الكاميرا توثق الحياة البحرية
أشكال الأسماك وألوانها الخرافية تبهر المصورين
31 يناير 2013
لم تعد ممارسة الغوص ممتعة عند الكثير من الغواصين من دون توثيق فني لكل ما تراه اعينهم من مشاهدات نادرة تلفظ كل ما يحمله البحر في صور تعبيرية تعكس جماليات هذا العالم الكبير، استعرضنا مع بعض المصورين الهواة والمحترفين تجربة التصوير من تحت الماء واحتياجاتها ومخاطرها .
يوسف العلي، من الأعضاء المؤسسين لمجموعة الإمارات لتصوير الحياة البحرية يتحدث عن رؤية كل غواص من هذه الممارسة قائلاً: تتعدد أهداف الغواصين وتطلعاتهم من هذه التجربة إما للصيد أو للدراسات البحثية أو التمتع بجمال الأحياء والبيئة البحرية، وكل يمارس هذه الهواية على طريقته، وبالنسبة لي أغوص لأوثق الحياة البحرية بكائناتها المتنوعة، ومن بعد أن حصلت على رخصة غواص متقدم من منظمة بادي، تمكنت من الغوص عمق 30 متراً، وكلما ازداد العمق توضحت معالم جديدة، ومشاهدات فريدة للمخلوقات والأحياء البحرية، لكن الخطورة تحيط بالغواص أكثر لكونه لا يمتلك مزيداً من الوقت للبقاء في هذه الأعماق، فعندما كنت في عمق 30 متراَ مع عدد من الغوصين لم يكن أمامنا سوى 20 دقيقة للغوص والخروج من هذه الأعماق لتجنب نفاد الأوكسجين الموجود في أسطوانة الهواء وعدم التعرض لمشكلات صحية خطيرة جراء الضغط الكبير للماء في الأعماق . ولا بد أن يصور الغواص بحذر كبير أثناء تعامله مع البيئة البحرية وما تحتويه، فهناك أسماك رائعة الجمال لكنها سامة وتقتل الإنسان مثل نوع من السمك يسمى دجاجة الماء التي تنفث سماً قاتلاً عن طريق إبرة تستخدمها وقت اللزوم، وسمكة الأيل وتسمى أيضاً الثعبان تعيش في الحفر وبين الصخور، ولو لمسها الغواص تضربه بذيلها الطويل وهي من الأنواع الخطرة .
ويتابع: بالنسبة لأدوات التصوير ترجع نوعيتها بالدرجة الأولى إلى احترافية الغواص في مجال التصوير تحت الماء، وهناك دورات خاصة يأخذها الغواص في فن التصوير تحت الماء إن كان تصويراً فوتوغرافياً أو بالفيديو، ويغيب عن بعض الغواصين المصورين تصوير الكائنات الحية الدقيقة لصغر حجمها لكنها في الواقع غاية في الجمال، وصورت منها الكثير أمثال عاريات الخياشيم وهي ديدان صغيرة ألوانها جميلة جداً، وسمكة أخرى تدعى كوبي صغيرة جداً وحساسة وينصح للتعامل مع هذا النوع من الأحياء تصويرها من بعد واستخدام عدسات المايكرو أي التقريب لتوضح تفاصيل شكلها وألوانها .
إلى الآن يتذكر الكابتن عبدالله شهيل، أول غطسة قام بها عام ،1998 بالرغم من خبرته الطويلة في هذا المجال، فلم يتوقع في يوم ما أن يخترق أعماق البحار ويغوص في غموض هذا العالم ويوثق كل ما تراه عينه بكاميراته، فهو حاصل على عدد من الشهادات والتراخيص الدولية في الغوص، كمساعد مدرب المدربين وكبير المدربين في خمسين تخصصاً، كالغوص في الأعماق والحطام والآثار، ومجال البحث والاسعاف والانقاذ، والغوص بغازات مختلطة، والتصوير تحت الماء الذي جذبه كثيراً، ويقول عن بداية قصته مع التصوير تحت الماء، وأول كاميرا استخدمها: بدايتي مع الغوص كانت في عام ،1998 ومن ثم تعمقت في هذا العالم الخلاب والممتع من خلال متابعة الأفلام الوثائقية التي تكشف أسرار تصوير البيئة البحرية وأول كاميرا استخدمتها للتصوير كانت في سنة ،2000 ومن ثم تطور هذا الاهتمام إلى أن أصبحت مدرباً في مجالات عدة وتخصصات في الغوص، وقبل أن يصل الغواص إلى مرحلة التصوير لابد أن يكون الشخص غواصاً حاصلاً على ترخيص في المستوى الأول من التراخيص الدولية المطلوبة، ليتمكن بعدها من التعامل مع البيئة البحرية بكل تفاصيلها ومفاجآتها، وبعد تصوير كم هائل من الأحياء والمشاهدات البحرية أسعى إلى تأليف كتاب خاص عن هذه الكائنات، وانشاء جمعية أو مركز خاص في مجال الغوص والحياة البحرية .
ويتابع حديثه: التصوير تحت الماء يتطلب معدات تصوير تختلف تكلفتها بحسب نوع الكاميرا وجودتها، فمن 500 إلى 60 ألف درهم تتفاوت أسعارها وكلما كانت الكاميرا عالية المواصفات تمكن المصور من التقاط تفاصيل الصورة بشكل واضح ودقيق، وأهم نقطة في التصوير تحت الماء بعد نوعية الكاميرات هي استخدام فلاشات إضاءة تعكس اللون الحقيقي لتفاصيل ما يلتقط من الأعمال، فبعد عمق 10 أمتار تبدأ أشعة الشمس بالاختفاء ويصبح الغالب على الصورة اللون الأخضر، لذلك تساعد كشافات الإضاءة على اعطاء الصورة ألوانها الحقيقية، وأنا مهتم جداً باستكشاف أنواع جديدة من الأحياء البحرية وتوثيقها والبحث عن أساسها العلمي في كل منطقة أغوص فيها في الإمارات وقطر والبحرين والسعودية وعمان وتايلاند وغيرها، وتعجبني كثيراً سمكة النيمو والتي تدعى أيضاً سمكة المهرج وهي نوع من أنواع الأسماك المشهورة التي تتميز بألوانها الفاقعة والملونة التي تبهر الناظرين .
