لا بد للانسان ، مع قلة الغرائز ، من مكسوب كبير
كل هذا لا يكون الا بالتعليم كسبا . لا تعليم المدارس فحسب ، ولكن ما قبل المدارس من الأم والأب والأهل والصبية . وتعليم البيئة التي يسير الطفل فيها. ان بطحة على الأرض مؤلمة تعلمه حدا تقف عنده سرعة جريه . وجرحاً يصيب يده ، من سكين في يده ، يعلمه ما الجرح وما السكين . والطفل قد يمسك بالثقاب، بشعلته وهو متقد ، أول مرة ، ثم هو يصرخ . ومن بعد ذلك هو يتعلم ما النار وما ألمها . ويكبر فيتعلم كيف يحدث النار .
ان الطفولة مدرسة ، الطفل بها في شغل شاغل .
( هذه الشمبنزي أعاشوها في عائلة عيش احدى بناتها ، فتأقلمت وتطوعت لهذا العيش . وأنت هنا تراها وسيدة البيت ترقدها في فراشها بلطف وحنان . وانظر الى يمنى الشمينزي كيف أمسكت بذراع السيدة تريد أن تدلي بمعنى من معاني الشكر فلا تستطيع )
انه يكتسب عرفانا ، ويكتسب خبرة . ومكسوبه كل يوم في ازدياد .
ومن هذا المحصول الكبير ، ومما أعطته الطبيعة من غرائز محدودة قليلة ، يصنع الانسان المدني القادر على العيش .
- واختلفت الشعوب ، في مكسوب جيل عن جيل
وغرائز الانسان ، حيث كان من الأرض ، غرائز في عمومها واحدة . اذا صفعت عربيا ، غضب ، وصفعك صفعة فصفعة . انها غريزة الانفعال ، دفاعا عن النفس . ولكن كذلك يصفعك الالماني . والروسي والصيني والهندي .
موروث الغرائز شركة بين الناس .
ولكن الناس اختلفوا ، بعض عن بعض ، اختلافاً كبيرا . فالهندي ليس كالالماني ولا الانجليزي كالصيني ،
ففي أي شيء اختلفوا ؟
اختلفوا في المكسوب . في الارث الذي يعطيه الجيل الذي يمضي للجيل الذي يتبع ، عن طريق التعليم بأوسع معانيه . تعليم يتصل برجل تسير ، أو يد تعمل ، أو عقل يدرك ويتصرف، أو قلب يحس فينعطي من الانفعالات عنيفها واللطيف .
ان الطفل الالماني ، يؤخذ فطيما من أمه ، وينشأ
ويربى في اليابان مثلا ، في أسرة يابانية ، يشب وهو لا يعرف من اللغة الالمانية شيئا ، ولا من تاريخ الالمان ، ولا من أيام سعودهم ونحوسهم شيئا . ولا يستسيغ من الطعام أو اللباس الا ما يستسيفه اليابانيون . اذا اكل فبالعصوين . واذا لبس فالكومون الياباني . ويتحرك كما يتحركون . ودينه لا يكون النصرانية ، ولكن الشتوية .
هذه الأشياء كلها ، اختلف فيها الياباني عن الالماني لأنها ليست غرائز . انها مما يتعلمه ، أنها مما يكتسبه . وتملأ عيوننا فنجد الاختلاف البين . ومن تحت كومة هذا المتعلم المكسوب غرائز متشابهة ، ولكنا لا نفطن اليها .
والتصرف الذي يتصرفه الياباني والالماني قد يتشابه الى حد كبير ، لتشابه الفرائز . ولكنه كذلك يختلف لأن المكسوب بالتعلم قد يعدل المفروز فينا بالوراثة تعديلا كبيرا .
- القدرة على التعلم
وهناك سؤال ، بعد كل هذا ، لا يمكن ان يفلت من القارىء :
لماذا استطاع الانسان أن يعزز غرائزه القليلة بكل هذه المكسوبات الكثيرة ، ولم يستطع النمل ، ولم يستطع القط والكلب ، ولم يستطع الذئب والنمر وسائر الحيوان ؟
الجواب : ان الفرق هو منحة من الطبيعة اخرى ، أعطيها الانسان كبيرة ، واعطيها الحيوان قليلة . تلك هي المخ الساكن رؤوس هذه الخلائق جميعا .
