امراض الشخصية .. معرفة النّفْس
امراض الشخصية
اختلف العلماء في وصف أمراض الشخصية كما اختلفوا أيضا في تصنيفها ، ونقول الآن توطئة لهذا البحث ان ضعف الذاكرة البسيط لا يحدث بالضرورة خللا في الشخصية . نعم ان الذكريات من عناصر الشخية الأساسية ، ولكنها لاتكون كلها حاضرة في الذهن لأن النسيان وإن القى على بعضها حجابا موقتاً ، إلا أنه لا يؤدي بالضرورة إلى اختلال الشخصية ما دامت الذكريات قادرة على الرجوع إلى الشعور في وقت من الأوقات ، ومعنى ذلك أن فقدان الذاكرة لا يحدث مرضاً في الشخصية إلا إذا فارقت الذكريات مسرح الشعور ، وألفت لنفسها حياة مستقلة عنه .
ان أهم العناصر التي تتألف منها الشخصية هي : ( ١ ) الشعور بالجسد ، ( ۲ ) والذاكرة ، فإذا أصيب أحد هذين العنصرين بخلل أدى ذلك إلى خلل في الشخصية تنقسم أمراض الشخصية عند بعض العلماء إلى الأنواع التالية :
أ - الخلل الذي يشعر به المريض نفسه : فمن هذه الأمراض الإحساس بتغير الشخصية ، وهو مرض يشعر المرء فيه بتغير في نفسه لا يعرف له سبباً ، و قد ذكر الدكتور ( بيه رجانه ) لهذا المرض ثلاثة أنواع :
( ۱ ) الحس بالغرابة ( ۱ ) ان المصاب بهذا المرض يشعر بتغير في نفسه ، ويستغرب ماهو فيه ، ثم يقول للطبيب : ( هذا الصوت ليس صوتي ، وهذه اليد ليست يدي ، إني أراها للمرة الأولى ، يدل على ذلك قول أحد المرضى للدكتور ) بيه رجانه ) : ( اني شخص غریب ، وطيء ، اني أدنى مما كنت ) . وقول إحدى المريضات : واني لأشعر بأن شيئاً قد كسر في رأسي ، أو خرج منه ، فكأنني غير موجودة ، أو كأنني فراشة لا أستطيع أن أستقر على حال ، . ومما يشعر به المريض أن العالم الخارجي قد تغير بالنسبة اليه ، وأن بينه وبين الأشياء حجاباً ، فيحس بغرابة الأشياء وغرابة جسده ، ثم يستغرب حــــال نفسه ، وقد يوجد هذا الحس عند بعض الكتاب ) يوميات اميال ) كما يوجد عند بعض الفلاسفة ( مين دوبيران ) .
( ۲ ) الشعور بازدواج الشخصية : وهو عبارة عن شعور الشخص بانه شخصان : يدل على ذلك . قول أحدهم : د ان شخصي الحقيقي يبكي بالقرب مني ، وقول الآخر : « ان في داخلي مناقشة ، كان في شخصين ، حتى ان بعضهم يجرد من نفسه شخصا يراه أمام عينيه ، كما في مرض رؤية الذات الخارجية ( Autoscopie externe ) .
( ۳ ) الشعور بتغير الشخصية تغير تماماً : وهو عبارة عن تجرد المريض من شخصيته تجرداً تماماً ، من ذلك قول إحداهن : ( يظهر لي أن شخصية قد ضاعت منذ ثلاث سنين وقول الأخرى : ( انها ماتت وانها في القبر ، ، وقول أحدهم : انه مات ، وانه موجود ، ولكن بالرغم منه ، خارج الحياة الحقيقية أو المادية ، وانه لا يعرف سبب موته ( ريبو : أمراض الشخصية ، ص ٦١ ) .
ومن هذه الأمراض المس ( Obsession ) ، ويسمى المصاب به ممسوساً . من ذلك قول أحدهم للدكتور سغلاس ( Séglas ) : يخيل إلي أن في شخصين أو أن في فكرين متنازعين أحدهما فكري الذي يريد أن يحكم ، ولكن دون جدوى ، والثاني فكر من همس الشيطان لا حيلة لي فيه ) . وهذا النوع من المس شبيه بالفكرة الثابتة ) Idée fixe ) أو المتسلطة التي سنتكلم عليها في فصل الانتباه .
