شهادة الضمير .. الشعور يثبت الحرية .. الحرية والحتمية
شهادة الضمير
والمرء لا يطلع على حريته بشهادة الشعور النفسي وحده ، بل يدركها أيضا بشهادة الضمير ، لأن الضمير هو الحاكم الذي يميز الخير من الشر ، ويهدي المرء سواء السبيل ، ويوحي اليه بالواجب ، ويشعره بالمسؤلية وكل أمر من هذه الامور يتضمن معنى الحرية .
١ - الحرية شرط من شروط الواجب .
- لأن الواجب على عكس الضرورة ، يقتضي أن يكون المرء متصفاً بالقدره . وقد قيل أن التكليف على قدر الاستطاعة ، فإذا كان الانسان مجبوراً على أفعاله ، كان التكليف من باب ما لا يطاق ، واذا كلف الانسان ما لا يطاق لم يكن فرق بينه وبين الجماد ، لأن الجهاد ليس له استطاعة ، ، وكذلك الانسان ليس له فيما لا يطيق استطاعة ، وهذا صار الفلاسفة الى أن الاستطاعة شرط من شروط الواجب . ولا استطاعة للمره الا اذا كان حراً ، أي قادراً على الفعل ، أو عدم الفعل .
٢ - الحرية شرط من شروط المسؤولية .
- لأن المسؤولية تقتضي أن يكون الفاعل حراً ، ولأنه لا يعقل أن يسأل المرء عن أفعال هو مجبور عليها بالطبع . ان معاقبة المضطر على فعله شبيهة بمعاقبة الحجر على السقوط ، أو المعدة على سوء ء الهضم . فلو كانت أفعالنا ناشئة عن أسباب آلية خارجية لما سئلنا عنها ، ولكان اتصافها بالخير ، أو بالشر على حد سواء .
ينتج مما تقدم ان الحرية شرط ضروري للواجب والمسؤولية معاً ، لذلك جعلها ( كانت ) أساس الحياة الأخلاقية . فمها قاله : ان معنى الواجب يتضمن معنى | والحرية ليست أمراً تجريبياً ، وانما ، مسلمة من مسلمات العقل العملي ، ولا وجود لها في عالم الظواهر . لأن هذا العالم لا يدل على حتمية الحركات الطبيعية فحسب ، بل يدل أيضاً على حتمية الحركات الارادية ، أما عالم الشيء بذاته ، فهو عالم الحرية وعالم الاختيار . والحرية خارجة عن العالم المحسوس . غير مقيدة بالزمان والمكان - نقول : لو كنا نبحث الآن في علم ما بعد الطبيعة ، لفندنا هذه النظرية ، وبينا وجوه ضعفها ، واذا كان ( كانت ) نفسه يجعل الحرية مسلمة من مسلمات العقل العملي . فإن علم النفس الوضعي لا يتناول هذه المسلمات بالبحث ، فلنقتصر اذن على نقد شهادة الضمير من الوجهة النفسية لاغير ولنذكر اعتراض فلاسفة الحتمية عليها .
اعتراض فلاسفة الحتمية .
- يقول الفلاسفة الحتميون : ان الحياة الأخلاقية لا تستلزم الحرية :
فالحتمية الطبيعية لا تبطل معنى الواجب ، ولا تنافي فكرة الخير لأن الانسان يحقق المثل الأعلى لواجباته بطريق العقل . ويكفي لذلك أن نجعل الخير مثلاً أعلى ، وأن نطلب من الانسان اتباعه بدافع المنفعة ، فنقول له مثلا : يجب أن تفعل الخير ، لا لأنك . حر ، بل لأن الخير ينفعك أو يسعدك ، أو لأنه موافق لطبيعتك العاقلة ، فإذا قبل الإنسان هذا المثل الأعلى ، وجعله فوق غيره من الامور ، رغب فيه ، وشعر بوجوب فعله المعقوليته ومنفعته .
