميت باسمها أو باسم العاملين فيها، مثلا سوق الخياطين وسوق الحدادين وسوق النسوان وسوق الصوف وسوق الحرير وسوق القطن وغيرها. تغيرت فيما بعد، كما اختفت أسماء منها أيضا، وتوسع بعضها من تخصصية إلى عامة، والتي كانت تتوسع جميعها في محيط الجامع الأموي ومحيط الشارع الطويل”.
ويلفت الطيار إلى أن في السوق تواجدت خانات كثيرة بنفس أسماء الأسواق المتفرعة. عرف سوق مدحت باشا بـ”السوق الطويل” أيضا، ويعود إلى الفترة الرومانية، وبعد أن تم تنظيمه، سمي باسم مدحت باشا، وهو من أعرق الأسواق الشرقية الهامة، السوق مسقوف لمسافة كبيرة منه، فيه حوانيت ومحلات ذات صبغة تاريخية، وهو مواز لسوق الحميدية، تتفرع منه أسواق متخصصة، وفيه الكثير من الخانات الأثرية والمساجد القديمة، والمشيدات والتفرعات المليئة بالمباني التاريخية والقصور، مثل قصر أم عسال، ومكتب عنبر، وهو بيت دمشقي رائع، يعتبر أجمل نموذج للبيت الشامي، وقد أصبح قصرا للثقافة، يتميز بالمساحة الفسيحة، والزخارف وتزيينات لها جماليات كثيرة، تعكس الروح الشرقية، كما أن واجهاته مليئة بالفنون العريقة.
◙ الأسواق رغم ما تعرضت له من تغيرات مازالت لها خصوصية بشكل عام إذ تحافظ على عبقها التاريخي ونمطها
ويتابع الباحث “توجد العديد من الكنائس والمقدسات في الجزء المكشوف من السوق مثل كنيسة حميمية. ومئذنة الشحم والمصلبة وغيرها، وتمتد على جانبي السوق محلات وحوانيت ذات أقواس وخانات أثرية، تحولت إلى محال تجارية، وهذا القسم من السوق تتصل فيه حارات قديمة عريقة، فيها الكثير من عبق التاريخ، إذ تم تحويل العديد من البيوتات فيها إلى مطاعم ومقاه شرقية وغاليريهات، اشتهر السوق بالصناعات النسيجية والعباءات الرجالية والقماش الدمشقي والديباج والصناعات المحلية المتميزة، وفيه محلات لبيع الشرقيات والموازييك، والمصدفات والمشغوﻻت اليدوية والنحاسية والفضيات والأنتيكا وأدوات الزينة”.
وعن سوق العصرونية والبذورية الذي يضم أسواقا عدة وتغيرات كثيرة وأسواقا تتلاقى معها ولها نفس السمات الكثيرة، يقول الطيار متحدثا لـ”العرب” عن خصوصية تلك الأسواق، “سوق العصرونية تم تأسيسه قبل 150 عاما، وشهد وﻻدة أول سوق للبورصة. في جزء منه مجموعة محلات، ربطت العصرونية بالحميدية، هي الآن لبيع أدوات الزينة الخاصة بالمرأة من مكياج وعطورات وغيرها، وفي أربعينات القرن الماضي، كان يجتمع فيه تجار دمشق لمعرفة أحوال المال، وأخبار البورصة العالمية قبل إلغائها”.
ويضيف “قيل إن سوق العصرونية سمي بـ ‘العصرونية’ نسبة إلى ابن أبي عصرون، فهناك مدرسة باسمه في وسط السوق، وهناك رأي آخر يقول إنه سمي كذلك لكثرة اكتظاظ السوق في أوقات العصر، وقد تخصصت العشرات من المحلات التي ضمها ببيع الأدوات المنزلية والنحاسية والزجاجية وأدوات المطابخ. العصرونية سوق مكشوف توسع بعد إعادة ترميمه إلى محال تجارية مميزة، استقطبت الكثير من التجار، وقد أعيد بناؤها على الطريقة الحديثة، ووصل عدد المحلات إلى أكثر من أربعمئة من المحلات العامرة بأجود المنتجات الفاخرة وتفرعت عنه أسواق أخرى”.
ويشير إلى أن هذا السوق تتواجد فيه أبنية أثرية لها أهميتها، منها دار الحدث الأشرفية، ومدرسة زهرة خاتون، وجامع قديم اسمه الخندق. أما سوق القباقبية المشهور بصناعة القبقاب الشامي، وصنع الصناديق المطعمة بالصدف فقد تغير إلى بيع الشرقيات والفضيات والأنتيكا، وهو مزدحم دوما، لأنه الطريق الذي يأخذ الزائر والسائح من الحميدية إلى حارات دمشق القديمة ومقهى النوفرة، والمشيدات الأثرية التي تحولت إلى مطاعم ومقاه بطابعها الشرقي الآسر.
