Sabri Yousef مع Amel Moussa
قرأت ما يلي للشاعرة والأكاديميّة التّونسيّة آمال موسى، المختصّة في علمِ الاجتماع، ويسرّني التّعقيب والرّد على ما جاء في منشورها. تقولُ الشّاعرة آمال موسى:
"النّاسُ ثلاثة أصناف.
النّاس يتوزَّعون على ثلاث صنائع في هذه الدُّنيا. هناك صانع الفرح الّذي يجعلكَ تزهرُ وتبدو جميلاً ويحرِّك فيكَ طاقةَ الوجودِ والفعلِ، فإذا بك لا تعترف بالمستحيل. صانع الفرح يساعدُكَ على تحقيقِ هويَّتكَ الذَّاتيّة ويُضيِّقُ الخناقَ على مشاعرِ الخوفِ والقلقِ في داخلكَ. وهناكَ أيضاً صانعُ الحزنِ: مهمّتُهُ تجريدكَ من الابتسامةِ وتغذيةُ الخوف والقلق في كيانِكَ وهو صانعٌ ماهرٌ يجيدُ صيدَ الحمامِ البرِّيّ. صانعُ الحزنِ يسلبُ منّكَ ما لديكَ من نبضٍ وقدرةٍ على التَّنفُّسِ. يمارسُ صانعُ الحزنِ كلّ ما يستطيعُهُ من الزَّوابعِ كي يسرقَ منكَ كلّ إمكانيّةٍ لبريقِ عينيكَ. أمَّا الصِّنفُ الثَّالثُ فهو صانع اللَّاشيء: لا يفرحك ولا يؤذيك، ولأنَّ صانعُ الفرحِ تقريباً اندثرَ وامتلأتِ الحياةُ بجيوشٍ من صنَّاع الحزنِ، فإنَّ غايةَ المُنى أن تكونَ محاطاً بصنَّاعِ اللّاشيء.".
آمال موسى
شاعرة وأستاذة جامعيّة تونسيّة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
ردُّ صبري يوسف – ستوكهولم،
الصَّديقة المبدعة آمال موسى،
لهذا عليكِ يا صديقتي المبدعة وعلى كلِّ مبدعٍ ومبدعةٍ أن يصنعَ الأملَ والفرحَ بكلِّ ما لديهِ من طاقاتٍ فرحيّة تبهجُ قلبَهُ وقلوبَ الآخرين، ويكبحَ ويمحقَ كلَّ طاقةٍ سلبيّةٍ ترِدُهُ من أيِّ متابعٍ ومتابعةٍ وصديقٍ وصديقةٍ، ولهذا أيضاً ألغيتُ كلّ مَن أشعرُ أنّه سلبي من حياتي ومن صفحتي حتَّى وإن كان من أقرب المقرّبين إليّ، ومن الأصدقاء والصّديقات والمتابعين والمتابعات، مروراً بكلّ إنسان سلبي وهدَّام على وجهِ الدُّنيا! ولهذا أيضاً كشفَ الفيس بوك الصَّالحين من الطّالحين، ولهذا أيضاً عليكِ أن تستخدمي مشرطاً حادَّاً وتستأصلي كلَّ مَن يغيظُكِ ولا تتردَّدي ثانيةً واحدةً. الحياةُ قصيرةٌ للغايةِ، ولا تتحمّلُ أن نتحمّلَ مخلوقاً على وجهِ الدُّنيا يعكِّرُ صفوَ صباحاتنا أو مساءاتنا أو صفوَ عالمنا الإبداعي والحياتي، كي نسيرَ بكلِّ أملٍ وفرحٍ وحبٍّ نحوَ شهقةِ الإبداع القصوى ونحنُ بكاملِ أفراحنا وإبداعنا بعيداً عن ترّهاتِ آخر زمن.
