اللاشعور في المعاني العامة والأحكام :
- إن الألفاظ تابعة للمعاني الكامنة فيها ، ولكننا نستعملها من غير أن تكون جميع هذه المعاني حاضرة في أذهاننا ، ولولا المعاني الكامنة في الألفاظ لكانت الكلمة صوتاً شبيها بغيره من الأصوات الطبيعية ، إلا أننا نفهم معاني الألفاظ ونتبادلها فيما بيننا . فهي إذن منطوبة على معرفة خفية لا نحتاج إلى إظهارها دائماً. ولو أردنا الكشف عن هذه المعاني لما عز علينا ذلك إلا أننا نكتفي منها ببلوغ القصد ونمر غير شاعرين بالباقي. - وكذلك الأحكام ، فان كل حكم يتضمن معرفة لاشعورية كامنة في ألفاظه . فإذا قلت مثلاً أن ( مانون ليسكو ( كثيرة التقلب، أو أن ( اورسمان ) قتل ( زائير ) ثم قتل نفسه ، أو أن (سلامان) أحب ) ابسال ( ، لم تدرك حقيقة كلامي هذا، إلا إذا كنت عالماً أن هذه الأسماء تدل على أشخاص روايات ، وإذا سمعت طفلا يشير إلى الكراسي فيقول هذا قطار وهذا موقف ، لم تفهم كلامه إلا إذا كنت عالما بطبيعة تخيل الاطفال وبطبيعة تصوراتهم في ألعابهم ، يدلك ذلك على أن فهم الاحكام يقتضي معرفة سابقة لا تشعر بها دائماً، لأنها كامنة في الالفاظ، ولولا هذه القرائن اللاشعورية لما تفاهم المتكلمون.
ه - اللاشعور في الخيال المبدع : - الخيال المبدع هو القدرة على الاختراع . والعمل الذهني الذي يهيء الاختراع العلمي عمل مظلم غامض . إلا أنه ينضج الفكرة ثم ينقلها من القوة إلى الفعل . ولا يصبح هذا العمل الغامض واضحاً بيناً إلا عندما تظهر آثاره ، فكم مرة فتش الانسان فيها عن حل مسألة، فلم يستطع إلى ذلك سبيلا ، فاذا تركها و استراح مدة من الزمان ثم عاد اليها أشرق عليه نور الحقيقة دفعة واحدة ودون تعب، فيصيبه ما أصاب ( ارخميدس ) عندما خرج من الحمام صائحاً وجدتها وجدتها ( Eureka ) . ولشد ما يكون العقل عاجزاً عن إدراك الوسائل التي قادته إلى كشف الحقيقة ، والناس في ذلك
. متفاوتون ، فمنهم من هو مؤيد النفس بشدة الصفاء ، يكشف ويخترع أموراً لا يدركها غيره إلا بالقياس والتعليم. ومنهم من لا يعرف كيف توصل إلى الكشف ، ولا يشعر بالحدود الوسطى التي هيأت له النتيجة .
خلال انقطاعه عن قال ( هنري بوانکاره ) : « كثيراً ما يشتغل الرياضي بحل مسألة عويصة فلا يصل إلى نتيجة جيدة عند الابتداء بالعمل ، ثم يستريح مدة من الزمان ويعود إليها مرة ثانية ويظل نصف ساعة من غير أن يجد شيئاً ، فإذا بالفكرة النهائية تشرق عليه بعد ذلك دفعة واحدة . قد يقال ان هذا الكشف ثمرة من ثمرات العمل الذهني ، لأن استراحة العقل العمل اعادت إليه قوته ونشاطه، والأولى أن يقال أن النشاط الذهني لم ينقطع خلال الراحة ، وان نتيجته التي انكشفت للرياضي قد تولدت من هذا النشاط
اللاشوري ) . (
وقال أيضاً : و لا يكون هذا العمل اللاشعوري ممكنا ومنتجاً إلا إذا هيا. عمل شعوري ، ولا تشرق هذه الالهامات السريعة على الانسان إلا بعد جهود إرادية . العقل لا يستريح في الظاهر إلا ليعمل في الباطن ، ولا تنبجس الحقيقة من هذا العمل اللاشعوري إلا إذا كان مسبوقاً بعمل إرادي. وعلى ذلك فإن الحياة اللاشعورية لا تقل خطورة عن
الحياة الشاعرة ) .
