عميد خولي.. وداعاً
الثورة- سعد القاسم:
في عام 1988 دُعي رؤساء تحرير الصحف المحلية ومسؤولو الأقسام الاقتصادية فيها لاجتماع مع رئيس مجلس الوزراء. وحيث أن الزميل أسعد عبود رئيس القسم الاقتصادي في (الثورة) حينذاك كان في مهمة صحفية خارج سورية، فقد كلفت بالحلول محله، وكانت المرة الأولى التي أرى فيها الأستاذ عميد خولي رئيس تحرير صحيفة تشرين آنذاك، وقد سبقته سمعته كمدير حازم، وصحفي قدير.
بدأ رئيس مجلس الوزراء اللقاء بالحديث عن المبالغ الكبيرة التي تتحملها الحكومة نتيجة دعم أسعار المحروقات، ممهداً لقرار رفع سعر ليتر البنزين الذي رأى أنه لن يؤثر في الفئات الشعبية، ولا في عملية الإنتاج الزراعي والصناعي التي تعتمد على المازوت، لذلك حرصت الحكومة على الحفاظ على سعر المازوت كما هو، طلب الأستاذ عميد الحديث فأيد التمييز بين المادتين، ثم أردف مقترحاً أن يترافق رفع سعر ليتر البنزين خمس ليرات، بتخفيض سعر ليتر المازوت حتى ولو ليرة واحدة، فهذا يؤكد جوهر ما ذهب إليه رئيس المجلس.
كان الاقتراح في واقع الحال تحفظاً ذكياً على القرار، لا يدل على شجاعة عميد خولي فحسب، وإنما على براعته المهنية، وقد تجلت على امتداد عمله الطويل في معظم مفاصل المهنة، ما أهله لأن يدير العمل الصحفي بقدرة المعرفة، لا بحكم الموقع.
بعد تلك الواقعة بسنتين أتيح لي أن أتعرف على عميد خولي عن قرب حين جاءنا من إدارة مؤسسة تشرين ورئاسة تحرير صحيفتها، ليكون مديراً عاماً لمؤسسة الوحدة ورئيساً لتحرير صحيفة الثورة، كان ذلك اليوم بداية لأغنى فترة في حياتي المهنية، حيث منح المحررين الحرية الكاملة والصلاحيات الواسعة والتقدير الكبير، وكان داعماً قوياً لهم ولمبادراتهم، ومحل الخشية التي رافقت قدومه لصحيفة الثورة، حلت المودة التي نمت عند كثيرين إلى صداقة عميقة امتدت حتى مغادرته دنيانا.
نجح عميد خولي بخلق علاقة بينه وبين العاملين في الصحيفة عنوانها التقدير العالي، بفضل ثقتهم بكفاءته كصحفي عريق ومدير منصف يدعم مرؤوسيه ويحميهم، ورجل ينبض بالإنسانية خلف المظهر الحازم.
# صحيفة الثورة - 17 كانون الثاني /يناير
الثورة- سعد القاسم:
في عام 1988 دُعي رؤساء تحرير الصحف المحلية ومسؤولو الأقسام الاقتصادية فيها لاجتماع مع رئيس مجلس الوزراء. وحيث أن الزميل أسعد عبود رئيس القسم الاقتصادي في (الثورة) حينذاك كان في مهمة صحفية خارج سورية، فقد كلفت بالحلول محله، وكانت المرة الأولى التي أرى فيها الأستاذ عميد خولي رئيس تحرير صحيفة تشرين آنذاك، وقد سبقته سمعته كمدير حازم، وصحفي قدير.
بدأ رئيس مجلس الوزراء اللقاء بالحديث عن المبالغ الكبيرة التي تتحملها الحكومة نتيجة دعم أسعار المحروقات، ممهداً لقرار رفع سعر ليتر البنزين الذي رأى أنه لن يؤثر في الفئات الشعبية، ولا في عملية الإنتاج الزراعي والصناعي التي تعتمد على المازوت، لذلك حرصت الحكومة على الحفاظ على سعر المازوت كما هو، طلب الأستاذ عميد الحديث فأيد التمييز بين المادتين، ثم أردف مقترحاً أن يترافق رفع سعر ليتر البنزين خمس ليرات، بتخفيض سعر ليتر المازوت حتى ولو ليرة واحدة، فهذا يؤكد جوهر ما ذهب إليه رئيس المجلس.
كان الاقتراح في واقع الحال تحفظاً ذكياً على القرار، لا يدل على شجاعة عميد خولي فحسب، وإنما على براعته المهنية، وقد تجلت على امتداد عمله الطويل في معظم مفاصل المهنة، ما أهله لأن يدير العمل الصحفي بقدرة المعرفة، لا بحكم الموقع.
بعد تلك الواقعة بسنتين أتيح لي أن أتعرف على عميد خولي عن قرب حين جاءنا من إدارة مؤسسة تشرين ورئاسة تحرير صحيفتها، ليكون مديراً عاماً لمؤسسة الوحدة ورئيساً لتحرير صحيفة الثورة، كان ذلك اليوم بداية لأغنى فترة في حياتي المهنية، حيث منح المحررين الحرية الكاملة والصلاحيات الواسعة والتقدير الكبير، وكان داعماً قوياً لهم ولمبادراتهم، ومحل الخشية التي رافقت قدومه لصحيفة الثورة، حلت المودة التي نمت عند كثيرين إلى صداقة عميقة امتدت حتى مغادرته دنيانا.
نجح عميد خولي بخلق علاقة بينه وبين العاملين في الصحيفة عنوانها التقدير العالي، بفضل ثقتهم بكفاءته كصحفي عريق ومدير منصف يدعم مرؤوسيه ويحميهم، ورجل ينبض بالإنسانية خلف المظهر الحازم.
# صحيفة الثورة - 17 كانون الثاني /يناير