قُرحَة المعدة ..
علاج لها عجيب ..
ساعات يأكل بعدها المريض
القرحة مرض شائع ، ولقد قدروا أن نحو عشر السكان في الأمم ذات المدنية المتقدمة ، أصابهم أو يصيبهم هذا المرض يوما ما . وهو مرض تصحبه عند الأكل آلام شديدة ، يخاف منها المريض ، فيعزف عن الطعام وتذهب شهيته ، وينقص وزنه وينحف ، ويزداد نحافة .
وتعجز الأدوية ، فلا يكون للقرحة علاج غير مشرط الجراح ، يقتطع به من المعدة الجزء المصاب اقتطاعا .
حدث في هذه الأيام شيء جديد في أمر هذا المرض ، نترك مندوب احدى الجماعات العلمية يتحدث عنه :
قال :
- كنت هناك ؛
نعم كنت هناك ، بمدينة نيويورك ، وكان هناك المريض ، وعمره خمسون عاما . وكان مرضه بالقرحة المعدية غير حديث ، ولكنه ازداد شدة ، وأنذر جدار معدته بأن ينخرق . ولم يبق الا أن يتدخل مبضع الجراح ليحفظ على الرجل حياته ، الا اذا أمكن حمله الى حيث يجرى له العلاج الجديد ، علاج القرحة هذه، ذلك العلاج الذي نشرته مجلة الرابطة الطبية الأمريكية منذ قريب .
انه علاج ابتدعه جراحو جامعة مينابوليس Minneapolis ، وهي جامعة شهيرة . وفضل المريض هذا العلاج على مشرط الجراح . ولم يلبث أن حملته الطائرة الى هذه المدينة . ودخل مستشفى الجامعة ، وهو أحد المستشفيات الشهيرة التي صنعت الكثير في دفع البحوث الطبية الى الأمام .
وأرسل المستشفى الى مركز البحوث الطبية الشهير أكلينيك مايو Mayo Clinic ، بجوار مدينة رشستر Rochester بالولايات المتحدة ، يخبره بأن عملية من هذا النوع الجديد سوف تجرى في المستشفى . ان اكلينيك مايو لا بد أن يعلم ، ولا بد أن يطلع على كل جديد . إنه من المراكز الطبية العظمى ، وهو دائما في الطليعة من تلك البحوث ، يعطي ويأخذ ، ليزداد علما . ويجب أن لا يفوته علاج جديد كهذا ، ابتدعه رجل من أشهر جراحي الولايات ، ذلك الدكتور و نجستين Wangesteen . وحضر من رجال الأكلينيك ستة من أطبائه .
- العلاج ؛
كان المريض قد صام استعدادا للعلاج . وقام باجراء العملية فعلا الدكتور بيتر E. T. Peter . وعند الساعة الثانية من بعد الظهر بدأ العمل .
ويتلخص العلاج في تبريد المعدة تبريدا شديدا ، حتى لتتجمد كانجماد الثلج ، وعندئذ يتوقف غشاء المعدة المخاطي الذي يغلف جدار المعدة عن افراز ، وكذا يتوقف جدار المعدة نفسه عن افراز ، وبذلك تندمل القرحة اندمالا . وذلك بأن أدخلوا الى المعدة بالونا خفيفا من المطاط ، له عند امتلائه شكل المعدة . أدخلوه بل دلكوه الى المعدة عن طريق الفم ، فالمريء فالمعدة ، وبأعلاه . أنبوبتان رفيعتان . واذا استقر البالون في المعدة أدخلوا اليه سائلا كحوليا عن طريق احدى الأنبوبتين ، مبردا. الى درجة ١٨ تحت الصفر المئوي . وملأ الكحول البالون. حتى التصق جداره بجدار المعدة ، فأخذت تبرد . ودار الكحول فخرج من الأنبوبة الأخرى .
وظلت دورة الكحول المبرد هذه جارية ، يدخل الكحول من أنبوب ويخرج من أنبوب .
وراقبوا درجة حرارة الكحول عند خروجه مراقبة دقيقة ، فهي دليل على درجة حرارة المعدة وانخفاضها وكانت هذه الدرجة في أول الأمر ٥ درجات مئوية ، تحت الصفر ، ثم اخذت تزداد هبوطا .
واحس المريض عندئذ بالبرد ، واشتكى ، فجاءوا له بلحاف آخر من الصوف . وأخذ يرتعش ، فحقنته احدى الممرضات بحقنة من الثورازين Thorazine ، شلت بها مراكز الرعشة في الجسم ، والرعشة هي بعض دفاع الجسم عند الخطر . وبالحقنة توقف ارتعاشه .
وبعد عشر دقائق هبطت درجة حرارة الكحول الخارج من المعدة الى درجة ١٢ تحت الصفر ، وعند هذا الحد استقرت .
وبعد ٥٠ دقيقة من بدء العمل كان هذا الكحول المبرد الدائر قد جمد الغشاء المخاطي في معدة المريض حقا وصدقا ، ولقد بلغت درجته عند ذاك ما بين ١٥ الى ١٦ درجة تحت الصفر . عرفوا ذلك من تجارب سابقة اما جسم المريض عامة فقد هبطت درجة حرارته اثناء ذلك درجتين اثنتين . واخرجوا الأنبوب وتمت العملية .
و دقت الساعة الخامسة بعد الظهر .
وكان عندها يأكل المريض طعامه كما يأكل الأصحاء ، فلا الم ، ولا خوف من الم .
وفي الغد غادر المريض المستشفى .
وكان المستشفى قد عالج قبل ذلك ، في السنة الماضية ، ثلاثين حالة اندملت فيها القرحة اندمالا .
- سبب القرحة ؛
ان سبب القرحة يعود الى شيئين ، يفرزهما جدار المعدة وغشاؤها المخاطي : ذلكما مادة : الببسين Pepsin التي تهضم اللحم ، وحامض الأدروكلوريك ، وكلاهما لازم لعملية الهضم . ولكن زيادة افرازهما تضر ، وتسبب القرحة . والعجيب أن هذا التبريد الشديد يؤثر في خلايا القرحة فتندمل ، أما سائر خلايا المعدة فتعود الى وظائفها غير متأثرة بالذي جرى .
- وهل تعود القرحة من بعد علاج ؟
ان خلايا القرحة ، تلك التي تعطلت بالتبريد الشديد ، تعود من بعد ٥ او ٦ أشهر الى الافراز . وعندئذ يمكن أن تعود القرحة الى الحياة . فاذا هي فعلت ، وبلغت مبلغ الخطر ، فرقدة أخرى ، كتلك التي وقعت بين الساعة الثانية والخامسة بعد الظهر ، تذهب بأخطارها وآلامها مرة أخرى . وان انت لم ترتح الى هذا ، فسل اهل القرح ، فعندهم لا شك بذلك ارتياح وارتياح جلسات كهذه ، ولا مشرط الجراح . واذكر أن منهم من لا يستطيع جراحة .
علاج لها عجيب ..
ساعات يأكل بعدها المريض
القرحة مرض شائع ، ولقد قدروا أن نحو عشر السكان في الأمم ذات المدنية المتقدمة ، أصابهم أو يصيبهم هذا المرض يوما ما . وهو مرض تصحبه عند الأكل آلام شديدة ، يخاف منها المريض ، فيعزف عن الطعام وتذهب شهيته ، وينقص وزنه وينحف ، ويزداد نحافة .
وتعجز الأدوية ، فلا يكون للقرحة علاج غير مشرط الجراح ، يقتطع به من المعدة الجزء المصاب اقتطاعا .
حدث في هذه الأيام شيء جديد في أمر هذا المرض ، نترك مندوب احدى الجماعات العلمية يتحدث عنه :
قال :
- كنت هناك ؛
نعم كنت هناك ، بمدينة نيويورك ، وكان هناك المريض ، وعمره خمسون عاما . وكان مرضه بالقرحة المعدية غير حديث ، ولكنه ازداد شدة ، وأنذر جدار معدته بأن ينخرق . ولم يبق الا أن يتدخل مبضع الجراح ليحفظ على الرجل حياته ، الا اذا أمكن حمله الى حيث يجرى له العلاج الجديد ، علاج القرحة هذه، ذلك العلاج الذي نشرته مجلة الرابطة الطبية الأمريكية منذ قريب .
انه علاج ابتدعه جراحو جامعة مينابوليس Minneapolis ، وهي جامعة شهيرة . وفضل المريض هذا العلاج على مشرط الجراح . ولم يلبث أن حملته الطائرة الى هذه المدينة . ودخل مستشفى الجامعة ، وهو أحد المستشفيات الشهيرة التي صنعت الكثير في دفع البحوث الطبية الى الأمام .
وأرسل المستشفى الى مركز البحوث الطبية الشهير أكلينيك مايو Mayo Clinic ، بجوار مدينة رشستر Rochester بالولايات المتحدة ، يخبره بأن عملية من هذا النوع الجديد سوف تجرى في المستشفى . ان اكلينيك مايو لا بد أن يعلم ، ولا بد أن يطلع على كل جديد . إنه من المراكز الطبية العظمى ، وهو دائما في الطليعة من تلك البحوث ، يعطي ويأخذ ، ليزداد علما . ويجب أن لا يفوته علاج جديد كهذا ، ابتدعه رجل من أشهر جراحي الولايات ، ذلك الدكتور و نجستين Wangesteen . وحضر من رجال الأكلينيك ستة من أطبائه .