وحظ الحيوانات من التعلم هو بمقدار حظها من هذه الأمخاخ ، من تخصصها ، ومن تقسمها فنونا شتى لوظائف تؤديها شتى .
وهي ليست بكبر المخ او صغره .
ان مخ الرجل النامي يزن حول ١٣٥٠ جراما .
ولكن من الفيل يزن حول ٤٥٠٠ جرام .
الحوت يزن حول ۹۰۰۰ جرام .
ونحن نعلم فروق ما بينها من ادراك وفهم ... وقدرة على التعلم .
- القردة
والقردة كانت في هذا القرن الحاضر هدفا لتجارب تمتحن فيها قدرتها على التعلم ، وطريقتها في التعلم وأسلوبها ، وبأي صفة وعلى أي مقدار . وذلك لشبهها بالانسان . ولأن هذه التجارب تلقي ضوءا على ما يحدث من أشباهها في الانسان .
والشمبنزي هو أقرب القردة الى الانسان ، جسما ونفسا .. وليغفر لنا المتزمتون لو قلنا وعقلا
ايضا .
وخرج المختبرون اياه على نتائج عجيبة . حتى لقال قائل منهم : ان الشمينزي كاد أن يكون انسانا .
- الشمينزي
وللتعريف بهذا القرد نقول انه أشبه ما يكون بالانسان ، جسما ، وتفاصيل جسم ، وهضما ، ووظائف ... أعضاء . والأمراض التي تعتري الانسان تعتريه .
والنامي يبلغ طوله ٥ أقدام . وهو يمشي قائما ولكنه يمس الأرض بيديه من جانبيه اعتمادا عليهما .
وشعره قصير . ووجهه شبيه بوجه الانسان . وله عينان تنظران نظرات محددة موجهة كما يحدد الانسان بصره ويوجهه . ووجهه معبر يظهر عليه الغضب والهدوء والفرح والحزن .
ويداه ورجلاه بهما ابهامان أمام الأصابع ، وبهذا تهيأت لها أن تمسك بالأشياء . والانسان يمسك بيديه دون رجليه .
وطعامه الفواكه والبندق .
ويعيش ما بين ۲۰ و ٢٤ عاما .
ويعيش في أسرته ، له زوجته وأولاده .
أما من حيث الانفعالات فهو ينفعل كانفعال الانسان. والغيرة تعتريه ، وتعتري زوجته ، فيقوم بينهما صراخ وشجار وخصام .
أما من حيث التعلم والقدرة عليه ، فهو يتعلم الكثير في بيئته وبين قومه في الغاب . انه يرث محصول مجتمعه الثقافي كما يرث الانسان .
وادخله الانسان في حظيرته الانسانية يعلمه الجديد ، مما لا يكون في الغاب ، فأظهر القدرة على تعلم الكثير .
- استنباط الحيلة
ومن التجارب التي أظهرت انه يفكر على نحو مما يفكر الانسان ، انهم أو دعوه في قفصه الواسع . وعلقوا سقفه عنقودا من الموز ، وتركوا في القفص عصوين في قصيرتين ، الواحدة منهما تقصر عن بلوغ الموز . ولكن العصوان معا ينالانه . وأخذ الشمبنزي يفكر ثم يفكر ، حتى هداه التفكير الى وصل العودين معا . وفعل ، وأسقط الموز .. وأخذ يزاط ويصرخ لنجاحه ... ماذا كان يفعل انسان فوق هذا .
- والقفل فتحة
ومن التجارب أنهم أغلقوا عليه بابا ، ومن الناحية التي هو فيها فتحوا القفل بمفتاح . ورآهم يفعلون . ثم أغلقوا القفل وتركوا المفتاح على الأرض .
فاهتدى الشمبنزي الى فتح القفل بالمفتاح، وحده .
ويقول القائمون على هذه التجربة انها من التجارب التي لابد فيها من أن يرى الحيوان الفعل الذي يراد منه أن يفعله ، رأي العين .
وهذا لا شك ذكاء كثير .
- والزحلقة على الجليد
وعلموه الزحلقة على الجليد فتعلمها وأجاد . ومن اسباب اجادته أنه قرد ، من طبعه الموروث القدرة على الاتزان . والزحلقة كلها اتزان .