لهذا أيضاً نجدُ كيفَ تخلخلَتْ أجنحةُ الكونِ من سلبيَّاتِ الكثيرِ الكثيرِ من البشرِ، وتلوَّثَ حتَّى الفضاء من الفيروسات المصنّعة من قبلِ صنّاعِ الحزنِ والأسى والقتلِ والهلاكِ، لأنَّ صنّاعَ الحزنِ لديهم الاستعداد أن يصنِّعوا القتلَ والدّمار، لأنَّ مؤهَّلاتهم في نشرِ الحزنِ تجعلهم أن يبحثوا عن طرقٍ جديدةٍ لصناعةِ القتلِ، لأنّهم "سهواً" أصبحوا بشراً، ولا أراهم يمتّون بالبشرِ الأسوياءِ بصلةٍ على الإطلاقِ، وأصبحت فيروسات هؤلاء صنّاع الحزنِ والأسى والأمراضِ الفتّاكةِ متفشّيةً بطرقٍ لا تخطرُ على بالٍ، فلم يسلمْ منهم حتَّى الهواء الطّلق، فقد أفسدوهُ فساداً فتّاكاً! لهذا فرّختْ وتوالدتْ وترعرعتِ الصِّراعاتُ والحروبُ والويلاتُ والكوارثُ والقتلُ والدّمارُ على وجهِ الدُّنيا بطريقةٍ لا يستوعبُها العقلُ ولا يتقبّلُها حتّى الخيال، لأنَّ خيالَهم السَّلبي تجاوزَ آفاقَ الخيالِ دماراً وقبحاً وقتلاً وهلاكاً، لأنَّ هناك من يزرعُ الدّمارَ كي يحصدَ من هذا الدّمارِ والخرابِ والقتلِ والحروبِ ثمارَ الرّبحِ، ولا خير في ربحِهم وفي قتلِهم وحروبِهم. هؤلاء ليسوا أكثر من قرودٍ على وجهِ الدُّنيا، وهؤلاء مَن دمّرَ وسمَّمَ حياةَ البشرِ على وجهِ الأرضِ، وهؤلاء هم من الصِّنفِ الّذي صنعَ الحزنَ، لأنَّ هذا الصّنف هو الّذي أفسدَ الهواءَ النّقيَّ الّذي نستنشقُهُ على كافَّةِ الأصعدة، هو الّذي دمَّرَّ الأخضرَ واليابسَ، وبقي لدينا قلّةٌ قليلةٌ من النَّاسِ، صنّاعُ الفرحِ والأملِ والوئامِ بينَ البشرِ، ويغيظُ صنَّاعُ الحزنِ أن يكونَ لدى هؤلاءِ القلّةِ هذا الفرح القليل، فيهجمون عليه ويبّثونَهُ بالأحزانِ المخزّنةِ لديهم، ولهذا أيضاً أرى أنَّ أيَّ مبدعٍ لا يقدّمُ ويساهمُ في صناعةِ الفرحِ والحبِّ والسّلامِ والوئامِ عبر إبداعِهِ لقرائِهِ ومتابعيهِ هو فاشلٌ بامتياز، وهو بعيدٌ كلَّ البُعدِ عن مرامي الإبداع، وكلُّ إنسانٍ على وجهِ الدُّنيا وفي أيِّ تخصُّصٍ كانَ، ما لم يقدّمْ كلّ ما هو مفيد ومفرح وإيجابي لبني جنسهِ البشر، يُعتبرُ فاشلاً من العيارِ الثّقيلِ، وعلينا وعبرَ التَّنسيقِ معَ جهاتٍ كونيّةٍ أن نؤسِّسَ هيئاتٍ عالميّةً مهمّتُها نشرُ الفرحِ والحبِّ والسَّلام على وجهِ الأرضِ، كي تحاسبَ من يسمِّمُ البشرَ ويمرمرُ هؤلاء القلّة من النّاسِ الّذينَ يبحثونَ بالقطّارةِ عن هواءٍ نقيٍّ وعن الفرحِ الَّذي ولَّى بعيداً، لأنَّ الَّذين يحاصرونَنا غير قادرين على مجابهتِهم بسهولةٍ، لأنَّ فعلَ الشَّرِّ سهلٌ ارتكابه، بينما فعلُ الخيرِ أصبحَ على ما يبدو صعباً تحقيقه، وهكذا أريدُ أن أهمسَ لكِ يا صديقتي المبدعة آمال موسى وأقولَ لكِ ولكلِّ البشرِ الخيِّرين والَّذين يسعونَ لنشرِ كل ما هو إيجابي وخيِّر ووئامي بين البشرِ، علينا نحنُ البشر الّذين نجنحُ نحوَ عوالمِ الفرحِ والحبِّ والجمالِ والإبداعِ الخلّاقِ، أن نركِّزَ على كلِّ ما هو إيجابي في كتاباتِنا وتوجُّهاتِنا وصداقاتِنا وعلاقاتِنا، وعلى كلّ مبدع ومبدعة في العالمِ وفي شتّى التَّخصُّصاتِ، أن يزيلوا ويلغوا ويمحقوا كلّ صانعي الحزنِ والقبحِ والفسادِ والشَّرِّ والقتلِ والحروبِ. يجب أن نؤسِّسَ هيئةً عالميّةً ترعى هذه التَّوجهات الإيجابيّة الخيِّرة في كلِّ دولةٍ ويكونَ ممثّلون عنها في كلِّ دولِ العالمِ، هدفُها ترويجُ ثقافةَ الفرحِ والسَّلامِ والحبِّ والوئامِ بينَ البشرِ، وسبق وطرحتُ اقتراحاً ورؤيةً عبرَ مجلّةِ السَّلامِ الدَّوليّةِ الّتي أصدرُها من ستوكهولم في نهايةِ كلِّ عامٍ، فيما يخصُّ تأسيس وزارة السَّلام في كلِّ دولةٍ من دولِ العالمِ، وتأسيس هيئة السّلام العالميّة، تكونُ منبثقةً من ممثِّلينَ عن كلِّ دولِ العالمِ، لنشرِ وترسيخِ ثقافةَ السَّلامِ في العالمِ، بقوَّةِ القانونِ الكونيِّ الدَّوليِّ العالميِّ، وتطبيقه رغماً عن البلادِ الّتي تنتهجُ منهجَ الحروبِ سبيلاً لغاياتٍ سلبيّةٍ وربحيّةٍ، وهيَ أقل ما يمكنُ أن أقولَ عنها غايات منحطّة، وتوجُّهات في غايةِ العقمِ الحضاريِّ، لهذا على المبدعينَ والمبدعاتِ وكلّ المفكِّرينَ والفلاسفةِ وأصحابِ الفكرِ الخلّاقِ على كافّةِ المستوياتِ والتّخصُّصاتِ في العالمِ تنقية عالمِنا من هذهِ السّلبياتِ والانحطاطاتِ الفكريّةِ الَّتي تغلّفُ خاصرةَ الكونِ وترديهِ حزناً وأنيناً وحرباً وقتلاً وفتكاً بالبشرِ. وسؤالي المفتوحُ إلى أجلٍ غير مسمّى: أينَ أنتم يا إيجابيي هذا العالم، يا مبدعي هذا العالم، تعالوا كي نؤسِّسَ مؤسَّساتٍ خلّاقةً ترعى الإنسانَ وتحافظَ على رفاهيّتِهِ وفرحِهِ وحبِّهِ وسلامِهِ ووئامِهِ معَ بني جنسِهِ. ألّا ترونَ أنَّ الحياةَ أصبحتْ تمرُّ في حالاتٍ قرفيّةٍ مميتةٍ وعقيمةٍ وكأنَّ بعضُ البشرِ أو الكثيرُ من البشرِ تحوَّلوا إلى أكثرِ من الحيواناتِ المفترسةِ افتراساً لبني جنسِهم، من دونِ أيِّ وازعِ ضميرٍ، لأنَّ ضميرَهم تحلَّلَ معَ الفيروساتِ والأمراضِ العقيمةِ الّتي انتجوها وبثّوها في شهيقِ البشرِ، ولهذا أعود مركِّزاً على أنَّ كلّ رؤيةٍ حزنيّةٍ سلبيَّةٍ أنينيّةٍ مميتَةٍ، لا خبز لها عندي، ويجب أن نركّزَ على صنّاعِ الرُّؤيةِ الإيجابيّةِ وصنَّاعِ الفرحِ والحبِّ والجمالِ عبر مؤسَّساتٍ دوليَّةٍ عالميّةٍ، ونقفَ يداً واحدةً في وجهِ أصحابِ الرُّؤيةِ السَّلبيّةِ وصانعيِّ الحزنِ والقبحِ والأمراضِ المستفحلةِ في عالمِ اليومِ، كي نزرعَ بذورَ الفرحِ والحبِّ والسَّلامِ والجمالِ في قلوبِ البشرِ كلَّ البشرِ، كي يعيشَ الإنسانُ في حالةِ وئامٍ وسلامٍ وهناءٍ معَ بني جنسِهِ في كلِّ أصقاعِ الدُّنيا، عندها ستصبحُ الحياةُ جميلةً، رغيدةً، ومسربلةً بالفرحِ والوئامِ وكأنّنا في جنانِ النَّعيمِ!
صبري يوسف
أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم