ندوة تاريخ الأندلس شهدت حضورا مميزا ضمن فعاليات "موسم الندوات" الذي تنظمه وزارة الثقافة القطرية للعام الثاني (الجزيرة)
محمد السيد
16/3/2023
همة" برنامج قطري يناقش تراث وحضارة الأندلس.. تاريخ الصعود والسقوط بين التباكي واستنهاض الهمم
لم يكن الفتح العربي للأندلس عام 711 من الميلاد احتلالا عسكريا أو مجرد توسع جغرافي أو نشرا للدين الإسلامي في شبه الجزيرة الإيبيرية فحسب، بل كان حدثا حضاريا مهما ومنطلقا لامتزاج حضارة سابقة كالرومانية والقوطية مع حضارة جديدة وهي العربية الإسلامية، لتأسيس حضارة أندلسية مزدهرة أثرت في الحياة الغربية وتركت آثارا عميقة ما زالت تتراءى مظاهرها بوضوح حتى اليوم.
التجربة الأندلسية وما حققته من نهضة وازدهار غمر كل العالم، ثم سقوط بعد نحو 8 قرون من العطاء الثقافي والحضاري والفكري والعلمي، استعرضتها ندوة "تاريخ الأندلس" ضمن فعاليات "موسم الندوات" في نسخته الثانية، الذي تنظمه وزارة الثقافة القطرية العام الجاري 2023.
المشاركون في الندوة تطرقوا إلى تاريخ الأندلس وتفريعاته وعصوره ومراحله المختلفة (الجزيرة)
وتطرقت الندوة إلى تاريخ الأندلس وتفريعاته وعصوره ومراحله المختلفة، بداية من مرحلة الفتوحات ثم مرحلة الازدهار وذروة القوة، وبعد ذلك مرحلة الضعف والسقوط، وتناولت كذلك برنامج "همة" من إنتاج وزارة الثقافة القطرية، الذي يعكس تاريخ الأندلس عبر محتوى إعلامي ثري وهادف.
واعتبر الأستاذ المشارك في الجامعة التونسية في اختصاص علوم وتقنيات الفنون ونظرياتها الدكتور نزار شقرون أن العودة إلى التاريخ الأندلسي تشكل خطوة أساسية لفهم عناصر الهوية العربية الإسلامية، إذ لا يمكن إقصاء أكثر من 8 قرون من الحضارة خارج التفكير في الهوية الحضارية للعرب اليوم، ولا يمكن أن يظل التراث الثقافي الأندلسي بعيدا عن الأجيال العربية التي من حقها أن تطلع على الثروات الرمزية التي تركتها الحضارة الأندلسية في الحضارة العربية أولا وفي الحضارة الإنسانية ثانيا.
الأكاديمي نزار شقرون يرى أن الاستفادة من الحضارة الأندلسية ليست في استعادة النماذج كما هي، بل في التجديد (الجزيرة)
وأوضح شقرون أنه بدل الاتجاه لخطابات استعادة حضارة الأندلس في حقب سابقة ورثاء "فردوس مفقود"، فإننا نحتاج اليوم إلى خطاب جديد بشأن هذه الحضارة الثرية يمكّننا من الوقوف على مكوناتها ودورها في إبداع نموذج للتقدم في فترة كان فيها الغرب غارقا في ظلماته، فضلا عن الاهتمام بالدراسات الأندلسية كونها جزءا من هويتنا الحضارية، ولا يمكن أن تشكل هذه الهوية بتجاهل هذا الرافد الحضاري، خاصة أنه من المؤسف أن يتلقف الغرب حيوية العقل الأندلسي في حين اقتصر العرب على أخذ بعض من العناصر الظاهرة للهوية الأندلسية، من دون أخذ أسباب التقدم التي استولى عليها الغرب الأوروبي وطورها.
وشدد على أن الثقافة الأندلسية تأثرت بالنتاج العلمي والفكري والأدبي للعرب المسلمين في المشرق، فقد أخذت منه كثيرا من مكوناتها، ولكن الأندلسيين شرعوا -بعد استيعاب علوم وآداب وفكر إخوانهم في الشرق- في تدشين تجربة تخصهم على جميع المستويات.
تعليق