صناعة الطحن
بدأت صناعة الطحن بدقه في مدقات من حجر أشبه بالهاون . كتلة من حجر جوفوها . يهبط على القمح بداخلها مدق ثقيل من حجر صلد أيضا .
ثم استبدلت بالمدق الرحى : حجران مستديران ، یدار أعلاهما على أسفلهما باليد ، وفي أوسط الأعلى فرجة مستديرة يصب فيها القمح ، فيجري بين القرصين فيندش .
وكبرت هذه الرحوات حتى كانت تدار بالحيوانات كالثيران ، أو بقوة اندفاع الماء من مجاريه الطبيعية ، أو بمراوح الهواء تطول عالية نحو السماء . وشققوا سطوحها التي تمس القمح حتى تكون لها أطراف حادة تمزق الحب . وشاعت هذه في القرون الوسطى في أوروبا شيوعا كبيرا .
ثم دخلت صناعة الطحين في الدور الأحدث بدخول الاسطوانات الطاحنة اليها ، فهي وحدها التي استطاعت أن تستخرج من القمح من النوع ( الجامد » الدقيق الأبيض واذن فالرغيف الأبيض . وصنعوها من الفولاذ ، تدور الواحدة منها أفقية لصق أختها . وعمدوا الى سطوحها فخددوها الأخاديد ذات الحروف الحادة ، لتهشم الحبة من القمح تهشيما ، ولكنها تبقي مع ذلك على جرثومتها ( وهي التي منها يتنبت النبات اذا وضع في الأرض ) ، وكذلك تبقي على قشرتها ( وهي النخالة أو الردة ) . وبهذا يسهل فصلهما بعد ذلك من الدقيق الأبيض .
ونلخص العملية بأن نقول : انها تتألف من خطوات كثيرة من سحق ثم فصل ، ثم سحق ، ثم فصل ، ويبدأ السحق خفيفا يستخدم بعده الهواء لحمل النخالة التي انفصلت عن الحب ، ثم يشتد السحق ، وتستخدم المناخل . وكلما تعددت العملية أبيض الدقيق الناتج .
ويختلف وزن الدقيق الصافي الناتج منسوبا الى الحب ، فمنه الذي يبلغ ۷۰ في المائة من وزن الحب ، وهذا هو العادي في المخابز . ومنه ما تزيد تنقيته فيصل الى ٥٦ في المائة فقط من وزن الحب . وهلم جرا . ولكل غاية .
- اكتشاف الخميرة :
وكما تقدم نوع الرغيف بتقدم صناعة الطحن ، فكذلك هو تقدم وتقدمت صناعته في العصور الحديثة ، وكبرت مخابزه العامة باكتشاف الخميرة وفصلها .
وحدث هذا أول الأمر باستخدام الخميرة التي ربوها على الهريس الذي يستخدم في صناعة البيرة . حدث هذا في أواخر القرن الثامن عشر . وما بدأ القرن التاسع عشر حتى عم استخدام هذه الخميرة في انجلترا وشمال أوروبا . وزاد في صناعة الخبز وتجارته اتساعا تلك الخميرة التي صنعوها مكبوسة في الولايات المتحدة ، وجاءوا بها من صناعة الخمور المقطرة . وكان هذا في عام ١٨٦٨ .
وتمت الخطوة الكبرى في عام ۱۸۸۳ ففيها تم فصل خلايا الخمائر المختلفة ، صافية نقية ، أنواعا شتى ، و درست خواصها ، واختير منها ما هو أصلح وأثبت وأوفق للنتيجة المطلوبة . بهذا أمكن مصانع الخبز عامة ان تخرج دائما رغيفا ثابت الصفات لا يختلف باختلاف الخميرة .
- حبة القمح :
انها تتألف من قشرة ذهبية عادة ، فهذه هي النخالة . وهي تغطي قلب الحبة . وبقلب الحبة، في طرف منها الجرثومة ، أو الجنين ، وهو الجزء الذي يتمثل فيه نبات المستقبل فاذا وضعت الحبة في الأرض وارتوت ، بدأ الجنين يتحرك ، طرف منه يعلو ليكون الساق ، وطرف ينخفض ويكون الجذور .
( في كثير من ريف السويد والنرويج يخبز الخبز هكذا في أفران شبيهة بافران أهل الشرق. وهذه المرأة السويدية قائمة بخبز مقدار من خبز الشوفان والشعير يكفي لعدة أشهر ، وهو الخبز السائد في تلك المناطق الشمالية )
والطحين يهدف الى التخلص من القشرة والجرثومة معا كما ذكرنا ، ولكن بهذا يضيع من الخبز الكثير مما في الحب من حديد ومن فيتامينات ( ثيامين Thiamine وهو فيتامين ب١ . ریبو فلافين Riboflavine وهو فيتامين ب٢ وحامض النيكوتين Nicotinic Acid ) ، وليس في الحب فيتامين ج Vitamin C .
بقي من تركيب الحبة تلك البقية التي قصد بها أن تكون غذاء النبات عندما ينبت ، وقبل أن يستطيع كسب غذائه بنفسه . وهي تلك البقية العظيمة النفع التي نهدف اليها نحن ، عند الطحين ، ونستخرجها ، ونسميها الدقيق الأبيض .
فهذه تتألف من شيئين :
النشا ، وهو كسائر النشا الذي في الأرز والبطاطس ، ومنه يستمد كل آكل الطاقة التي بها يعمل .
ثم البروتين ، وهو أكثر من نوع ، اذا وضع في الماء تحول الى مادة مطاطة تعرف باسم الجلوتين Gluten ، وهي المادة اللزجة التي تجعل العجينة تلصق في يد الانسان . اذ لو كانت العجينة نشا فقط لغسلها من فوق اليد الماء .
وهي ، من حيث أنها بروتين ، تفي عندما يأكل الأكل الخبز ، ببعض حاجة الجسم من البروتينات .
ولكن عملها في التخمير هو هدفنا الآن من الحديث. ان الخميرة تؤثر كيماويا في بعض النشا ، فتحلله، ويخرج من تحلله فيما يخرج غاز هو ثاني اكسيد الكربون . فهذه المادة اللزجة تحبسه . وكلما زاد التخمير زادت العجينة حجما بسبب هذا الغاز . فالرغيف العجين اذا دخل الفرن بعد ذلك ، زاد بالحرارة حجم غاز الكربونيك الذي بالرغيف فانتفش ، ثم هرب الغاز .
والنتيجة : رغيف منفوش خفيف عند المضغ ليس بكثيف .
ويستنتج من هذا أمران :
(۱) ان الرغيف يثقل ويكثف اذا لم يختمر .
(۲) ان الرغيف ، لكي يختمر ، ويحتبس به الغاز الناتج ، لا بد أن يحتوي دقيقه على الجلوتين . واذن ليس كل دقيق يصنع منه رغيف منفوش خفيف . انه لا يصنع من البطاطس ، ولا من الأرز ، ولا من الذرة ، ولا من الشعير .
وهو يصنع من الشوفان .
بدأت صناعة الطحن بدقه في مدقات من حجر أشبه بالهاون . كتلة من حجر جوفوها . يهبط على القمح بداخلها مدق ثقيل من حجر صلد أيضا .
ثم استبدلت بالمدق الرحى : حجران مستديران ، یدار أعلاهما على أسفلهما باليد ، وفي أوسط الأعلى فرجة مستديرة يصب فيها القمح ، فيجري بين القرصين فيندش .
وكبرت هذه الرحوات حتى كانت تدار بالحيوانات كالثيران ، أو بقوة اندفاع الماء من مجاريه الطبيعية ، أو بمراوح الهواء تطول عالية نحو السماء . وشققوا سطوحها التي تمس القمح حتى تكون لها أطراف حادة تمزق الحب . وشاعت هذه في القرون الوسطى في أوروبا شيوعا كبيرا .
ثم دخلت صناعة الطحين في الدور الأحدث بدخول الاسطوانات الطاحنة اليها ، فهي وحدها التي استطاعت أن تستخرج من القمح من النوع ( الجامد » الدقيق الأبيض واذن فالرغيف الأبيض . وصنعوها من الفولاذ ، تدور الواحدة منها أفقية لصق أختها . وعمدوا الى سطوحها فخددوها الأخاديد ذات الحروف الحادة ، لتهشم الحبة من القمح تهشيما ، ولكنها تبقي مع ذلك على جرثومتها ( وهي التي منها يتنبت النبات اذا وضع في الأرض ) ، وكذلك تبقي على قشرتها ( وهي النخالة أو الردة ) . وبهذا يسهل فصلهما بعد ذلك من الدقيق الأبيض .
ونلخص العملية بأن نقول : انها تتألف من خطوات كثيرة من سحق ثم فصل ، ثم سحق ، ثم فصل ، ويبدأ السحق خفيفا يستخدم بعده الهواء لحمل النخالة التي انفصلت عن الحب ، ثم يشتد السحق ، وتستخدم المناخل . وكلما تعددت العملية أبيض الدقيق الناتج .
ويختلف وزن الدقيق الصافي الناتج منسوبا الى الحب ، فمنه الذي يبلغ ۷۰ في المائة من وزن الحب ، وهذا هو العادي في المخابز . ومنه ما تزيد تنقيته فيصل الى ٥٦ في المائة فقط من وزن الحب . وهلم جرا . ولكل غاية .
