فرقة القَدَرية Al-Qadariyyahقضايا خلافية كمسألة الخلافة وصفات الله تعالى، وخلق القرآن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فرقة القَدَرية Al-Qadariyyahقضايا خلافية كمسألة الخلافة وصفات الله تعالى، وخلق القرآن

    القَدَرية (فرقة ـ)

    شهدت الساحة الفكرية في بلاد الشام والعراق، خاصةً البصرة والكوفة ظهور قضايا خلافية عديدة كمسألة الخلافة، وصفات الله تعالى، وخلق القرآن، ورؤية الله تعالى في الآخرة، والحسن والقبح، وفناء النار وخلود أهل الجنة وأهل النار. ولما كان معظم هذه القضايا متصلاً من قريب أو بعيد بالعقيدة المبينة بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة واحتاج المدافعون عن الحق فيها إلى الاستعانة بالفلسفة والمنطق وأصول الخلاف التي اتخذها الخصوم وسيلة للدفاع عن آرائهم فصار يطلق على علم التوحيد علم الكلام[ر]، وأدى الخلاف فيها إلى نشوء العديد من الفرق والشيع التي تقرب أو تبتعد عن الإسلام بقدر قربها أو بعدها من الحق، فقد رصدها التاريخ الإسلامي تحت عنوان الفرق والملل والنحل ومن أبرز هذه القضايا مسألة الجبر والاختيار وهل الإنسان مجبر أم مخير؟؟ قامت عليها فرقتان متضادتان في الموقف هما الجبرية والقدرية.
    تعلقت الجبرية[ر] بالجبر، فقالت بنفي الخيار للعبد، لأن المقادير تحركه كالريشة تلعب بها الرياح، فهو مجبور في أفعاله لا قدرة له ولا إرادة ولا اختيار، وإنما يخلق الله تعالى الأفعال فيه كما يخلقها في سائر الجمادات، وتنسب إليه الأفعال كما تنسب إلى الجمادات فكما يقال: أثمرت الشجرة وجرى الماء، وتحركت الأغصان، وطلعت الشمس وغربت وأزهرت الأرض وأنبتت، يقال أقبل فلان وذهب فلان وقام وقعد.
    وتعلقت القدرية بالقدر، والقائلون بها ينكرون القدر ويقولون إن كل إنسان خالق لفعله، وله قدرة توجد الفعل بانفرادها، أرادوا أن ينفوا أن يكون القدر سالباً للاختيار ـ كما تقول الجبرية ـ فوقعوا في التطرف والغلو، حتى قالوا قولتهم المشهورة: «لا قدر، والأمر أُنُف» أي مُستأنف لم يسبق به قدر ولاعلم من الله به وإنما يعلمه بعد وقوعه، ونسب هذا القول إلى معبد الجهني وغيلان الدمشقي.
    أما معبد فقيل إنه ابن عبد الله بن عُلَيم الجهني نزيل البصرة، وقيل غير هذا في نسبه. ذكر الذهبي وغيره أنه كان من التابعين وكان صدوقاً روى حديث: «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عَصَبٍ»، فكان أول من قال بالقدر.
    وقال آخرون: إنه أخذ القدر عن رجل من أهل العراق كان نصرانياً يقال له »سوس« أسلم ثم تنصر، وأخذ عنه معبد الجهني، وعن معبد أخذ غيلان الدمشقي، لهذا حذر منه الحسن البصري فقال: إياكم ومعبداً فإنه ضال مضل. قيل: إنه ممن خرج مع ابن الأشعث فعاقبه الحجاج بأنواع العذاب ثم قتله. وقيل: بل صلبه عبد الملك بن مروان سنة ثمانين في دمشق ثم قتله، قال ابن كثير: وهو الأقرب.
    وأما غيلان: فهو غيلان بن أبي غيلان الدمشقي كان من بلغاء الكتاب، قال عنه الذهبي في الميزان: «ضال مسكين»، وذكر ابن الأثير في الكامل: أنه أظهر القول بالقدر أيام عمر بن عبد العزيز فأحضره عمر، واستتابه فتاب لكنه عاد إلى الكلام فيه.
    أيام هشام بن عبد الملك فطلبه هشام وأحضر الأوزاعي لمناظرته، فأفتى الأوزاعي بقتله، فصُلب على باب كيسان بدمشق.
    ذابت الجبرية وكذا القدرية في غيرهما من المذاهب فلم يعد لهما وجود مستقل، وظهر على أنقاضهما مذهب المعتزلة، لهذا أطلق على المعتزلة اسم القدرية حيث وافقوهم في إثبات القدرة والاختيار للعباد، وأن للإنسان قدرة توجد الفعل بانفرادها، كما أطلق على المعتزلة اسم الجهمية لأنهم اتفقوا معهم بالقول في نفي الصفات عن الله حتى لا يشبه أحداً من المخلوقين، ووافقوهم في القول بخلق القرآن وعن قولهم إن الله لا يُرى يوم القيامة، مع أن المعتزلة ليسوا جبرية كما ذكر أعلاه.
    وبعيداً عن الجبرية والقدرية ووارثيهم من المعتزلة، وقف جمهور المسلمين الذين أطلق عليهم (أهل السنة والجماعة) في الجبر والاختيار موقفاً وسطاً، فجعلوا عقيدة القضاء والقدر أحد أركان الإيمان الستة، وأقروا بأن الله تعالى هو الخالق وحده، لكنهم أثبتوا الكسب للعبد ـ وهي نظرية أبي الحسن الأشعري ـ كما قررته النصوص، كقولهr: «ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة فقالوا يا رسول الله: أفلا نتكل على كتابنا؟ فقالr: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل السعادة. وأما من كان من أهل الشقاء فسيصير إلى عمل الشقاء ثم قرأ: ]فَأَمّا مَنْ أََعْطَى وَاْتَّقَى& وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى& فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى[(ا5ـ7 الليل).
    يقول ابن حزم: «فصح ضرورة أنه ليس لأحد أن يقول إن أفعالنا خلق لنا ولا أنها كسب لله عز وجلّ، ولكن الحق الذي لا يجوز خلافه هو أنها خلق لله تعالى كسب لنا كما جاء في هدى الله الذي هو القرآن».
    محمد هشام برهاني
يعمل...
X