أحياء الأرض تعيش في بعدين اثنين وأحياء الماء في أبعاد ثلاثة
وحيوانات الأرض ، ومنها الانسان ، تعيش على سطح الأرض ، في بعدين اثنين : طول وعرض . فهي تتحرك في مستوى واحد ، هو سطح الأرض . اما حيوانات البحر فتتحرك في مستويات عدة . فالسمكة تستطيع ان تتحرك يمينا ، وشمالا ، ولكن كذلك سفلا وعلوا .
ومعنى هذا أن مجال الحياة في البحار أوسع من
مجالها في الأرض وأوسع كثيرا .
مجال العيش على الأرض يتسع ما اتسع سطحها، اما مجال الحياة في البحار فيتسع ما اتسعت أحجامها . وأي أحجام !
- أجناس الأحياء في البحار
واختلفت أجناس الأحياء على الأرض وكذلك اختلفت في البحار . بين الصغير المجهري والكبير الذي تعجز العين عن أن تشمله كله في نظرة واحدة . وبين الوديع والمفترس . وبين الكسول والنشيط . وبين ذي الفقار وغير ذي الفقار . والرخو الذي تقوقع، والرخو الذي لم يتقوقع .
الى آخر ما هنالك .
وللأحياء في البحار مواطنها
وبسبب الذي وصفناه من اختلاف البيئة في شتى أرجاء المحيطات ، يفترض القارىء لاشك اختلاف الأوطان . ان الفيل في الأرض لا يسكن المناطق الشمالية وهو لا يسكن أي منطقة استوائية . وغزال الصحراء لا يسكن الريف . والثعبان لو نشأ بين الثلوج لنام كل عمره ، وقد أصبح كل زمانه شتاء . والطير كذلك تختار مواطنها وتخالف بينها ما اختلفت من الأرض الأجواء .
وكذا في الماء ، ماء البحار ، ماء المحيطات .
مواطن مختلفة اختلفت حرارة واختلفت برودة. اختلفت حركة ماء وسكون حركة . أختلفت عذوبة نسبية وملحا . واختلفت ، ويجب أن لا ننسى هذا ، ضغطا واختلفت كذلك ضياء وظلمة .
فان قيل لك ان أجناس الأحياء ألف في الماء وألف
وألف .. ما جاز لك أن تعجب .
( خطوط عرض )
( رسم بياني يبين سطح المحيط الأطلسي ، وكيف يرتفع وينخفض في مقطع طولي ، معبرا عن ذلك بالأمتار. ويمتد هذا المقطع من القطب الشمالي الى القطب الجنوبي . اما الدرجات ، فهي درجات العرض للأرض )
- باختلاف المواطن يختلف شكل الخلق
وباختلاف المواطن ننتظر لا شك اختلاف شكل الخلق ، بل أشكاله وسحنه ليتسق مع مطالب العيش في كل موطن . ومع مطالب الصيد للعيش والحياة ، والحماية من صيد للعيش والحياة ، فما ساكن البحر الا صائد أو مصيد .
ونحن ألفنا من هذه الأحياء ، السمك ، نجمعه من طبقات البحار العليا ، انماطا متشابهة . جسم مسحوب وفم مهذب مدبب ، وعينان تنظران ، وذيل وزعانف ، وقشر يبرق غالبا كالفضة في نور شمسنا وهو بين أيدينا. حتى سمك القرش ، ذاك المخوف في البحر ، له الجسم المسلوب والمسحوب والرونق المألوف .
ولكن ما كذلك كل اجناس السمك بالبحر ، لاسيما تلك التي في الأعماق ، ولا هكذا سائر الاحياء ، من أسماك وغير أسماك .
- وفي الظلام قد تحمل الأسماك والأحياء مصابيحها ، لأغراض شتى
وعرفنا الألوان كذلك زاهية في بعض الأسماك والأحياء ، تلك التي تعيش حيث تبلغ الشمس أو أشعتها تلك المواطن . أن الألوان لا تكون في الأسماك الا حيث تكون شمس ) لذلك استثناء لا يجب قاعدة ) .
والألوان لا معنى لها الا مع وجود عين ترى ، والعين لا توجد الا حيث توجد شمس ، او يوجد منها ضياء .