ومنها الهذيان : يمكننا أن ندخل في هذه الأمراض هذيان الاضطهاد ، وهذيان العظمة وغيرهما من أمراض الهوس ( Manic ) والخبل العام . فالمخبول يظن نفسه في أول المرض قائداً أو ملكا أو إمبراطوراً ، وقد يقول لك أنه آدم أو المسيح أو أنه أغنى من ملوك المال جميعاً ، أو أنه القائد العام لجميع الجيوش ، أو أنه قادر على إحياء الموتى ، أو أن الأفلاك خاضعة لأمره .
ان في هذا المرض شخصيتين : إحداهما خيالية ، والأخرى حقيقية . فإما أن تنوب الخيالية عن الحقيقية ، واما أن توجدا معاً ، واما أن تختلطا . فقد يقول المريض : انه ملك ، ثم يعترف لك انه نجار يربح ثلاث ليرات في النهار . وقد يقول لك أنه أغنى من ( روتشيلد ) ، ثم يطلب منك ليرة ليشتري بها تبغا . فالمريض لم يفقد ذاكرته ولكنه بهذي في كلامه لفكرة غير معقوله ساورته في اليأس ، أو الهوس ، أو حب العظمة : أو غير ذلك .
ب - الخلل غير المشعور به : وقد الذي أصابه . سمي كذلك لأن المريض لا يشعر فيه بالخلل الذي اصابه .
١ - من هذه الأمراض ازدواج الشخصية : وقد ذكرنا مثالاً عنه خلال البحث في اللاشعور ( حالة المريضة فليدا - ص ١٦٨ ) وقلنا أن الشخصية الثانية تنوب عن الأولى وتعرفها ، أما الشخصية الأولى فلا تتذكر الشخصية الثانية وقد تجهل الثانية الاولى كما تجهل الأولى الثانية ، مثال ذلك حالة المريضة الأميركية ( ماري رينولدس ( ۱ ) ) التي كانت تفقد بعد الإغماء ذكريات حياتها الأولى ، ثم إذا اغمي عليها مرة ثانية ، رجعت إلى حياتها الاولى . ونسيت ما جرى معها في الحياة الثانية . وهكذا كانت كل شخصية من هاتين الشخصيتين تجهل اختها .
وقد يكون للمريض في بعض الأحوال ثلاث شخصيات أو أربع أو أكثر ، ويكون لكل منها صفات و اعتقادات وأحوال نفسية تخصها ، حتى ان بعضهم يكون كاثوليكيا الحالة الاولى ، بروتستانتيا في الحالة الثانية ، وكثيراً ما يتغير خط المريض بتغير شخصيته . وقد ذكر الدكتور ) جانه ( أن إحدى النساء كانت تدعو نفسها في الحالة الثانية ) لئونتين ( وإذا ذكرت أمامها ) ليوني ) ، وهو اسمها في الحالة الاولى ، قالت : أنا لست هذه المرأة ، إنها مغفلة جداً ) .
٢ - ومن هذه الأمراض أيضا مرض الوساطة ، لأن الوسيط ينتقل فجأة من حالته الطبيعية إلى حالته الثانية ، ويعتقد أنه يضم بين جنبيه في الحالة الثانية شخصية خيالية ، أو أنه على اتصال بسكان أحد الكواكب السيارة ، أو بالإله ، أو بأحد الأرواح ، أو الجن . والوسيط لا يخلو من الهذيان في شخصيته الثانية . وهذه الأفكار التي يهذي بها تابعة لتأثير التربية ، أو البيئة الاجتماعية ، ولذلك كان وسطاء أوروبا في القرون الوسطى يتلبسون بشخصية الشيطان ، أو شخصية العذراء ، أو شخصية أحد الأولياء .
ج - انحلال الشخصية التام : إذا انحلت الشخصية انحلالاً تاماً كما في الخبل العام أو في جنون الشيوخ أصبح المريض شخصين ، يعتقد ذلك ويظنه طبيعيا ، وكما أن أحدنا لا يعجب لكونه شخصاً واحداً ، فكذلك المخبول لا يعجب لكونه اثنين . فقد يكلمك عن نفسه بصيغة الغائب ، أو يضرب نفسه ليعاقب ( الآخر ، ، ثم يكلمه ليسدي اليه النصيحة ، ثم يأمره بالسكوت ، ثم يقول له أمراً . وقد تشارك يمينه يساره في العمل أنه لن يعصي فتدفعها ، ثم تضربها ، وتغضب منها ، كأنها يد شخص آخر . وهذا يدل على أن المرض قد أفقد المريض وحدته ، كما أفقده هويته .
