حقيقة المعاني من الوجهة النفسية .. التجريد والتعميم .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حقيقة المعاني من الوجهة النفسية .. التجريد والتعميم .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

    حقيقة المعاني من الوجهة النفسية .. التجريد والتعميم

    حقيقة المعاني من الوجهة النفسية

    هل المعاني العامة موجودة خارج النفس ، أم هي موجودة في النفس لا غير ؟ هل هي مطابقة للأشياء الخارجية ، أم هي مجرد اصطلاحات أبدعها العقل بنفسه ؟

    اننا لا نستطيع أن نجيب عن هذا السؤال الفلسفي إلا بعد اطلاعنا على حقيقة المعاني من الوجهة النفسية . والغاية من ذلك أن نعلم هل للمعاني وجود حقيقي في النفس ؟ أم هي صور وألفاظ لا غير ، وإذا كان لها وجود حقيقي في النفس ؛ فكيف حصلت النفس عليها ؟

    ۱ - الفكرة والاحساس

    نظرية كوندياك . - ان حواسنا آلات تجريد

    قال كوندياك : المعانى المجردة تتولد من الحواس ، وقال ( لاروميغير Laromiguiere ) : كل حاسة من حواسي تجرد صفة من صفات الشيء . فأنا لا ادرك بالعين الا الألوان ، ولا أطلع بالاذن الا على الأصوات ، ولا ادرك بالشم الا الروائح . ان الانــــــان مجهز بخمس حواس ظاهرة ، تعينه على اكتساب أنواع خاصة من المعاني . وبدنه يحلل الأشياء المحسوسة الى أجزاء من الكيفيات . فكان البدن آلة للتجريد .

    . المناقشة
    - ان هذه النظرية ناقصة ، لأن الحواس لا تجرد الا الكيفيات . والمعاني المجردة لا تنحل كلها اليها ، ذلك لأن هناك مجردات من نوع آخر : كمعنى العلة ، والمعلول ، والتابع ( الدالة ) ، والعدد ، وغير ذلك : أضف الى ذلك أن العين لا تدرك اللون مجوداً عن كل شيء . بل تدركه من حيث هو ذو شكل . فهي اذن لا تكفي لتجريد اللون عن الشكل . - واذا صحت هذه النظرية فإنها - لا توضح لنا الا عدداً قليلاً من المجردات . فقد تكون حواسنا عشراً ، وقد تكون أكثر من ذلك ، ولكن ما أقل هذا العدد اذا نسب الى ما نتعقله من المجردات ان الانسان الابتدائي قوي الحواس كامل القوى البدنية ، الا أنه ضعيف التجريد ، عاجز عن الارتقاء الى ما فوق التجربة الحسية والصور المشخصة .

    نظرية سبنسر
    - قال ( سبنسر ) : لا يتم التجريد بفعل الادراك المحض ، بل يتم بالمقارنة ( Comparaison ) . فإذا اقتصر الذهن على ادراك شخصي واحد ، ولم يدرك غيره عجز عن التجريد ، ولكنه اذا قارن بين هذا الادراك وغيره من الادراكات ، ورأى أنه يشبهها ببعض العناصر ويختلف عنها ببعضها الآخر ، تمكن من انتزاع الصفة المشتركة بينها وبينه . قال ( سبنسر ) : و اذا كانت الخاصة مصحوبة هنا بـ ( ب ، ح ، د ) ، وكانت مصحوبة هناك بـ ( ح ) ، ق ، ل ) ، وهنالك بـ ( ك ) ، م ، ( ب ) ، فإن تكرار التجارب يؤدي الى انفصال آثار هذه العناصر واستقلالها بعضها عن بعض .

    وقد أخذ ( ويليم جمس ) بهذه النظرية وأوضحها ببعض الأمثلة ، قال : لو كان كل بارد رطباً ، وكل رطب بارداً ، وكل سائل شفافاً ، وكل كثيف صلباً ، لصعب علينا التفريق بين البارد ، والرطب ، والسائل ، والشفاف ... ولكن الصفة التي توجد تارة لشيء ، واخرى لغيره ، تنزع الى مفارقتها معاً ، وتصبح بالنسبة الى الذهن موضوع تأمل مجرد ، ويمكننا أن نسمي ذلك بقانون التلازم في التغير . فالتجريد اذن تفريق آلي ينشأ عن اشتراك الأشياء المختلفة في صفات واحدة ، والفكر هو الذي يقايس بين هذه الأشياء لينتزع منها ما هو مشترك ، ويهمل ما هو متباين .