راشد عبدالله الأحمدي: غواص ومهتم بالتصوير من تحت الماء يقول: يتطلب التصوير تحت الماء معدات تصوير مكلفة من كاميرات وفلاش وكشافات إضاءة وغطاء خاص لجسم الكاميرا الذي عادة توفره شركات تصوير الكاميرات مثل كانون ونيكون وبينتاكس، ومع تطور تكنولوجيا التصوير أصبحت الحلول ممكنة ومتوافرة أمام مشكلات التصوير تحت الماء بخاصة في الأعماق، ولتجنب أي عطل فني في الكاميرا لابد من العثور على غلاف خارجي يناسب الكاميرا التي يستخدمها المصور ويكون شفافاً ويحمي من تسرب المياه .
بدأ رامي الناغي، تعلم الغوص منذ أربعة أشهر وتأهب لكل مرحلة من التدريب بمعدات خاصة كلفته 16 ألف درهم تقريباً ما بين ملابس الغوص ومنظم التنفس وساعة الكمبيوتر، وسترة الغوص، وكاميرا التصوير التي اختارها بعناية ويقول: تصوير الحياة البحرية هو توثيق لكل المشاهدات النادرة للأحياء وعالم الأعماق حتى السفن الغارقة لها طابع خاص وهي تحت الماء مع تكاثف الأسماك الصغيرة والكبيرة حولها وداخلها، وهذا ما يجعلني أركز على تصويرها لجاذبية المشهد وفرادته، وإلى الآن غطست نحو 50 متراً وأسعى جاهداً إلى اكتساب فنون ومهارات السباحة تحت الماء، التي تخفف من الأعراض الجانبية التي تلازمني لكوني مبتدئاً، ولم يتكيف جسمي مع اختلاف تواتر الضغط فوق وتحت الماء، حيث أشعر أحياناً بعدم الاتزان وضغط في الأذن، وينجم عن ذلك في بعض الأحيان نزف الأنف نتيجة التأثر بالضغط، وهذا الأمر طبيعي كما قال لي الطبيب وبتكرار الغوص سيتكيف جسمي أكثر، وأهوى بشدة السفر لأجل الغوص في مناطق بحرية عدة في العالم، حيث تتميز كل منطقة بخصوصية، ومواصفات مختلفة ومن المناطق التي زرتها شرم الشيخ في مصر وتايلاند وماليزيا، التي تتمتع بطبيعة ساحرة جعلتني اقترب منها أكثر من خلال تصوير الأعماق .
لابد أن يكون الغواص مؤهلاً التأهيل السليم قبل خوض تجربة التصوير كما يقول علي خليفة بن ثالث، غواص ومصور فوتوغرافي من تحت الماء: الغواص المصور يجب أن يكون ملماً بأربعة أشياء، أولاً - أن يكون مصوراً فوق الماء وعلى دراية بخصائص التصوير بشكل عام . ثانياً - ألا يكون غواصاً مبتدئاً إنما قطع مراحل متقدمة في الغوص، وخضع لدورة متخصصة في التصوير تحت الماء في دورات بادي أو أي منظمة عالمية للغوص . ثالثاً - أن لا يفوت اللقطة النادرة ويعرف كيف يتعامل مع الكاميرا والمشهد الفريد . رابعاً - يفضل الاطلاع على الكائنات البحرية والأسماك المعروفة في المنطقة التي يغوص بها لتحقيق أفضل النتائج في التصوير، وبالنسبة إلي عندما أكون تحت الماء وأصور ما تراه عيناي تتملكني مشاعر لا توصف من التأمل، والتفكر بخلق الله يقودني إلى مجموعة من الأسئلة التي لا تنتهي حول هذا العالم الساحر، والغامض، والمثير، وكنت أصور قبل ثلاث سنوات لكن تصوير الأعماق جعلني أنظر للصورة بشكل مختلف لأنها لا تحتاج إلى تفسير فتألف الأسماك بمجموعاتها الصغيرة والكبيرة ومدى تعايشها مع بعضها البعض صورة لا تحتاج سوى للتمعن في جمالها .
ويتابع ابن ثالث حديثه عن أخطر المواقف: قصدت جزر فيجي التي تقع بالقرب من نيوزلاندا حيث تشتهر بجمال طبيعتها وبحارها، وبينما كنت اتمتع بمنظر الشعاب المرجانية الملونة وأصورها فوجئت بوجود قرش كبير يتجه صوبي ومع أنني تدربت على مثل هذه المواقف وكيفية المحافظة على هدوئي، إلا أنني شعرت بخوف شديد، وعلى قدر الحيطة والحذر أثناء الغوص، إلا أن مواقف وحوادث الإصابة من الكائنات البحرية أمر وارد ويتوجب على الغواص معرفة أخطر الأنواع وتجنبها تماماً، ومن هذه الأنواع اخطبوط بلورينك الذي يعد من الكائنات البحرية الصغيرة التي تسمم الإنسان بدقائق وتقتله على الفور، ونوع آخر اسمه جيلي فيش موجود في استراليا يشل الجهاز العصبي للإنسان وخطورته تكمن أيضاً في كونه صغيراً جداً وشفاف اللون .