امراض الشخصية
اختلف العلماء في وصف أمراض الشخصية كما اختلفوا أيضا في تصنيفها ، ونقول الآن توطئة لهذا البحث ان ضعف الذاكرة البسيط لا يحدث بالضرورة خللا في الشخصية . نعم ان الذكريات من عناصر الشخية الأساسية ، ولكنها لاتكون كلها حاضرة في الذهن لأن النسيان وإن القى على بعضها حجابا موقتاً ، إلا أنه لا يؤدي بالضرورة إلى اختلال الشخصية ما دامت الذكريات قادرة على الرجوع إلى الشعور في وقت من الأوقات ، ومعنى ذلك أن فقدان الذاكرة لا يحدث مرضاً في الشخصية إلا إذا فارقت الذكريات مسرح الشعور ، وألفت لنفسها حياة مستقلة عنه .
ان أهم العناصر التي تتألف منها الشخصية هي : ( ١ ) الشعور بالجسد ، ( ۲ ) والذاكرة ، فإذا أصيب أحد هذين العنصرين بخلل أدى ذلك إلى خلل في الشخصية تنقسم أمراض الشخصية عند بعض العلماء إلى الأنواع التالية :
أ - الخلل الذي يشعر به المريض نفسه : فمن هذه الأمراض الإحساس بتغير الشخصية ، وهو مرض يشعر المرء فيه بتغير في نفسه لا يعرف له سبباً ، و قد ذكر الدكتور ( بيه رجانه ) لهذا المرض ثلاثة أنواع :
( ۱ ) الحس بالغرابة ( ۱ ) ان المصاب بهذا المرض يشعر بتغير في نفسه ، ويستغرب ماهو فيه ، ثم يقول للطبيب : ( هذا الصوت ليس صوتي ، وهذه اليد ليست يدي ، إني أراها للمرة الأولى ، يدل على ذلك قول أحد المرضى للدكتور ) بيه رجانه ) : ( اني شخص غریب ، وطيء ، اني أدنى مما كنت ) . وقول إحدى المريضات : واني لأشعر بأن شيئاً قد كسر في رأسي ، أو خرج منه ، فكأنني غير موجودة ، أو كأنني فراشة لا أستطيع أن أستقر على حال ، . ومما يشعر به المريض أن العالم الخارجي قد تغير بالنسبة اليه ، وأن بينه وبين الأشياء حجاباً ، فيحس بغرابة الأشياء وغرابة جسده ، ثم يستغرب حــــال نفسه ، وقد يوجد هذا الحس عند بعض الكتاب ) يوميات اميال ) كما يوجد عند بعض الفلاسفة ( مين دوبيران ) .
( ۲ ) الشعور بازدواج الشخصية : وهو عبارة عن شعور الشخص بانه شخصان : يدل على ذلك . قول أحدهم : د ان شخصي الحقيقي يبكي بالقرب مني ، وقول الآخر : « ان في داخلي مناقشة ، كان في شخصين ، حتى ان بعضهم يجرد من نفسه شخصا يراه أمام عينيه ، كما في مرض رؤية الذات الخارجية ( Autoscopie externe ) .
( ۳ ) الشعور بتغير الشخصية تغير تماماً : وهو عبارة عن تجرد المريض من شخصيته تجرداً تماماً ، من ذلك قول إحداهن : ( يظهر لي أن شخصية قد ضاعت منذ ثلاث سنين وقول الأخرى : ( انها ماتت وانها في القبر ، ، وقول أحدهم : انه مات ، وانه موجود ، ولكن بالرغم منه ، خارج الحياة الحقيقية أو المادية ، وانه لا يعرف سبب موته ( ريبو : أمراض الشخصية ، ص ٦١ ) .
ومن هذه الأمراض المس ( Obsession ) ، ويسمى المصاب به ممسوساً . من ذلك قول أحدهم للدكتور سغلاس ( Séglas ) : يخيل إلي أن في شخصين أو أن في فكرين متنازعين أحدهما فكري الذي يريد أن يحكم ، ولكن دون جدوى ، والثاني فكر من همس الشيطان لا حيلة لي فيه ) . وهذا النوع من المس شبيه بالفكرة الثابتة ) Idée fixe ) أو المتسلطة التي سنتكلم عليها في فصل الانتباه .