    المناقشة
    - قد نجد في هذه النظرية لأول وهلة شيئا من السحر ، ولكننا اذا دققنا فيها كما هي عليه عند ( هربرت سبنسر ، وجدناها ترجع النفس الى آلة تسجل الآثار الخارجية دون أقل فاعلية ، فإذا وجدت النفس صفة ( ۱ ) واحدة مشتركة بين الأشياء ( ا + ب + ح + د ) ، ( ا + ق + ح + د ) ، ( ا + ل + م + ب ) استطاعت أن تنتزعها منها لأنها مشتركة بينها ، فالنفس اذن قابلة لا فاعلة .
    واذا رمزنا الى هذه الأشياء الثلاثة بـ ( ي ، هـ ، و ) لم نجد ( ي ) مركب من ( ا + ب + ح + د )
    ولا ( هـ ) مؤلفاً من ب ( ا + ق + ح + د )
    ولا ( و ) مؤلفاً من ( ا + ل + م + ب ) لأننا إذا فرضناها مركبة على هذه الصورة من صفات متفرقة ، لزم عن ذلك أن تكون المجردات موجودة في العالم الخارجي قبل وجودها في النفس . فإذا أرادت النفس أن تكتسبها تعرضت لها . ولكن كيف تستطيع النفس أن تدرك هذه الصفات المجردة إذا كانت غير قادرة على التجريد ؟ انها لا ترى إذ ذاك بين ( ي ) و ( هـ ) و ( و ) إلا مشابهة غامضة ، ولا تستطيع أن تعلل هذا التشابه بالصفات المشتركة إلا إذا كانت قادرة على التجريد . فكأن ( سبنسر ) لا يوضح تولد المعاني المجردة في النفس إلا بفرضها موجودة فيها . وهذا دور ـ فاسد .

    وعلى ذلك فانه لا معنى لنظرية ( سبنسر ) إلا بالنسبة إلى عالم مؤلف من اجتماع صفات وجود مستقل ، على مثال العالم الذي تصوره ( ( أفلاطون ) . فكأن كل شيء من الأشياء الخارجية مؤلف من صفات مستقلة بعضها عن بعض ، فإذا تكررت الصفة الواحدة في أشياء مختلفة انطبعت في النفس ، وثبتت ، وتجردت عن غيرها من الصفات المشاركة لها في الوجود . فالتجريد كان إذن في الأشياء ، ثم انتقل إلى النفس ، والنفس تكشف بالتجريد عن مفاصل الوجود ، إلا أن كشفها عنها ليس ناشئاً عن فاعليتها ، بل عن انطباع المجردات الخارجية فيها كانطباع الخاتم في قطعة الشمع اللينة .

    التجريد والانتباه
    - وقد أدرك الفلاسفة المتأخرون ما لهذه الفاعلية النفسة من أثر في التجريد ، فقالوا ان التجريد يرجع إلى قوة الانتباه . ونحن نعلم أن الانتباه هـــــو توجيه الذهن إلى صفة من صفات الشيء ، وتضييق ساحة الشعور ، وقصره على عنصر واحد دون غيره . فهو إذن تجريد ، وقد قال ( استوارت ميل ) : « لا يوجد في النفس تصورات عامة ، بل يوجد فيها معان معقدة لأشياء مشخصة ، ونحن نستطيع أن ننتبه لبعض أقسام المعنى المشخص ، ونستطيع بانتباهنا هذا أن نجدد مجرى أفكارنا . وقال ( ريبو ) : ( ان للتجريد أسباباً انفعالية تنحل في النهاية إلى الانتباه ) .

