العادة .. وصف وتحليل
العادة
١ - وصف وتحليل
العادة اسم مشترك يطلق على ظواهر نفسية مختلفة ، كالعادات الحيوية ، والعادات الحركية ، والعادات النفسية المحضة .
١ - العادات الحيوية .
- ان جسدنا يتعود البرد كما يتعود الحر ، ويعتاد الإقامة في الأماكن المرتفعة كما يعتاد نمطاً . من أنماط الغذاء ، أو دواء من الأدوية ، أو سما من السموم . ويقال بمعنى أعم : إن العين تتعود الظلام ، والقروي يتعود ضجيج المدن . ويقال أيضاً : إن المساعة عادة حيوية ، لأن الكريات البيض تتعود التغلب على الجراثيم وسمومها . ومعنى ذلك أن العادة الحيوية تزيل شعورنا بالمؤثرات الخارجية ، فلا يشعر معها بقسوة الإقليم ، ولا يؤثر فينا تجرع السم ، بل نتعود ذلك كما نتعود الظلام ، والضجيج . وتسمى هذه الظواهر بالتكيف الحيوي ، وهي من المسائل التي اختلف العلماء في تعليلها : فمنهم من يعلل حادثة المناعة مثلاً بتربية ( الكريات البيض ) ، ومنهم من يعللها بالتوازن الفيزيائي الكيماوي . وهي كلها عادات حيوية ترجع دراستها إلى علم الحياة لا إلى علم النفس .
٢ - العادات الحركية .
- العادة الحركية استعداد مكتسب لتكرار بعض الحركات والقيام ببعض الأفعال . من هذه الأفعال ما يكون بسيطاً لا علاقة له بالإرادة ، كحركاتنا الطبيعية التقليدية ، أو إشاراتنا ، ومنها ما يكون مركباً ، كالحركات التي نقوم بها عند ارتداء الملابس ، أو عند الزينة والبهرجة ، والأكل ، ومنها ما يستلزم التدريب والتمرين كركوب الخيل ، وقيادة الدراجات ، أو السيارات ، والعزف على إحدى الآلات الموسيقية ، أو حفظ الشعر ، وهي كلها مبنية على آليات محركة ، وروابط عصبية ثابتة تولدت بالتكرار والتعلم الإرادي ، ثم أصبحت بعد التمرين غير محتاجة إلى الجهد والإرادة .
٣ - العادات النفسية المحضة .
- العادات النفسية المحضة استعدادات مكتسبة تبعث الإنسان على الإحساس ، أو التفكير ، أو الفعل ، على الصورة التي أحس أو فكر أو عمل بها من قبل . فمن عادات التفكير : الترتيب والتناسق في الأفكار ، والتعمق فيها ، والتأني في الحكم ، أو السرعة فيه ، والتعمق في الخيال ، والاستدلال ، وحصر الانتباه ، وسرعة توجيهه . ومن عادات الانفعال والإرادة ضبط النفس ، وكظم الغيظ ، ومحاربة الهوى ، والرضا ، والعفة ، والمروءة ، وغيرها من العادات الأخلاقية . قال ( بنيامين كونستان ) يصف نفسه : ( كنت خجولاً كوالدي ، فتعودت أن أكتم ما كنت أشعر به ، لا أضع إلا خططا منفردة ، ولا أعتمد إلا على نفسي في إنجازها ، حتى صرت أجد في آراء الآخرين ، واهتمامهم بي ، وإعانتهم إياي ، وزيارتهم لي ، عائقاً عن العمل ، ثم تعودت كذلك أن لا أتكلم عن شواغل نفسي أبداً ، وأن لا أشترك في الحديث إلا لضرورة ماسة ، فإذا اشتركت فيه أنعشته بنكتة تساعدني على إخفاء حقيقة فكري ) . ( Benjamin Constant , Adolph , ch . I .. ) .
تصنيف العادات .
- ان انقسام العادات إلى حيوية ، وحركية ، ونفسية محضة ، هو التقسيم الذي سنتبعه في هذا الكتاب . إلا أن بعض العلماء يصنف العادات تصنيفاً آخر . ولنذكر الآن بعض هذه التصنيفات :
آ - العادات العامة والعادات الخاصة .
