تربية الإرادة
لا يتسع المجال في هذا الكتاب للكلام على تربية الارادة بإسهاب ، فلنقتصر إذن على ذكر بعض التنبيهات المقتبسة من التحليل السابق .
ملاحظة عامة .
- تنمو الارادة بالممارسة والتمرين ، كما ينمو الضرع بالامتراء ، وسبب ذلك أن الانسان إذا مرن نفسه على الجهد الارادي أكسبه هذا التمرين عادات نافعة . وإذا كان الانسان لا يولد قوي الارادة ، كان لابد له من تمرين نفسه في كل وقت على تعلم انتخاب الامور وترجيحها . لأن ضعف الارادة أو فقدانها ، كثيراً ما يكون ناشئاً عن عدم الممارسة وقلة التمرين . قد يتعلم الانسان امتلاك نفسه بتأثير الأسباب الخارجية ، وقد يعجز عن ذلك لمرضه وتعبه وشيخوخته وكسله ، ولكن تربية الارادة ممكنة في كل وقت ، وهي لا تنتهي إلا بانتهاء الحياة .
۱ - صحة الجسد .
- الارادة القوية لا تكون إلا في الجسم السليم . وصحة الجسد هي الوسيلة الأساسية لامتلاك النفس . فلابد إذن في تربية الارادة من الأخذ بقواعد الصحة الموافقة ، والراحة ، والتمرين الرياضي . لا يكون الانسان قوي الارادة إلا إذا كان ذا جملة عصبية صحيحة . ولا تكون جملتة العصبية نشيطة إلا إذا اعتنى بغذائه و تنفسه وراحته إن الأطعمة الثقيلة تتعب الجملة العصبية ، وتضعف الارادة . فلنأكل قليلا ، ولنهضم جيداً . إن رأس الحكمة هضم الطعام . وأول الجنون النهم ، وإرهاق المعدة والأعصاب . والتنفس الجيد لا يقل خطورة عن الغذاء الجيد ، ويشترط فيه أن يكون عميقاً ، وأن يكون الهواء نقياً مطهراً للدم . ولابد في ذلك كله من ممارسة الرياضة . وأعني بالرياضة التمارين البدنية المعقولة المبنية على الحركات الطبيعية ، لا تمارين البطولة التي تؤدى في أكثر الأحيان إلى تنمية عضو من الأعضاء على حساب الآخر . ومما يلحق بالتمارين الرياضية المشي في الهواء الطلق ، والرحلات العلمية ، والكشفية ، وتمارين الفتوة ، و تعاطي بعض الأعمال اليدوية في أوقات الراحة . والراحة المنظمة غير الكسل . إن تنظيم أوقات الراحة يقوي الارادة . أما الكسل فهو عدو الارادة اللدود . وقصارى القول : ان التمارين الرياضية مدرسة الارادة الابتدائية . والجهد العضلي هو الصورة الاولى للجهد الارادي .
۲ - الأنتفاع بالعادات والحركات اللارادية .
- لابد في تربية الارادة من الانتفاع بالعادات الصالحة ، والحركات اللاإرادية الراسخة . فالعادات الصالحة ، كالنظام والاعتدال تسهل تربية الارادة ، والحركات اللاإرادية تعين على الاقتصاد في الوقت ، إلا أنه يشترط في هذه الحركات أن تتصف بشيء من المرونة ، وأن لا تكون صلبة ، ولا قاسية ، لأنها إذا أصبحت آلية محضة حالت دون تقدم الارادة . فالآلية إذن شرط في تربية الارادة ، ولكنها إذا استحكمت أدت إلى إضعافها وإفنائها .
٣ - حب النظام .
- و من شرائط تربية الارادة حب النظام ، والميل إلى التعاون ، والعمل ، وتعود النشاط ، والبعد عن الكسل ، إنه من الواجب على الطفل أن يتعلم الطاعة ويسوس ويسوس قبل كل شيء ، لأن ذلك . يعوده أولا قهر النفس ، وكبح جماحها . ومن تعلم الطاعة تعلم النظام ، وعرف كيف يدبر أعماله ، . نفسه ، جنسه . وللأسرة غيره من أبناء . والمدرسه أثر عميق في خلق هذه الروح في نفوس الأطفال ، وكلما نمت مدارك الطفل قوي شعوره بضرورة الخضوع للنظام المعقول ، فيتبع هذا النظام بإرادته ، ويرضى عنه بنفسه ، لا عن قسر وقسوة وقهر . وإرادة النظام قائمة على روح التشبث الشخصي والشعور بالتعاون الاجتماعي .
٤ - تثقيف الذهن .
- ثم إن الارادة ملازمة للعقل ، فلا تنمو ارادة الطفل الا اذا تعلم التفكير والانتباه . وقد بين العلماء أضرار الطيش ، والذهول ، وتشتت الأفكار في تربية الارادة ، فقالوا . لا تكون الارادة قوية الا إذا كان تصور هدف الفعل واضحاً في الذهن .