- وأعاشوه عيشة الانسان
وأعاشوا الشمبنزي عيشة الانسان . نشأوه في
الأسرة ، كأنه طفل من أطفالها ، فتعلم الكثير ، واستجاب الى الكثير . فجلس الى المائدة ، وأكل بالملعقة وبالشوكة والسكين .
ورجل عالم في الحيوان ، وزوجته العالمة ، نشا
شمبنزيا في بيتهما ، واتخذاه طفلا . وكان لهما هما طفل . ونشأ الاثنان معا . وكان من الغريب أن الطفل نشأ يقلد القرد .
ومن عجائب ما كان في هذه الأسرة أن الشمبنزي كلما عطش كان يصيح : كب . كب . Cup Cup ومعناه الفنجان الفنجان . ثم هو يشرب ويرتوي . ومات الشمبنزي قبل أن تتم التجارب .
ان حديث الشمبنزي طويل . وليس هدفنا أن نكتب عنه . ولكنا أردنا فقط أن نذكره مثلا صارخا للحيوان ، في أعلى مراتبه ، كيف يستطيع القدرة على التعلم ، فيضم الى محصوله الموروث محصولا جديدا ثريا من مكسوب .
- وبنو الناس
وبنو الناس ، خامات عندما تولد . بها موروث لا بد ان يتفتح بالمران . قدرة وكفاية من ذكاء ، واعمال
حيلة ، وفهم ، وانفعال ، وعاطفة ، كلها على استعداد لأن تعين صاحبها في كسب محصول المجتمع الذي يرثه الجيل عن جيل ، وليزيد فيه .
ويشب الطفل منا فيصبح صبيا ، والصبي يصبح شابا ، والشاب رجلا ناميا ، وفي كل هذه الادوار هو یزید محصوله بالتعلم .
ثم يقال هذا ناجح وهذا فاشل .
و أصح من هذا أن يقال : هذا حصل من عرفان مجتمعه الكثير وزاد عليه ، وهذا لم يحصل الكفاية . وما المساواة في الفرص التي يتحدثون عنها الا مساواة في فرص التحصيل .
ولسنا ننسى الحظ وصنعه بالناس والخلائق .
كل هذا لا يكون الا بالتعليم كسبا . لا تعليم المدارس فحسب ، ولكن ما قبل المدارس من الأم والأب والأهل والصبية . وتعليم البيئة التي يسير الطفل فيها. ان بطحة على الأرض مؤلمة تعلمه حدا تقف عنده سرعة جريه . وجرحاً يصيب يده ، من سكين في يده ، يعلمه ما الجرح وما السكين . والطفل قد يمسك بالثقاب، بشعلته وهو متقد ، أول مرة ، ثم هو يصرخ . ومن بعد ذلك هو يتعلم ما النار وما ألمها . ويكبر فيتعلم كيف يحدث النار .
ان الطفولة مدرسة ، الطفل بها في شغل شاغل .
( هذه الشمبنزي أعاشوها في عائلة عيش احدى بناتها ، فتأقلمت وتطوعت لهذا العيش . وأنت هنا تراها وسيدة البيت ترقدها في فراشها بلطف وحنان . وانظر الى يمنى الشمينزي كيف أمسكت بذراع السيدة تريد أن تدلي بمعنى من معاني الشكر فلا تستطيع )
انه يكتسب عرفانا ، ويكتسب خبرة . ومكسوبه كل يوم في ازدياد .
ومن هذا المحصول الكبير ، ومما أعطته الطبيعة من غرائز محدودة قليلة ، يصنع الانسان المدني القادر على العيش .
- واختلفت الشعوب ، في مكسوب جيل عن جيل
وغرائز الانسان ، حيث كان من الأرض ، غرائز في عمومها واحدة . اذا صفعت عربيا ، غضب ، وصفعك صفعة فصفعة . انها غريزة الانفعال ، دفاعا عن النفس . ولكن كذلك يصفعك الالماني . والروسي والصيني والهندي .
موروث الغرائز شركة بين الناس .
