اللا شعور
١ - الدليل العقلي
یری ( هامیلتون ) (۱) و ( تين ( أنه يمكن البرهان على وجود الحياة اللا شعورية بطريقة عقلية مجردة . واليك بعض كلام ( تين ) :
ه هب وتراً اهتز أمامك من ١ إلى ۱۲ مرة في الثانية ، فإذا لم يبلغ عدد الهزات ١٢ لم تسمع له صوتاً ، فالأذن لا تسمع إذن صوت ۱۱ موجة ، بل صوت ۱۲ موجة مجتمعة والفرق بين الحالتين موجة واحدة . فلو كانت هذه الموجة دون أثر لما اختلفت نتيجة ال ۱۱ موجة عن نتيجة الـ ۱۲ . فما هو السبب في ذلك ؟ نحن نعلم أن كل قسم من العلة يحدث بالضرورة قسماً من المعلول ؛ وعلى ذلك فان الاحساس الكلي المتولد من اجتماع ١٢ موجة ينقسم إلى احساسات جزئية متولدة من تأثير الأمواج المنفردة . فكل موجة تترك إذن أثراً في النفس ، ولولا ذلك لما أحست الاذن بالصوت الكلي. فالاحساس الكلي المتولد من اجتماع ۱۲ موجة مركب من ۱۲ قسما ، كل واحد منها لا شعوري (٢)
مناقشة هذا الدليل : - إذا انعمنا النظر في هذا الدليل وجدناه مستمداً من رأي ) ليبنيز ( في الادراكات الصغرى . وليس من الصعب علينا أن نجد فيه وفي رأي (ليبنيز) مجالاً للانتقاد . يرتكز هذا الدليل على القاعدة الآتية : كل تبدل عضوي فهو مصحوب بتبدل نفسي ، ولذلك فانه إذا اهتز الوتر ۱۲ مرة ولد في النفس ١٢ إدراكا لا شعورياً . لا شك في ان اهتزاز الوتر ۱۲ مرة يحدث احساسا سمعيا ، كما جاء في المثال . ولكن هذا الاحساس السمعي متوقف على انضمام آثار الأمواج بعضها إلى بعض ، ولولا ذلك لماتحرك العصب السمعي ، أضف إلى ذلك أن للاحساس السمعي حداً اكبر وحداً أصغر ، فاذا خرج عدد الأمواج عن هذين الحدين لم تسمع الاذن لها أثراً . وإذا كان الحد الاصغر لتولد الاحساس السمعي ۱۲ موجة كانت الـ ۱۱ موجة عديمة الأثر ، فلا يتولد منها احساس ابداً.
وإذا تعمقنا في المناقشة وجدنا رأي ) ليبنيز ( ، مبنياً على المبدأ الآتي : كل جزء من العلة يحدث جزءاً من المعلول مجاناً للمعلول كله ، وقد بين ( استوارت ميل ) ان هذا المبدأ لا ينطبق على التجربة ، ولنوضح ذلك بمثال . لنفرض أن خيطاً ينقطع إذا علقت به قطعة من المعدن تزن ۱۰۰ غرام، فهل ينقطع إذا علق به ۱۰ غ ؟ نعم ان وزن ۱۰ غ يحدث في الخيط أثراً ما ، فيوتره ويهيء إنقطاعه ، ولكن هذا الأثر الجزئي ليس مجانساً للمعلول الكلي ، لأن اشتداد الوتر شيء ، وانقطاعه شيء آخر . وليس يمكنك أن تقول أن التوتر المتولد من عشر العلة معادل لعشر المعلول الكلي ومجانس له . فكما انه لا يمكن أن ينقسم انقطاع الوتر إلى عشرة أجزاء متجانسة كذلك لا يمكن أن ينقسم الإحساس إلى عناصر جزئية متجانسة ، لأن الإحساس ليس مركباً . وسنعود إلى هذا البحث عند الكلام على نظرية ( تين ) و ( سبنسر ( في وحدة تركيب النفس ، ولو صح دليل ( ليبنيز ( لأثبت لنا عكس ما يريد ، لأنه يقتضي أن يكون المعلول الجزئي شعورياً ، كالمعلول الكلي لكونه مجــانـــا له ، وأن تكون الأذن قادرة على الإحساس بصوت الموجة الصغيرة كإحساسها بصوت الأمواج المجتمعة ، وهذا
مخالف للتجربة
فأنت ترى أن هذه المناقشات العقلية لا توصل إلى يقين تام ، ولا تقطع مظان الاشتباه،
بل تثبت أن وجود ا الحياة اللاشعورية أمر ممكن لا غير
٢ - الاعتراض على نظرية اللاشعور
