قصَّة الخَلق ..
الكون شيء عجيب بالغ العجب .
الكون ، يتألف من شموس ، مذهلة اعدادها ، مذهلة أبعادها تتجمع في مجرات هي الأخرى مذهلة الاعداد مذهلة الأبعاد ، تجري جميعا على أسلوب واحد، يحركها قانون بل قوانين واحدة. وتدور من غرب لشرق دورة واحدة .. رقصة واحدة .. يرقصنها جميعا على نغم واحد .. يرقصنها فرادى ، ويرقصنها مجاميع والأرض ، وهي جامدة ، بل الأرضون الملايين ، ترقص هي الأخرى ، نفس الرقصة الواحدة ، على نفس النغم الواحد ولو أن هذه الاجرام جميعا ، أجرام هذه السماء ، أمرها آمرها ، فانفرطت الى أصولها الأولى ، الى أبعد مدى ، لصارت كلها كومة هائلة واحدة ، من نواة عنصر أصيل واحد، هو أخف العناصر جميعا .. ذاك الأدرجين .. من نواة ذلك العنصر ، ومن أشباه لها قليلة .. كومة هائلة واحدة ، جلت عن أن يحتويها طول ، وجلت عن أن يضمها عرض !
طوبة واحدة ، مع أشباه لها قليلة ، منها ، ومنها
وحدها ، بنى هذا الكون بانيه ، بناه كله على اختلاف مظهر ، وعلى ما قد تخال أنه اختلاف كنه .
وحدة في البناء ، ووحدة في القوانين .
هي بعض وحدة الله
- الكون الجامد والكون الحي
وان يكن هذا الكون الذي أسميناه جامدا ، وما به من جمود ، الأخرس ، وما به من خرس ، عجيبا ، ناطقا ، بليغا ، في دلالته وافصاحه ، فأعجب منه ، وأبلغ منه منطقا ، وأفصح منه دلالة ذلك العالم الآخر ، عالم تلك المخلوقات ، تلك التي تنبض بالحياة على ظهر هذه الارض .
ان أجرام السماء أشباه ، جوهرا ، وان اختلفت منها أحجام ، واختلفت ألوان ، واختلفت أبعاد، واختلفت أفران حارة في أجوافها ، شدة وضعفا . وهي لا تتكاثر وهي لا تتوالد ، وهي على ما نعلم لا تعقل ، وهي لا تعي . وهي مسيرة غير مخيرة . وهي تهدف لا شك الى غاية حددتها القوانين الواحدة التي أودعت فيها .
ولكنها مهدوف بها لا هادفة . وهي سيارة دوارة ، ليس لها الارادة في أن تقف وليس لها الارادة ، على فرض وقوفها ، في أن تستأنف سيرا .
وغير ذلك مخلوقات هذه الأرض .
٠ سر الوراثة ينفضح !
٠ في الخلية مخططات يقرأها مهندس بناء .
- مائنا مليون من صنوف الأحياء
ان أحياء هذه الأرض أشكال وصنوف وأنواع لا يكاد يحصيها العد .
من حشيشة الأرض ، وكم في الأرض من حشائش الى زروع الأرض ، وكم في الأرض من زروع ، الى شجيرات الأرض وأشجارها ، الى ما دب على الأرض أو زحف ، الى ما مشى عليها برجلين أو أربع أو ( أربعين ) ، الى ما طار في هواء بأجنحة ، الى ما سبح في ماء بذيل وزعنفة .
مائتا مليون من الأجناس والأنواع فما فوقهما . تتقارب أحيانا شبها ، حتى تحسب هذه من تلك، وما هي منها في قليل .
وتتخالف أحيانا حتى ما تحسب أنه يجمعها في الحياة صفة جامعة .
ومع هذا ، فكل هذه الأجناس والأنواع مهما اختلفت شكلا ، وتباينت صفرا وكبرا ، وتفاوتت حركة وسكونا ، وثبتت في الأرض فأسميناها نباتا ، أو لاذت بالحركة فأسميناها حيوانا . كل هذه الأجناس والأنواع تجمعها في أصولها الأولى جامعة واحدة .
أسلوب في تصميم البناء واحد . وأسلوب في اجراء الحياة واحد .
وحب للحياة التي أعطيها الحي واحد . ويجرح الأحياء جارح ، فتقوم تلعق جراحها لعنقا واحدا ، وتطب لها طيبا واحدا لتنجو من الموت .
ذلك لأنها تكره الفناء كرها وأحدا .
ويدخل العلم فيفصل . ويجمع في اختباره بين الوف من الأحياء ألفها الانسان ، وألوف غيرها لم يألفها ، ويرمي بنوره في ظلام كل كائن ، مهما صفر ، فتتكشف له أشكال سبق أن رآها ، وأحداث سبق أن عرفها ، فيزداد العالم بوحدة الحياة ايمانا .
