الألوان
تری دقيق القمح ، أو دقيق الذرة ، أو الأرز ، أو لعلك ترى الجبن واللبن ، وتريد أن تصف لونها ، فتقول انه اللون الأبيض. وانت ترى سحيق الفحم ، أو قطران الزيت ، أو شعر بعض بني الانسان وهو ملء رأسه ، فتقول : هذا
اللون الأسود .
وتخلط دقيق قمح أبيض ، بدقيق فحم أسود ، فينتج لديك لون هو بين البياض والسواد ، هو اللون الرمادي ، وهو درجات ، يكثر بياضها أو يكثر سوادها. فهذه هي الألوان التي يتألف منها بياض النهار وسواد الليل ، وما بينهما .
وتجوب سطح الأرض تبحث في صخورها، فتتكشف لك صخورها عن ألوان شتى . وتزدهر هذه الألوان ازدهارا حتى ليصبح الصخر حجرا ثمينا ، فيكون منه الياقوت ، والزمرد والزبرجد وما اليها . وتجوب زرع الأرض فتجد اللون الأخضر غالبا . وتخرج الثمار ، وتخرج الأزهار ، بالألوان الشتى . فالخيار أخضر ، والموز أصفر ، والورد أحمر وأصفر . وكما في الزرع ففي كل كائن آخر حي .. في الحشرات ، وفي سائر الحيوانات، وفي الأسماك ، وفي الطيور خاصة .
ان الطبيعة في شتى مناشطها على سطح هذه الأرض ، وشتى مخلوقاتها ، أنتجت من الألوان ما عجز جرم سماوي آخر ، كالقمر ، أن ينتجه ان القمر لا حياة فيه ، فامتنعت عليه ألوان لا ينتجها الا النبت ، والا ما يعيش على النبت من أحياء .
وفي سماء الأرض زرقة ، ليست في سماء القمر ولم يقنع الانسان بالذي نتج في الأرض الموات من لون ، ولا بالذي لبسته و ازدانت به سائر الأحياء ، فراح بالعلم ، وبالكيمياء خاصة ، يصنع اللون ، فصنع منه آلافا . فزين البيوت ، وزين أثاثها ، وزين ملابس سكانها . وبعلم الزهور اصطنع للحدائق ألوانا جديدة لم يعرفها النبات وحده ، حتى اصبح الانسان يعيش عيشا ، اللون بعض أصوله .
وابتدع الانسان الفن ، فكان اللون أصرخ ما فيه وتوارث الانسان الفن صورا رائعة ، تصور حياة الناس على هذه الأرض . ريشات حملت من رقعة الألوان الصبغ الأصفر والأحمر والأخضر ، وبسطته على لوحات من خيش ، فخلقت من كل ذلك ما أبكى حينا ، وما أضحك حينا ، وما سكت الناظر أمامه عن ضحك وعن بكاء ، حالما ، ساهما ، يحاول أن يستكنه الحركات النفسية الدفينة في هذه الصور الرائعة .
⏺ازدَانَ الصَّحْرُ باللون . فكانت الأحجار الثمينة .
⏺وارْدَانَ الزَّهْرُ وَالثمرُ باللون ، فكَانَ مِن ذَلِكَ جَمَال الطبيعة .
⏺وَابْتَدَعَ الإِنسَانُ الفَنَّ ، فَكَان اللون أَصْرَحَ ما فيه .
- اللون كان شيئا مبهما ثم تكشف :
عرف القدماء اللون ، لا شك في هذا . ولكن كيف فهموه ؟ وكيف فسروه ؟
ان التاريخ يقول انهم فهموا اللون على أنه خصيصة من خصائص الجسم ، فالجسم الأحمر أحمر لأن فيه الحمرة ، والأصفر أصفر لأن فيه الصفرة . فكأن الحمرة والصفرة شيئان يخرجان من الأجسام .
وهذا القول تضمن شيئا ليس بالحق كله ، ولا هو بنصف الحق ، ولكنه يشبه بعض الحق . ويتراءى ذلك مما نذكر عن كيف فهم اللون الأحدثون .
أن فهم اللون يرتبط ارتباطا وثيقا بفهم الضوء ، وضوء الشمس خاصة .
ولا شك أنه كان قد اتيح للانسان القديم أن يفهم أن الضوء الأبيض ، شيء مركب . انه عرف الزجاج ، وهو لا شك رأى النور يخرج احيانا من اطرافه المشطوفة ، وهو شيء ملون . يخرج لا لونا أبيض ، ولكن الوانا .
وكذا فقاعات الصابون تراءت له في النور ، وكأنها مصدر لألوان عدة .
وقوس قزح ، هذا الذي يظهر في السماء من بعد مطر ، هذا ظهر للناس من قديم ، وظهرت فيه الوان هي كالألوان التي عرفها الأحدثون ، وعرفوا أن اللون الأبيض ينحل اليها .
وتنبه لقوس قزح الفيلسوف العالم الفرنسي ديكارت Decartes فكان أول من أعطى الفكرة لأوروبا أن لون الشمس الأبيض نفذ من قوس قزح ، وهو قطرات من ماء ، منحلا الى ما رأى الناس منه من الوان .
( المنشور الزجاجي ، وقد سقطت عليه أشعة الشمس البيضاء ، وهي مؤلفة من ألوان كثيرة انكسرت داخل الزجاج على درجات مختلفة ، و خرجت هكذا على زوايا مختلفة فتفرقت وبسقوطها على ستار من ورق ظهر لونها . وهي لا ترى الا بسقوطها على مثل هذا الستار ، أما ما تراه بالصورة من الوان ، فيدل ، لا على ما تتراءى به الأشعة ، ولكن على ما سوف تتراءى به اذا سقطت على الورقة البيضاء )
تری دقيق القمح ، أو دقيق الذرة ، أو الأرز ، أو لعلك ترى الجبن واللبن ، وتريد أن تصف لونها ، فتقول انه اللون الأبيض. وانت ترى سحيق الفحم ، أو قطران الزيت ، أو شعر بعض بني الانسان وهو ملء رأسه ، فتقول : هذا
اللون الأسود .
