*كتاب " الفوتغرافي انور الدرويش - عين حاذقة وفكر متقد"
**للمؤلف والمصور هيثم فتح الله عزيزة
ملاحظات وانطباعات
*** احسان فتحي
قبل أيام، اهداني الاخ والصديق الحميم، والمصور المبدع، هيثم عزيزة، كتابه الاخير عن المصور العراقي والموصلي، انور الدرويش. هذا هو الكتاب الثالث الذي يؤلفه ويصدره الاخ هيثم عن مصورين عراقيين، حيث بدء بالرائد الكبير مراد الداغستاني، ثم المصورالراحل جاسم الزبيدي. ويستحق الاخ هيثم كل التقدير والاعجاب على جهوده الشخصية الكبيرة التي بذلها، ويبذلها، لتوثيق مسيرة فن التصوير الفوتوغرافي ونشر الوعي عنه في العراق.
الكتاب الجديد عن الزميل انور الدرويش جاء ب 248 صفحة وبنفس حجم الكتب السابقة ( 23 سم في 29سم)، وبمستوى طباعي عال جدا، وبتصميم انيق لافت قام به ايضا الاخ هيثم نفسه. وقد تم تقسيم الكتاب الى اربعة اقسام وهي: الابيض والاسود (79 صورة)، والعتمة والنور (14 صورة)، ورؤية لونية (89 صورة)، ثم فانتازيا الفوتوغراف (53 صورة) وهو الجزء الاهم والاكثر اثارة بالنسبة لي، ليصبح مجموع الصور الكلي في الكتاب هو 235 صورة. ان تقسيم هذه الصور حسب 4 مجموعات كان ضروريا جدا، خاصة على ضوء الانعدام الكلي لاي تعريف بمكان وتاريخ جميع الصورالمنشورة.
وأود هنا ان اشير الى الضرورة القصوى الى تعريف مكان وتاريخ اي صورة تنشر مهما كان موضوعها وعمرها. وانا استغرب جدا بعدم قيام المصور انور بتزويد الاخ هيثم بهذه المعلومات عن كل صورة، ذلك لانه من الواضح ان العديد منها كان في الموصل، ولكن ايضا نجد صورا اخرى في مدينة هيت والحديثة على ما يبدو وصورا من الاسكندرية في مصر. انا متاكد ان هذه المعلومات متوفرة لدى المصور ولايمكن تفسيرغض نظره عن هذا التغييب المقصود لاحد اهم اركان توثيق صوره للقراء والاجيال القادمة.
وهناك امر اخر يستحق الاشارة، لكنه يثير الاستغراب، وهو ان جميع الصور الموصلية، وهي الاغلبية في الكتاب، تبدو وكأنها التقطت بعد عام 2017 بسبب وجود الدمار الواضح في صور الجانب الايمن من المدينة. التساؤل الكبير هنا...لماذا لم ينشر المصور صورا لمدينة الموصل قبل احتلالها من (داعش) في حزيران 2014؟ وعندما نعلم ان تاريخ ولادة الزميل انور كان في عام 1964، وانه ولد ضمن عائلة "فوتوغرافية"، ووالده هو المصور علي الدرويش، وعمه المصور ابراهيم الدرويش، فاننا نفترض بانه كان حتما يصور في المدينة منذ ثمانينيات القرن الماضي! وهو الذي نظم معرضا شخصيا في 1988، فأين صوره التي التقطها خلال الثلاثين سنة التي سبقت 2014؟
واذا سلمنا بانه قد اختار عمدا توثيق الموصل بعد 2017، اي بعد قصفها وخرابها خلال العمليات الحربية، فلماذا لم يصور لنا الجبهة النهرية المدمرة والتي كانت تعبر عن روحية المدينة وشخصيتها الحضرية؟ ولماذا لم يحتو الكتاب على صور لاهم المعالم المعمارية والتاريخية المدمرة كجامع النوري ومئات الجوامع والكنائس التاريخية؟ الغلاف فقط يبين جامع المصفى وهناك صورة واحدة لمأذنة مدمرة (ص 80) وغير معرفة، اعتقد انها لجامع خزام، وصورة غير معرفة لكنيسة الساعة (ص 133) وتبدو فيها قبة غير معرفة لجامع الرابعية. اعتقد ان هذه هي تساؤلات مشروعة من الممكن تلافيها في اي طبعة ثانية من الكتاب.
ومن حق القارىء-المشاهد ايضا ان يعرف شيئا عن بدايات المصور وصوره السابقة، وأسلوبه المفضل في تقنيات التصوير، وفكره الفني كما يراه هو شخصيا، وعن نوع الكاميرات التي استخدمها في السابق، ونوع الكاميرات الرقمية التي يستعملها الان.
الا ان كل هذه الملاحظات لا تقلل من اهمية هذا الكتاب، ولا من اسلوب المصور انور المبدع في اختيار المواضيع والزوايا والكادر ومصادر الضوء وغيرها من الوسائل الفنية. ان صوره المنشورة هنا تدل فعلا على عين حاذقة تعرف بالضبط ماذا تريد وكيف تختار اللقطة. تهاني الصادقة له على جهوده الفنية الكبيرة واتمنى له دوام الصحة والاستمرار في العطاء الخلاق.
احسان فتحي
8-1-2024
عضو الجمعية العراقية للتصوير منذ 1986
عضو جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين منذ 1970
تعليق