    المناقشة
    - ان هذه النظرية تجعل لفاعلية النفس أثراً في حصول التجريد ، ولكن هل هي تفسير نهائي له ؟ لنبين أولاً ما هو الانتباه . هل هو تقسيم أم تحليل ؟ فإذا كان . الانتباه يؤدي كالتقسيم إلى ملاحظة رجل الكرسي دون الكرسي كان والتجريد على طرفي ، لأن معنى رجل الكرسي ليس أكثر تجريداً من معنى الكرسي . وإذا كان الانتباه يؤدي كالتحليل إلى رد المركب إلى البسيط ، وانتزاع بعض العناصر عن بعض ، كان والتجريد شيئاً واحداً . إن انتباهي لبياض الورق دون الورق يقتضي رد المركب إلى البسيط ، لأن بياض الورق ليس أصغر من الورق ، وإنما هو أبسط منه . . إلا أن التجريد ليس تحليلاً عادياً ، ولكنه تحليل من نوع خاص . إن اقتصاري على ملاحظة أحد العناصر المشخصة ، أو إحدى الصفات الحسية الموجودة في شيء من الأشياء ليس تجريداً حقيقياً ، لأنني إذا انتزعت مثلا هذا الأبيض من هذا الورق لم أحصل على معنى البياض المجرد ، لأن تصور البياض المجرد لا يتولد في نفسي إلا إذا جاوزت الأبيض الجزئي ، وانتقلت إلى البياض العام الموجود في الأشياء المختلفة . فالمعنى لا يكون مجرداً إلا إذا كان عاماً . وقد أشار ( ليبنز ) إلى ذلك في معرض الكلام على تجريد الحيوان ، إذ زعم أن الحيوان عاجز عن التجريد لأنه يقتصر على إدراك صفة من صفات الأشياء الجزئية من دون أن ينتزعها منها ويعممها ( ١ ) . وهذا يدلنا على فساد النظريات التي جعلت المعنى المجرد صورة مستخرجة من الشيء الخارجي ، أي صورة أفقر من الادراك . ان التجريد التام ليس انتباهاً تلقائياً لبعض صفات الأشياء المدركة ، أو إدراكا ناقصاً يقتصر على اصطفاء بعض مسلمات الحدس الحسي ، وإنما هو فعل ذهني غير منفصل عن التعميم ، والمعنى لا يكون مجرداً . إلا إذا كان عاماً . وسيتضح لنا ذلك عند كلامنا على نشوء المعاني العامة .

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ١٣-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٥٩_1(2).jpg 
مشاهدات:	19 
الحجم:	96.3 كيلوبايت 
الهوية:	188318 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ١٣-٠١-٢٠٢٤ ١٠.٠٢_1.jpg 
مشاهدات:	12 
الحجم:	116.0 كيلوبايت 
الهوية:	188319 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ١٣-٠١-٢٠٢٤ ١٠.٠٣_1.jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	119.3 كيلوبايت 
الهوية:	188320 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ١٣-٠١-٢٠٢٤ ١٠.٠٥_1.jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	145.9 كيلوبايت 
الهوية:	188321

  • #2
    The reality of meanings from a psychological point of view: abstraction and generalization

    The truth about meanings from a psychological point of view

    Do general meanings exist outside the self, or do they exist within the self only? Are they identical to external things, or are they merely terms created by the mind itself?

    We cannot answer this philosophical question unless we become aware of the true meanings from the psychological point of view. The purpose of this is to know whether meanings have a real existence in the soul? Or are they just images and words, and if they have a real existence in the soul? How did the soul get it?

    1 - Idea and feeling

    Kondiac's theory. Our senses are abstract machines

    Kondiac said: Abstract meanings are generated from the senses, and Laromiguiere said: Each of my senses abstracts from one of the attributes of the thing. I only perceive colors with the eye, I only perceive sounds with the ear, and I only perceive smells with the smell. The human being is equipped with five apparent senses, which help him acquire special types of meanings. His body analyzes tangible things into parts of qualities. The body was a machine for abstraction.

    . Discussion
    - This theory is incomplete, because the senses only abstract from qualities. Not all abstract meanings can be attributed to it, because there are abstractions of another kind: such as the meaning of cause, effect, function, number, and so on. In addition, the eye does not perceive color as it is absent from everything. Rather, you perceive it insofar as it has a form. Therefore, it is not enough to strip color from shape. If this theory is correct, it only explains a small number of abstractions to us. Our senses may be ten, or they may be more than that, but how small this number is if it is attributed to the abstractions we perceive. The primary human being has strong senses and complete physical powers, but he is weak in abstraction and unable to rise above sensory experience and personal images.

    Spencer's theory
    Spencer said: Abstraction does not occur through pure perception, but rather through comparison. If the mind is limited to one personal perception, and does not perceive others, it will be unable to abstract. However, if it compares this perception with other perceptions, and sees that it resembles them in some elements and differs from them in others, it will be able to extract the common characteristic between them and it. Spencer said: If the characteristic is accompanied here by (B, H, D), and there it is accompanied by (H), Q, L, and there by (K), M, (B), then repeating the experiments leads to The effects of these elements are separated and independent of each other.

