- درجات اللاشعور
الحياة اللاشعورية كالحياة الشاعرة ذات درجات مختلفة ، لأن في النفس حالات غامضة
وحالات لاشعورية قائمة ومظلمة
فمن الحالات الغامضة ما كان ليبنيز) يسميه بالحالات الصم ، وهي حالات شعورية ولا شعورية معاً . لانها تحل بأطراف الشعور وحواشيه ، فتبقى مستورة عنا بحجاب خفيف ، اني افكر عند كتابة هذه السطور في بعض المسائل الفلسفية التي تشغل ذهني ، فارى بوضوح كتابي ، ودواتي ، وقلمي ، والورق الذي اكتب عليه ، واتذكر حادثة تتعلق بما اكتب ، ولكنني أسمع في الوقت نفسه من بعيد حفيف الأغصان وخرير الماء ، وصوت السيارة سماعاً غامضاً ، فكأن هذه الأشياء الضئيلة محجوبة عني بستار ممزق، حق لقد سماها ( ويليم جيمس ( بالحواشي ) Phénomènes marginanx ) ، وقال إن لكل فكرة و هالة ( واهداباً ، غامضة تحيط بها ، وقد سمى الفلاسفة المتأخرون ذلك بما تحت
الشعور ) Subconscience) أو شبه الشعور إن هذه الحالات الغامضة تستطيع أن تستعيد ضياءها بسرعة ، كما ان الانسان يستطيع أن يوقظها بالتأمل الباطني . إلا أن وراء هذه الحالات الغامضة حالات مظلمة تماماً لا تستطيع ايقاظها بالتأمل ، وهي الحالات اللاشعورية التي تكلمنا عليها ، فما هي قيمة
هذه الحالات ؟ .
- قيمة الحياة اللاشعورية
لا تقتصر الحياة اللاشعورية على حفظ الصور في النفس بل تقوم بعدة عمليات عقلية ويمكن اثبات ذلك بالتجارب التي قام بها الدكتور ( بيه رجانه ) . قال :
ه جربت ان أحصل على أحكام لا شعورية بسيطة جداً ، فقلت لها : ستجمدين إذا لفظت الحرف الواحد مرتين متتابعتين، فلما نهضت من نومها همست في اذنها الحروف الآتية : ب ، ، ، د ، ق ، ب ، ، فلما سمعت ) لوسي ( الحرفين الأخيرين تقبضت وتقلصت
اعضاؤها . في إذن قد استطاعت أن تؤلف أحكام تشابه لا شعورية ، ثم طلبت منها أن تؤلف أحكاتباين ، فقلت لها ستنامين إذا لفظت عدداً فرداً، أو ستديرين يديك الواحدة حول الأخى، إذا لفظت اسم امرأة، فكانت النتيجة كالأولى . وكنت لا أعطي الإشارة إلا لتنفذ تما . فـ ( لومي ( سمعت إذاً ، وقارنت، وقدرت التباين بطريقة لا شعورية ، فقلت لها ليري بيديك قبلا إذا صار مجموع الأعداد التي سألفظها ١٠، ثم اتخذت الاحتياط اللازم لنك وأيقظتها من نومها ، وتحققت أنها نسيت ما طلبت منها، ثم ابتعدت عنها قليلاً فلما التهت عني بحديث بعض الأشخاص همست في أذنها ٢ ، ٣، ٤١ ، فأحدت ( لوي ( تنفذ في نظام تلك الحركة التي طلبتها منها ، ثم جربت أعداداً أخرى، وعمليات أصب من هذه ، فقلت لها : إذا جاءت الأعداد مثنى مثنى، وكان حاصل طرح الواحد من الآخر ستة فنفذي الحركة الفلانية ، ثم جربت أيضاً أعمال ضرب وقسمة ، فكانت (لوسي ( تقوم بذلك كله دون خطأ. ولما كنت أريد أن يكون هذا العقل الجيب مستقلاً
طلبت من ) لوسي ( أن تكتب لي كتاباً ، واليك ما كتبت
D سيدتي لا أستطيع المجيء يوم الأحد كما اتفقنا، فأرجو المعذرة ، ولو أمكنني المجيء اليك في هذا النهار لسرني البقاء معك ، إلا أن ذلك غير ممكن . صديقتك ( لوسي) حاشية : وللأولاد أشياء كثيرة ) .
