جبل الأقرع .. صفن.. كان يوماً ما مسرحاً..لكثير من الملاحم والأساطير...وكان سكن الإله بعل..
***********************************************
إن أقدم المصادر التي وصلت إلينا عن هذا الجبل تبرز كيف أن الطابع الديني قد هيمن على أجوائه منذ أقدم العصور ..
حتى بتنا نتساءل إن كان يوجدحقاً في العالم قاطبة جبل يمكن أن تجتمع فيه مثل تلك الذكريات التاريخية...في كتابه الرائع أبحاث تاريخية وأثرية للباحث الراحل "جبرائيل سعادة "أفرد له مادة بحثية غنية وهامة في كتابه عن جبل الاقرع..هذا الجبل الذي حمل أسماء عديدة..
..فنراه في النصوص الحثية يحمل اسم/خازي/
وفي نصوص رأس الشمرة/أوغاريت/ التي تعود الى القرن الرابع عشر قبل الميلاد..إشارات كثيرة الى هذا الجبل ..حيث يشار إليه باسم /صفن / ص.ف.ن/أي الشمال..وهو المكان الأسمى المقدس حيث يقيم الإله بعل ..إله المطر والعاصفة عند أهل اوغاريت ..الذي ارتبط مصيره ارتباطاً وثيقاً بمصير الجبل ..ومن هنا نفهم في تسميته باسم /بعل صفن/وهو الاسم الذي تجده في الكثير من الكتابات والقصائد التي اكتشفت في أوغاريت ..وما أكثر ما كتبه العلماء والباحثون واللغويون عن هذه القصائد..
حيث تحدّثنا كيف بني لبعل قصراً زاخراً بالفخامة والابهة يليق به..
وعلى وقع هذا الحدث العظيم أقيمت الاحتفالات الدينية على قمة جبل الأقرع بمناسبة سكن الاله بعل في قصره الجديد ..فترتل الأناشيد وتحّضر الولائم وتكرع الخمور ..وبناء قصر لبعل ..هو لتأكيد حكمة الخير على الآلهة والبشر..
في الفترة الهيلينية ..حمل جبل الأقرع اسم /جبل كازيوس/وكان ما يزال يحتفظ بالطابع الديني الذي حمله منذ اقدم العصور...
وبدلاً من التوجه الى بعل أصبحت الابتهالات ترفع فوق قمته باسم /زيوس/
وفي الفترة الرومانية حمل الجبل اسم /كاسيوس/ونحن يحق لنا أن نتساءل
ترى هل انتصب معبد ما فوق تلك القمة الشامخة التي قدمت لها القرابين والنذور على مر العصور ..؟....أم أن قصر بعل لم يكن له من وجود إلا في خيال شعراء وأدباء أوغاريت ؟.....
وإن كنا لم نعثر حتى الآن على بقايا أي معبد فإن الكشف الأثري تمكن من كشف بقايا القرابين التي احتفل بتقديمها على مر العصور ..وقد اهتم منقب أوغاريت مدة خمسون عاماً عالم الآثار كلود شيفر..بالموضوع ..وقام بالكشف على الموقع تحديداً
سنة /1937/م وكشف عن وجود تل صناعي فوق قمة الجبل يتراوح قطره /55/متراً وارتفاعه في الوسط /8/متر..وهو مكون من الرماد والحجارة المحمرة ..بفعل النار التي كانت توقد لشي الأضاحي المقدمة ..وهي على الأغلب من الخرفان ...
وأخيراً نقول: إن جميع ما دار من أحاديث واساطير لهذا الجبل ..لم تعد اليوم أكثر من وثائق ارشيفية لايعود إليها إلا اصحاب الاختصاص ..ونحن ان سطرنا بعض من قصة هذا الجبل لمن لايعرفها ....إنما أردنا ان نسترق السمع الى همس القرون الغابرة حتى ليدركها السمع إدراكه لعزيف الريح في غابات الصنوبر التي تغطي منحدراته أو لتلاطم الأمواج المتلاشية أبداً تغسل قدمي جبلنا الشامخ ..وتوقظ ملاحمه واساطيره لكي يتربع بعل صفن فوق عليائه يطل على الناس بوجهه الأخضر مطلقاً بروقه ورعوده ورياحه فوق قمته الشامخة واعداً الناس بالخير والمطر..
عاشق أوغاريت..غسّان القيّم..
مراجع البحث
***********
تقارير بعثات التنقيب الأثرية العاملة في موقع اوغاريت خلال السنوات الماضية..
ابحاث تاريخية واثرية.. جبرائيل سعادة