ومن أزهى الألوان ألوان صنوف من السمك تعيش عند الصخور المرجانية تلبس هذه الصخور شتى الألوان وكذلك تلبس اسماكها .
وتختفي هذه الألوان ما اختفى في البحر الضياء. وأنت تهبط في الماء ، ماء المحيط ، فتزيد الوان الأحياء اقتماما .
وتهبط في ظلام الأعماق فتجد اسماكا تسير وهي تحمل في ظلمة هذا الليل ضياءها ، على ظهرها ، عند رأسها ، في أجزاء شتى من جسمها . انها تصنعه من دمها . ومنها ما يضيء مصباحه او مصابيحه اذا شاء ، وعندما يشاء ، ومنها ما يطفئه. وللضياء ، تحمله هذه الأسماك والأحياء في ظلام تلك الأعماق ، اهداف ذكرها الذاكرون شتى .
منها اغراء الضحايا التي يراد صيدها فتقترب يزدهيها النور فتمشي فيه تحسب انها تهتدي ، وهو الضلال كل الضلال . انه سبيل الموت الزاهي .
ومنها عكس ذلك تماما . منها الحي يطلق النور في الأعماق لينعمي صاحبه ويعشيه فيدفع بذلك عن نفسه . ومن هذه الأحياء ، ما يبخ في الماء من ورائه ، وهو هارب ، مادة تشع بالضياء ، ستارا يحميه مما يتعقبه من الصائدات ، مما هو أكبر فما واشد اسنانا واقطع قضما .
ولهذه الأصناف الهاربة مثيلات لها في طبقات البحار العليا ، حيث النور . فهذه تبخ في الماء من ورائها ، وهي هاربة مادة كالحبر سوداء ، ستارا يحميها مما يتعقبها من صائدات الماء .
والحبر ينفع للستر والماء في طبقات البحر العليا مضيء ، ولكن ما نفعه اذا بخه الحي في الأعماق المظلمة ؟!
انه عندئذ يبخ سوادا في سواد .
لهذا تبدل جهاز الدفاع في جسم الحي في الأعماق فاخذ يصنع النور يبخه في الظلام ، بعد أن كان يصنع الظلام ويبخه في النور . ومن اهداف الضياء الذي تحمله هذه الأسماك والأحياء ، تعرف الذكر على الأنثى ، والأنثى على الذكر، باختلاف توزع الضوء على الأجسام .
ومنها اهداف تتصل بتلك الأحياء التي تجوب
البحار جماعات جماعات . يتعرف بعض على بعض بسمات هي بعض خصائصها من هذا الضياء .
ولا ننسى أن من أهداف هذا الضياء هدي السبيل ، وهو الأصل في النور على سطح هذه الأرض. ويعزز هذا الراي ، في هذه الأعماق المظلمة من البحار ، ان الضوء الذي يحمله الكثير من احيائها يقع في اجسامها اقرب ما يكون الى العين التي تبصر .
وصنوف الأحياء التي تحمل نورها في تلك الأعماق تبلغ نحو ثلثي اصناف تلك الأعماق جميعا .
- ليس كل ساكن في الأعماق يحمل ضوءا
ومعنى هذا انه ليس كل ساكن في أعماق البحار والمحيطات يحمل قنديلا . والكثير الذي لا يحمل قد تكون له عين تبصر ، أو لا تكون . وماذا تنفع العين في محيط لا ضوء فيه . لهذا قل الابصار جدا لدى هذه وهي لا تبصر كما تبصر حيوانات الأرض الأسماك . انه بصر اقرب الى الحس بالابعاد ، وبالحركات، أكثر منه تصورا . وفقد كثير من أحياء الأعماق البحر فقام اللمس يؤدي ما لا يؤديه البصر . زوائد تخرج من الأجسام حساسة ، تحس ما يجري في الظلام كما يحس من فقد البصر من بني الانسان . أكثر ما تحسه الحركة . لتثب على الضحية ، أو تكون هي الضحية . فتهرب .
- توزع الأحياء على الأعماق
ونتحدث عن الأعماق . وكل ما هبط عن سطح البحر بمائتين أو ثلاثمائة من الأمتار فهو عمق . وقد نصل عند ذلك الى قاع للماء أو لا نصل . وتهبط الأعماق عن ذلك كثيرا الى ما هو أعمق .
ثم الى ما هو أعمق من ذلك .