والحتمية الطبيعية لا تبطل فكرتي المسؤولية والجزاء ، بل تقلب المسؤولية الأخلاقية إلى مسؤولية اجتماعية ، لأن الإنسان لا يعيش منفرداً ، ولا يتجرد عن العلائق الاجتماعية المحيطة به من كل جانب ، فإذا خالف بفعله المنفعة العامة عد مسؤولاً ، وإذا قام بعمل نافع شجع عليه . وكل فعل نافع فهو فعل حسن ، وكل فعل ضار فهو فعل سيء . فالمسؤولية تابعة إذن للتعاون الاجتماعي ، والجزاء وسيلة من الوسائل التي يدافع بها المجتمع عن نفسه ولكن هذا التأويل الذي جاء به فلاسفة الحتمية لا يبطل معنى الحرية فحسب ، بل يشوه معنى الواجب والمسؤولية معاً ، ويجعل الخير مبنياً على المنفعة لا على الحرية . فهم قد استبدلوا بالواجب مفهوماً آخر معادلاً له ، ولكنه مختلف عنه ، واستعاضوا عن قواعد الأخلاق بقواعد اصطناعية نظرية مستمدة من التجربة والعقل والمنفعة ، وجعلوا المسؤولية تابعة لروابط التعاون الاجتماعي الخارجي ، فأبطلوا بذلك صفتها الحقيقية ، ونحن لا ننكر أن الجزاء وسيلة من الوسائل التي يدافع بها المجتمع عن نفسه ، نفسه ، ولكننا نعتقد في الوقت نفسه أن الجزاء يجب أن يكون عادلاً ، أى يجب أن يكون متناسباً مع درجة المسؤولية الأخلاقية وكيف يرضى الضمير أن يعاقب شخص ليس له فيما أتاه حيلة . ان هذا لعمري من باب تكليف ما لا يطاق ، فإذا أردنا أن يتصف العقاب بالعدل فمن الضروري أن نقول بالاستطاعة والحرية . ولو قلنا : ان الانسان مجبور على أفعاله مسير لا يخير ، لما كان للخير والشر ، ولا للثواب والعقاب معنى .
شهادة الضمير
والمرء لا يطلع على حريته بشهادة الشعور النفسي وحده ، بل يدركها أيضا بشهادة الضمير ، لأن الضمير هو الحاكم الذي يميز الخير من الشر ، ويهدي المرء سواء السبيل ، ويوحي اليه بالواجب ، ويشعره بالمسؤلية وكل أمر من هذه الامور يتضمن معنى الحرية .
١ - الحرية شرط من شروط الواجب .
- لأن الواجب على عكس الضرورة ، يقتضي أن يكون المرء متصفاً بالقدره . وقد قيل أن التكليف على قدر الاستطاعة ، فإذا كان الانسان مجبوراً على أفعاله ، كان التكليف من باب ما لا يطاق ، واذا كلف الانسان ما لا يطاق لم يكن فرق بينه وبين الجماد ، لأن الجهاد ليس له استطاعة ، ، وكذلك الانسان ليس له فيما لا يطيق استطاعة ، وهذا صار الفلاسفة الى أن الاستطاعة شرط من شروط الواجب . ولا استطاعة للمره الا اذا كان حراً ، أي قادراً على الفعل ، أو عدم الفعل .
٢ - الحرية شرط من شروط المسؤولية .
- لأن المسؤولية تقتضي أن يكون الفاعل حراً ، ولأنه لا يعقل أن يسأل المرء عن أفعال هو مجبور عليها بالطبع . ان معاقبة المضطر على فعله شبيهة بمعاقبة الحجر على السقوط ، أو المعدة على سوء ء الهضم . فلو كانت أفعالنا ناشئة عن أسباب آلية خارجية لما سئلنا عنها ، ولكان اتصافها بالخير ، أو بالشر على حد سواء .