    William James took this theory and explained it with some examples. He said: If everything cold were wet, and every wet thing was cold, and every liquid was transparent, and every dense thing was solid, it would be difficult for us to differentiate between the cold, the wet, the liquid, and the transparent...but the quality that exists Sometimes for something, and sometimes for something else, they tend to separate from each other, and become for the mind a subject of abstract contemplation, and we can call this the law of concomitance in change. Abstraction, then, is an automatic distinction that results from the sharing of different characteristics in the same characteristics, and thought is what compares these things to extract from them what is common, and neglects what is dissimilar.

    Discussion
    - We may find in this theory at first glance something of magic, but if we examine it as it is according to Herbert Spencer, we find that it refers the soul to a machine that records external effects without the least effectiveness, so if the soul finds one (1) characteristic common to things (A + B + H + D), (A + Q + H + D), (A + L + M + B) were able to extract it from her because it is shared between them, so the soul is a midwife, not an agent.
    If we symbolize these three things as (j, e, and f), we will not find (j) composed of (a + b + h + d)
    Nor is (e) composed of b (a + q + h + d)
    Nor is (f) composed of (a + l + m + b) because if we impose it as composed in this form of separate attributes, it follows that abstractions exist in the external world before they exist in the soul. If the soul wants to acquire it, it is exposed to it. But how can the soul perceive these abstract qualities if it is incapable of abstraction? At that time, she sees nothing between (y), (e), and (f) except a vague similarity, and she cannot explain this similarity with common characteristics unless she is capable of abstraction. It is as if Spencer does not explain the generation of abstract meanings in the soul except by assuming that they exist within it. This is a corrupt role.

    Therefore, Spencer’s theory has no meaning except with regard to a world composed of the combination of the attributes of an independent existence, similar to the world that Plato envisioned. It is as if every external thing is composed of attributes that are independent of each other. If a single attribute is repeated in things, Different things were imprinted on the soul, established, and abstracted from other attributes that participate in it in existence. Abstraction was then in things, then it moved to the soul, and the soul reveals through abstraction the joints of existence, but its revealing of them does not arise from its effectiveness, but rather from the impression of external abstractions in it. Like the impression of a ring in a piece of soft wax.

    Abstraction and attention
    Later philosophers realized the effect of this psychological activity on abstraction, and they said that abstraction is due to the power of attention. We know that attention is directing the mind to one of the characteristics of a thing, narrowing the field of feeling, and limiting it to one element and not others. It is therefore an abstraction, and Stuart Mill said: “There are no general perceptions in the soul, but rather there are complex meanings for specific things, and we can pay attention to some parts of the personalized meaning, and with this attention we can renew the course of our thoughts. Ribot said: “Abstraction has emotional causes that ultimately resolve into attention.”

    Discussion
    - This theory makes the effectiveness of the soul have an impact on the occurrence of abstraction, but is it a final explanation for it? Let us first explain what attention is. Is it division or analysis? So if it is. Attention, like division, leads to noticing the leg of the chair, not the chair. Abstraction is on both sides, because the meaning of the leg of the chair is no more abstract than the meaning of the chair. If attention leads, like analysis, to returning the complex to the simple, and separating some elements from others, then abstraction is one and the same thing. My attention to the whiteness of the paper rather than the paper requires returning the complex to the simple, because the whiteness of the paper is not smaller than the paper, but rather it is simpler than it. . However, abstraction is not an ordinary analysis, but an analysis of a special kind. My confinement to observing one of the personal elements, or one of the sensory characteristics present in some thing, is not true abstraction, because if I were to extract, for example, this white from this paper, I would not obtain the meaning of abstract white, because the perception of abstract white is not generated in me unless I go beyond partial white. And I moved to the general whiteness found in different things. The meaning is not abstract unless it is general. Leibniz pointed this out in his discussion of animal abstraction, as he claimed that animals are incapable of abstraction because they are limited to perceiving an attribute of particular things without extracting it from them and generalizing it (1). This indicates to us the corruption of theories that made abstract meaning an image extracted from the external thing, that is, an image poorer than perception. Complete abstraction is not automatic attention to some characteristics of perceived things, or incomplete perception limited to selecting some axioms of sensory intuition, but rather it is a mental act that is not separate from generalization, and meaning is not abstract. Unless it is general. This will become clear to us when we talk about the emergence of general meanings.

    تعليق

    يعمل...
    X