وتتوزع صنوف الأحياء على هذه الأعماق .
وكلما هبطنا ، ابعدنا عن الشمس، وعن هواء الأرض
وهما أصل الحياة .
والمثل العربي يقول : المورد العذب كثير الزحام .
لهذا لا يكون غريبا أن نسمع أن زحام الحياة في
طبقات البحار العليا أكثر منه في طبقات البحار السفلي .
والواقع أن ثلثي انواع الأسماك تعيش بين منطقة المد والجزر على الساحل ، وبين آخر الحرف القاري الذي ينفتح بعد ذلك على البحار والمحيطات الواسعة . والمياه الدافئة من البحار هي الأحفل بالحياة .
وتقل موارد العيش في العميق من الطبقات السفلى. لهذا نجد في هذه الأعماق البعيدة ، مع قلة الزحام ضراوة العيش . ونجد أشكالا من الأحياء ، من أسماك وغير اسماك ، عجيبة . أجسام لا أثر للنعمة فيها ، لا كثرة لحم ، ولا ألفة منظر . وأفواه لافتراس ، تظل شاغرة ، واسعة ، مخيفة . تنقض على فرائسها . وقد تبلغ من الأحياء ما هو أكثر منها جسما وأضخم . وينبعج بطنها بما بلعت . ان الغذاء عزيز ، فهي تختزنه . ثم لا بأس على الهضم أن يمضي على مهل .
- ذخيرة من الأحياء عظيمة
ان على سطح الأرض ذخيرة كبيرة من صنوف
الأحياء ، مذهلة في كثرتها ، محيرة في تنوعها ، معجبة للدارس ، الذي يريد ان يدرس الكون ، ويتفقه في اسرار هذا الوجود .
ولكن كذلك في بطن الماء ، في البحار والمحيطات ، ذخيرة كبيرة من صنوف الأحياء مذهلة ، محيرة، معجبة ، لا يتم الدارس الكون والوجود فهما لهما ، الا بدراستها، ومقارنة ما يدب على الأرض منها ، ويمشي او يطير، بالذي يسبح أو يطفو في الماء .
ان صنوف السمك التي تعمر البحار تبلغ نحوا من ۳۰۰۰۰ النوع .
وحيوانات الأرض ، ومنها الانسان ، تعيش على سطح الأرض ، في بعدين اثنين : طول وعرض . فهي تتحرك في مستوى واحد ، هو سطح الأرض . اما حيوانات البحر فتتحرك في مستويات عدة . فالسمكة تستطيع ان تتحرك يمينا ، وشمالا ، ولكن كذلك سفلا وعلوا .
ومعنى هذا أن مجال الحياة في البحار أوسع من
مجالها في الأرض وأوسع كثيرا .
مجال العيش على الأرض يتسع ما اتسع سطحها، اما مجال الحياة في البحار فيتسع ما اتسعت أحجامها . وأي أحجام !
- أجناس الأحياء في البحار
واختلفت أجناس الأحياء على الأرض وكذلك اختلفت في البحار . بين الصغير المجهري والكبير الذي تعجز العين عن أن تشمله كله في نظرة واحدة . وبين الوديع والمفترس . وبين الكسول والنشيط . وبين ذي الفقار وغير ذي الفقار . والرخو الذي تقوقع، والرخو الذي لم يتقوقع .
الى آخر ما هنالك .
وللأحياء في البحار مواطنها
وبسبب الذي وصفناه من اختلاف البيئة في شتى أرجاء المحيطات ، يفترض القارىء لاشك اختلاف الأوطان . ان الفيل في الأرض لا يسكن المناطق الشمالية وهو لا يسكن أي منطقة استوائية . وغزال الصحراء لا يسكن الريف . والثعبان لو نشأ بين الثلوج لنام كل عمره ، وقد أصبح كل زمانه شتاء . والطير كذلك تختار مواطنها وتخالف بينها ما اختلفت من الأرض الأجواء .
وكذا في الماء ، ماء البحار ، ماء المحيطات .
مواطن مختلفة اختلفت حرارة واختلفت برودة. اختلفت حركة ماء وسكون حركة . أختلفت عذوبة نسبية وملحا . واختلفت ، ويجب أن لا ننسى هذا ، ضغطا واختلفت كذلك ضياء وظلمة .