- فمن هذه التصنيفات تصنيف ( اغجر Egger ) الذي قال : إن العادات عامة ، وخاصة فالمادات الخاصة ( Habitude spéciale ) ، أو الجزئية ( Particuliere ) هي العادات التي يقتصر فيها على تكرار فعل من الأفعال على نمط واحد ، كتعود الموسيقي عزف قطعة موسيقية معينة . والعادات العامة ( Habitude générale ) هي العادات التي تشتمل على افعال متباينة ، ولكن من جنس واحد ، كتعود الموسيقي عزف كل قطعة موسيقية جديدة من غير تردد ، فعادته إذن عادة عامة ، لأنها قد أكسبته ملكة راسخة تنطبق على أفعال نفسية مختلفة . قال ( اغجر ) : ان العامل الحاذق هو العامل الذي اكتسب عادات عامة يستطيع تطبيقها في جميع الأحوال الجديدة . وعادة التمثيل عادة عامة لاشتمالها على الكلام ، والحركة ، والإشارات ، التي يستطيع الممثل استخدامها في كل دور جديد . فنطاق العادة العامة أوسع من نطاق العادة الخاصة ، لأن العادة العامة تشمل الاستعداد الفكري ، والمهارة الفنية ، والاسلوب . وقال أيضاً : ان إتقان لغة من اللغات عادة عامة ، لأنها تقتضي أن يكون المتكلم بها ملماً بتركيب الألفاظ وتطبيق قواعد الأعراب في كل تركيب جديد . وأعم من هذه العادة أيضاً : عادة تعلم استعداد عام لتعلم كل لغة . فالعادة الخاصة تقتصر على استرجاع الأفعال وهي اللغات السابقة كما هي دون تغيير ، أما المادة العامة فتبعث على التجديد . ولكننا سنبين عند الكلام على نتائج المادة ، أن الفرق بين العادات الخاصة ، والعادات العامة غير حقيقي ، وان كل عادة من العادات بمعنى ما عامة ، لأنها اجراء أفعال محدودة في أحوال هي غير معدودة .
ب - العادات المنفعلة والعادات الفاعلة .
- ومن هذه التصنيفات أيضاً : تصنيف مين ( دوبيران ) الذي قال : ان العادات منفعلة ، وفاعلة . فالعادة المنفعلة ( Habitude passive ) هي العادة التي تمكن الشخص من تحمل مؤثر من المؤثرات ، فيتم ودشم الروائح الملائمة ، أو المنافية ، ويتعود تأمل الجمال ، أو مشاهدة القبح ، وهي تؤدي إلى تضاؤل الاحساس وضعف الشعور . أما العادة الفاعلة فهي ميل مكتسب يبعثنا على القيام بأفعال مادية ، أو فكرية ، أو خلقية ، شبيهة بالأفعال التي قمنا بها سابقاً ، كمادة المشي ، أو الكلام ، أو عادة الأنانية ، والمروءة ، أو الاقدام ، أو الشجاعة ، وهي تقتضي الفعل والادراك معاً ، أما العادة المنفعلة فتقتضي الانفعال والاحساس ، ووظيفة الادراك في العادات الفاعلة أن يزيد في وضوحها ، وأن يجعل . حركتها أسهل ، وفعلها أدق وأكمل .
ومع ذلك فإن الفرق بين المادة الفاعلة ، والمادة المنفعلة ، ليس مطلقاً ، لأن هاتين المادتين كثيراً ما تتصلان وتتعاونان . وسنبين عند دراسة أسباب العادة ونتائجها ، أنه لا وجود للعادات المنفعلة ، وان التكيف الحيوي نفسه يقتضي فاعلية حيوية داخلية .
تعريف العادة .
- ان لهذه الأفعال المختلفة صفات مشتركة ، وهي أن العادة حالة راسخة ودائمة لا تتغير بسهولة ، وهي فردية مكتسبة على عكس الغريزة ، وهي توفر كثيراً من الجهد في تكرار الفعل سواء كان ذلك الفعل تكيفاً حيويا ، أو عادة حركية ، أو نفسية . فيمكننا إذن أن نعرف العادة بقولنا : انها استعداد مكتسب دائم ، لانجاز نفس الأفعال ، أو تحمل نفس الآثار .
إن هذا التعريف يبين لنا أن العادات ظواهر مختلفة لحالة نفسية واحدة . ولنوضح ذلك بدراسة أسباب العادات ونتائجها .
