هل هي معالم سايكس بيكو جديدة ؟!
1 ربيع الأول 1438
د. زياد الشامي
لم يكن ما حذر منه نائب رئيس الوزراء التركي "نعمان كورتولموش" من تكرار سيناريو اتفاق "سايكس بيكو" في منطقة الشرق الأوسط ، و لكن على أساس "طائفي" هذه المرة ... هو الأول من نوعه , فقد حذرت الكثير من الدول والهيئات والمفكرين والمحللين من هذا السيناريو التي يبدو أن إرهاصاته ومعالمه تتوضح وتتكشف شيئا فشيئا .
فقبل أشهر ومع حلول الذكرى المئوية لاتفاقية سايكس بيكو الأولى عام 1916م , أصدر اتحاد المحامين العرب، بيانا حذر فيه من ظهور معالم سايكس - بيكو جديدة يكاد يكتمل تنفيذه على الأرض فى المنطقة العربية، وهذه المرة بدون وثائق لإتفاقيات موقعة ومعلنة، بل نتاج إجتماعات مغلقة وقرارات سرية ببرامج عمل يتم تنفيذها على الأرض على قدم وساق من قبل القوى الإستعمارية الجديدة والحديثة والتى تنتهج أساليب خلق وزرع الجماعات الإرهابية وتغذية النعرات الطائفية وإشعال الحروب بالوكالة .
والحقيقة أن من ينظر إلى تسارع الأحداث في كل من سورية والعراق واليمن وليبيا , يتأكد له أن أمرا جللا ينتظر المسلمين العرب من أهل السنة على وجه الخصوص , فجميع المعطيات والمؤشرات تؤكد وجود تحالف صفوي غربي صهيوني شيوعي ضد المكون السني في المنطقة , والهدف الواضح من ذلك التحالف إحداث تغيير جذري في التركيبة السكانية , وتحويل الأغلبية العربية السنية إلى أقلية .
قد لا يوافق البعض على إطلاق اسم "سايكس بيكو" جديدة على ما يجري في المنطقة العربية السنية , معتبرا أن غياب الاستقرار في النظام الدولي يجعل من الصعوبة بمكان للقوى المكونة له التوصل إلى سايكس بيكو جديدة مقارنة بالنظام الدولي الذي ساد عام 1916م , مشيرا إلى أن الوقت الراهن يختلف كليا عما كان عليه الحال عام 1916م , حيث من غير الممكن للقوى الدولية الفاعلة اليوم في المنطقة أن تقوم بإعادة ترسيم الحدود باتفاقية سايكس بيكو جديدة دون التنسيق المباشر فيما بينها , وهو أمر غير ممكن في الكثير من الحالات نظرا لاختلاف أجنداتها وغير ذلك من الأسباب ....
إلا أن المتفق عليه بين الجميع أن الدول العربية السنية مقبلة ربما على ما هو أسوأ من اتفاقية سايكس بيكو الأولى , فإن لم يتم القضاء على القوة المقاومة والمدافعة عن الهوية السنية والوجود العربي المتبقية في كل من سورية و العراق واليمن وليبيا , فإن عملية التهجير القسري لأهل السنة من تلك المناطق ستجري على قدم وساق , وما تسيطر عليه تلك المقاومة من الأرض ربما لا تستطيع المحافظة عليه طويلا في ظل الهجمة الوحشية الشرسة التي تُشن عليها من التحالف الشيطاني , وفي ظل التخاذل العربي السني عن مساندتها ومؤازرتها وتقديم الدعم الكافي لها .
وحتى في حال قدرة تلك القوى المقاومة على الحفاظ على مكتسباتها الثورية , فإننا والحالة هذه سنكون أمام سايكس بيكو وتقسيم من نوع جديد , يحلو لبعض السياسيين تسميته بتقسيم "الأمر الواقع" أو ما يطلق عليه بـ "الدولة الفاشلة" , إذ إن طول فترة عدم قدرة طرفي الصراع على تحقيق الانتصار الكامل يخلق نوعا من الانفصال أو التقسيم على أساس الأمر الواقع .
لم يعد هناك أدنى شك أن جميع المعطيات والمؤشرات على الأرض تؤكد مضي القوى المتحالفة ضد المكون العربي السني في مخططها الخطير في المنطقة , وأن المكون الصفوي الرافضي هو رأس الحربة في المشروع الوليد المنتظر , فليس اعتباطا هذا التماهي الأمريكي الغربي مع طهران , وليس عبثا مساندتها في إحداث هذه الفوضى العارمة في كل من سورية والعراق واليمن ولبنان , الأمر الذي دفع البعض للتأكيد بأن احتلال أمريكا للعراق و إزاحة نظام صدام - الذي كان من ألد أعداء إيران - تحت ذرائع وهمية كاذبة ....لم يكن إلا خطوة نحو استكمال مشروع الفوضى الخلاقة أو ما يعرف بالشرق الأوسط الجديد .