ج. - اللاشعور في الحياة الفاعلة
وفي الحياة الفاعلة أمثلة كثيرة دالة على وجود اللاشعور ، لأن أفعالنا كثيراً ما تكون خالية من الوعي ، ويمكننا اثبات ذلك بالقاء نظرة على الغريزة والعادة والارادة. ۱ - اللاشعور في الغريزة : - الغريزة نزهة غامضة ، وهي تراث الماضي ، وكثيراً ما
تكون خفية لا نشعر بها كفريزة حفظ البقاء ، والغريزة الجنسية ، وغريزة الكفاح التي لا تظهر إلا عند الحاجة إليها ، وقد تعمل التربية والحياة الإجتماعية على كبت الغرائز فتبقى كامنة في النفس لا تشعر بها . حتى إذا تجمعت آثارها اندفعت ثائرة علينا وجرفت
جميع المواقع التي أقمناها في طريقها .
- اللاشعور في العادة : - قد تكون العادة فاعلة وقد تكون منفعلة ، ولكنها في كلا الحالين تقلب الشعوري إلى لا شعوري . مثال ذلك ان القروي لا تؤرقه جلبة المدينة
إلا لتعودها بعد قليل . ولولا العادة ما تحمل البحري والمعدن والحوذي شقاء الحياة ، ولذلك قيل : إن العادة تضعف الحساسية وتزيد الفاعلية
اللاشعور إلا أن انقلاب الشعوري إلى لا شعوري لا يتحقق في جميع العادات المنفعلة ، فبعض العادات - كعادة امتصاص السم - تفضي إلى مؤالفة جسدية ، لا معنى لنسبتها إلى ، لأن اللاشعور الذي نبحث عنه هو اللاشعور النفسي لا الفيسيولوجي . أما عادة المشي ، وعادة الزلج على الجليد ، وعادة الكتابة ، وعادة العزف على البيانو، وغيرها من العادات الفاعلة ، فإنها لا تنحل إلى مجرد حركات جسدية، بل تقتضي دائما عملا عقلياً، فأنا لا أستطيع أن أقرأ ، أو أكتب ، أو أقود الدراجة إلا إذا أدركت الحروف والألفاظ . وحاففت على توازن الحركات اللازمة للموضع الذي أنا فيه . ولكنني لا أدرك الحروف والألفاظ والحركات إلا إدراكا لا شعوريا ، وهكذا انتبه للمعنى الذي أقرؤه،
أو للتوازن الذي أنا فيه دون الشعور بأجزائه .
٣ - اللاشعور في الإرادة : - إن لأفعالنا الإرادية بواعث ودوافع ظاهرة تعللها بها .
ولكن وراء هذه الأسباب الظاهرة بواعث ودوافع خفية لا نشعر بها ، فنحن لا نقبل فكرة من الفكر إلا لأن وراءها ذكريات غامضة وتجارب خفية ترغمنا على قبولها . ولا نقبل عقيدة من العقائد إلا لأنها حليفة التأملات والرغائب الكامنة في نفوسنا . ومن منا يستطيع أن يذكر . الأسباب التي دفعته إلى الأخذ بهذا الأمر دون ذاك ، أو إلى جميع قبول هذا الرأي دون غيره ، ولو جربنا احصاء هذه الأسباب لوجدناها كثيرة لا نهاية لها . وما الإرادة إلا قوة انتخاب ، فهي تنتخب في اليقظة كما تنتخب في النوم . ان النائم لا يستيقظ لتأثير الصوت في نفسه فحسب، بل لعلاقة هذا الصوت بما يهتم به. قال ( هو فدينغ ( ( الكلمة العادية لا توقظ أحداً إذا لفظت بهدوء ، أما الأم فتستيقظ عند أول حركة تبدو من طفلها، وكثيراً ما يستيقظ البخيل إذا وضع في يده دينار، ويستيقظ الضابط البحري عند همس الإشارة المقصودة بالرغم من نومه العميق في أثناء الضجة ) (١) ومن الناس من يعزم عند النوم على النهوض من فراشه في ساعة معينة من الليل ، فإذا حان الموعد المضروب نهض من نومه من غير أن يوقظه أحد
الأفعال الخاطئة : - ومن الظواهر الدالة على اللاشعور الأفعال الخاطئة التي درسها ( فرويد ) . وذلك أن الإنسان قد يغلط في القول عن غير قصد ، فيدل غلطه على ميله الحقيقي . والعامة تقول في مثل هذه الحالة : كلمة الحق سبقت. مثال ذلك أنك قد تزور أحد المرضى فتقول : ( آه كم اتمنى موته ، بدلاً من قولك : أتمنى شفاؤه ، ففي هذا الخطأ اللفظي دلالة على ميلك الحقيقي.