ولكن الناس اختلفوا ، بعض عن بعض ، اختلافاً كبيرا . فالهندي ليس كالالماني ولا الانجليزي كالصيني ،
ففي أي شيء اختلفوا ؟
اختلفوا في المكسوب . في الارث الذي يعطيه الجيل الذي يمضي للجيل الذي يتبع ، عن طريق التعليم بأوسع معانيه . تعليم يتصل برجل تسير ، أو يد تعمل ، أو عقل يدرك ويتصرف، أو قلب يحس فينعطي من الانفعالات عنيفها واللطيف .
ان الطفل الالماني ، يؤخذ فطيما من أمه ، وينشأ
ويربى في اليابان مثلا ، في أسرة يابانية ، يشب وهو لا يعرف من اللغة الالمانية شيئا ، ولا من تاريخ الالمان ، ولا من أيام سعودهم ونحوسهم شيئا . ولا يستسيغ من الطعام أو اللباس الا ما يستسيفه اليابانيون . اذا اكل فبالعصوين . واذا لبس فالكومون الياباني . ويتحرك كما يتحركون . ودينه لا يكون النصرانية ، ولكن الشتوية .
هذه الأشياء كلها ، اختلف فيها الياباني عن الالماني لأنها ليست غرائز . انها مما يتعلمه ، أنها مما يكتسبه . وتملأ عيوننا فنجد الاختلاف البين . ومن تحت كومة هذا المتعلم المكسوب غرائز متشابهة ، ولكنا لا نفطن اليها .
والتصرف الذي يتصرفه الياباني والالماني قد يتشابه الى حد كبير ، لتشابه الفرائز . ولكنه كذلك يختلف لأن المكسوب بالتعلم قد يعدل المفروز فينا بالوراثة تعديلا كبيرا .
- القدرة على التعلم
وهناك سؤال ، بعد كل هذا ، لا يمكن ان يفلت من القارىء :
لماذا استطاع الانسان أن يعزز غرائزه القليلة بكل هذه المكسوبات الكثيرة ، ولم يستطع النمل ، ولم يستطع القط والكلب ، ولم يستطع الذئب والنمر وسائر الحيوان ؟
الجواب : ان الفرق هو منحة من الطبيعة اخرى ، أعطيها الانسان كبيرة ، واعطيها الحيوان قليلة . تلك هي المخ الساكن رؤوس هذه الخلائق جميعا .
وحظ الحيوانات من التعلم هو بمقدار حظها من هذه الأمخاخ ، من تخصصها ، ومن تقسمها فنونا شتى لوظائف تؤديها شتى .
وهي ليست بكبر المخ او صغره .
ان مخ الرجل النامي يزن حول ١٣٥٠ جراما .
ولكن من الفيل يزن حول ٤٥٠٠ جرام .
الحوت يزن حول ۹۰۰۰ جرام .
ونحن نعلم فروق ما بينها من ادراك وفهم ... وقدرة على التعلم .
- القردة
والقردة كانت في هذا القرن الحاضر هدفا لتجارب تمتحن فيها قدرتها على التعلم ، وطريقتها في التعلم وأسلوبها ، وبأي صفة وعلى أي مقدار . وذلك لشبهها بالانسان . ولأن هذه التجارب تلقي ضوءا على ما يحدث من أشباهها في الانسان .
والشمبنزي هو أقرب القردة الى الانسان ، جسما ونفسا .. وليغفر لنا المتزمتون لو قلنا وعقلا
ايضا .
وخرج المختبرون اياه على نتائج عجيبة . حتى لقال قائل منهم : ان الشمينزي كاد أن يكون انسانا .
- الشمينزي
وللتعريف بهذا القرد نقول انه أشبه ما يكون بالانسان ، جسما ، وتفاصيل جسم ، وهضما ، ووظائف ... أعضاء . والأمراض التي تعتري الانسان تعتريه .
والنامي يبلغ طوله ٥ أقدام . وهو يمشي قائما ولكنه يمس الأرض بيديه من جانبيه اعتمادا عليهما .
وشعره قصير . ووجهه شبيه بوجه الانسان . وله عينان تنظران نظرات محددة موجهة كما يحدد الانسان بصره ويوجهه . ووجهه معبر يظهر عليه الغضب والهدوء والفرح والحزن .
ويداه ورجلاه بهما ابهامان أمام الأصابع ، وبهذا تهيأت لها أن تمسك بالأشياء . والانسان يمسك بيديه دون رجليه .
وطعامه الفواكه والبندق .