لا يعني ما سبق الاستسلام لمخططات أعداء الأمة ومشاريعهم التوسعية , فهذه عادة العدو وهذا شأن المتربص بدين الله الخاتم منذ بزوع فجر الإسلام , وإنما المطلوب التنبه للخطر القادم المحدق بمصير الأمة جمعاء , والعمل السريع لإفشاله وإحباطه قبل فوات الأوان .
وإذا كان نائب وزير الخارجية التركي قد طالب بـ "تكاتف الدول الإسلامية لمحاربة تقسيمها على أسس طائفية تمزقها" , مشيرا إلى تعاون بلاده مع السعودية والعمل على توحيد العالم الإسلامي لمنع تقسيم دوله , ومؤكدا بأنه "علينا التعاون للقضاء على السياسات الطائفية ، وتُوحدنا أجندة نشر الاستقرار في المنطقة ....فإن أبناء الأمة العربية والإسلامية يطالبون بترسيخ هذا التعاون , وتحويله إلى نواة لتحالف جميع الدول السنية - العربية منها وغير العربية - لمواجهة الخطر الصفوي الطائفي القادم من إيران وداعموها .
وأختم بعبارة "نعمان كورتولموش" التي ينبغي أن يعيها جيدا جميع المسؤولين في الدول السنية : "نحن الآن في مفترق طرق و وقت حرج ؛ فإما أن نستسلم لسايكس بيكو الثاني أو نتوحد ضد الطائفية".
اتفاقية سايكس بيكو
اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، كانت اتفاقا وتفاهمًا سريًا بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الدولة العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى.
وتم الوصول إلى هذه الاتفاقية بين نوفمبر من عام 1915 ومايو من عام 1916 بمفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك. ولقد تم الكشف عن الاتفاق بوصول الشيوعيين إلى سدة الحكم في روسيا عام 1917، مما أثار الشعوب التي تمسها الاتفاقية وأحرج فرنسا وبريطانيا وكانت ردة الفعل الشعبية-الرسمية العربية المباشرة قد ظهرت في مراسلات حسين مكماهون.
ولقد تم تقسيم منطقة الهلال الخصيب بموجب الاتفاق، وحصلت فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربي من الهلال (سوريا ولبنان) ومنطقة الموصل في العراق. أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعا بالإتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سوريا.
كما تقرر أن تقع فلسطين تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا. ولكن الاتفاق نص على منح بريطانيا مينائي حيفا وعكا على أن يكون لفرنسا حرية استخدام ميناء حيفا، ومنحت فرنسا لبريطانيا بالمقابل استخدام ميناء الاسكندرونة الذي كان سيقع في حوزتها.
لاحقاً، وتخفيفاً للإحراج الذي أصيب به الفرنسيون والبريطانيون بعد كشف هذه الاتفاقية ووعد بلفور، صدر كتاب تشرشل الأبيض سنة 1922 ليوضح بلهجة مخففة أغراض السيطرة البريطانية على فلسطين. إلا أن محتوى اتفاقية سايكس-بيكو تم التأكيد عليه مجدداً في مؤتمر سان ريمو عام 1920. بعدها، أقر مجلس عصبة الأمم وثائق الانتداب على المناطق المعنية في 24 حزيران 1922.
لإرضاء أتاتورك واستكمالاً لمخطط تقسيم وإضعاف سوريا، وعقدت في 1923 اتفاقية جديدة عرفت باسم معاهدة لوزان لتعديل الحدود التي أقرت في معاهدة سيفر. وتم بموجب معاهدة لوزان التنازل عن الأقاليم السورية الشمالية لتركيا الأتاتوركية إضافة إلى بعض المناطق التي كانت قد أعطيت لليونان في المعاهدة السابقة.
وقسمت هذه الاتفاقية وما تبعها سوريا الكبرى أو المشرق العربي إلى دول وكيانات سياسية كرست الحدود المرسومة بموجب هذه الاتفاقية والاتفاقيات الناجمة عنها:
العراق، الذي أستقل عام 1932.
منطقة الانتداب الفرنسي على سوريا:
سوريا، استقلت فعلياً عام 1946
لبنان، استقل ككيان مستقل عام 1943.