الظواهر المرضية
لم تصبح فرضية اللاشعو ضرورية تماماً في علم النفس إلا بعد أن أيدتها الظواهر المرضية. كأمراض اختناق الرحم (الهرع ) وازدواج الشخصية وغير ذلك
- اللاشعور في الهرع ( الهستريا أو اختناق الرحم ) : - إن لتصورات المصاب بالهرع تأثيراً قوياً في اختلال حساسيته وذاكرته وارادته وحركاته ، حتى أن مدرسة ) شاركو ( عدت هذا المرض مع الأمراض النفسية . فإذا كان المريض مصاباً بفقدان الحس) في عضو من أعضائه أمكن شفاؤه بالايحاء ، وإذا قرصته في المحل المخدر لم يشعر بشيء ، ولكنه يتذكر القرص عندما ينام نوماً مغنطيسيا . ومن خواص هذا المرض أنه لا يزول بأمر كل طبيب ، بل بأمر الطبيب الذي انتخبه المريض ، وفضله في نفسه على غيره . فالإنتخاب اللاشعوري اذن من مميزات الهرع .
وكذلك إذا أصيب المريض بفقدان الذاكرة . - وهو مرض يعزم فيه المريض على نسيان بعض الذكريات المتعلقة بشخص أو بشيء معين. فإنه يحدثك عن كل ما جرى معه في النهار ، ولكنه يتجنب الكلام على الشخص الذي قرر نسيانه ، فكأنه قرر نزع ذكرى هذا الشخص من نفسه . والأرجح انه لم ينسه نسياناً حقيقياً ، لأن ذكراه لا تزال موجودة في ذهنه ، ولولا ذلك لما اثرت في انتخاب الذكريات تاركة منها ما يتصل بالشخص المقرر نسيانه . فالمريض قد قرر اذن نسيان هذا الشخص ، ولكن ذكراه لا تزال تؤثر في نفسه ، فهي إذن لم تبرح ساحة الشعور الا لتكمن في اللاشعور .
- إن الألفاظ تابعة للمعاني الكامنة فيها ، ولكننا نستعملها من غير أن تكون جميع هذه المعاني حاضرة في أذهاننا ، ولولا المعاني الكامنة في الألفاظ لكانت الكلمة صوتاً شبيها بغيره من الأصوات الطبيعية ، إلا أننا نفهم معاني الألفاظ ونتبادلها فيما بيننا . فهي إذن منطوبة على معرفة خفية لا نحتاج إلى إظهارها دائماً. ولو أردنا الكشف عن هذه المعاني لما عز علينا ذلك إلا أننا نكتفي منها ببلوغ القصد ونمر غير شاعرين بالباقي. - وكذلك الأحكام ، فان كل حكم يتضمن معرفة لاشعورية كامنة في ألفاظه . فإذا قلت مثلاً أن ( مانون ليسكو ( كثيرة التقلب، أو أن ( اورسمان ) قتل ( زائير ) ثم قتل نفسه ، أو أن (سلامان) أحب ) ابسال ( ، لم تدرك حقيقة كلامي هذا، إلا إذا كنت عالماً أن هذه الأسماء تدل على أشخاص روايات ، وإذا سمعت طفلا يشير إلى الكراسي فيقول هذا قطار وهذا موقف ، لم تفهم كلامه إلا إذا كنت عالما بطبيعة تخيل الاطفال وبطبيعة تصوراتهم في ألعابهم ، يدلك ذلك على أن فهم الاحكام يقتضي معرفة سابقة لا تشعر بها دائماً، لأنها كامنة في الالفاظ، ولولا هذه القرائن اللاشعورية لما تفاهم المتكلمون.
