التمييز بين التوام المتطابق والتوام المتآخي .. التوائم ..
التمييز بين التوام المتطابق والتوام المتاخي
نعم ، كيف تميز بينهما ، بعد ولادة ، أو عند ولادة ؟ ستقول ان الطبيب المولد سيدرك هذا . ولكن حتى الطبيب المولد يعجز عن هذا لصعوبة التمييز . ولأن هذه التوائم لا تنهج في التشكل ، وفي التقارب ، والتباعد والتفاصل والتلاصق ووحدة المشيمة ، وانطلاقها ، منهجا واحدا .
وأيسر من ذلك ، وأكثر استيقانا ، اختبارات يجريها قوم مختصون ، يقدرون فيها مقدار ما لدى التوأمين من صفات مسلم بأنها موروثة . ثم يقارنون مقاديرها في التوأم الأول بمقاديرها في التوام الثاني .
ومن هذه الصفات : مجموعة الدم التي ينتسـب اليها التوأم ، من المجموعات الأربع المعروفة للدماء :
ثم ضغط الدم .
النبض .
التنفس .
( صورة فوتوغرافية مكبرة للحيوانات المنوية في مني الرجل أخذت بفتح العدسة لمدة ١/١٠٠٠٠ من الثانية ، لأن هذه الحيوانات متحركة )
موجات الرأس الكهربائية .
خطوط الكف وباطن القدم .
لون الجلد . لون الشعر ونوعه ولفاته .
هذا بالطبع بعد تشابه المظهر العام الذي لا يخطىء
فيه أحد .
- التوائم اذا تعددت
تحدثنا عن الوليد الفرد في البطن الواحدة .
وتحدثنا عن التوأمين الاثنين .
بقي الحديث عن الكثرة من التوائم .
وهذه تحدث على أي من الأسلوبين ، بل على الأساليب الثلاثة السالفة الذكر :
١ - فقد يكون من بين هـذه التوائم الثلاثة أو الأربعة أو الخمسة ، توائم تكونت على الأسلوب الذي يتكون به الوليد الواحد في البطن الواحد .
۲ - وقد يكون بين هذه التوائم توائم نشأت على أسلوب يتكون به التوأمان المتطابقان ، واذن يكون من بين التوائم ، توائم متطابقة .
٣ ـ وقد يكون بين هذه التوائم توائم خرجت على أسلوب التوأمين غير المتطابقين ، المتآخيين ، فيكون بين التوائم ، توائم متآخية ، وهي أشبه بالوليد الفرد في البطن الواحد كما قدمنا .
- التوائم في الحيوانات !
انك تسمع بأن فلانة ، من أهلك ، قد ولدت توأمين او توائم ، فيثيرك الخبر ، لأنه يتضمن خبرا غير عادي .. وأنت تسرع الى رؤية التوأمين أو التوائم بسبب الفضول الذي يفشى المرء عادة للاطلاع على كل غريب .
وأنت تسمع بأن الكلب ولد ثمانية من الجراء ، فلا تكاد تهتز للخبر . ذلك لأن عادة الكلاب ولادة التوائم .
ولكن هب أنك سمعت بأن كلبا ولد جروا واحدا ، انك عندها تهب قائما لترى هذا الكلب الواحد ·
المسألة هي مسألة ما ألفنا وما لم تألف .
والحق أن ولادة الوليد الواحد عجيبة في الانسان ، وليست التوائم هي العجيبة ان في مبيض المرأة عددا عديدا من الخلايا المتهيئة لأن تتحول الى بيضة . ومني الرجل به من الحيوانات المنوية الملايين .
فالجهتان متهيئتان لانتاج الكثير من الولائد .
ولكن مبيض المرأة من بني الناس لا يجود عادة في الشهر الواحد بغير البيضة الواحدة . وفي غير العادة قد تلحق بها بيضة أخرى أو بيضتان أو ثلاث أو فوق ذلك عددا .
والحيوانات في عمومها أكثر سخاء ببيضاتها .
ان البقرة والفرسة لا ينتجان عادة في البطن الواحد غير ولد واحد وقد يتئمان ، ولكن عدد مرات أقل مما تتئم المرأة من بني الناس .
والشياه كثيرا ما تلد التوأمين والثلاثة .
والقطط والكلاب والخنازير والأرانب تلد الكثير في البطن الواحد عادة ، وغير ذلك هو الاستثناء .
والعادة في الحيوانات أن تخرج هذه الولائد الكثيرة من بيضات مستقلة ، لكل وليد بيضة . ولكن يحدث أيضا أن يخرج الوليدان من البيضة الواحدة كما يدل على ذلك خروج عجل مثلا برأسين .
ومن الحيوانات الدرعية Armadillos ما تنتج الأربعة من الولائد من بيضة واحدة فهي توائم متطابقة أربعة .