استثمار التاريخ
يذكر الطيار سوق البزورية وسوق العطارة والطب الشعبي والأعشاب والبذور والفواكه المجففة والسكاكر والشوكولاتة وغيرها من المواد الغذائية، يمتد بين قصر العظم وسوق الصاغة، وصوﻻ إلى مدحت باشا، وقد توارثت عائلات دمشقية حوانيتها، ومازال أحفادها مستمرين يستثمرونها. ولهذا السوق شهرة كبيرة عبر التاريخ.
ويتابع “يوجد في هذا السوق أجمل منشأتين معماريتين قديمتين، أولاهما خان أسعد باشا وهو أكبر وأجمل خانات دمشق، بل وأجمل خانات الشرق الأوسط، وهناك حمام نورالدين الشهير، وقصر العظم الشهير، إنه سوق تراثي شهرته التجارية كبييرة وخاصة. وبالنسبة إلى سوق الحريقة فكان يعرف باسم سيدي عامود، أطلق عليه الاسم بعد أن قصفه الفرنسيون، وحرقت أجزاء فيه، كما دمرت مناطق أثرية كثيرة منه، ولسوق الحريقة أهمية خاصة بسبب موقعه المركزي، وحضور حركة تجارية كبيرة جدا فيه وإقبال مدهش وتنوع وغنى، يصل عدد محلاته إلى أكثر من أربعة آلاف محل”.
محمد شعلان الطيار: أسواق دمشق القديمة لها أهمية خاصة يمكن استثمارها
أما سوق الخياطين فهو أيضا سوق تراثي ضخم يصل بين سوق مدحت باشا والحريقة، كان لبيع الأجواخ، ثم تحول إلى المتاجرة بالخيوط الحريرية والصوفية، والملبوسات الشامية الجاهزة ولوازم الخياطة. في شوارع سوق الخياطين أيضا أماكن تاريخية مثل المدرسة النورية الكبرى، وقبر السلطان نورالدين، وسوق النسوان المجاور الواصل بين السوق الطويل والحميدية، وهناك سوق الصاغة المختص بصياغة المجوهرات والمعادن الثمينة، ضمن سوق الصاغة أيضا كانت مجموعة من الحرف التراثية واليدوية التي أبهرت دوما من يراها، ولطالما تحدث السائحون عن انبهارهم وإعجابهم بتلك الأسواق القديمة الحديثة.
ويقول شعلان الطيار “دمشق القديمة لها أهمية خاصة وخصوصية بشكل عام، أسواقها ﻻ تزال تحافظ على عبقها ونمطها، حيث يمكن استخدام خاناتها وتوظيفها سياحيا، واستثمارها بحيث تستخدم غاليريهات ومراكز ثقافية ضمن المدينة القديمة، لتوظيفها ضمن المسار السياحي وإعادة تأهيل بعض الخانات الأخرى للحرف التراثية، لبيع المنتجات التقليدية الشرقية متقنة الصنع والمبهرة بفنونها، وتحويل بعض الأماكن في دمشق القديمة للإقامة كنزل سياحية ليتم العيش ضمن الأجواء التقليدية والتراثية، واستثمارها في اتجاهات عدة إضافة إلى الجانب التجاري”.
عمر شريقي
معمار فريد وشواهد تاريخية حية يمكن استثمارها كقوة ناعمة.
الاثنين 2024/03/18
أسواق دمشق يفوح منها عبق تاريخ عريق
الأسواق القديمة ليست مجرد أماكن تجارية، بل هي شواهد حية على تاريخ الشعوب وثقافاتها وعاداتها، خاصة من خلال معمارها وخصوصياتها. وتزخر دمشق بأسواق يعود تاريخها إلى قرون خلت، حتى صارت كتابا مفتوحا لكل من يريد قراءة تاريخ المدينة العربية الأشهر بكل تقلباته.
بين الماضي والحاضر ترعرعت أعاجيبها، وتجسدت قصصها، ناسجة أجمل النوادر والحقائق، يسكن عبقها الممزوج بتاريخ دأب دوما على الإشراق، خارجا من الزمن بأبهى الصور وأندرها، ﻻ عجب في ذلك، إنها أسواق دمشق التي تختصر حضارات وثقافات، جهودا وسعيا، تخبرنا في كل شبر فيها عن حكاية عن أوابد وأسطورة أو معجزة، تتنوع وتتلون بين التاريخ والفنون المعمارية واليدوية، بين الإبداع الإنساني والحفاظ على كل ما هو عريق.