العادة
١ - وصف وتحليل
العادة اسم مشترك يطلق على ظواهر نفسية مختلفة ، كالعادات الحيوية ، والعادات الحركية ، والعادات النفسية المحضة .
١ - العادات الحيوية .
- ان جسدنا يتعود البرد كما يتعود الحر ، ويعتاد الإقامة في الأماكن المرتفعة كما يعتاد نمطاً . من أنماط الغذاء ، أو دواء من الأدوية ، أو سما من السموم . ويقال بمعنى أعم : إن العين تتعود الظلام ، والقروي يتعود ضجيج المدن . ويقال أيضاً : إن المساعة عادة حيوية ، لأن الكريات البيض تتعود التغلب على الجراثيم وسمومها . ومعنى ذلك أن العادة الحيوية تزيل شعورنا بالمؤثرات الخارجية ، فلا يشعر معها بقسوة الإقليم ، ولا يؤثر فينا تجرع السم ، بل نتعود ذلك كما نتعود الظلام ، والضجيج . وتسمى هذه الظواهر بالتكيف الحيوي ، وهي من المسائل التي اختلف العلماء في تعليلها : فمنهم من يعلل حادثة المناعة مثلاً بتربية ( الكريات البيض ) ، ومنهم من يعللها بالتوازن الفيزيائي الكيماوي . وهي كلها عادات حيوية ترجع دراستها إلى علم الحياة لا إلى علم النفس .
٢ - العادات الحركية .
- العادة الحركية استعداد مكتسب لتكرار بعض الحركات والقيام ببعض الأفعال . من هذه الأفعال ما يكون بسيطاً لا علاقة له بالإرادة ، كحركاتنا الطبيعية التقليدية ، أو إشاراتنا ، ومنها ما يكون مركباً ، كالحركات التي نقوم بها عند ارتداء الملابس ، أو عند الزينة والبهرجة ، والأكل ، ومنها ما يستلزم التدريب والتمرين كركوب الخيل ، وقيادة الدراجات ، أو السيارات ، والعزف على إحدى الآلات الموسيقية ، أو حفظ الشعر ، وهي كلها مبنية على آليات محركة ، وروابط عصبية ثابتة تولدت بالتكرار والتعلم الإرادي ، ثم أصبحت بعد التمرين غير محتاجة إلى الجهد والإرادة .
٣ - العادات النفسية المحضة .
- العادات النفسية المحضة استعدادات مكتسبة تبعث الإنسان على الإحساس ، أو التفكير ، أو الفعل ، على الصورة التي أحس أو فكر أو عمل بها من قبل . فمن عادات التفكير : الترتيب والتناسق في الأفكار ، والتعمق فيها ، والتأني في الحكم ، أو السرعة فيه ، والتعمق في الخيال ، والاستدلال ، وحصر الانتباه ، وسرعة توجيهه . ومن عادات الانفعال والإرادة ضبط النفس ، وكظم الغيظ ، ومحاربة الهوى ، والرضا ، والعفة ، والمروءة ، وغيرها من العادات الأخلاقية . قال ( بنيامين كونستان ) يصف نفسه : ( كنت خجولاً كوالدي ، فتعودت أن أكتم ما كنت أشعر به ، لا أضع إلا خططا منفردة ، ولا أعتمد إلا على نفسي في إنجازها ، حتى صرت أجد في آراء الآخرين ، واهتمامهم بي ، وإعانتهم إياي ، وزيارتهم لي ، عائقاً عن العمل ، ثم تعودت كذلك أن لا أتكلم عن شواغل نفسي أبداً ، وأن لا أشترك في الحديث إلا لضرورة ماسة ، فإذا اشتركت فيه أنعشته بنكتة تساعدني على إخفاء حقيقة فكري ) . ( Benjamin Constant , Adolph , ch . I .. ) .
تصنيف العادات .
- ان انقسام العادات إلى حيوية ، وحركية ، ونفسية محضة ، هو التقسيم الذي سنتبعه في هذا الكتاب . إلا أن بعض العلماء يصنف العادات تصنيفاً آخر . ولنذكر الآن بعض هذه التصنيفات :
آ - العادات العامة والعادات الخاصة .