ه - اللاشعور في الخيال المبدع : - الخيال المبدع هو القدرة على الاختراع . والعمل الذهني الذي يهيء الاختراع العلمي عمل مظلم غامض . إلا أنه ينضج الفكرة ثم ينقلها من القوة إلى الفعل . ولا يصبح هذا العمل الغامض واضحاً بيناً إلا عندما تظهر آثاره ، فكم مرة فتش الانسان فيها عن حل مسألة، فلم يستطع إلى ذلك سبيلا ، فاذا تركها و استراح مدة من الزمان ثم عاد اليها أشرق عليه نور الحقيقة دفعة واحدة ودون تعب، فيصيبه ما أصاب ( ارخميدس ) عندما خرج من الحمام صائحاً وجدتها وجدتها ( Eureka ) . ولشد ما يكون العقل عاجزاً عن إدراك الوسائل التي قادته إلى كشف الحقيقة ، والناس في ذلك
. متفاوتون ، فمنهم من هو مؤيد النفس بشدة الصفاء ، يكشف ويخترع أموراً لا يدركها غيره إلا بالقياس والتعليم. ومنهم من لا يعرف كيف توصل إلى الكشف ، ولا يشعر بالحدود الوسطى التي هيأت له النتيجة .
خلال انقطاعه عن قال ( هنري بوانکاره ) : « كثيراً ما يشتغل الرياضي بحل مسألة عويصة فلا يصل إلى نتيجة جيدة عند الابتداء بالعمل ، ثم يستريح مدة من الزمان ويعود إليها مرة ثانية ويظل نصف ساعة من غير أن يجد شيئاً ، فإذا بالفكرة النهائية تشرق عليه بعد ذلك دفعة واحدة . قد يقال ان هذا الكشف ثمرة من ثمرات العمل الذهني ، لأن استراحة العقل العمل اعادت إليه قوته ونشاطه، والأولى أن يقال أن النشاط الذهني لم ينقطع خلال الراحة ، وان نتيجته التي انكشفت للرياضي قد تولدت من هذا النشاط
اللاشوري ) . (
وقال أيضاً : و لا يكون هذا العمل اللاشعوري ممكنا ومنتجاً إلا إذا هيا. عمل شعوري ، ولا تشرق هذه الالهامات السريعة على الانسان إلا بعد جهود إرادية . العقل لا يستريح في الظاهر إلا ليعمل في الباطن ، ولا تنبجس الحقيقة من هذا العمل اللاشعوري إلا إذا كان مسبوقاً بعمل إرادي. وعلى ذلك فإن الحياة اللاشعورية لا تقل خطورة عن
الحياة الشاعرة ) .
ج. - اللاشعور في الحياة الفاعلة
وفي الحياة الفاعلة أمثلة كثيرة دالة على وجود اللاشعور ، لأن أفعالنا كثيراً ما تكون خالية من الوعي ، ويمكننا اثبات ذلك بالقاء نظرة على الغريزة والعادة والارادة. ۱ - اللاشعور في الغريزة : - الغريزة نزهة غامضة ، وهي تراث الماضي ، وكثيراً ما
تكون خفية لا نشعر بها كفريزة حفظ البقاء ، والغريزة الجنسية ، وغريزة الكفاح التي لا تظهر إلا عند الحاجة إليها ، وقد تعمل التربية والحياة الإجتماعية على كبت الغرائز فتبقى كامنة في النفس لا تشعر بها . حتى إذا تجمعت آثارها اندفعت ثائرة علينا وجرفت
جميع المواقع التي أقمناها في طريقها .
- اللاشعور في العادة : - قد تكون العادة فاعلة وقد تكون منفعلة ، ولكنها في كلا الحالين تقلب الشعوري إلى لا شعوري . مثال ذلك ان القروي لا تؤرقه جلبة المدينة
إلا لتعودها بعد قليل . ولولا العادة ما تحمل البحري والمعدن والحوذي شقاء الحياة ، ولذلك قيل : إن العادة تضعف الحساسية وتزيد الفاعلية
اللاشعور إلا أن انقلاب الشعوري إلى لا شعوري لا يتحقق في جميع العادات المنفعلة ، فبعض العادات - كعادة امتصاص السم - تفضي إلى مؤالفة جسدية ، لا معنى لنسبتها إلى ، لأن اللاشعور الذي نبحث عنه هو اللاشعور النفسي لا الفيسيولوجي . أما عادة المشي ، وعادة الزلج على الجليد ، وعادة الكتابة ، وعادة العزف على البيانو، وغيرها من العادات الفاعلة ، فإنها لا تنحل إلى مجرد حركات جسدية، بل تقتضي دائما عملا عقلياً، فأنا لا أستطيع أن أقرأ ، أو أكتب ، أو أقود الدراجة إلا إذا أدركت الحروف والألفاظ . وحاففت على توازن الحركات اللازمة للموضع الذي أنا فيه . ولكنني لا أدرك الحروف والألفاظ والحركات إلا إدراكا لا شعوريا ، وهكذا انتبه للمعنى الذي أقرؤه،
أو للتوازن الذي أنا فيه دون الشعور بأجزائه .