- التوائم والوراثة
ذكرنا أن أحسن طريقة لمعرفة التوأمين المتطابقين الرجوع الى الصفات المتوارثة نقدرها في كل من التوأمين ، فان تقاربت مقاديرها كان التوامان متطابقين .
وبالعكس ، نحن نبدأ بالتوأمين المعروف يقينا انهما متطابقان . وندرس صفاتهما ، فما اشتركا فيه ، فمن الوراثة ، وما اختلفا فيه فمن البيئة .
والبيئة هنا تبدأ من يوم يتشكل الجنين في بطن أمه . قد يتراءى أن البطن واحد ، واذن فالبيئة واحدة . وهذا غير صحيح . ولو صح لما وجدنا توأما يموت وآخر يولد حيا .
والبيئة ، من بعد بطن ، لها أثرها لا شك . اختلاف الأرض ، واختلاف الأجواء ، واختلاف الناس . كل هذه تعمل في تشكيل الجسم والنفس بمقدار .
ومن التوائم المتطابقة ما افترقا من بعد ولادة ، ذاك شرق وذاك غرب . و درست أحوالهما بعد حين قصر أو طال .. ووجد بينهما مشابهات على اختلاف البيئة ، فهذه من الوراثة ، ووجد بينهما مفارقات . فهذه من اختلاف البيئة .
دراسات ، يسير العلماء فيها كما يسيرون في ضباب يوم في الخريف باكر ، لا يرون عبره بادىء ذي بدء شيئا . ثم يأخذ الضباب ينقشع على الجهد الجهيد ، فتبين خلاله أشباح ، تتضح رويدا رويدا ، فاذا هي أجساد حقائق ، هي جزاء العالم العامل عما بذل في ضوء نهاره عند المجهر والأنبوب ، وما بذل قبلا في ضوء مصباحه عند كتبه والمزاجع . وينتجون ، وفي الكتب والصحف الخاصة ينشرون . ونقرأ لهم من خلاصة ما وجدوا خطفا ، يكفينا منه فهما أن نحس بغموض هذه الحياة وبجرأة من يتطاولون فيوغلون فيما يجهلون ، نفيا واثباتا ، في سهولة تحسب معها أنه لم يبق سر من أسرار الكون الا عرفوه ، ولا حجاب الا شقوه فكشفوا عما وراءه .
وقانا الله شر الجهالة .
ووقانا شر الجهل بأننا جهلاء .
--- ⏺ ---
التمييز بين التوام المتطابق والتوام المتاخي
نعم ، كيف تميز بينهما ، بعد ولادة ، أو عند ولادة ؟ ستقول ان الطبيب المولد سيدرك هذا . ولكن حتى الطبيب المولد يعجز عن هذا لصعوبة التمييز . ولأن هذه التوائم لا تنهج في التشكل ، وفي التقارب ، والتباعد والتفاصل والتلاصق ووحدة المشيمة ، وانطلاقها ، منهجا واحدا .
وأيسر من ذلك ، وأكثر استيقانا ، اختبارات يجريها قوم مختصون ، يقدرون فيها مقدار ما لدى التوأمين من صفات مسلم بأنها موروثة . ثم يقارنون مقاديرها في التوأم الأول بمقاديرها في التوام الثاني .
ومن هذه الصفات : مجموعة الدم التي ينتسـب اليها التوأم ، من المجموعات الأربع المعروفة للدماء :
ثم ضغط الدم .
النبض .
التنفس .
( صورة فوتوغرافية مكبرة للحيوانات المنوية في مني الرجل أخذت بفتح العدسة لمدة ١/١٠٠٠٠ من الثانية ، لأن هذه الحيوانات متحركة )
موجات الرأس الكهربائية .
خطوط الكف وباطن القدم .
لون الجلد . لون الشعر ونوعه ولفاته .
هذا بالطبع بعد تشابه المظهر العام الذي لا يخطىء
فيه أحد .
- التوائم اذا تعددت
تحدثنا عن الوليد الفرد في البطن الواحدة .
وتحدثنا عن التوأمين الاثنين .
بقي الحديث عن الكثرة من التوائم .
وهذه تحدث على أي من الأسلوبين ، بل على الأساليب الثلاثة السالفة الذكر :
١ - فقد يكون من بين هـذه التوائم الثلاثة أو الأربعة أو الخمسة ، توائم تكونت على الأسلوب الذي يتكون به الوليد الواحد في البطن الواحد .
۲ - وقد يكون بين هذه التوائم توائم نشأت على أسلوب يتكون به التوأمان المتطابقان ، واذن يكون من بين التوائم ، توائم متطابقة .
٣ ـ وقد يكون بين هذه التوائم توائم خرجت على أسلوب التوأمين غير المتطابقين ، المتآخيين ، فيكون بين التوائم ، توائم متآخية ، وهي أشبه بالوليد الفرد في البطن الواحد كما قدمنا .