- فمن هذه التصنيفات تصنيف ( اغجر Egger ) الذي قال : إن العادات عامة ، وخاصة فالمادات الخاصة ( Habitude spéciale ) ، أو الجزئية ( Particuliere ) هي العادات التي يقتصر فيها على تكرار فعل من الأفعال على نمط واحد ، كتعود الموسيقي عزف قطعة موسيقية معينة . والعادات العامة ( Habitude générale ) هي العادات التي تشتمل على افعال متباينة ، ولكن من جنس واحد ، كتعود الموسيقي عزف كل قطعة موسيقية جديدة من غير تردد ، فعادته إذن عادة عامة ، لأنها قد أكسبته ملكة راسخة تنطبق على أفعال نفسية مختلفة . قال ( اغجر ) : ان العامل الحاذق هو العامل الذي اكتسب عادات عامة يستطيع تطبيقها في جميع الأحوال الجديدة . وعادة التمثيل عادة عامة لاشتمالها على الكلام ، والحركة ، والإشارات ، التي يستطيع الممثل استخدامها في كل دور جديد . فنطاق العادة العامة أوسع من نطاق العادة الخاصة ، لأن العادة العامة تشمل الاستعداد الفكري ، والمهارة الفنية ، والاسلوب . وقال أيضاً : ان إتقان لغة من اللغات عادة عامة ، لأنها تقتضي أن يكون المتكلم بها ملماً بتركيب الألفاظ وتطبيق قواعد الأعراب في كل تركيب جديد . وأعم من هذه العادة أيضاً : عادة تعلم استعداد عام لتعلم كل لغة . فالعادة الخاصة تقتصر على استرجاع الأفعال وهي اللغات السابقة كما هي دون تغيير ، أما المادة العامة فتبعث على التجديد . ولكننا سنبين عند الكلام على نتائج المادة ، أن الفرق بين العادات الخاصة ، والعادات العامة غير حقيقي ، وان كل عادة من العادات بمعنى ما عامة ، لأنها اجراء أفعال محدودة في أحوال هي غير معدودة .
ب - العادات المنفعلة والعادات الفاعلة .
- ومن هذه التصنيفات أيضاً : تصنيف مين ( دوبيران ) الذي قال : ان العادات منفعلة ، وفاعلة . فالعادة المنفعلة ( Habitude passive ) هي العادة التي تمكن الشخص من تحمل مؤثر من المؤثرات ، فيتم ودشم الروائح الملائمة ، أو المنافية ، ويتعود تأمل الجمال ، أو مشاهدة القبح ، وهي تؤدي إلى تضاؤل الاحساس وضعف الشعور . أما العادة الفاعلة فهي ميل مكتسب يبعثنا على القيام بأفعال مادية ، أو فكرية ، أو خلقية ، شبيهة بالأفعال التي قمنا بها سابقاً ، كمادة المشي ، أو الكلام ، أو عادة الأنانية ، والمروءة ، أو الاقدام ، أو الشجاعة ، وهي تقتضي الفعل والادراك معاً ، أما العادة المنفعلة فتقتضي الانفعال والاحساس ، ووظيفة الادراك في العادات الفاعلة أن يزيد في وضوحها ، وأن يجعل . حركتها أسهل ، وفعلها أدق وأكمل .
ومع ذلك فإن الفرق بين المادة الفاعلة ، والمادة المنفعلة ، ليس مطلقاً ، لأن هاتين المادتين كثيراً ما تتصلان وتتعاونان . وسنبين عند دراسة أسباب العادة ونتائجها ، أنه لا وجود للعادات المنفعلة ، وان التكيف الحيوي نفسه يقتضي فاعلية حيوية داخلية .
تعريف العادة .
- ان لهذه الأفعال المختلفة صفات مشتركة ، وهي أن العادة حالة راسخة ودائمة لا تتغير بسهولة ، وهي فردية مكتسبة على عكس الغريزة ، وهي توفر كثيراً من الجهد في تكرار الفعل سواء كان ذلك الفعل تكيفاً حيويا ، أو عادة حركية ، أو نفسية . فيمكننا إذن أن نعرف العادة بقولنا : انها استعداد مكتسب دائم ، لانجاز نفس الأفعال ، أو تحمل نفس الآثار .
إن هذا التعريف يبين لنا أن العادات ظواهر مختلفة لحالة نفسية واحدة . ولنوضح ذلك بدراسة أسباب العادات ونتائجها .
تعليق