٣ - اللاشعور في الإرادة : - إن لأفعالنا الإرادية بواعث ودوافع ظاهرة تعللها بها .
ولكن وراء هذه الأسباب الظاهرة بواعث ودوافع خفية لا نشعر بها ، فنحن لا نقبل فكرة من الفكر إلا لأن وراءها ذكريات غامضة وتجارب خفية ترغمنا على قبولها . ولا نقبل عقيدة من العقائد إلا لأنها حليفة التأملات والرغائب الكامنة في نفوسنا . ومن منا يستطيع أن يذكر . الأسباب التي دفعته إلى الأخذ بهذا الأمر دون ذاك ، أو إلى جميع قبول هذا الرأي دون غيره ، ولو جربنا احصاء هذه الأسباب لوجدناها كثيرة لا نهاية لها . وما الإرادة إلا قوة انتخاب ، فهي تنتخب في اليقظة كما تنتخب في النوم . ان النائم لا يستيقظ لتأثير الصوت في نفسه فحسب، بل لعلاقة هذا الصوت بما يهتم به. قال ( هو فدينغ ( ( الكلمة العادية لا توقظ أحداً إذا لفظت بهدوء ، أما الأم فتستيقظ عند أول حركة تبدو من طفلها، وكثيراً ما يستيقظ البخيل إذا وضع في يده دينار، ويستيقظ الضابط البحري عند همس الإشارة المقصودة بالرغم من نومه العميق في أثناء الضجة ) (١) ومن الناس من يعزم عند النوم على النهوض من فراشه في ساعة معينة من الليل ، فإذا حان الموعد المضروب نهض من نومه من غير أن يوقظه أحد
الأفعال الخاطئة : - ومن الظواهر الدالة على اللاشعور الأفعال الخاطئة التي درسها ( فرويد ) . وذلك أن الإنسان قد يغلط في القول عن غير قصد ، فيدل غلطه على ميله الحقيقي . والعامة تقول في مثل هذه الحالة : كلمة الحق سبقت. مثال ذلك أنك قد تزور أحد المرضى فتقول : ( آه كم اتمنى موته ، بدلاً من قولك : أتمنى شفاؤه ، ففي هذا الخطأ اللفظي دلالة على ميلك الحقيقي.
الظواهر المرضية
لم تصبح فرضية اللاشعو ضرورية تماماً في علم النفس إلا بعد أن أيدتها الظواهر المرضية. كأمراض اختناق الرحم (الهرع ) وازدواج الشخصية وغير ذلك
- اللاشعور في الهرع ( الهستريا أو اختناق الرحم ) : - إن لتصورات المصاب بالهرع تأثيراً قوياً في اختلال حساسيته وذاكرته وارادته وحركاته ، حتى أن مدرسة ) شاركو ( عدت هذا المرض مع الأمراض النفسية . فإذا كان المريض مصاباً بفقدان الحس) في عضو من أعضائه أمكن شفاؤه بالايحاء ، وإذا قرصته في المحل المخدر لم يشعر بشيء ، ولكنه يتذكر القرص عندما ينام نوماً مغنطيسيا . ومن خواص هذا المرض أنه لا يزول بأمر كل طبيب ، بل بأمر الطبيب الذي انتخبه المريض ، وفضله في نفسه على غيره . فالإنتخاب اللاشعوري اذن من مميزات الهرع .
وكذلك إذا أصيب المريض بفقدان الذاكرة . - وهو مرض يعزم فيه المريض على نسيان بعض الذكريات المتعلقة بشخص أو بشيء معين. فإنه يحدثك عن كل ما جرى معه في النهار ، ولكنه يتجنب الكلام على الشخص الذي قرر نسيانه ، فكأنه قرر نزع ذكرى هذا الشخص من نفسه . والأرجح انه لم ينسه نسياناً حقيقياً ، لأن ذكراه لا تزال موجودة في ذهنه ، ولولا ذلك لما اثرت في انتخاب الذكريات تاركة منها ما يتصل بالشخص المقرر نسيانه . فالمريض قد قرر اذن نسيان هذا الشخص ، ولكن ذكراه لا تزال تؤثر في نفسه ، فهي إذن لم تبرح ساحة الشعور الا لتكمن في اللاشعور .
تعليق