لأسواق دمشق حكاياتها الشيقة، المزدحمة بالشغف. ﻻ نبالغ إن قلنا إن تلك الأسواق تاريخ بأكمله، وعناوين لحضارات مرت، وإن كان العنوان الذي نقرأه في وظيفتها التجارة، إلا أن تلك الأسواق تحتفظ برونقها وأسرارها الإنسانية والاجتماعية، ومازالت تشع ببريق كنوزها المختلفة المخبوءة، التي تحفظ بين ثناياها بعبق التاريخ، وهذا ما يحدثنا عنه الباحث والخبير في تواريخ تلك المنشآت ودقائقها محمد شعلان الطيار ليتحفنا بأجوبة لأسئلة هائمة حولها.
أسواق ومعمار
حديث شيق وغني، يكتنز بالمعلومات الدقيقة والمبهرة للباحث شعلان الطيار الذي يبدأ كلامه مع “العرب” حول أسواق دمشق قائلا “توزعت الأسواق في جميع أنحاء المدينة، إلا أن التركيز بشكل أساسي، كان في محيط الجامع الأموي وعلى محور الشارع المستقيم، وكان السوق الرئيسي في المدنية، ويمتاز بالطول، حيث يصل إلى ثلاثة أميال تقريبا، كانت الأسواق بشكل عام تقوم على توزيع الكتلة البشرية بحيث يتجه كل إلى حاجته للتخفيف ما أمكن من التجمعات، وكل سوق له زبائنه”.
ويضيف “المنطقة التجارية تركزت في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة، ولم تكن المحلات مختلطة سابقا كما هو في زمننا الحالي، بل كان هناك تخصص بنوع محدد من السلع، وتلك الأسواق سميت باسمها أو باسم العاملين فيها، مثلا سوق الخياطين وسوق الحدادين وسوق النسوان وسوق الصوف وسوق الحرير وسوق القطن وغيرها. تغيرت فيما بعد، كما اختفت أسماء منها أيضا، وتوسع بعضها من تخصصية إلى عامة، والتي كانت تتوسع جميعها في محيط الجامع الأموي ومحيط الشارع الطويل”.
ويلفت الطيار إلى أن في السوق تواجدت خانات كثيرة بنفس أسماء الأسواق المتفرعة. عرف سوق مدحت باشا بـ”السوق الطويل” أيضا، ويعود إلى الفترة الرومانية، وبعد أن تم تنظيمه، سمي باسم مدحت باشا، وهو من أعرق الأسواق الشرقية الهامة، السوق مسقوف لمسافة كبيرة منه، فيه حوانيت ومحلات ذات صبغة تاريخية، وهو مواز لسوق الحميدية، تتفرع منه أسواق متخصصة، وفيه الكثير من الخانات الأثرية والمساجد القديمة، والمشيدات والتفرعات المليئة بالمباني التاريخية والقصور، مثل قصر أم عسال، ومكتب عنبر، وهو بيت دمشقي رائع، يعتبر أجمل نموذج للبيت الشامي، وقد أصبح قصرا للثقافة، يتميز بالمساحة الفسيحة، والزخارف وتزيينات لها جماليات كثيرة، تعكس الروح الشرقية، كما أن واجهاته مليئة بالفنون العريقة.
◙ الأسواق رغم ما تعرضت له من تغيرات مازالت لها خصوصية بشكل عام إذ تحافظ على عبقها التاريخي ونمطها
ويتابع الباحث “توجد العديد من الكنائس والمقدسات في الجزء المكشوف من السوق مثل كنيسة حميمية. ومئذنة الشحم والمصلبة وغيرها، وتمتد على جانبي السوق محلات وحوانيت ذات أقواس وخانات أثرية، تحولت إلى محال تجارية، وهذا القسم من السوق تتصل فيه حارات قديمة عريقة، فيها الكثير من عبق التاريخ، إذ تم تحويل العديد من البيوتات فيها إلى مطاعم ومقاه شرقية وغاليريهات، اشتهر السوق بالصناعات النسيجية والعباءات الرجالية والقماش الدمشقي والديباج والصناعات المحلية المتميزة، وفيه محلات لبيع الشرقيات والموازييك، والمصدفات والمشغوﻻت اليدوية والنحاسية والفضيات والأنتيكا وأدوات الزينة”.
وعن سوق العصرونية والبذورية الذي يضم أسواقا عدة وتغيرات كثيرة وأسواقا تتلاقى معها ولها نفس السمات الكثيرة، يقول الطيار متحدثا لـ”العرب” عن خصوصية تلك الأسواق، “سوق العصرونية تم تأسيسه قبل 150 عاما، وشهد وﻻدة أول سوق للبورصة. في جزء منه مجموعة محلات، ربطت العصرونية بالحميدية، هي الآن لبيع أدوات الزينة الخاصة بالمرأة من مكياج وعطورات وغيرها، وفي أربعينات القرن الماضي، كان يجتمع فيه تجار دمشق لمعرفة أحوال المال، وأخبار البورصة العالمية قبل إلغائها”.
