بساتين المشارقة والمتحف
تسمى المنطقة الواقعة بين العقبة والمشارقة بالوراقة وتحتوي على بساتين تعود ملكيتها الى اهالي هاتين المنطقتين ( العقبة والمشارقة ) بينما سكان الوراقة هم من العمال المهرة الذين قدموا مع حملة ابراهيم باشا عام 1832.
وتظهر حرفية هؤلاء العمال باستخدام الطاقة المائية لتحريك مطاحنهم واسنخدام النهر للدباغة وأساليب السقاية وطريقة البناء المختلفة عن طريقة بناء حلب .
ومن المؤكد وجود ناعورة في منطقة الكتاب ازيلت عام 1901( انظر في التعليق ) وذلك في عهد رائف باشا ،وأسباب ازالتها :
1- انخفاش منسوب المياه في النهر مطلع القرن العشرين
2- انعدام الحاجة لها لأنها تسقي بستان كليب ( كل آب) وقد تحول البستان الى بناء ولم تعد الحاجة ملحة للسقاية .
3- بناء جسر مكان الناعورة ويسمى جسر المتحف .
لكن ناعورة المتحف الشهيرة ليست الوحيدة ،فلو دققنا النظر في هذه الصورة الملونة بالكومبيوتر ،ستجد قوسا يشكل البنية التحتية لناعورة ثانية ،ويمكننا تحديد مكانها عند انعطاف النهر بزاوية 90 درجة قرب سوق الهال الحالي ،وسنطلق عليها اسم ناعورة سوق الهال .
كما تظهر بنية مطاحن تعمل بقوة الماء ويمكنك ملاحظة الدرج الذي يفضي الى النهر ،وهذه ليست طريقة الحلبي في البناء ،إذ يبتعد الحلبي منذ القدم عن النهر خوفا من الفيضان ،فكيف يبني درجا يؤدي الى النهر ؟!
ولهذا الدرج عدة وظائف :
1- ميناء للتحمل والتفريغ وهو شائع في أنهار البلقان واليونان ، وقد فشلت هذه الموانئ لعدم خبرة الحرافيش بنهر قويق ،فهو سيل اهوج وتصعب الملاحة فيه .
ونلاحظ ان عملية تزويد المطحنة تتم عبر البغال التي تعبر النهر حاملة الطحنة او الجلود لتفرغ على الدرج حمولتها وتأخذ النخالة والطحين في طريق العودة .
2- هذا الدرج يعتبر مدخل صيانة للعنفة التي تدور بقوة المياه ،وللأسف لايوجد صورة لتلك العنفات البدائية ،وذلك لأنها استبدلت بمحركات بنز ضخمة وحيدة الاسطوانة تعمل على البنزين ،وذلك نهاية القرن التاسع عشر ،وفي صدر الصورة باب كبير على النهر يسار القوس وظيفته التحكم بمستوى الماء .
وازيلت جميع هذه البنى التحتية سواء للنواعير او عنفات الطحن بعد دخول محرك بنز الضخم وحيد الاسطوانه .
واعتمدت السقاية مطلع القرن العشرين على دواليب الهواء التي كانت منتشرة في بساتين حلب واريافها القريبة (فافين).
نلاحظ في الصورة طفل يروض بغلا غير مسروج على التعود على الخوض في نهر قوبق وذلك للاستفادة منه في نقل الطحين من الوراقة الى بحسيتا مركز الافران في حلب .
وتتم عملية ترويض البغل بتعطيشه لفترة ساعات قليلة ثم انزاله في الماء يشرب ويقضي بعض الوقت مع صاحبه ،ويطعمه بعض الشعير كمكافأة ،فيتعود البغل على الماء فلايحرن ويسقط حمولته ،و الجدير بالذكر ان بياطرة العقبة هم امهر اهالي حلب في ترويض الخيول والبغال ،وصناعة ادوات الخيل وخياطة السروج والاكسسوارات ،ولقد زالت هذه االمنهن من العقبة نهاية سبعينات القرن العشرين وحل مكانها خياطة الاحذية القديمة وبيع الكبة الغربتلية شديدة الحر .
عدنان جمعة الاحمد