ولنناقش الآن بعض الاعتراضات المنطقية التي ذكرها الفلاسفة في الرد على نظرية اللاشعور
1 - الاعتراض الأول : - إن وجود حالات ) نفسية لاشعورية) محال لا بل متناقض. لأنه إذا كان الشعور جوهر النفس ، امتنع وجود احدهما دون الآخر . قد يكون للحياة اللاشعورية معنى من الوجهة الفيسيولوجية، فلا يمتنع وجود شيء فيسيولوجي لاشعوري، أما من الوجهة النفسية فلا يعقل وجوده ، لأنك لا تستطيع أن تتصور عقلا لا يعقل ، أو
نفاً لا تشعر
لا قيمة لهذا الاعتراض إلا بالنسبة إلى الذين لم يألفوا البحث في الحياة اللاشعورية؛ لأن هذه النظرية الجديدة تنافي كل ما تعودوه. ومثل علم النفس في ذلك كمثل العلوم الأخرى. أفلا يختلط الأمر على المبتديء في حساب اللانهايات ، و مل سلمت نظرية الجاذبية العامة في
وإذا تعمقنا في المناقشة وجدنا رأي ) ليبنيز ( ، مبنياً على المبدأ الآتي : كل جزء من العلة يحدث جزءاً من المعلول مجاناً للمعلول كله ، وقد بين ( استوارت ميل ) ان هذا المبدأ لا ينطبق على التجربة ، ولنوضح ذلك بمثال . لنفرض أن خيطاً ينقطع إذا علقت به قطعة من المعدن تزن ۱۰۰ غرام، فهل ينقطع إذا علق به ۱۰ غ ؟ نعم ان وزن ۱۰ غ يحدث في الخيط أثراً ما ، فيوتره ويهيء إنقطاعه ، ولكن هذا الأثر الجزئي ليس مجانساً للمعلول الكلي ، لأن اشتداد الوتر شيء ، وانقطاعه شيء آخر . وليس يمكنك أن تقول أن التوتر المتولد من عشر العلة معادل لعشر المعلول الكلي ومجانس له . فكما انه لا يمكن أن ينقسم انقطاع الوتر إلى عشرة أجزاء متجانسة كذلك لا يمكن أن ينقسم الإحساس إلى عناصر جزئية متجانسة ، لأن الإحساس ليس مركباً . وسنعود إلى هذا البحث عند الكلام على نظرية ( تين ) و ( سبنسر ( في وحدة تركيب النفس ، ولو صح دليل ( ليبنيز ( لأثبت لنا عكس ما يريد ، لأنه يقتضي أن يكون المعلول الجزئي شعورياً ، كالمعلول الكلي لكونه مجــانـــا له ، وأن تكون الأذن قادرة على الإحساس بصوت الموجة الصغيرة كإحساسها بصوت الأمواج المجتمعة ، وهذا
مخالف للتجربة
فأنت ترى أن هذه المناقشات العقلية لا توصل إلى يقين تام ، ولا تقطع مظان الاشتباه،
بل تثبت أن وجود ا الحياة اللاشعورية أمر ممكن لا غير
٢ - الاعتراض على نظرية اللاشعور
ولنناقش الآن بعض الاعتراضات المنطقية التي ذكرها الفلاسفة في الرد على نظرية اللاشعور
1 - الاعتراض الأول : - إن وجود حالات ) نفسية لاشعورية) محال لا بل متناقض. لأنه إذا كان الشعور جوهر النفس ، امتنع وجود احدهما دون الآخر . قد يكون للحياة اللاشعورية معنى من الوجهة الفيسيولوجية، فلا يمتنع وجود شيء فيسيولوجي لاشعوري، أما من الوجهة النفسية فلا يعقل وجوده ، لأنك لا تستطيع أن تتصور عقلا لا يعقل ، أو
نفاً لا تشعر
لا قيمة لهذا الاعتراض إلا بالنسبة إلى الذين لم يألفوا البحث في الحياة اللاشعورية؛ لأن هذه النظرية الجديدة تنافي كل ما تعودوه. ومثل علم النفس في ذلك كمثل العلوم الأخرى. أفلا يختلط الأمر على المبتديء في حساب اللانهايات ، و مل سلمت نظرية الجاذبية العامة في
أول أمرها من الاعتراض. لا يهدم الاعتراض نظرية من نظريات العلم إلا إذا كانت واهية، ولا يتقدم العلم إلا إذا استعان بالفرضيات والنظريات ، والناس يستغربون كل جديد ، فلا تعجب لنظرية اللاشعور إذا بدت متناقضة .
ولعل هذا التناقض لم ينشأ إلا عن توحيدنا النفس والشعور ، واعتقادنا أن الشعور يشمل جميع الظواهر النفسية . لقد تعودنا الإطلاع على الظواهر النفسية بوساطة الشعور فقط . ولكن هل يلزم من ذلك أن يكون الشعور حقيقة النفس . إذا كان كل شعور نفسيا، فليس كل نفسي شعورياً. وكيف يمكن تعريف النفس بالشعور وهي أوسع وأغنى منه ، يكفي أن نعدل عن المطابقة بين النفس والشعور حق يزول التناقض .
يكون ٢ - الاعتراض الثاني . إذا سلمنا بخلو نظرية اللاشعور من التناقض لم تسلم من الإعتراض . لأنه قد يقال لنا كيف يمكن إدراك اللاشعور ومعرفته . فإما أن اللاشعور نفسياً ، وإما أن يكون غير نفسي . فإذا كان نفسياً لم يدرك بالملاحظة الخارجية، ولا بالملاحظة الداخلية، لأن آلة هذا الإدراك هي ا الشعور ، فالأحوال اللاشعورية لا تدرك بالملاحظة الداخلية ولا بالملاحظة الخارجية، فوجودها وعدم وجودها سواء .
إن هذا الاعتراض لا ينقض نظرية اللاشعور ، لأن وجود الشيء لا يقتضي ملاحظته بإحدى الصور المعلومة. وإذا كنا نقرر وجود كثير من الأشياء التي لا نستطيع مشاهدتها فمرد ذلك إلى أننا نستدل على وجودها بآثارها ، وإلى أننا نفرض وراء المعلول الظاهر علة عميقة تفسره . نحن لا نرى إلا وجها واحداً من القمر ، فأي فلكي يتردد في إثبات وجه آخر له. نحن لا نرى موجة واحدة من أمواج الأثير ، و لكن العالم الطبيعي يقرر وجودها ويقيس سمعتها ويعين اتجاهها . أنا لا أدرك مباشرة إلا حياتي النفسية، ولا أطلع على حياة الآخرين إلا بآثارها . فاي عالم نفسي لا بل أي رجل عاقل يشك في وجود حياة نفسية عند الآخرين. فلماذا يقرر الفلكي وجود أشياء لم يرها بمنظاره ؟ ذلك لأن له في حسابه الدقيق غنى عن المشاهدة الحسية . ولو لا حاجة الطبيعيين إلى تعليل بعض الظواهر الطبيعية كالتداخل والاستقطاب وانتقال النور لما فرضوا وجود الأثير ، وكذلك لولا اضطرار علماء النفس الى تعليل بعض الظواهر النفسية لما فرضوا وجود اللاشعور ، فنظرية اللاشعور إذن نظرية ، وهي أكثر نفعاً في علم النفس من فرضية الأثير في علم الطبيعة . ضرورية ونافعة
أول أمرها من الاعتراض. لا يهدم الاعتراض نظرية من نظريات العلم إلا إذا كانت واهية، ولا يتقدم العلم إلا إذا استعان بالفرضيات والنظريات ، والناس يستغربون كل جديد ، فلا تعجب لنظرية اللاشعور إذا بدت متناقضة .
ولعل هذا التناقض لم ينشأ إلا عن توحيدنا النفس والشعور ، واعتقادنا أن الشعور يشمل جميع الظواهر النفسية . لقد تعودنا الإطلاع على الظواهر النفسية بوساطة الشعور فقط . ولكن هل يلزم من ذلك أن يكون الشعور حقيقة النفس . إذا كان كل شعور نفسيا، فليس كل نفسي شعورياً. وكيف يمكن تعريف النفس بالشعور وهي أوسع وأغنى منه ، يكفي أن نعدل عن المطابقة بين النفس والشعور حق يزول التناقض .