قال ( ويليم جيمس ) . ( إن الرجل القوي الارادة يصيخ بسممه من غير تردد إلى صوت العقل ، وإن كان نداؤه ضعيفاً ، ويصفى بلا خوف الى الفكرة المنبثة بالموت ، فيستقبلها استقبالاً جميلاً ، ويحتفي بها ويصدقها ، ويحارب في سبيلها جيش التصورات المعارضة التي تريد أن تخرجها من الشعور وهكذا تتغلب الفكرة المنافية على غيرها من الفكر ، مستعينة يجهد الانتباه والحزم ، حتى تجمع حولها أصدقاءها وحلفاءها ، وتغير في النهاية تيار الشعور . ومق تغير تيار الشعور تغير الفعل ، لأن الفكرة الجديدة تولد جميع نتائجها الحركية عندما تصبح سيدة الموقف ، فالصعوبة كل الصعوبة هي اذن في ابقائها واقرارها في النفس ، وسبيل ذلك أن يقاوم الانتباه تيار الأفكار الطبيعي ، وأن يصر على دعم الفكرة الجديدة التي يريد لها النجاح ، حتى تصبح قادرة على دعم نفسها . ان هذا الجهد الذي يقوم به الانتباه هو العامل المقوم للإرادة . ولئن كان الانتباه لحمة الارادة فالتفكير سداها ، حتى لقد قال ( ديكارت ) : ان قوام الارادة القوية وضوح الفكر .
٥ - تهذيب العواطف .
- ومن شرط تربية الارادة تهذيب العواطف ، لأن الفكرة وحدها لا تكفي لتغذية الفعل ، بل تحتاج الى الاقتران بأمر آخر ، وهو تثقيف العواطف السامية التي تدفع المرء إلى إرادة المثل العليا . لا يستطيع الإنسان أن ينجز الأعمال العظيمة ألا بشدة الحماسة وقوة العاطفة ، فينبغي له اذن أن يصتمل عاطفته ، وأن ينظمها ، وأن يتعلم كيف يوجهها الى الأمر الذي يريده ، فالحماسة والانفعال شرطان أساسيان في تربية الارادة . ولا شي أقتل الإرادة من جمود القلب ، والشك في قيمة الفعل .
لا يتسع المجال في هذا الكتاب للكلام على تربية الارادة بإسهاب ، فلنقتصر إذن على ذكر بعض التنبيهات المقتبسة من التحليل السابق .
ملاحظة عامة .
- تنمو الارادة بالممارسة والتمرين ، كما ينمو الضرع بالامتراء ، وسبب ذلك أن الانسان إذا مرن نفسه على الجهد الارادي أكسبه هذا التمرين عادات نافعة . وإذا كان الانسان لا يولد قوي الارادة ، كان لابد له من تمرين نفسه في كل وقت على تعلم انتخاب الامور وترجيحها . لأن ضعف الارادة أو فقدانها ، كثيراً ما يكون ناشئاً عن عدم الممارسة وقلة التمرين . قد يتعلم الانسان امتلاك نفسه بتأثير الأسباب الخارجية ، وقد يعجز عن ذلك لمرضه وتعبه وشيخوخته وكسله ، ولكن تربية الارادة ممكنة في كل وقت ، وهي لا تنتهي إلا بانتهاء الحياة .
۱ - صحة الجسد .
- الارادة القوية لا تكون إلا في الجسم السليم . وصحة الجسد هي الوسيلة الأساسية لامتلاك النفس . فلابد إذن في تربية الارادة من الأخذ بقواعد الصحة الموافقة ، والراحة ، والتمرين الرياضي . لا يكون الانسان قوي الارادة إلا إذا كان ذا جملة عصبية صحيحة . ولا تكون جملتة العصبية نشيطة إلا إذا اعتنى بغذائه و تنفسه وراحته إن الأطعمة الثقيلة تتعب الجملة العصبية ، وتضعف الارادة . فلنأكل قليلا ، ولنهضم جيداً . إن رأس الحكمة هضم الطعام . وأول الجنون النهم ، وإرهاق المعدة والأعصاب . والتنفس الجيد لا يقل خطورة عن الغذاء الجيد ، ويشترط فيه أن يكون عميقاً ، وأن يكون الهواء نقياً مطهراً للدم . ولابد في ذلك كله من ممارسة الرياضة . وأعني بالرياضة التمارين البدنية المعقولة المبنية على الحركات الطبيعية ، لا تمارين البطولة التي تؤدى في أكثر الأحيان إلى تنمية عضو من الأعضاء على حساب الآخر . ومما يلحق بالتمارين الرياضية المشي في الهواء الطلق ، والرحلات العلمية ، والكشفية ، وتمارين الفتوة ، و تعاطي بعض الأعمال اليدوية في أوقات الراحة . والراحة المنظمة غير الكسل . إن تنظيم أوقات الراحة يقوي الارادة . أما الكسل فهو عدو الارادة اللدود . وقصارى القول : ان التمارين الرياضية مدرسة الارادة الابتدائية . والجهد العضلي هو الصورة الاولى للجهد الارادي .
