مزيج مقنع من المعرفة والسذاجة: الحياة الساكنة مع قطة (أرشيف باسكواروزا)
- لندن: «الشرق الأوسط»
ألوان أشبه بمشاهدة غروب صيفي تبعث على البهجة
21 يناير 2024 م
«باسكواروزا مارسيلي» عارضة أزياء إيطالية عبقرية ورائدة عاشت بالقرن العشرين، ونجحت في أن تتحول إلى رسامة عظيمة بعد أن علمت نفسها بنفسها. وقد برعت بشكل خاص في تصوير مشاهد من الحياة اليومية بألوان تبعث على البهجة، الأمر الذي يتجلى في أول معرض تستضيفه المملكة المتحدة لأعمالها منذ نحو قرن، حسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.
وجدير بالذكر أن باسكواروزا اعتادت التوقيع باسمها الأول فقط. ويظهر الاسم بحروف خفية على أغلفة الكتب، وعلى علب الحلوى والأظرف في لوحاتها، كما لو كانت تحاول مزج اسمها بأعمالها. وحتى عندما لا يكون هناك مكان آخر لوضع الاسم سوى في الزاوية التقليدية للقماش، فإن التوقيع باسم باسكواروزا يكون دوماً منخفضاً ومكتوباً بدقة، بحيث لا يسحب العين أبداً بعيداً عن الموضوعات المبهجة التي تتناولها في أعمالها الفنية.
وأبدعت أنامل الفنانة الإيطالية باسكواروزا مارسيلي (1896-1973) سحباً من زهور الثالوث النيلي والزنابق تتكشف في تجعيدات زرقاء شمعية، وبرتقالية متوهجة ووردية، وتبدو عيون الأقحوان جزءاً لا يتجزأ من اللوحة المطرزة على الحائط خلفها. وأبدعت باسكواروزا برسمها مفارش المائدة المخططة والمراوح الحمراء وفناجين الشاي البيضاء العادية كما لو كانت أعظم المتع على وجه الأرض.
في الواقع، الاستمتاع بمشاهدة لوحاتها التي أبدعتها بفرشاتها الثرية داخل «مجموعة إستوريك» في قلب أيام الشتاء المظلمة، يبدو أشبه بمشاهدة غروب الشمس في يوم صيفي دافئ.
جدير بالذكر أنه مر نحو قرن منذ تنظيم آخر عرض لأعمال باسكواروزا داخل المملكة المتحدة، وكان في معرض أرلينغتون بشارع أولد بوند ستريت بلندن عام 1929. وحينها وصفها أحد النقاد البريطانيين، الذي فتن بحياتها الصامتة، بأنها «الرسامة الأكثر شهرة في إيطاليا».
ومع ذلك، بمرور الزمن تبدلت الأذواق، وطوى النسيان باسكواروزا لدرجة أنه ربما لا يعرف الكثير من الناس اسمها، سواء هنا أو في إيطاليا. واليوم، ما تزال لوحاتها متاحة بسعر زهيد عبر الإنترنت.
ويذكر أن موضوعاتها عبارة عن مصفوفات بسيطة من الأشياء المحصورة بوجه عام على سطح الطاولة. كما أن عشقها لما تقع عليه عيناها عشق صادق وفوري مثل الصورة نفسها. لكن انظر إلى لوحة مثل «آذريون»، التي تظهر مجموعة كثيفة من نبات القطيفة منقوشة بزاوية مبهجة في مزهرية خضراء زاهية. وكان من الممكن أن يكون الصوت باللوحة شديد الصخب، أو الخشونة، لكنها بدلاً من ذلك تمكنت من الحفاظ على تماسك اللوحة من خلال موازنة دائرة زهور القطيفة بين قطعتين أفقيتين من الجدار الأسود ومفرش المائدة الأبيض.
والمدهش أن باسكواروزا كانت في الـ18 من عمرها فقط عندما غامرت بهذا العمل المبكر. وقد ولدت في أسرة فقيرة في بلدة أنتيكولي كورادو الريفية في منطقة لاتسيو. ولم تنل أي قسط من التعليم الرسمي. أما حماسها تجاه التعلم، فقد نبع من مشاهدتها آخرين يرسمون، أولاً كعارضة أزياء في روما منذ أن كانت في السادسة عشرة من عمرها، ثم كرفيقة للرسام التشكيلي نينو بيرتوليتي. وتكمن بطولتها في أنها استمرت في هذه الطريق، عاماً بعد آخر، تدرب نفسها بنفسها، حتى تتقن نقل متعة ما تراه بشكل مكثف ومباشر على أنسجة القماش.