انه ان كان رجل في الكون ، يعتقد بوحدة الكون اعتقادا كاملا جازما ، عن خبرة ، فهذا رجل عالم فلكي واكثر منه ايمانا بوحدة ، وايمانا في الحياة بحكمة ، حكمة واحدة وتدبير واحد ، عالم الأحياء .
- والوراثة بدأت أسرارها تنفضح انفضاحا واحدا
وتحدث العالم الفسيولوجي الكبير ، كلود برنار ،
في القرن الماضي ، عما في الحياة من حكمة ، وعما فيها من فتنة ، وعما فيها من وحدة ، فبلغ من ذلك غاية . كان هذا قبل أن ينكشف من علم الوراثة في هذا القرن الحاضر فماذا كان هو قائلا لو أنه عاش الى هذا القرن ، فعرف ما كشف عنه العلماء من سر الخلية الواحدة ، أعجوبة الخلق أجمع ، وما تضمنته من أسرار ما انكشف للوراثة ظلت طوال القرون خافية .
ان الناس تقول ان الولد لأبيه . ويقولون لأمه
ويقولون انه لخاله أو عمه . ويخرج الطفل أحيانا مصدقا لهذا ، وأحيانا لذاك . وقد يأخذ من هذا وذاك . ويأخذ ما ليس ظاهرا في هذا أو ذاك . وقول الناس في هذا كلام مبهم . يمسون جانبا من الحقيقة واحدا ، ومع هذا لا يكادون . حتى كشف الغطاء كاشفوه من العلماء ، فانكشف بذلك سر من أسرار الخلق عجيب ، وقد أقول رهيب . وأعجب ما في هذا السر انه يشمل الخلائق جميعا ، في نبات وحيوان . في الحي ذي الخلية الواحدة وفي الحي ذي ملايين الملايين من الخلايا ، كالانسان .
بذور الحياة الأولى
وأريد أن أنتقل من الاجمال الى التفصيل فتتواثب جبهات كثيرة الى قلمي تريد أن أفصح عنها ، أدلل بها على تدبير في هذا الوجود الحي يطوي حكمة ، وتشمله على الحكمة وحدة .
وأجد أسرع وصولا الى قلمي بذور الحياة الأولى، تلك التي يتنشأ منها الاحياء . أعني البيض .
- أكثر الأحياء جاء من بيضة
والبيض لا يعرفه الناس الا مأكولا . فالبيضة عندهم بيضة دجاج . ويمتد معنى البيض الى الطير . وقل أن يخطر ببال أن الحشرات لها بيضها ، والزواحف والثعابين لها بيضها ، وللاسماك بيضها، ولكل ذات فقار ولكل ذات ثدي . والانسان يبيض ، تبيض أنثاه . ان كل ما كان من ذكر وأنثى فله بيض يصنعه . وهو يتفقس عن حياة .
زرت قديما عالم أحياء في مختبره . وذكرنا من أمر هذا البيض ما ذكرنا . فقام بي الى حيث توجد عدسة ، وقال أنظر . ونظرت . فرأيت أجساما متكورة ثلاثة ، لم أكد أجد فرقا بينها . وتشابهت صفرا ، فهي نحو من ربع ملليمتر طول قطر .
قال عالم الأحياء انها بيضات ثلاث لأحياء ثلاثة
قلت فعن أي الأحياء تنفقس ؟
قال أما هذه فتنفقس لتخرج منها نجمة البحر .
وأما هذه فتنفقس لتخرج منها دودة من دود الأرض .
قلت : وهذه الثالثة
قال : تنفقس ليخرج منها انسان مثلي ومثلك !!
والحق أقول اني ما كنت رأيت بيضة انسانية قط. ولكن هذه المفاجأة ، بالجمع بين بيضات ثلاث تشابهت صفرا ، وتشابهت مظهرا ، لتخرج منها أحياء ثلاثة ، ما أبعد ما بينها في سلم الاحياء ، هذه المفاجأة جعلتني على صفرها أفكر ، وأطيل تفكيرا .
هذه البيضة تخرج منها نجمة بحر .
وهذه البيضة تخرج منها دودة .
وهذه يخرج منها ... أنا وأنت .
أحياء مختلفة الأبعاد ، مختلفة الأجساد ، مختلفة
الأعضاء ، مختلفة التصميم ، كاختلاف بين تصميم عربة يجرها حصان ، وأخرى سيارة تدار بالبنزين ، وثالثة تطير تشق الفضاء شقا ، كلها تخرج من بذور تشابهت مقدارا ، وتشابهت مظهرا .
ثلاثة مخلوقات ، نجمة بحر ، ودودة أرض ، وانسان تخرج من بيضات ثلاث صغيرة متشابهة ، لا ترى بينها فرقا .