- العلاج ؛
كان المريض قد صام استعدادا للعلاج . وقام باجراء العملية فعلا الدكتور بيتر E. T. Peter . وعند الساعة الثانية من بعد الظهر بدأ العمل .
ويتلخص العلاج في تبريد المعدة تبريدا شديدا ، حتى لتتجمد كانجماد الثلج ، وعندئذ يتوقف غشاء المعدة المخاطي الذي يغلف جدار المعدة عن افراز ، وكذا يتوقف جدار المعدة نفسه عن افراز ، وبذلك تندمل القرحة اندمالا . وذلك بأن أدخلوا الى المعدة بالونا خفيفا من المطاط ، له عند امتلائه شكل المعدة . أدخلوه بل دلكوه الى المعدة عن طريق الفم ، فالمريء فالمعدة ، وبأعلاه . أنبوبتان رفيعتان . واذا استقر البالون في المعدة أدخلوا اليه سائلا كحوليا عن طريق احدى الأنبوبتين ، مبردا. الى درجة ١٨ تحت الصفر المئوي . وملأ الكحول البالون. حتى التصق جداره بجدار المعدة ، فأخذت تبرد . ودار الكحول فخرج من الأنبوبة الأخرى .
وظلت دورة الكحول المبرد هذه جارية ، يدخل الكحول من أنبوب ويخرج من أنبوب .
وراقبوا درجة حرارة الكحول عند خروجه مراقبة دقيقة ، فهي دليل على درجة حرارة المعدة وانخفاضها وكانت هذه الدرجة في أول الأمر ٥ درجات مئوية ، تحت الصفر ، ثم اخذت تزداد هبوطا .
واحس المريض عندئذ بالبرد ، واشتكى ، فجاءوا له بلحاف آخر من الصوف . وأخذ يرتعش ، فحقنته احدى الممرضات بحقنة من الثورازين Thorazine ، شلت بها مراكز الرعشة في الجسم ، والرعشة هي بعض دفاع الجسم عند الخطر . وبالحقنة توقف ارتعاشه .
وبعد عشر دقائق هبطت درجة حرارة الكحول الخارج من المعدة الى درجة ١٢ تحت الصفر ، وعند هذا الحد استقرت .
وبعد ٥٠ دقيقة من بدء العمل كان هذا الكحول المبرد الدائر قد جمد الغشاء المخاطي في معدة المريض حقا وصدقا ، ولقد بلغت درجته عند ذاك ما بين ١٥ الى ١٦ درجة تحت الصفر . عرفوا ذلك من تجارب سابقة اما جسم المريض عامة فقد هبطت درجة حرارته اثناء ذلك درجتين اثنتين . واخرجوا الأنبوب وتمت العملية .
و دقت الساعة الخامسة بعد الظهر .
وكان عندها يأكل المريض طعامه كما يأكل الأصحاء ، فلا الم ، ولا خوف من الم .
وفي الغد غادر المريض المستشفى .
وكان المستشفى قد عالج قبل ذلك ، في السنة الماضية ، ثلاثين حالة اندملت فيها القرحة اندمالا .
- سبب القرحة ؛
ان سبب القرحة يعود الى شيئين ، يفرزهما جدار المعدة وغشاؤها المخاطي : ذلكما مادة : الببسين Pepsin التي تهضم اللحم ، وحامض الأدروكلوريك ، وكلاهما لازم لعملية الهضم . ولكن زيادة افرازهما تضر ، وتسبب القرحة . والعجيب أن هذا التبريد الشديد يؤثر في خلايا القرحة فتندمل ، أما سائر خلايا المعدة فتعود الى وظائفها غير متأثرة بالذي جرى .
- وهل تعود القرحة من بعد علاج ؟
ان خلايا القرحة ، تلك التي تعطلت بالتبريد الشديد ، تعود من بعد ٥ او ٦ أشهر الى الافراز . وعندئذ يمكن أن تعود القرحة الى الحياة . فاذا هي فعلت ، وبلغت مبلغ الخطر ، فرقدة أخرى ، كتلك التي وقعت بين الساعة الثانية والخامسة بعد الظهر ، تذهب بأخطارها وآلامها مرة أخرى . وان انت لم ترتح الى هذا ، فسل اهل القرح ، فعندهم لا شك بذلك ارتياح وارتياح جلسات كهذه ، ولا مشرط الجراح . واذكر أن منهم من لا يستطيع جراحة .
تعليق