تداعي الأفكار .. وصف وتحليل
وصف وتحليل
ليس تداعي الأفكار سوى نمط من أنماط الخطور ، لأن الأحوال النفسية يدعو بعضها بعضاً . وقد أدرك أفلاطون ذلك منذ القدم ، فقال في كتاب الفيدون ـ Phédon : « ألا تعلم ماذا يصيب العاشق إذا نظر إلى قيثارة معشوقه ؟ انه يعرف تلك القيثارة ويسترجع الى نفسه صورة صاحبها ) . ان رؤية الدار تذكرني بمن كان مقيماً فيها ، وقد أسمع شخصاً فأفكر في آخر له نبرات صوته وهجته ، وقد أمر بالطريق فأذكر الحادثة التي جرت فيه وقد تتسلسل هذه الامور تسلسلاً تلقائياً ، من غير أن يكون للإرادة فيها أثر ؛ كالذي ينظر إلى الجامع الأموي في دمشق فيفكر في الوليد بن عبد الملك وخلفاء بني أمية ، ثم يفكر في الحجاج ، والعراق ، ودولة العباسيين ، وهارون الرشيد ، وشارلمان ، وبيت المقدس ، وصلاح الدين ، وضريحه في دمشق ... الخ . وتسمى هذه الظاهرة النفسية الآلية بتداعي الأفكار ، وقد عرفوها بقولهم : إنها استحضار الأحوال النفسية بعضها بعضاً بصورة تلقائية ، وتسمى الحالة المتقدمة بالمؤثرة والمتأخرة بالمتأثرة - وفرقوا بين تداعي الأفكار و ارتباط الأفكار فقالوا : ان التداعي ظاهرة آلية تلقائية تختلف عن عملية الارتباط المنطقي ، لأن في هذه الأخيرة فاعلية ذهنية وعلماً بالعلاقة التي تقرب الحدود بعضها من بعض ، كالعلاقة التي بين العملة والمعلول ، والغاية والواسطة - ثم ان اصطلاح تداعي الافكار قد يوهم أن بين الافكار التي تتداعى رابطاً منطقياً ، وان هذا التداعي يخص الأفكار دون غيرها ، وقد بينا أن التداعي ظاهرة آلية ، وهي تشمل جميع الاحوال النفسية فكرية كانت ، أو انفعالية ، أو فاعلة .
ثم ان تداعي الافكار يختلف عن التذكر اختلاف البسيط عن المركب . وقد قلنا عند البحث في الذاكرة أنها تقتضي أربعة شروط ، وان التذكر يختلف عن الذكر ، وان في التذكر فاعلية ذهنية وعملاً إرادياً . ان الذكريات لا تنتقل من القوة إلى الفعل إلا بالخطور غير ان الخطور التلقائي لا يقتضي مشاركة القوة النطقية له . بل يتم عند قيام الفكرة الحاضرة باصطفاء صورة من خزانة الذكريات من غير أن يكون الإرادة في هذا الاصطفاء أثر .
يتبين مما تقدم ان تداعي الافكار ظاهرة آلية . غير ان فلاسفة التداعي وسعوا نطاق هذه الظاهرة حتى جعلوها مبدأ التركيب الذهني ، وعلة التفكير ، وسبب ارتباط سائر الاحوال النفسية بعضها ببعض . ثم قسموا الاحوال النفسية إلى أجزاء بسيطة لا تتجزأ ، وزعموا أنها تجذب بعضها بعضاً وفقاً لقانون تداعي الافكار ، وهو شبيه بقانون الجاذبية العامة الذي ظفر به ( نيوتون ( ، هذا تخضع له حركات الأفلاك ، وذاك تخضع له أحوال النفس . وسنبين ذلك عند البحث في مذهب التداعي .
وصف وتحليل
ليس تداعي الأفكار سوى نمط من أنماط الخطور ، لأن الأحوال النفسية يدعو بعضها بعضاً . وقد أدرك أفلاطون ذلك منذ القدم ، فقال في كتاب الفيدون ـ Phédon : « ألا تعلم ماذا يصيب العاشق إذا نظر إلى قيثارة معشوقه ؟ انه يعرف تلك القيثارة ويسترجع الى نفسه صورة صاحبها ) . ان رؤية الدار تذكرني بمن كان مقيماً فيها ، وقد أسمع شخصاً فأفكر في آخر له نبرات صوته وهجته ، وقد أمر بالطريق فأذكر الحادثة التي جرت فيه وقد تتسلسل هذه الامور تسلسلاً تلقائياً ، من غير أن يكون للإرادة فيها أثر ؛ كالذي ينظر إلى الجامع الأموي في دمشق فيفكر في الوليد بن عبد الملك وخلفاء بني أمية ، ثم يفكر في الحجاج ، والعراق ، ودولة العباسيين ، وهارون الرشيد ، وشارلمان ، وبيت المقدس ، وصلاح الدين ، وضريحه في دمشق ... الخ . وتسمى هذه الظاهرة النفسية الآلية بتداعي الأفكار ، وقد عرفوها بقولهم : إنها استحضار الأحوال النفسية بعضها بعضاً بصورة تلقائية ، وتسمى الحالة المتقدمة بالمؤثرة والمتأخرة بالمتأثرة - وفرقوا بين تداعي الأفكار و ارتباط الأفكار فقالوا : ان التداعي ظاهرة آلية تلقائية تختلف عن عملية الارتباط المنطقي ، لأن في هذه الأخيرة فاعلية ذهنية وعلماً بالعلاقة التي تقرب الحدود بعضها من بعض ، كالعلاقة التي بين العملة والمعلول ، والغاية والواسطة - ثم ان اصطلاح تداعي الافكار قد يوهم أن بين الافكار التي تتداعى رابطاً منطقياً ، وان هذا التداعي يخص الأفكار دون غيرها ، وقد بينا أن التداعي ظاهرة آلية ، وهي تشمل جميع الاحوال النفسية فكرية كانت ، أو انفعالية ، أو فاعلة .
ثم ان تداعي الافكار يختلف عن التذكر اختلاف البسيط عن المركب . وقد قلنا عند البحث في الذاكرة أنها تقتضي أربعة شروط ، وان التذكر يختلف عن الذكر ، وان في التذكر فاعلية ذهنية وعملاً إرادياً . ان الذكريات لا تنتقل من القوة إلى الفعل إلا بالخطور غير ان الخطور التلقائي لا يقتضي مشاركة القوة النطقية له . بل يتم عند قيام الفكرة الحاضرة باصطفاء صورة من خزانة الذكريات من غير أن يكون الإرادة في هذا الاصطفاء أثر .
يتبين مما تقدم ان تداعي الافكار ظاهرة آلية . غير ان فلاسفة التداعي وسعوا نطاق هذه الظاهرة حتى جعلوها مبدأ التركيب الذهني ، وعلة التفكير ، وسبب ارتباط سائر الاحوال النفسية بعضها ببعض . ثم قسموا الاحوال النفسية إلى أجزاء بسيطة لا تتجزأ ، وزعموا أنها تجذب بعضها بعضاً وفقاً لقانون تداعي الافكار ، وهو شبيه بقانون الجاذبية العامة الذي ظفر به ( نيوتون ( ، هذا تخضع له حركات الأفلاك ، وذاك تخضع له أحوال النفس . وسنبين ذلك عند البحث في مذهب التداعي .
تعليق