فان قيل لك ان أجناس الأحياء ألف في الماء وألف
وألف .. ما جاز لك أن تعجب .
( خطوط عرض )
( رسم بياني يبين سطح المحيط الأطلسي ، وكيف يرتفع وينخفض في مقطع طولي ، معبرا عن ذلك بالأمتار. ويمتد هذا المقطع من القطب الشمالي الى القطب الجنوبي . اما الدرجات ، فهي درجات العرض للأرض )
- باختلاف المواطن يختلف شكل الخلق
وباختلاف المواطن ننتظر لا شك اختلاف شكل الخلق ، بل أشكاله وسحنه ليتسق مع مطالب العيش في كل موطن . ومع مطالب الصيد للعيش والحياة ، والحماية من صيد للعيش والحياة ، فما ساكن البحر الا صائد أو مصيد .
ونحن ألفنا من هذه الأحياء ، السمك ، نجمعه من طبقات البحار العليا ، انماطا متشابهة . جسم مسحوب وفم مهذب مدبب ، وعينان تنظران ، وذيل وزعانف ، وقشر يبرق غالبا كالفضة في نور شمسنا وهو بين أيدينا. حتى سمك القرش ، ذاك المخوف في البحر ، له الجسم المسلوب والمسحوب والرونق المألوف .
ولكن ما كذلك كل اجناس السمك بالبحر ، لاسيما تلك التي في الأعماق ، ولا هكذا سائر الاحياء ، من أسماك وغير أسماك .
- وفي الظلام قد تحمل الأسماك والأحياء مصابيحها ، لأغراض شتى
وعرفنا الألوان كذلك زاهية في بعض الأسماك والأحياء ، تلك التي تعيش حيث تبلغ الشمس أو أشعتها تلك المواطن . أن الألوان لا تكون في الأسماك الا حيث تكون شمس ) لذلك استثناء لا يجب قاعدة ) .
والألوان لا معنى لها الا مع وجود عين ترى ، والعين لا توجد الا حيث توجد شمس ، او يوجد منها ضياء .
ومن أزهى الألوان ألوان صنوف من السمك تعيش عند الصخور المرجانية تلبس هذه الصخور شتى الألوان وكذلك تلبس اسماكها .
وتختفي هذه الألوان ما اختفى في البحر الضياء. وأنت تهبط في الماء ، ماء المحيط ، فتزيد الوان الأحياء اقتماما .
وتهبط في ظلام الأعماق فتجد اسماكا تسير وهي تحمل في ظلمة هذا الليل ضياءها ، على ظهرها ، عند رأسها ، في أجزاء شتى من جسمها . انها تصنعه من دمها . ومنها ما يضيء مصباحه او مصابيحه اذا شاء ، وعندما يشاء ، ومنها ما يطفئه. وللضياء ، تحمله هذه الأسماك والأحياء في ظلام تلك الأعماق ، اهداف ذكرها الذاكرون شتى .
منها اغراء الضحايا التي يراد صيدها فتقترب يزدهيها النور فتمشي فيه تحسب انها تهتدي ، وهو الضلال كل الضلال . انه سبيل الموت الزاهي .
ومنها عكس ذلك تماما . منها الحي يطلق النور في الأعماق لينعمي صاحبه ويعشيه فيدفع بذلك عن نفسه . ومن هذه الأحياء ، ما يبخ في الماء من ورائه ، وهو هارب ، مادة تشع بالضياء ، ستارا يحميه مما يتعقبه من الصائدات ، مما هو أكبر فما واشد اسنانا واقطع قضما .
ولهذه الأصناف الهاربة مثيلات لها في طبقات البحار العليا ، حيث النور . فهذه تبخ في الماء من ورائها ، وهي هاربة مادة كالحبر سوداء ، ستارا يحميها مما يتعقبها من صائدات الماء .
والحبر ينفع للستر والماء في طبقات البحر العليا مضيء ، ولكن ما نفعه اذا بخه الحي في الأعماق المظلمة ؟!
انه عندئذ يبخ سوادا في سواد .
لهذا تبدل جهاز الدفاع في جسم الحي في الأعماق فاخذ يصنع النور يبخه في الظلام ، بعد أن كان يصنع الظلام ويبخه في النور . ومن اهداف الضياء الذي تحمله هذه الأسماك والأحياء ، تعرف الذكر على الأنثى ، والأنثى على الذكر، باختلاف توزع الضوء على الأجسام .