ويضيف “قيل إن سوق العصرونية سمي بـ ‘العصرونية’ نسبة إلى ابن أبي عصرون، فهناك مدرسة باسمه في وسط السوق، وهناك رأي آخر يقول إنه سمي كذلك لكثرة اكتظاظ السوق في أوقات العصر، وقد تخصصت العشرات من المحلات التي ضمها ببيع الأدوات المنزلية والنحاسية والزجاجية وأدوات المطابخ. العصرونية سوق مكشوف توسع بعد إعادة ترميمه إلى محال تجارية مميزة، استقطبت الكثير من التجار، وقد أعيد بناؤها على الطريقة الحديثة، ووصل عدد المحلات إلى أكثر من أربعمئة من المحلات العامرة بأجود المنتجات الفاخرة وتفرعت عنه أسواق أخرى”.
ويشير إلى أن هذا السوق تتواجد فيه أبنية أثرية لها أهميتها، منها دار الحدث الأشرفية، ومدرسة زهرة خاتون، وجامع قديم اسمه الخندق. أما سوق القباقبية المشهور بصناعة القبقاب الشامي، وصنع الصناديق المطعمة بالصدف فقد تغير إلى بيع الشرقيات والفضيات والأنتيكا، وهو مزدحم دوما، لأنه الطريق الذي يأخذ الزائر والسائح من الحميدية إلى حارات دمشق القديمة ومقهى النوفرة، والمشيدات الأثرية التي تحولت إلى مطاعم ومقاه بطابعها الشرقي الآسر.
استثمار التاريخ
يذكر الطيار سوق البزورية وسوق العطارة والطب الشعبي والأعشاب والبذور والفواكه المجففة والسكاكر والشوكولاتة وغيرها من المواد الغذائية، يمتد بين قصر العظم وسوق الصاغة، وصوﻻ إلى مدحت باشا، وقد توارثت عائلات دمشقية حوانيتها، ومازال أحفادها مستمرين يستثمرونها. ولهذا السوق شهرة كبيرة عبر التاريخ.
ويتابع “يوجد في هذا السوق أجمل منشأتين معماريتين قديمتين، أولاهما خان أسعد باشا وهو أكبر وأجمل خانات دمشق، بل وأجمل خانات الشرق الأوسط، وهناك حمام نورالدين الشهير، وقصر العظم الشهير، إنه سوق تراثي شهرته التجارية كبييرة وخاصة. وبالنسبة إلى سوق الحريقة فكان يعرف باسم سيدي عامود، أطلق عليه الاسم بعد أن قصفه الفرنسيون، وحرقت أجزاء فيه، كما دمرت مناطق أثرية كثيرة منه، ولسوق الحريقة أهمية خاصة بسبب موقعه المركزي، وحضور حركة تجارية كبيرة جدا فيه وإقبال مدهش وتنوع وغنى، يصل عدد محلاته إلى أكثر من أربعة آلاف محل”.
محمد شعلان الطيار: أسواق دمشق القديمة لها أهمية خاصة يمكن استثمارها
أما سوق الخياطين فهو أيضا سوق تراثي ضخم يصل بين سوق مدحت باشا والحريقة، كان لبيع الأجواخ، ثم تحول إلى المتاجرة بالخيوط الحريرية والصوفية، والملبوسات الشامية الجاهزة ولوازم الخياطة. في شوارع سوق الخياطين أيضا أماكن تاريخية مثل المدرسة النورية الكبرى، وقبر السلطان نورالدين، وسوق النسوان المجاور الواصل بين السوق الطويل والحميدية، وهناك سوق الصاغة المختص بصياغة المجوهرات والمعادن الثمينة، ضمن سوق الصاغة أيضا كانت مجموعة من الحرف التراثية واليدوية التي أبهرت دوما من يراها، ولطالما تحدث السائحون عن انبهارهم وإعجابهم بتلك الأسواق القديمة الحديثة.
ويقول شعلان الطيار “دمشق القديمة لها أهمية خاصة وخصوصية بشكل عام، أسواقها ﻻ تزال تحافظ على عبقها ونمطها، حيث يمكن استخدام خاناتها وتوظيفها سياحيا، واستثمارها بحيث تستخدم غاليريهات ومراكز ثقافية ضمن المدينة القديمة، لتوظيفها ضمن المسار السياحي وإعادة تأهيل بعض الخانات الأخرى للحرف التراثية، لبيع المنتجات التقليدية الشرقية متقنة الصنع والمبهرة بفنونها، وتحويل بعض الأماكن في دمشق القديمة للإقامة كنزل سياحية ليتم العيش ضمن الأجواء التقليدية والتراثية، واستثمارها في اتجاهات عدة إضافة إلى الجانب التجاري”.
عمر شريقي