الأقاليم السورية الشمالية ضمت لدولة تركيا
منطقة الانتداب البريطاني على فلسطين:
الأردن، استقل ككيان مستقل عام 1946 (كانت منطقة حكم ذاتي منذ 1922)
فلسطين، انتهى مفعول صك انتداب عصبة الأمم على فلسطين يوم 14 أيار 1948 وجلى البريطانيون عنها.
لكن في اليوم التالي أعلن قيام إسرائيل فوق أجزاء كبيرة من حدود الانتداب البريطاني على فلسطين وبدأ الصراع العربي الإسرائيلي، حيث في 1949 (إثر حرب 1948 وبعد إلغاء الانتداب البريطاني) قسمت فلسطين إلى ثلاث وحدات سياسية: إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة. في عام 1994، قامت السلطة الوطنية الفلسطينية كسلطة شبه مستقلة تأسست وورثت أجزاء ضيقة من حدود الانتداب البريطاني السابق على الضفة الغربية لنهر الأردن ومنطقة غزة التي كانت تتبع مصر إدارياً.
اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، كانت اتفاقا وتفاهمًا سريًا بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الدولة العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى.
وتم الوصول إلى هذه الاتفاقية بين نوفمبر من عام 1915 ومايو من عام 1916 بمفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك. ولقد تم الكشف عن الاتفاق بوصول الشيوعيين إلى سدة الحكم في روسيا عام 1917، مما أثار الشعوب التي تمسها الاتفاقية وأحرج فرنسا وبريطانيا وكانت ردة الفعل الشعبية-الرسمية العربية المباشرة قد ظهرت في مراسلات حسين مكماهون.
ولقد تم تقسيم منطقة الهلال الخصيب بموجب الاتفاق، وحصلت فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربي من الهلال (سوريا ولبنان) ومنطقة الموصل في العراق. أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعا بالإتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سوريا.
كما تقرر أن تقع فلسطين تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا. ولكن الاتفاق نص على منح بريطانيا مينائي حيفا وعكا على أن يكون لفرنسا حرية استخدام ميناء حيفا، ومنحت فرنسا لبريطانيا بالمقابل استخدام ميناء الاسكندرونة الذي كان سيقع في حوزتها.
لاحقاً، وتخفيفاً للإحراج الذي أصيب به الفرنسيون والبريطانيون بعد كشف هذه الاتفاقية ووعد بلفور، صدر كتاب تشرشل الأبيض سنة 1922 ليوضح بلهجة مخففة أغراض السيطرة البريطانية على فلسطين. إلا أن محتوى اتفاقية سايكس-بيكو تم التأكيد عليه مجدداً في مؤتمر سان ريمو عام 1920. بعدها، أقر مجلس عصبة الأمم وثائق الانتداب على المناطق المعنية في 24 حزيران 1922.
لإرضاء أتاتورك واستكمالاً لمخطط تقسيم وإضعاف سوريا، وعقدت في 1923 اتفاقية جديدة عرفت باسم معاهدة لوزان لتعديل الحدود التي أقرت في معاهدة سيفر. وتم بموجب معاهدة لوزان التنازل عن الأقاليم السورية الشمالية لتركيا الأتاتوركية إضافة إلى بعض المناطق التي كانت قد أعطيت لليونان في المعاهدة السابقة.
وقسمت هذه الاتفاقية وما تبعها سوريا الكبرى أو المشرق العربي إلى دول وكيانات سياسية كرست الحدود المرسومة بموجب هذه الاتفاقية والاتفاقيات الناجمة عنها:
العراق، الذي أستقل عام 1932.
منطقة الانتداب الفرنسي على سوريا:
سوريا، استقلت فعلياً عام 1946
لبنان، استقل ككيان مستقل عام 1943.
الأقاليم السورية الشمالية ضمت لدولة تركيا
منطقة الانتداب البريطاني على فلسطين:
الأردن، استقل ككيان مستقل عام 1946 (كانت منطقة حكم ذاتي منذ 1922)
فلسطين، انتهى مفعول صك انتداب عصبة الأمم على فلسطين يوم 14 أيار 1948 وجلى البريطانيون عنها.
لكن في اليوم التالي أعلن قيام إسرائيل فوق أجزاء كبيرة من حدود الانتداب البريطاني على فلسطين وبدأ الصراع العربي الإسرائيلي، حيث في 1949 (إثر حرب 1948 وبعد إلغاء الانتداب البريطاني) قسمت فلسطين إلى ثلاث وحدات سياسية: إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة. في عام 1994، قامت السلطة الوطنية الفلسطينية كسلطة شبه مستقلة تأسست وورثت أجزاء ضيقة من حدود الانتداب البريطاني السابق على الضفة الغربية لنهر الأردن ومنطقة غزة التي كانت تتبع مصر إدارياً.