ومنها اهداف تتصل بتلك الأحياء التي تجوب
البحار جماعات جماعات . يتعرف بعض على بعض بسمات هي بعض خصائصها من هذا الضياء .
ولا ننسى أن من أهداف هذا الضياء هدي السبيل ، وهو الأصل في النور على سطح هذه الأرض. ويعزز هذا الراي ، في هذه الأعماق المظلمة من البحار ، ان الضوء الذي يحمله الكثير من احيائها يقع في اجسامها اقرب ما يكون الى العين التي تبصر .
وصنوف الأحياء التي تحمل نورها في تلك الأعماق تبلغ نحو ثلثي اصناف تلك الأعماق جميعا .
- ليس كل ساكن في الأعماق يحمل ضوءا
ومعنى هذا انه ليس كل ساكن في أعماق البحار والمحيطات يحمل قنديلا . والكثير الذي لا يحمل قد تكون له عين تبصر ، أو لا تكون . وماذا تنفع العين في محيط لا ضوء فيه . لهذا قل الابصار جدا لدى هذه وهي لا تبصر كما تبصر حيوانات الأرض الأسماك . انه بصر اقرب الى الحس بالابعاد ، وبالحركات، أكثر منه تصورا . وفقد كثير من أحياء الأعماق البحر فقام اللمس يؤدي ما لا يؤديه البصر . زوائد تخرج من الأجسام حساسة ، تحس ما يجري في الظلام كما يحس من فقد البصر من بني الانسان . أكثر ما تحسه الحركة . لتثب على الضحية ، أو تكون هي الضحية . فتهرب .
- توزع الأحياء على الأعماق
ونتحدث عن الأعماق . وكل ما هبط عن سطح البحر بمائتين أو ثلاثمائة من الأمتار فهو عمق . وقد نصل عند ذلك الى قاع للماء أو لا نصل . وتهبط الأعماق عن ذلك كثيرا الى ما هو أعمق .
ثم الى ما هو أعمق من ذلك .
وتتوزع صنوف الأحياء على هذه الأعماق .
وكلما هبطنا ، ابعدنا عن الشمس، وعن هواء الأرض
وهما أصل الحياة .
والمثل العربي يقول : المورد العذب كثير الزحام .
لهذا لا يكون غريبا أن نسمع أن زحام الحياة في
طبقات البحار العليا أكثر منه في طبقات البحار السفلي .
والواقع أن ثلثي انواع الأسماك تعيش بين منطقة المد والجزر على الساحل ، وبين آخر الحرف القاري الذي ينفتح بعد ذلك على البحار والمحيطات الواسعة . والمياه الدافئة من البحار هي الأحفل بالحياة .
وتقل موارد العيش في العميق من الطبقات السفلى. لهذا نجد في هذه الأعماق البعيدة ، مع قلة الزحام ضراوة العيش . ونجد أشكالا من الأحياء ، من أسماك وغير اسماك ، عجيبة . أجسام لا أثر للنعمة فيها ، لا كثرة لحم ، ولا ألفة منظر . وأفواه لافتراس ، تظل شاغرة ، واسعة ، مخيفة . تنقض على فرائسها . وقد تبلغ من الأحياء ما هو أكثر منها جسما وأضخم . وينبعج بطنها بما بلعت . ان الغذاء عزيز ، فهي تختزنه . ثم لا بأس على الهضم أن يمضي على مهل .
- ذخيرة من الأحياء عظيمة
ان على سطح الأرض ذخيرة كبيرة من صنوف
الأحياء ، مذهلة في كثرتها ، محيرة في تنوعها ، معجبة للدارس ، الذي يريد ان يدرس الكون ، ويتفقه في اسرار هذا الوجود .
ولكن كذلك في بطن الماء ، في البحار والمحيطات ، ذخيرة كبيرة من صنوف الأحياء مذهلة ، محيرة، معجبة ، لا يتم الدارس الكون والوجود فهما لهما ، الا بدراستها، ومقارنة ما يدب على الأرض منها ، ويمشي او يطير، بالذي يسبح أو يطفو في الماء .
ان صنوف السمك التي تعمر البحار تبلغ نحوا من ۳۰۰۰۰ النوع .
تعليق