۲ - الأنتفاع بالعادات والحركات اللارادية .
- لابد في تربية الارادة من الانتفاع بالعادات الصالحة ، والحركات اللاإرادية الراسخة . فالعادات الصالحة ، كالنظام والاعتدال تسهل تربية الارادة ، والحركات اللاإرادية تعين على الاقتصاد في الوقت ، إلا أنه يشترط في هذه الحركات أن تتصف بشيء من المرونة ، وأن لا تكون صلبة ، ولا قاسية ، لأنها إذا أصبحت آلية محضة حالت دون تقدم الارادة . فالآلية إذن شرط في تربية الارادة ، ولكنها إذا استحكمت أدت إلى إضعافها وإفنائها .
٣ - حب النظام .
- و من شرائط تربية الارادة حب النظام ، والميل إلى التعاون ، والعمل ، وتعود النشاط ، والبعد عن الكسل ، إنه من الواجب على الطفل أن يتعلم الطاعة ويسوس ويسوس قبل كل شيء ، لأن ذلك . يعوده أولا قهر النفس ، وكبح جماحها . ومن تعلم الطاعة تعلم النظام ، وعرف كيف يدبر أعماله ، . نفسه ، جنسه . وللأسرة غيره من أبناء . والمدرسه أثر عميق في خلق هذه الروح في نفوس الأطفال ، وكلما نمت مدارك الطفل قوي شعوره بضرورة الخضوع للنظام المعقول ، فيتبع هذا النظام بإرادته ، ويرضى عنه بنفسه ، لا عن قسر وقسوة وقهر . وإرادة النظام قائمة على روح التشبث الشخصي والشعور بالتعاون الاجتماعي .
٤ - تثقيف الذهن .
- ثم إن الارادة ملازمة للعقل ، فلا تنمو ارادة الطفل الا اذا تعلم التفكير والانتباه . وقد بين العلماء أضرار الطيش ، والذهول ، وتشتت الأفكار في تربية الارادة ، فقالوا . لا تكون الارادة قوية الا إذا كان تصور هدف الفعل واضحاً في الذهن .
قال ( ويليم جيمس ) . ( إن الرجل القوي الارادة يصيخ بسممه من غير تردد إلى صوت العقل ، وإن كان نداؤه ضعيفاً ، ويصفى بلا خوف الى الفكرة المنبثة بالموت ، فيستقبلها استقبالاً جميلاً ، ويحتفي بها ويصدقها ، ويحارب في سبيلها جيش التصورات المعارضة التي تريد أن تخرجها من الشعور وهكذا تتغلب الفكرة المنافية على غيرها من الفكر ، مستعينة يجهد الانتباه والحزم ، حتى تجمع حولها أصدقاءها وحلفاءها ، وتغير في النهاية تيار الشعور . ومق تغير تيار الشعور تغير الفعل ، لأن الفكرة الجديدة تولد جميع نتائجها الحركية عندما تصبح سيدة الموقف ، فالصعوبة كل الصعوبة هي اذن في ابقائها واقرارها في النفس ، وسبيل ذلك أن يقاوم الانتباه تيار الأفكار الطبيعي ، وأن يصر على دعم الفكرة الجديدة التي يريد لها النجاح ، حتى تصبح قادرة على دعم نفسها . ان هذا الجهد الذي يقوم به الانتباه هو العامل المقوم للإرادة . ولئن كان الانتباه لحمة الارادة فالتفكير سداها ، حتى لقد قال ( ديكارت ) : ان قوام الارادة القوية وضوح الفكر .
٥ - تهذيب العواطف .
- ومن شرط تربية الارادة تهذيب العواطف ، لأن الفكرة وحدها لا تكفي لتغذية الفعل ، بل تحتاج الى الاقتران بأمر آخر ، وهو تثقيف العواطف السامية التي تدفع المرء إلى إرادة المثل العليا . لا يستطيع الإنسان أن ينجز الأعمال العظيمة ألا بشدة الحماسة وقوة العاطفة ، فينبغي له اذن أن يصتمل عاطفته ، وأن ينظمها ، وأن يتعلم كيف يوجهها الى الأمر الذي يريده ، فالحماسة والانفعال شرطان أساسيان في تربية الارادة . ولا شي أقتل الإرادة من جمود القلب ، والشك في قيمة الفعل .
تعليق