ومنها الهذيان : يمكننا أن ندخل في هذه الأمراض هذيان الاضطهاد ، وهذيان العظمة وغيرهما من أمراض الهوس ( Manic ) والخبل العام . فالمخبول يظن نفسه في أول المرض قائداً أو ملكا أو إمبراطوراً ، وقد يقول لك أنه آدم أو المسيح أو أنه أغنى من ملوك المال جميعاً ، أو أنه القائد العام لجميع الجيوش ، أو أنه قادر على إحياء الموتى ، أو أن الأفلاك خاضعة لأمره .
ان في هذا المرض شخصيتين : إحداهما خيالية ، والأخرى حقيقية . فإما أن تنوب الخيالية عن الحقيقية ، واما أن توجدا معاً ، واما أن تختلطا . فقد يقول المريض : انه ملك ، ثم يعترف لك انه نجار يربح ثلاث ليرات في النهار . وقد يقول لك أنه أغنى من ( روتشيلد ) ، ثم يطلب منك ليرة ليشتري بها تبغا . فالمريض لم يفقد ذاكرته ولكنه بهذي في كلامه لفكرة غير معقوله ساورته في اليأس ، أو الهوس ، أو حب العظمة : أو غير ذلك .
ب - الخلل غير المشعور به : وقد الذي أصابه . سمي كذلك لأن المريض لا يشعر فيه بالخلل الذي اصابه .
١ - من هذه الأمراض ازدواج الشخصية : وقد ذكرنا مثالاً عنه خلال البحث في اللاشعور ( حالة المريضة فليدا - ص ١٦٨ ) وقلنا أن الشخصية الثانية تنوب عن الأولى وتعرفها ، أما الشخصية الأولى فلا تتذكر الشخصية الثانية وقد تجهل الثانية الاولى كما تجهل الأولى الثانية ، مثال ذلك حالة المريضة الأميركية ( ماري رينولدس ( ۱ ) ) التي كانت تفقد بعد الإغماء ذكريات حياتها الأولى ، ثم إذا اغمي عليها مرة ثانية ، رجعت إلى حياتها الاولى . ونسيت ما جرى معها في الحياة الثانية . وهكذا كانت كل شخصية من هاتين الشخصيتين تجهل اختها .
وقد يكون للمريض في بعض الأحوال ثلاث شخصيات أو أربع أو أكثر ، ويكون لكل منها صفات و اعتقادات وأحوال نفسية تخصها ، حتى ان بعضهم يكون كاثوليكيا الحالة الاولى ، بروتستانتيا في الحالة الثانية ، وكثيراً ما يتغير خط المريض بتغير شخصيته . وقد ذكر الدكتور ) جانه ( أن إحدى النساء كانت تدعو نفسها في الحالة الثانية ) لئونتين ( وإذا ذكرت أمامها ) ليوني ) ، وهو اسمها في الحالة الاولى ، قالت : أنا لست هذه المرأة ، إنها مغفلة جداً ) .
٢ - ومن هذه الأمراض أيضا مرض الوساطة ، لأن الوسيط ينتقل فجأة من حالته الطبيعية إلى حالته الثانية ، ويعتقد أنه يضم بين جنبيه في الحالة الثانية شخصية خيالية ، أو أنه على اتصال بسكان أحد الكواكب السيارة ، أو بالإله ، أو بأحد الأرواح ، أو الجن . والوسيط لا يخلو من الهذيان في شخصيته الثانية . وهذه الأفكار التي يهذي بها تابعة لتأثير التربية ، أو البيئة الاجتماعية ، ولذلك كان وسطاء أوروبا في القرون الوسطى يتلبسون بشخصية الشيطان ، أو شخصية العذراء ، أو شخصية أحد الأولياء .
ج - انحلال الشخصية التام : إذا انحلت الشخصية انحلالاً تاماً كما في الخبل العام أو في جنون الشيوخ أصبح المريض شخصين ، يعتقد ذلك ويظنه طبيعيا ، وكما أن أحدنا لا يعجب لكونه شخصاً واحداً ، فكذلك المخبول لا يعجب لكونه اثنين . فقد يكلمك عن نفسه بصيغة الغائب ، أو يضرب نفسه ليعاقب ( الآخر ، ، ثم يكلمه ليسدي اليه النصيحة ، ثم يأمره بالسكوت ، ثم يقول له أمراً . وقد تشارك يمينه يساره في العمل أنه لن يعصي فتدفعها ، ثم تضربها ، وتغضب منها ، كأنها يد شخص آخر . وهذا يدل على أن المرض قد أفقد المريض وحدته ، كما أفقده هويته .
تعليق