الكون شيء عجيب بالغ العجب .
الكون ، يتألف من شموس ، مذهلة اعدادها ، مذهلة أبعادها تتجمع في مجرات هي الأخرى مذهلة الاعداد مذهلة الأبعاد ، تجري جميعا على أسلوب واحد، يحركها قانون بل قوانين واحدة. وتدور من غرب لشرق دورة واحدة .. رقصة واحدة .. يرقصنها جميعا على نغم واحد .. يرقصنها فرادى ، ويرقصنها مجاميع والأرض ، وهي جامدة ، بل الأرضون الملايين ، ترقص هي الأخرى ، نفس الرقصة الواحدة ، على نفس النغم الواحد ولو أن هذه الاجرام جميعا ، أجرام هذه السماء ، أمرها آمرها ، فانفرطت الى أصولها الأولى ، الى أبعد مدى ، لصارت كلها كومة هائلة واحدة ، من نواة عنصر أصيل واحد، هو أخف العناصر جميعا .. ذاك الأدرجين .. من نواة ذلك العنصر ، ومن أشباه لها قليلة .. كومة هائلة واحدة ، جلت عن أن يحتويها طول ، وجلت عن أن يضمها عرض !
طوبة واحدة ، مع أشباه لها قليلة ، منها ، ومنها
وحدها ، بنى هذا الكون بانيه ، بناه كله على اختلاف مظهر ، وعلى ما قد تخال أنه اختلاف كنه .
وحدة في البناء ، ووحدة في القوانين .
هي بعض وحدة الله
- الكون الجامد والكون الحي
وان يكن هذا الكون الذي أسميناه جامدا ، وما به من جمود ، الأخرس ، وما به من خرس ، عجيبا ، ناطقا ، بليغا ، في دلالته وافصاحه ، فأعجب منه ، وأبلغ منه منطقا ، وأفصح منه دلالة ذلك العالم الآخر ، عالم تلك المخلوقات ، تلك التي تنبض بالحياة على ظهر هذه الارض .
ان أجرام السماء أشباه ، جوهرا ، وان اختلفت منها أحجام ، واختلفت ألوان ، واختلفت أبعاد، واختلفت أفران حارة في أجوافها ، شدة وضعفا . وهي لا تتكاثر وهي لا تتوالد ، وهي على ما نعلم لا تعقل ، وهي لا تعي . وهي مسيرة غير مخيرة . وهي تهدف لا شك الى غاية حددتها القوانين الواحدة التي أودعت فيها .
ولكنها مهدوف بها لا هادفة . وهي سيارة دوارة ، ليس لها الارادة في أن تقف وليس لها الارادة ، على فرض وقوفها ، في أن تستأنف سيرا .
وغير ذلك مخلوقات هذه الأرض .
٠ سر الوراثة ينفضح !
٠ في الخلية مخططات يقرأها مهندس بناء .
- مائنا مليون من صنوف الأحياء
ان أحياء هذه الأرض أشكال وصنوف وأنواع لا يكاد يحصيها العد .
من حشيشة الأرض ، وكم في الأرض من حشائش الى زروع الأرض ، وكم في الأرض من زروع ، الى شجيرات الأرض وأشجارها ، الى ما دب على الأرض أو زحف ، الى ما مشى عليها برجلين أو أربع أو ( أربعين ) ، الى ما طار في هواء بأجنحة ، الى ما سبح في ماء بذيل وزعنفة .
مائتا مليون من الأجناس والأنواع فما فوقهما . تتقارب أحيانا شبها ، حتى تحسب هذه من تلك، وما هي منها في قليل .
وتتخالف أحيانا حتى ما تحسب أنه يجمعها في الحياة صفة جامعة .
ومع هذا ، فكل هذه الأجناس والأنواع مهما اختلفت شكلا ، وتباينت صفرا وكبرا ، وتفاوتت حركة وسكونا ، وثبتت في الأرض فأسميناها نباتا ، أو لاذت بالحركة فأسميناها حيوانا . كل هذه الأجناس والأنواع تجمعها في أصولها الأولى جامعة واحدة .
أسلوب في تصميم البناء واحد . وأسلوب في اجراء الحياة واحد .
وحب للحياة التي أعطيها الحي واحد . ويجرح الأحياء جارح ، فتقوم تلعق جراحها لعنقا واحدا ، وتطب لها طيبا واحدا لتنجو من الموت .
ذلك لأنها تكره الفناء كرها وأحدا .
ويدخل العلم فيفصل . ويجمع في اختباره بين الوف من الأحياء ألفها الانسان ، وألوف غيرها لم يألفها ، ويرمي بنوره في ظلام كل كائن ، مهما صفر ، فتتكشف له أشكال سبق أن رآها ، وأحداث سبق أن عرفها ، فيزداد العالم بوحدة الحياة ايمانا .