ه كتبت ( لوسي ) ذلك وهي تحدث عدة أشخاص وتتكلم عن أشياء أخرى ، فلما أفاقت من نومها أريتها الكتاب فلم تعترف به، وأكدت لي اني قلدت توقيعها ، (۱)
يقول الروحيون ( Spirites ) أن فاعلية النفس اللاشعورية أعلى منزلة وأسمى مرتبة من فاعليتها الشعورية. إن بعض الظواهر تؤيد هذا الرأي، فهلن سمیت (Helene Smith) التي درس حالتها (فلورونوا Flournoy ) ، كانت في حالتها الثانية قادرة على رسم حروف سانسيكرتيه وعربية لا تستطيع كتابتها في الحالة الأولى . وكان في وسعها أيضاً أن تستشهد من تاريخ الهند بأمور تجهلها شخصيتها الطبيعية . وكثيراً ما كانت وهي في شخصيتها
لا قيمة له الثانية شديدة البصر والسمع والشم ، قوية الإدراك والذاكرة ، إلا أن هذا الموق الوهمي . لأن انكشاف هذه القوى قد يكون ناشئاً عن ركود القوى الأبى وتوقفها عن العمل ، فلا تبرز قوة خسيسة إلا لتنحط قوة شريفة، كل إنسان يعلم أن أحن واسطة لتذكر الأعلام والألفاظ الأجنبية هي الاعراض عنها ، والتفكير في أمور أخى ، حتى لنا الفاعلية اللاشعورية ما نسيناه ، وينبجس ذلك من مرجل اللاشعور بالتفكير ولا ارادة وعلى ذلك فإن فاعلية النفس لم تشتد من جهة إلا لتنحط من جهة أخى . إلا أن هذه الزيادة لا تساءل هذا النقصان
وقد بين ( فلورنوا ) (١) أن اللغة المريخية التي اخترعتها ( هلن سميث) لغة صبيابة لا قيمة لها، وهي مشتقة من اللغة الفرنسية، والحروف المشتركة بين اللغتين أكثر من الحرف المختلفة ، ولا فرق بين اللغتين في القواعد، والمترادفات، وترتيب الألفاظ. ومع أن ( هلن سميث ( كانت تعرف الألمانية فانها لم تقتبس منها كلمة واحدة ولا قاعدة واحدة ، بل اقتصرت في لغتها المريخية على الأقتباس من اللغة الفرنسية ، هذا ما دعا ( فلورنوا ) إلى القول أن هذه الشخصية الثانية تمثل دوراً قديماً توقفت فيه عن النمو ، وهو دور متقدم على
الوقت الذي بدأت فيه ) هلن سميت ) بتعلم الألمانية
وظاهر أنه يمكن تعليل الحالة التي ذكرها ) هنري بوانكاره ) بالأسباب نفسها . إن الشخصية اللاشعورية تخترع المسائل التي تبدأ بها الشخصية الشعورية وتحلتها . فقد يتوهم الإنسان أن هذه الشخصية الثانية أعلى مكانة وأرسخ قدماً في الاختراع من الشخصية الأولى ، والحق عن ذلك بعيد ، لأن الشخصية اللاشعورية لا تستطيع أن تبدع شيئاً ما لم تهيء لها الشخصية الأولى طريق البحث التي ينبغي سلوكها . وقد قدمنا أن العمل اللاشعوري لا يثمر إلا إذا سبقه عمل شعوري. فكيف يتأتى الابداع لهذه الشخصية الثانية لا تستقي عناصرها إلا من الحياة الشاعرة ، أن الشخصية الشعورية تعين الطريق وتحذف العناصر الزائدة ، ثم تنبري الشخصية اللاشعورية للعمل بصورة ميكانيكية ، حق ينكشف لها القناع عن السر الخفي، ان الحفار لا يحفر إلا في الجهة التي حددها له عالم وهي
الآثار ، وكذلك العلم الباطن لا يستنبط شيئاً لم ترغب النفس الشاعرة في كشفه . ولولا هذا العمل الشعوري سابق لما انتج العمل اللاشعوري اللاحق شيئاً . فكأن فاعلية النفس الخفية لا تولد شيئاً من انتها ، وكان عملها تابع يجميع نواحيه للفاعلية الشعورية.
