الأنهار البحرية العظيمة
من العجائب الموجودة في محيطات العالم هو وجود أنهار عظيمة وتيارات بحرية كبيرة، وأقوى هذه الأنهار يسمّى (گلف استيرين). إنّ هذا النهر العظيميتحرّك من سواحل أمريكا المركزية ويسير في جميع المحيط الأطلسي حتّى يصل إلى سواحل أوروبا الشمالية. والمعروف أنّ مياهه التي تسير من مناطق قريبة من خطّ الإستواء تكون حارة بل حتّى أنّ لونها يختلف عن لون المياه المجاورة، والعجيب أنّ عرض هذا النهر البحري العظيم (الكلف استيرين) بحدود (150) كم، كما أنّ أعمق نقطة فيه تبلغ مئات الأمتار، وسرعته في بعض المناطق شديدة بحيث تبلغ في اليوم الواحد بـ 160كم.
إنّ إختلاف درجة حرارة هذا النهر مع المياه المجاورة بحدود 10 ـ 15 درجة مئوية، لذا فإنّ ساحله الغربي يسمّى بالجدار البارد. والكلف أستيرين يسبّب رياحاً حارّة ويدفع قسماً كبيراً من حرارته باتّجاه مدن أوروبا الشمالية، حيث يؤثّر على مناخ تلك البلدان بحيث يكون معتدلا للغاية، ويحتمل أن يكون العيش صعباً للغاية في هذه المناطق لو لم يوجد هذا المجرى العظيم.
ونكرّر مرّة اُخرى أنّ (الكلف استيرين) هو أحد الأنهار في المحيطات، وهناك أنهار اُخرى كثيرة في بحار ومحيطات العالم. إنّ السبب الأساس في تكوين هذه الأنهار البحرية هو إختلاف حرارة المنطقة الإستوائية والمناطق القطبية والتي توجد هذه الحركة في مياه البحار.
ويمكن إستيعاب هذا الموضوع بتجربة بسيطة: فإذا كان لدينا ماء في وعاء كبير، ووضعنا في جانب منه قطعة ثلجية، وفي الجهة الاُخرى قطعة حديدية حارّة، ووضعنا على سطح الماء قليلا من التبن، فإنّنا سنلاحظ ظهور حركة على سطح الماء حيث يتحرّك الماء ببطء من المنطقة الحارّة باتّجاه المنطقة الباردة.
إنّ مثل هذه الحالة تحصل في كلّ بحار العالم، وهي مصدر ظهور هذه الأنهارالبحرية. والعجيب أنّ هذه الأنهار العظيمة لا تمتزج مع المياه حولها إلاّ قليلا، وتسير آلاف الكيلومترات على هذه الصورة، وبذلك تعبّر عن مصداقية الآية الكريمة(مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان).
والملفت للنظر أنّ في نقطة التقاء هذه المياه الحارّة مع المياه الباردة، تحدث ظاهرة مفيدة جدّاً للإنسان، وهي حدوث حالة من الإغماء أو الموت الجماعي للحيوانات المجهرية المعلّقة في الماء وذلك في نقطة التماس والإلتقاء بين المياه الحارّة والمياه الباردة وبهذا تتوفّر في هذه المناطق مواد غذائية كثيرة لا حصر لها وتكون سبباً في جذب قطعان الأسماك الكبيرة، حيث يقصد الصيادون هذه المناطق للإستفادة من صيد هذه الحيوانات، وتعتبر هذه المنطقة من أفضل المناطق في العالم لصيد الأسماك(1). وهذا يمثّل أحد التفاسير للآيات أعلاه، وهو لا يتنافى مع التفاسير الاُخرى، ولذا يمكن الجمع بينهما