وتخلط دقيق قمح أبيض ، بدقيق فحم أسود ، فينتج لديك لون هو بين البياض والسواد ، هو اللون الرمادي ، وهو درجات ، يكثر بياضها أو يكثر سوادها. فهذه هي الألوان التي يتألف منها بياض النهار وسواد الليل ، وما بينهما .
وتجوب سطح الأرض تبحث في صخورها، فتتكشف لك صخورها عن ألوان شتى . وتزدهر هذه الألوان ازدهارا حتى ليصبح الصخر حجرا ثمينا ، فيكون منه الياقوت ، والزمرد والزبرجد وما اليها . وتجوب زرع الأرض فتجد اللون الأخضر غالبا . وتخرج الثمار ، وتخرج الأزهار ، بالألوان الشتى . فالخيار أخضر ، والموز أصفر ، والورد أحمر وأصفر . وكما في الزرع ففي كل كائن آخر حي .. في الحشرات ، وفي سائر الحيوانات، وفي الأسماك ، وفي الطيور خاصة .
ان الطبيعة في شتى مناشطها على سطح هذه الأرض ، وشتى مخلوقاتها ، أنتجت من الألوان ما عجز جرم سماوي آخر ، كالقمر ، أن ينتجه ان القمر لا حياة فيه ، فامتنعت عليه ألوان لا ينتجها الا النبت ، والا ما يعيش على النبت من أحياء .
وفي سماء الأرض زرقة ، ليست في سماء القمر ولم يقنع الانسان بالذي نتج في الأرض الموات من لون ، ولا بالذي لبسته و ازدانت به سائر الأحياء ، فراح بالعلم ، وبالكيمياء خاصة ، يصنع اللون ، فصنع منه آلافا . فزين البيوت ، وزين أثاثها ، وزين ملابس سكانها . وبعلم الزهور اصطنع للحدائق ألوانا جديدة لم يعرفها النبات وحده ، حتى اصبح الانسان يعيش عيشا ، اللون بعض أصوله .
وابتدع الانسان الفن ، فكان اللون أصرخ ما فيه وتوارث الانسان الفن صورا رائعة ، تصور حياة الناس على هذه الأرض . ريشات حملت من رقعة الألوان الصبغ الأصفر والأحمر والأخضر ، وبسطته على لوحات من خيش ، فخلقت من كل ذلك ما أبكى حينا ، وما أضحك حينا ، وما سكت الناظر أمامه عن ضحك وعن بكاء ، حالما ، ساهما ، يحاول أن يستكنه الحركات النفسية الدفينة في هذه الصور الرائعة .
⏺ازدَانَ الصَّحْرُ باللون . فكانت الأحجار الثمينة .
⏺وارْدَانَ الزَّهْرُ وَالثمرُ باللون ، فكَانَ مِن ذَلِكَ جَمَال الطبيعة .
⏺وَابْتَدَعَ الإِنسَانُ الفَنَّ ، فَكَان اللون أَصْرَحَ ما فيه .
- اللون كان شيئا مبهما ثم تكشف :
عرف القدماء اللون ، لا شك في هذا . ولكن كيف فهموه ؟ وكيف فسروه ؟
ان التاريخ يقول انهم فهموا اللون على أنه خصيصة من خصائص الجسم ، فالجسم الأحمر أحمر لأن فيه الحمرة ، والأصفر أصفر لأن فيه الصفرة . فكأن الحمرة والصفرة شيئان يخرجان من الأجسام .
وهذا القول تضمن شيئا ليس بالحق كله ، ولا هو بنصف الحق ، ولكنه يشبه بعض الحق . ويتراءى ذلك مما نذكر عن كيف فهم اللون الأحدثون .
أن فهم اللون يرتبط ارتباطا وثيقا بفهم الضوء ، وضوء الشمس خاصة .
ولا شك أنه كان قد اتيح للانسان القديم أن يفهم أن الضوء الأبيض ، شيء مركب . انه عرف الزجاج ، وهو لا شك رأى النور يخرج احيانا من اطرافه المشطوفة ، وهو شيء ملون . يخرج لا لونا أبيض ، ولكن الوانا .
وكذا فقاعات الصابون تراءت له في النور ، وكأنها مصدر لألوان عدة .
وقوس قزح ، هذا الذي يظهر في السماء من بعد مطر ، هذا ظهر للناس من قديم ، وظهرت فيه الوان هي كالألوان التي عرفها الأحدثون ، وعرفوا أن اللون الأبيض ينحل اليها .
وتنبه لقوس قزح الفيلسوف العالم الفرنسي ديكارت Decartes فكان أول من أعطى الفكرة لأوروبا أن لون الشمس الأبيض نفذ من قوس قزح ، وهو قطرات من ماء ، منحلا الى ما رأى الناس منه من الوان .
( المنشور الزجاجي ، وقد سقطت عليه أشعة الشمس البيضاء ، وهي مؤلفة من ألوان كثيرة انكسرت داخل الزجاج على درجات مختلفة ، و خرجت هكذا على زوايا مختلفة فتفرقت وبسقوطها على ستار من ورق ظهر لونها . وهي لا ترى الا بسقوطها على مثل هذا الستار ، أما ما تراه بالصورة من الوان ، فيدل ، لا على ما تتراءى به الأشعة ، ولكن على ما سوف تتراءى به اذا سقطت على الورقة البيضاء )
تعليق