وقصارى القول ؛ أن هناك حياة نفسية مظلمة مؤلفة من النزعات الخفية ، والأهواء الوليدة، والأحلام المكبوتة والعادات المكتسبة . ولو نسب حوض هذه الحياة المظلمة إلى معطيات النفس المنيرة لكان أوسع منها نطاقاً وأغزر مادة ، إلا أن نصيب الناحية المنيرة من القوى العقلية السامية أعظم وأوفر . فالارتباط المنطقي، والإبداع الفكري ، والتجديد والانتخاب العقلي ، كل ذلك أكمل في الحياة الشاعرة منه في الحياة الباطنة . أما الأفعال الأوتوماتيكية ، والروابط الميكانيكية ، والتكرار التلفائي ، فهي في الحياة الدفينة أشد تأثيراً منها في الحياة الظاهرة . حتى لقد سمى ) بيه رجانه ) هذه الحياة بالفاعليــــة المحافظة . فحياة الشعور حياة إبداع ، وحياة اللاشعور حياة اتباع . وليس للأحكام العقلية والاختراعات الوهمية التي تقوم بها هذه الحياة قيمة إذا نسبت الى الحياة الشاعرة لأن أحكامها ابتدائية واختراعاتها صبيانية . الشعور مركز الحياة النفسية، ولكنه على كل
حال ليس سوى لحظة قصيرة من حياة النفس
الفائدة من دراسة اللاشعور : - لما بدأ علماء النفس يحفرون أروقة الحياة النفسية الخفية تقدم علم النفس تقدماً سريعاً، لأنهم كشفوا بذلك عن كثير من أسرارها وعجائبها، كما كشف علماء الأرض عن كنوز الأرض وطبائع طبقاتها الخفية . فوجدوا وراء الميول ، والرغائب ، والإرادات ، والأحكام، والآراء ، والإحساسات، وحركات السلوك
عوامل خفية تحرك آلية أفعالنا الظاهرة .
وسنتكلم على جميع هذه المسائل في الفصول الآتية
الحياة اللاشعورية كالحياة الشاعرة ذات درجات مختلفة ، لأن في النفس حالات غامضة
وحالات لاشعورية قائمة ومظلمة
فمن الحالات الغامضة ما كان ليبنيز) يسميه بالحالات الصم ، وهي حالات شعورية ولا شعورية معاً . لانها تحل بأطراف الشعور وحواشيه ، فتبقى مستورة عنا بحجاب خفيف ، اني افكر عند كتابة هذه السطور في بعض المسائل الفلسفية التي تشغل ذهني ، فارى بوضوح كتابي ، ودواتي ، وقلمي ، والورق الذي اكتب عليه ، واتذكر حادثة تتعلق بما اكتب ، ولكنني أسمع في الوقت نفسه من بعيد حفيف الأغصان وخرير الماء ، وصوت السيارة سماعاً غامضاً ، فكأن هذه الأشياء الضئيلة محجوبة عني بستار ممزق، حق لقد سماها ( ويليم جيمس ( بالحواشي ) Phénomènes marginanx ) ، وقال إن لكل فكرة و هالة ( واهداباً ، غامضة تحيط بها ، وقد سمى الفلاسفة المتأخرون ذلك بما تحت
الشعور ) Subconscience) أو شبه الشعور إن هذه الحالات الغامضة تستطيع أن تستعيد ضياءها بسرعة ، كما ان الانسان يستطيع أن يوقظها بالتأمل الباطني . إلا أن وراء هذه الحالات الغامضة حالات مظلمة تماماً لا تستطيع ايقاظها بالتأمل ، وهي الحالات اللاشعورية التي تكلمنا عليها ، فما هي قيمة
هذه الحالات ؟ .