ينتج مما تقدم ان الحرية شرط ضروري للواجب والمسؤولية معاً ، لذلك جعلها ( كانت ) أساس الحياة الأخلاقية . فمها قاله : ان معنى الواجب يتضمن معنى | والحرية ليست أمراً تجريبياً ، وانما ، مسلمة من مسلمات العقل العملي ، ولا وجود لها في عالم الظواهر . لأن هذا العالم لا يدل على حتمية الحركات الطبيعية فحسب ، بل يدل أيضاً على حتمية الحركات الارادية ، أما عالم الشيء بذاته ، فهو عالم الحرية وعالم الاختيار . والحرية خارجة عن العالم المحسوس . غير مقيدة بالزمان والمكان - نقول : لو كنا نبحث الآن في علم ما بعد الطبيعة ، لفندنا هذه النظرية ، وبينا وجوه ضعفها ، واذا كان ( كانت ) نفسه يجعل الحرية مسلمة من مسلمات العقل العملي . فإن علم النفس الوضعي لا يتناول هذه المسلمات بالبحث ، فلنقتصر اذن على نقد شهادة الضمير من الوجهة النفسية لاغير ولنذكر اعتراض فلاسفة الحتمية عليها .
اعتراض فلاسفة الحتمية .
- يقول الفلاسفة الحتميون : ان الحياة الأخلاقية لا تستلزم الحرية :
فالحتمية الطبيعية لا تبطل معنى الواجب ، ولا تنافي فكرة الخير لأن الانسان يحقق المثل الأعلى لواجباته بطريق العقل . ويكفي لذلك أن نجعل الخير مثلاً أعلى ، وأن نطلب من الانسان اتباعه بدافع المنفعة ، فنقول له مثلا : يجب أن تفعل الخير ، لا لأنك . حر ، بل لأن الخير ينفعك أو يسعدك ، أو لأنه موافق لطبيعتك العاقلة ، فإذا قبل الإنسان هذا المثل الأعلى ، وجعله فوق غيره من الامور ، رغب فيه ، وشعر بوجوب فعله المعقوليته ومنفعته .
والحتمية الطبيعية لا تبطل فكرتي المسؤولية والجزاء ، بل تقلب المسؤولية الأخلاقية إلى مسؤولية اجتماعية ، لأن الإنسان لا يعيش منفرداً ، ولا يتجرد عن العلائق الاجتماعية المحيطة به من كل جانب ، فإذا خالف بفعله المنفعة العامة عد مسؤولاً ، وإذا قام بعمل نافع شجع عليه . وكل فعل نافع فهو فعل حسن ، وكل فعل ضار فهو فعل سيء . فالمسؤولية تابعة إذن للتعاون الاجتماعي ، والجزاء وسيلة من الوسائل التي يدافع بها المجتمع عن نفسه ولكن هذا التأويل الذي جاء به فلاسفة الحتمية لا يبطل معنى الحرية فحسب ، بل يشوه معنى الواجب والمسؤولية معاً ، ويجعل الخير مبنياً على المنفعة لا على الحرية . فهم قد استبدلوا بالواجب مفهوماً آخر معادلاً له ، ولكنه مختلف عنه ، واستعاضوا عن قواعد الأخلاق بقواعد اصطناعية نظرية مستمدة من التجربة والعقل والمنفعة ، وجعلوا المسؤولية تابعة لروابط التعاون الاجتماعي الخارجي ، فأبطلوا بذلك صفتها الحقيقية ، ونحن لا ننكر أن الجزاء وسيلة من الوسائل التي يدافع بها المجتمع عن نفسه ، نفسه ، ولكننا نعتقد في الوقت نفسه أن الجزاء يجب أن يكون عادلاً ، أى يجب أن يكون متناسباً مع درجة المسؤولية الأخلاقية وكيف يرضى الضمير أن يعاقب شخص ليس له فيما أتاه حيلة . ان هذا لعمري من باب تكليف ما لا يطاق ، فإذا أردنا أن يتصف العقاب بالعدل فمن الضروري أن نقول بالاستطاعة والحرية . ولو قلنا : ان الانسان مجبور على أفعاله مسير لا يخير ، لما كان للخير والشر ، ولا للثواب والعقاب معنى .
تعليق