ويعيش ما بين ۲۰ و ٢٤ عاما .
ويعيش في أسرته ، له زوجته وأولاده .
أما من حيث الانفعالات فهو ينفعل كانفعال الانسان. والغيرة تعتريه ، وتعتري زوجته ، فيقوم بينهما صراخ وشجار وخصام .
أما من حيث التعلم والقدرة عليه ، فهو يتعلم الكثير في بيئته وبين قومه في الغاب . انه يرث محصول مجتمعه الثقافي كما يرث الانسان .
وادخله الانسان في حظيرته الانسانية يعلمه الجديد ، مما لا يكون في الغاب ، فأظهر القدرة على تعلم الكثير .
- استنباط الحيلة
ومن التجارب التي أظهرت انه يفكر على نحو مما يفكر الانسان ، انهم أو دعوه في قفصه الواسع . وعلقوا سقفه عنقودا من الموز ، وتركوا في القفص عصوين في قصيرتين ، الواحدة منهما تقصر عن بلوغ الموز . ولكن العصوان معا ينالانه . وأخذ الشمبنزي يفكر ثم يفكر ، حتى هداه التفكير الى وصل العودين معا . وفعل ، وأسقط الموز .. وأخذ يزاط ويصرخ لنجاحه ... ماذا كان يفعل انسان فوق هذا .
- والقفل فتحة
ومن التجارب أنهم أغلقوا عليه بابا ، ومن الناحية التي هو فيها فتحوا القفل بمفتاح . ورآهم يفعلون . ثم أغلقوا القفل وتركوا المفتاح على الأرض .
فاهتدى الشمبنزي الى فتح القفل بالمفتاح، وحده .
ويقول القائمون على هذه التجربة انها من التجارب التي لابد فيها من أن يرى الحيوان الفعل الذي يراد منه أن يفعله ، رأي العين .
وهذا لا شك ذكاء كثير .
- والزحلقة على الجليد
وعلموه الزحلقة على الجليد فتعلمها وأجاد . ومن اسباب اجادته أنه قرد ، من طبعه الموروث القدرة على الاتزان . والزحلقة كلها اتزان .
- وأعاشوه عيشة الانسان
وأعاشوا الشمبنزي عيشة الانسان . نشأوه في
الأسرة ، كأنه طفل من أطفالها ، فتعلم الكثير ، واستجاب الى الكثير . فجلس الى المائدة ، وأكل بالملعقة وبالشوكة والسكين .
ورجل عالم في الحيوان ، وزوجته العالمة ، نشا
شمبنزيا في بيتهما ، واتخذاه طفلا . وكان لهما هما طفل . ونشأ الاثنان معا . وكان من الغريب أن الطفل نشأ يقلد القرد .
ومن عجائب ما كان في هذه الأسرة أن الشمبنزي كلما عطش كان يصيح : كب . كب . Cup Cup ومعناه الفنجان الفنجان . ثم هو يشرب ويرتوي . ومات الشمبنزي قبل أن تتم التجارب .
ان حديث الشمبنزي طويل . وليس هدفنا أن نكتب عنه . ولكنا أردنا فقط أن نذكره مثلا صارخا للحيوان ، في أعلى مراتبه ، كيف يستطيع القدرة على التعلم ، فيضم الى محصوله الموروث محصولا جديدا ثريا من مكسوب .
- وبنو الناس
وبنو الناس ، خامات عندما تولد . بها موروث لا بد ان يتفتح بالمران . قدرة وكفاية من ذكاء ، واعمال
حيلة ، وفهم ، وانفعال ، وعاطفة ، كلها على استعداد لأن تعين صاحبها في كسب محصول المجتمع الذي يرثه الجيل عن جيل ، وليزيد فيه .
ويشب الطفل منا فيصبح صبيا ، والصبي يصبح شابا ، والشاب رجلا ناميا ، وفي كل هذه الادوار هو یزید محصوله بالتعلم .
ثم يقال هذا ناجح وهذا فاشل .
و أصح من هذا أن يقال : هذا حصل من عرفان مجتمعه الكثير وزاد عليه ، وهذا لم يحصل الكفاية . وما المساواة في الفرص التي يتحدثون عنها الا مساواة في فرص التحصيل .
ولسنا ننسى الحظ وصنعه بالناس والخلائق .
تعليق