- قيمة الحياة اللاشعورية
لا تقتصر الحياة اللاشعورية على حفظ الصور في النفس بل تقوم بعدة عمليات عقلية ويمكن اثبات ذلك بالتجارب التي قام بها الدكتور ( بيه رجانه ) . قال :
ه جربت ان أحصل على أحكام لا شعورية بسيطة جداً ، فقلت لها : ستجمدين إذا لفظت الحرف الواحد مرتين متتابعتين، فلما نهضت من نومها همست في اذنها الحروف الآتية : ب ، ، ، د ، ق ، ب ، ، فلما سمعت ) لوسي ( الحرفين الأخيرين تقبضت وتقلصت
اعضاؤها . في إذن قد استطاعت أن تؤلف أحكام تشابه لا شعورية ، ثم طلبت منها أن تؤلف أحكاتباين ، فقلت لها ستنامين إذا لفظت عدداً فرداً، أو ستديرين يديك الواحدة حول الأخى، إذا لفظت اسم امرأة، فكانت النتيجة كالأولى . وكنت لا أعطي الإشارة إلا لتنفذ تما . فـ ( لومي ( سمعت إذاً ، وقارنت، وقدرت التباين بطريقة لا شعورية ، فقلت لها ليري بيديك قبلا إذا صار مجموع الأعداد التي سألفظها ١٠، ثم اتخذت الاحتياط اللازم لنك وأيقظتها من نومها ، وتحققت أنها نسيت ما طلبت منها، ثم ابتعدت عنها قليلاً فلما التهت عني بحديث بعض الأشخاص همست في أذنها ٢ ، ٣، ٤١ ، فأحدت ( لوي ( تنفذ في نظام تلك الحركة التي طلبتها منها ، ثم جربت أعداداً أخرى، وعمليات أصب من هذه ، فقلت لها : إذا جاءت الأعداد مثنى مثنى، وكان حاصل طرح الواحد من الآخر ستة فنفذي الحركة الفلانية ، ثم جربت أيضاً أعمال ضرب وقسمة ، فكانت (لوسي ( تقوم بذلك كله دون خطأ. ولما كنت أريد أن يكون هذا العقل الجيب مستقلاً
طلبت من ) لوسي ( أن تكتب لي كتاباً ، واليك ما كتبت
D سيدتي لا أستطيع المجيء يوم الأحد كما اتفقنا، فأرجو المعذرة ، ولو أمكنني المجيء اليك في هذا النهار لسرني البقاء معك ، إلا أن ذلك غير ممكن . صديقتك ( لوسي) حاشية : وللأولاد أشياء كثيرة ) .
ه كتبت ( لوسي ) ذلك وهي تحدث عدة أشخاص وتتكلم عن أشياء أخرى ، فلما أفاقت من نومها أريتها الكتاب فلم تعترف به، وأكدت لي اني قلدت توقيعها ، (۱)
يقول الروحيون ( Spirites ) أن فاعلية النفس اللاشعورية أعلى منزلة وأسمى مرتبة من فاعليتها الشعورية. إن بعض الظواهر تؤيد هذا الرأي، فهلن سمیت (Helene Smith) التي درس حالتها (فلورونوا Flournoy ) ، كانت في حالتها الثانية قادرة على رسم حروف سانسيكرتيه وعربية لا تستطيع كتابتها في الحالة الأولى . وكان في وسعها أيضاً أن تستشهد من تاريخ الهند بأمور تجهلها شخصيتها الطبيعية . وكثيراً ما كانت وهي في شخصيتها
لا قيمة له الثانية شديدة البصر والسمع والشم ، قوية الإدراك والذاكرة ، إلا أن هذا الموق الوهمي . لأن انكشاف هذه القوى قد يكون ناشئاً عن ركود القوى الأبى وتوقفها عن العمل ، فلا تبرز قوة خسيسة إلا لتنحط قوة شريفة، كل إنسان يعلم أن أحن واسطة لتذكر الأعلام والألفاظ الأجنبية هي الاعراض عنها ، والتفكير في أمور أخى ، حتى لنا الفاعلية اللاشعورية ما نسيناه ، وينبجس ذلك من مرجل اللاشعور بالتفكير ولا ارادة وعلى ذلك فإن فاعلية النفس لم تشتد من جهة إلا لتنحط من جهة أخى . إلا أن هذه الزيادة لا تساءل هذا النقصان
