"نصف قرن من التشكيل" يكرم الفنان المغربي محمد بوزباع
التشكيلي المغربي استطاع أن يتمرد على التقنية بالتقنية نفسها، وأن يتجاوز مرحلة الرسم الأكاديمي بقيم وقواعد الأكاديمية نفسها.
الثلاثاء 2024/02/27
جمع بين التقنية والخبرة الأكاديمية في الرسم
الرباط- تكرم مؤسسة عبدالخالق الطريس للتربية والثقافة والعلوم الفنان التشكيلي المغربي محمد بوزباع في معرض تشكيلي تحت عنوان “نصف قرن من التشكيل” يستعيد تجربته الفنية ومراحلها من النشأة حتى نضوجها الحالي، ويمتد طوال شهر مارس المقبل، في قاعة بيرطوتشي، بمدرسة الصنائع والفنون الوطنية.
ومحمد بوزباع هو خريج المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بتطوان سنة 1979، وخريج الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة ببروكسل سنة 1983.
أقام هذا الفنان التشكيلي سلسلة من المعارض الفردية والجماعية، منذ نهاية السبعينات في القرن الماضي، في المغرب وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا والاتحاد السوفيتي سابقا. ولمع اسمه على الصعيد الوطني منذ المعرض الكبير الذي أقامه سنة 1987 في رواق “نظر” بالدار البيضاء، إضافة إلى معارضه في تطوان وطنجة والرباط وغرناطة ومدريد ومارسيليا، وهي معارض فردية وأخرى جمعته بكبار التشكيليين عبر العالم.
ارتبط اسم محمد بوزباع بالبراعة في الرسم، وهو يجمع بين التقنية والخبرة الأكاديمية من جهة، وعرض الإحساس الفني وتقديمه في اللوحة. وقد استطاع أن يتمرد على التقنية بالتقنية نفسها، وأن يتجاوز مرحلة الرسم الأكاديمي بقيم وقواعد الأكاديمية نفسها. وبعد ذلك، برع في تقديم أعمال جديدة بتقنيات مختلطة، راكم فيها كل خبراته الفنية، وقدم بورتريهات ومشهديات واقعية ومناظر طبيعية، مستفيدا من جماليات المسرح والسينما، ومطورا أسلوبا فنيا اختطه لنفسه منذ البدايات.
وينظر البعض إلى عدد من أعماله على أنها “إيروتيكية”، لكنه يقول موضحا في أحد حواراته “درست بأوروبا، درست عن الجسد العاري، لكن لدي ثقافة فيها أخلاق، فعندما أرسم المرأة، أرسم وجدانها وروحها، كما أرسم الطبيعة، وأتجنب الجانب اللاأخلاقي، وذلك للتوعية برؤية جمالية، بعيدا عن أي نظرة حيوانية، وأنا لم أتعرض يوما للمنع، بل لقيت دائما الترحيب. الرقابة، فهي موجودة، لكن على الفنان أن يعرف كيف يوصل الرسالة وكيف يمررها بأسلوب رمزي، فلا يمكن استعمال أسلوب تقريري مباشر في هذا الإطار. وما قد يمنع في القاعات العمومية يمكن عرضه بالقاعات الخاصة”.
ويشرح “أسعى إلى التعبير بحرية عن كرامة الإنسان، بحيث أن الجرأة هي التعبير عن الأشياء التي لا تقولها اللغة العادية فأنا أبوح بها بحرية، لكن في قالب غير مباشر، وإنما يدفعني إلى التفكير، واعتماد المعرفة بسيكولوجية الشخصية وسوسيولوجية الشخصية، والمعرفة الأركيولوجية في إبراز معالم المدينة العتيقة عبر أعمال الفن، والأبواب القديمة تجر وراءها تاريخا، حتى الطبيعة لا أرسمها كما هي وإنما أرسم الطبيعة الحالمة، أي كما أراها في حلمي”.
هكذا، تقوم الممارسة التشكيلية عند بوزباع على التفرد والتمرد أيضا، كما تلخص ذلك أيقونة الحصان، الذي اشتهر برسمه، وهو يشكل جوهر وعيه التشكيلي، حيث يرمز للجموح والشموخ والقوة والحركة، مثلما اشتهر برسم الوجوه وفق تعبيرية جديدة، من خلال تفاصيل الملامح وجاذبية النظرات الحادة والحركات الدالة في فضاء اللوحة، هذا الفضاء الذي أثثه بوزباع بالكثير من الخطوط والأشكال التي منحت لوحته التشكيلية خلفية تتحدى الفراغ، بطاقة قوية وقدرة كبيرة على التعبير والإيحاء.