انه ان كان رجل في الكون ، يعتقد بوحدة الكون اعتقادا كاملا جازما ، عن خبرة ، فهذا رجل عالم فلكي واكثر منه ايمانا بوحدة ، وايمانا في الحياة بحكمة ، حكمة واحدة وتدبير واحد ، عالم الأحياء .
- والوراثة بدأت أسرارها تنفضح انفضاحا واحدا
وتحدث العالم الفسيولوجي الكبير ، كلود برنار ،
في القرن الماضي ، عما في الحياة من حكمة ، وعما فيها من فتنة ، وعما فيها من وحدة ، فبلغ من ذلك غاية . كان هذا قبل أن ينكشف من علم الوراثة في هذا القرن الحاضر فماذا كان هو قائلا لو أنه عاش الى هذا القرن ، فعرف ما كشف عنه العلماء من سر الخلية الواحدة ، أعجوبة الخلق أجمع ، وما تضمنته من أسرار ما انكشف للوراثة ظلت طوال القرون خافية .
ان الناس تقول ان الولد لأبيه . ويقولون لأمه
ويقولون انه لخاله أو عمه . ويخرج الطفل أحيانا مصدقا لهذا ، وأحيانا لذاك . وقد يأخذ من هذا وذاك . ويأخذ ما ليس ظاهرا في هذا أو ذاك . وقول الناس في هذا كلام مبهم . يمسون جانبا من الحقيقة واحدا ، ومع هذا لا يكادون . حتى كشف الغطاء كاشفوه من العلماء ، فانكشف بذلك سر من أسرار الخلق عجيب ، وقد أقول رهيب . وأعجب ما في هذا السر انه يشمل الخلائق جميعا ، في نبات وحيوان . في الحي ذي الخلية الواحدة وفي الحي ذي ملايين الملايين من الخلايا ، كالانسان .
بذور الحياة الأولى
وأريد أن أنتقل من الاجمال الى التفصيل فتتواثب جبهات كثيرة الى قلمي تريد أن أفصح عنها ، أدلل بها على تدبير في هذا الوجود الحي يطوي حكمة ، وتشمله على الحكمة وحدة .
وأجد أسرع وصولا الى قلمي بذور الحياة الأولى، تلك التي يتنشأ منها الاحياء . أعني البيض .
- أكثر الأحياء جاء من بيضة
والبيض لا يعرفه الناس الا مأكولا . فالبيضة عندهم بيضة دجاج . ويمتد معنى البيض الى الطير . وقل أن يخطر ببال أن الحشرات لها بيضها ، والزواحف والثعابين لها بيضها ، وللاسماك بيضها، ولكل ذات فقار ولكل ذات ثدي . والانسان يبيض ، تبيض أنثاه . ان كل ما كان من ذكر وأنثى فله بيض يصنعه . وهو يتفقس عن حياة .
زرت قديما عالم أحياء في مختبره . وذكرنا من أمر هذا البيض ما ذكرنا . فقام بي الى حيث توجد عدسة ، وقال أنظر . ونظرت . فرأيت أجساما متكورة ثلاثة ، لم أكد أجد فرقا بينها . وتشابهت صفرا ، فهي نحو من ربع ملليمتر طول قطر .
قال عالم الأحياء انها بيضات ثلاث لأحياء ثلاثة
قلت فعن أي الأحياء تنفقس ؟
قال أما هذه فتنفقس لتخرج منها نجمة البحر .
وأما هذه فتنفقس لتخرج منها دودة من دود الأرض .
قلت : وهذه الثالثة
قال : تنفقس ليخرج منها انسان مثلي ومثلك !!
والحق أقول اني ما كنت رأيت بيضة انسانية قط. ولكن هذه المفاجأة ، بالجمع بين بيضات ثلاث تشابهت صفرا ، وتشابهت مظهرا ، لتخرج منها أحياء ثلاثة ، ما أبعد ما بينها في سلم الاحياء ، هذه المفاجأة جعلتني على صفرها أفكر ، وأطيل تفكيرا .
هذه البيضة تخرج منها نجمة بحر .
وهذه البيضة تخرج منها دودة .
وهذه يخرج منها ... أنا وأنت .
أحياء مختلفة الأبعاد ، مختلفة الأجساد ، مختلفة
الأعضاء ، مختلفة التصميم ، كاختلاف بين تصميم عربة يجرها حصان ، وأخرى سيارة تدار بالبنزين ، وثالثة تطير تشق الفضاء شقا ، كلها تخرج من بذور تشابهت مقدارا ، وتشابهت مظهرا .
ثلاثة مخلوقات ، نجمة بحر ، ودودة أرض ، وانسان تخرج من بيضات ثلاث صغيرة متشابهة ، لا ترى بينها فرقا .
تعليق