وقد بين ( فلورنوا ) (١) أن اللغة المريخية التي اخترعتها ( هلن سميث) لغة صبيابة لا قيمة لها، وهي مشتقة من اللغة الفرنسية، والحروف المشتركة بين اللغتين أكثر من الحرف المختلفة ، ولا فرق بين اللغتين في القواعد، والمترادفات، وترتيب الألفاظ. ومع أن ( هلن سميث ( كانت تعرف الألمانية فانها لم تقتبس منها كلمة واحدة ولا قاعدة واحدة ، بل اقتصرت في لغتها المريخية على الأقتباس من اللغة الفرنسية ، هذا ما دعا ( فلورنوا ) إلى القول أن هذه الشخصية الثانية تمثل دوراً قديماً توقفت فيه عن النمو ، وهو دور متقدم على
الوقت الذي بدأت فيه ) هلن سميت ) بتعلم الألمانية
وظاهر أنه يمكن تعليل الحالة التي ذكرها ) هنري بوانكاره ) بالأسباب نفسها . إن الشخصية اللاشعورية تخترع المسائل التي تبدأ بها الشخصية الشعورية وتحلتها . فقد يتوهم الإنسان أن هذه الشخصية الثانية أعلى مكانة وأرسخ قدماً في الاختراع من الشخصية الأولى ، والحق عن ذلك بعيد ، لأن الشخصية اللاشعورية لا تستطيع أن تبدع شيئاً ما لم تهيء لها الشخصية الأولى طريق البحث التي ينبغي سلوكها . وقد قدمنا أن العمل اللاشعوري لا يثمر إلا إذا سبقه عمل شعوري. فكيف يتأتى الابداع لهذه الشخصية الثانية لا تستقي عناصرها إلا من الحياة الشاعرة ، أن الشخصية الشعورية تعين الطريق وتحذف العناصر الزائدة ، ثم تنبري الشخصية اللاشعورية للعمل بصورة ميكانيكية ، حق ينكشف لها القناع عن السر الخفي، ان الحفار لا يحفر إلا في الجهة التي حددها له عالم وهي
الآثار ، وكذلك العلم الباطن لا يستنبط شيئاً لم ترغب النفس الشاعرة في كشفه . ولولا هذا العمل الشعوري سابق لما انتج العمل اللاشعوري اللاحق شيئاً . فكأن فاعلية النفس الخفية لا تولد شيئاً من انتها ، وكان عملها تابع يجميع نواحيه للفاعلية الشعورية.
وقصارى القول ؛ أن هناك حياة نفسية مظلمة مؤلفة من النزعات الخفية ، والأهواء الوليدة، والأحلام المكبوتة والعادات المكتسبة . ولو نسب حوض هذه الحياة المظلمة إلى معطيات النفس المنيرة لكان أوسع منها نطاقاً وأغزر مادة ، إلا أن نصيب الناحية المنيرة من القوى العقلية السامية أعظم وأوفر . فالارتباط المنطقي، والإبداع الفكري ، والتجديد والانتخاب العقلي ، كل ذلك أكمل في الحياة الشاعرة منه في الحياة الباطنة . أما الأفعال الأوتوماتيكية ، والروابط الميكانيكية ، والتكرار التلفائي ، فهي في الحياة الدفينة أشد تأثيراً منها في الحياة الظاهرة . حتى لقد سمى ) بيه رجانه ) هذه الحياة بالفاعليــــة المحافظة . فحياة الشعور حياة إبداع ، وحياة اللاشعور حياة اتباع . وليس للأحكام العقلية والاختراعات الوهمية التي تقوم بها هذه الحياة قيمة إذا نسبت الى الحياة الشاعرة لأن أحكامها ابتدائية واختراعاتها صبيانية . الشعور مركز الحياة النفسية، ولكنه على كل
حال ليس سوى لحظة قصيرة من حياة النفس
الفائدة من دراسة اللاشعور : - لما بدأ علماء النفس يحفرون أروقة الحياة النفسية الخفية تقدم علم النفس تقدماً سريعاً، لأنهم كشفوا بذلك عن كثير من أسرارها وعجائبها، كما كشف علماء الأرض عن كنوز الأرض وطبائع طبقاتها الخفية . فوجدوا وراء الميول ، والرغائب ، والإرادات ، والأحكام، والآراء ، والإحساسات، وحركات السلوك
عوامل خفية تحرك آلية أفعالنا الظاهرة .
وسنتكلم على جميع هذه المسائل في الفصول الآتية
تعليق