- التوائم في الحيوانات !
انك تسمع بأن فلانة ، من أهلك ، قد ولدت توأمين او توائم ، فيثيرك الخبر ، لأنه يتضمن خبرا غير عادي .. وأنت تسرع الى رؤية التوأمين أو التوائم بسبب الفضول الذي يفشى المرء عادة للاطلاع على كل غريب .
وأنت تسمع بأن الكلب ولد ثمانية من الجراء ، فلا تكاد تهتز للخبر . ذلك لأن عادة الكلاب ولادة التوائم .
ولكن هب أنك سمعت بأن كلبا ولد جروا واحدا ، انك عندها تهب قائما لترى هذا الكلب الواحد ·
المسألة هي مسألة ما ألفنا وما لم تألف .
والحق أن ولادة الوليد الواحد عجيبة في الانسان ، وليست التوائم هي العجيبة ان في مبيض المرأة عددا عديدا من الخلايا المتهيئة لأن تتحول الى بيضة . ومني الرجل به من الحيوانات المنوية الملايين .
فالجهتان متهيئتان لانتاج الكثير من الولائد .
ولكن مبيض المرأة من بني الناس لا يجود عادة في الشهر الواحد بغير البيضة الواحدة . وفي غير العادة قد تلحق بها بيضة أخرى أو بيضتان أو ثلاث أو فوق ذلك عددا .
والحيوانات في عمومها أكثر سخاء ببيضاتها .
ان البقرة والفرسة لا ينتجان عادة في البطن الواحد غير ولد واحد وقد يتئمان ، ولكن عدد مرات أقل مما تتئم المرأة من بني الناس .
والشياه كثيرا ما تلد التوأمين والثلاثة .
والقطط والكلاب والخنازير والأرانب تلد الكثير في البطن الواحد عادة ، وغير ذلك هو الاستثناء .
والعادة في الحيوانات أن تخرج هذه الولائد الكثيرة من بيضات مستقلة ، لكل وليد بيضة . ولكن يحدث أيضا أن يخرج الوليدان من البيضة الواحدة كما يدل على ذلك خروج عجل مثلا برأسين .
ومن الحيوانات الدرعية Armadillos ما تنتج الأربعة من الولائد من بيضة واحدة فهي توائم متطابقة أربعة .
- التوائم والوراثة
ذكرنا أن أحسن طريقة لمعرفة التوأمين المتطابقين الرجوع الى الصفات المتوارثة نقدرها في كل من التوأمين ، فان تقاربت مقاديرها كان التوامان متطابقين .
وبالعكس ، نحن نبدأ بالتوأمين المعروف يقينا انهما متطابقان . وندرس صفاتهما ، فما اشتركا فيه ، فمن الوراثة ، وما اختلفا فيه فمن البيئة .
والبيئة هنا تبدأ من يوم يتشكل الجنين في بطن أمه . قد يتراءى أن البطن واحد ، واذن فالبيئة واحدة . وهذا غير صحيح . ولو صح لما وجدنا توأما يموت وآخر يولد حيا .
والبيئة ، من بعد بطن ، لها أثرها لا شك . اختلاف الأرض ، واختلاف الأجواء ، واختلاف الناس . كل هذه تعمل في تشكيل الجسم والنفس بمقدار .
ومن التوائم المتطابقة ما افترقا من بعد ولادة ، ذاك شرق وذاك غرب . و درست أحوالهما بعد حين قصر أو طال .. ووجد بينهما مشابهات على اختلاف البيئة ، فهذه من الوراثة ، ووجد بينهما مفارقات . فهذه من اختلاف البيئة .
دراسات ، يسير العلماء فيها كما يسيرون في ضباب يوم في الخريف باكر ، لا يرون عبره بادىء ذي بدء شيئا . ثم يأخذ الضباب ينقشع على الجهد الجهيد ، فتبين خلاله أشباح ، تتضح رويدا رويدا ، فاذا هي أجساد حقائق ، هي جزاء العالم العامل عما بذل في ضوء نهاره عند المجهر والأنبوب ، وما بذل قبلا في ضوء مصباحه عند كتبه والمزاجع . وينتجون ، وفي الكتب والصحف الخاصة ينشرون . ونقرأ لهم من خلاصة ما وجدوا خطفا ، يكفينا منه فهما أن نحس بغموض هذه الحياة وبجرأة من يتطاولون فيوغلون فيما يجهلون ، نفيا واثباتا ، في سهولة تحسب معها أنه لم يبق سر من أسرار الكون الا عرفوه ، ولا حجاب الا شقوه فكشفوا عما وراءه .
وقانا الله شر الجهالة .
ووقانا شر الجهل بأننا جهلاء .
--- ⏺ ---
تعليق