- اكتشاف الخميرة :
وكما تقدم نوع الرغيف بتقدم صناعة الطحن ، فكذلك هو تقدم وتقدمت صناعته في العصور الحديثة ، وكبرت مخابزه العامة باكتشاف الخميرة وفصلها .
وحدث هذا أول الأمر باستخدام الخميرة التي ربوها على الهريس الذي يستخدم في صناعة البيرة . حدث هذا في أواخر القرن الثامن عشر . وما بدأ القرن التاسع عشر حتى عم استخدام هذه الخميرة في انجلترا وشمال أوروبا . وزاد في صناعة الخبز وتجارته اتساعا تلك الخميرة التي صنعوها مكبوسة في الولايات المتحدة ، وجاءوا بها من صناعة الخمور المقطرة . وكان هذا في عام ١٨٦٨ .
وتمت الخطوة الكبرى في عام ۱۸۸۳ ففيها تم فصل خلايا الخمائر المختلفة ، صافية نقية ، أنواعا شتى ، و درست خواصها ، واختير منها ما هو أصلح وأثبت وأوفق للنتيجة المطلوبة . بهذا أمكن مصانع الخبز عامة ان تخرج دائما رغيفا ثابت الصفات لا يختلف باختلاف الخميرة .
- حبة القمح :
انها تتألف من قشرة ذهبية عادة ، فهذه هي النخالة . وهي تغطي قلب الحبة . وبقلب الحبة، في طرف منها الجرثومة ، أو الجنين ، وهو الجزء الذي يتمثل فيه نبات المستقبل فاذا وضعت الحبة في الأرض وارتوت ، بدأ الجنين يتحرك ، طرف منه يعلو ليكون الساق ، وطرف ينخفض ويكون الجذور .
( في كثير من ريف السويد والنرويج يخبز الخبز هكذا في أفران شبيهة بافران أهل الشرق. وهذه المرأة السويدية قائمة بخبز مقدار من خبز الشوفان والشعير يكفي لعدة أشهر ، وهو الخبز السائد في تلك المناطق الشمالية )
والطحين يهدف الى التخلص من القشرة والجرثومة معا كما ذكرنا ، ولكن بهذا يضيع من الخبز الكثير مما في الحب من حديد ومن فيتامينات ( ثيامين Thiamine وهو فيتامين ب١ . ریبو فلافين Riboflavine وهو فيتامين ب٢ وحامض النيكوتين Nicotinic Acid ) ، وليس في الحب فيتامين ج Vitamin C .
بقي من تركيب الحبة تلك البقية التي قصد بها أن تكون غذاء النبات عندما ينبت ، وقبل أن يستطيع كسب غذائه بنفسه . وهي تلك البقية العظيمة النفع التي نهدف اليها نحن ، عند الطحين ، ونستخرجها ، ونسميها الدقيق الأبيض .
فهذه تتألف من شيئين :
النشا ، وهو كسائر النشا الذي في الأرز والبطاطس ، ومنه يستمد كل آكل الطاقة التي بها يعمل .
ثم البروتين ، وهو أكثر من نوع ، اذا وضع في الماء تحول الى مادة مطاطة تعرف باسم الجلوتين Gluten ، وهي المادة اللزجة التي تجعل العجينة تلصق في يد الانسان . اذ لو كانت العجينة نشا فقط لغسلها من فوق اليد الماء .
وهي ، من حيث أنها بروتين ، تفي عندما يأكل الأكل الخبز ، ببعض حاجة الجسم من البروتينات .
ولكن عملها في التخمير هو هدفنا الآن من الحديث. ان الخميرة تؤثر كيماويا في بعض النشا ، فتحلله، ويخرج من تحلله فيما يخرج غاز هو ثاني اكسيد الكربون . فهذه المادة اللزجة تحبسه . وكلما زاد التخمير زادت العجينة حجما بسبب هذا الغاز . فالرغيف العجين اذا دخل الفرن بعد ذلك ، زاد بالحرارة حجم غاز الكربونيك الذي بالرغيف فانتفش ، ثم هرب الغاز .
والنتيجة : رغيف منفوش خفيف عند المضغ ليس بكثيف .
ويستنتج من هذا أمران :
(۱) ان الرغيف يثقل ويكثف اذا لم يختمر .
(۲) ان الرغيف ، لكي يختمر ، ويحتبس به الغاز الناتج ، لا بد أن يحتوي دقيقه على الجلوتين . واذن ليس كل دقيق يصنع منه رغيف منفوش خفيف . انه لا يصنع من البطاطس ، ولا من الأرز ، ولا من الذرة ، ولا من الشعير .
وهو يصنع من الشوفان .
تعليق