يكون ٢ - الاعتراض الثاني . إذا سلمنا بخلو نظرية اللاشعور من التناقض لم تسلم من الإعتراض . لأنه قد يقال لنا كيف يمكن إدراك اللاشعور ومعرفته . فإما أن اللاشعور نفسياً ، وإما أن يكون غير نفسي . فإذا كان نفسياً لم يدرك بالملاحظة الخارجية، ولا بالملاحظة الداخلية، لأن آلة هذا الإدراك هي ا الشعور ، فالأحوال اللاشعورية لا تدرك بالملاحظة الداخلية ولا بالملاحظة الخارجية، فوجودها وعدم وجودها سواء .
إن هذا الاعتراض لا ينقض نظرية اللاشعور ، لأن وجود الشيء لا يقتضي ملاحظته بإحدى الصور المعلومة. وإذا كنا نقرر وجود كثير من الأشياء التي لا نستطيع مشاهدتها فمرد ذلك إلى أننا نستدل على وجودها بآثارها ، وإلى أننا نفرض وراء المعلول الظاهر علة عميقة تفسره . نحن لا نرى إلا وجها واحداً من القمر ، فأي فلكي يتردد في إثبات وجه آخر له. نحن لا نرى موجة واحدة من أمواج الأثير ، و لكن العالم الطبيعي يقرر وجودها ويقيس سمعتها ويعين اتجاهها . أنا لا أدرك مباشرة إلا حياتي النفسية، ولا أطلع على حياة الآخرين إلا بآثارها . فاي عالم نفسي لا بل أي رجل عاقل يشك في وجود حياة نفسية عند الآخرين. فلماذا يقرر الفلكي وجود أشياء لم يرها بمنظاره ؟ ذلك لأن له في حسابه الدقيق غنى عن المشاهدة الحسية . ولو لا حاجة الطبيعيين إلى تعليل بعض الظواهر الطبيعية كالتداخل والاستقطاب وانتقال النور لما فرضوا وجود الأثير ، وكذلك لولا اضطرار علماء النفس الى تعليل بعض الظواهر النفسية لما فرضوا وجود اللاشعور ، فنظرية اللاشعور إذن نظرية ، وهي أكثر نفعاً في علم النفس من فرضية الأثير في علم الطبيعة . ضرورية ونافعة
١ - الدليل العقلي
یری ( هامیلتون ) (۱) و ( تين ( أنه يمكن البرهان على وجود الحياة اللا شعورية بطريقة عقلية مجردة . واليك بعض كلام ( تين ) :
ه هب وتراً اهتز أمامك من ١ إلى ۱۲ مرة في الثانية ، فإذا لم يبلغ عدد الهزات ١٢ لم تسمع له صوتاً ، فالأذن لا تسمع إذن صوت ۱۱ موجة ، بل صوت ۱۲ موجة مجتمعة والفرق بين الحالتين موجة واحدة . فلو كانت هذه الموجة دون أثر لما اختلفت نتيجة ال ۱۱ موجة عن نتيجة الـ ۱۲ . فما هو السبب في ذلك ؟ نحن نعلم أن كل قسم من العلة يحدث بالضرورة قسماً من المعلول ؛ وعلى ذلك فان الاحساس الكلي المتولد من اجتماع ١٢ موجة ينقسم إلى احساسات جزئية متولدة من تأثير الأمواج المنفردة . فكل موجة تترك إذن أثراً في النفس ، ولولا ذلك لما أحست الاذن بالصوت الكلي. فالاحساس الكلي المتولد من اجتماع ۱۲ موجة مركب من ۱۲ قسما ، كل واحد منها لا شعوري (٢)
مناقشة هذا الدليل : - إذا انعمنا النظر في هذا الدليل وجدناه مستمداً من رأي ) ليبنيز ( في الادراكات الصغرى . وليس من الصعب علينا أن نجد فيه وفي رأي (ليبنيز) مجالاً للانتقاد . يرتكز هذا الدليل على القاعدة الآتية : كل تبدل عضوي فهو مصحوب بتبدل نفسي ، ولذلك فانه إذا اهتز الوتر ۱۲ مرة ولد في النفس ١٢ إدراكا لا شعورياً . لا شك في ان اهتزاز الوتر ۱۲ مرة يحدث احساسا سمعيا ، كما جاء في المثال . ولكن هذا الاحساس السمعي متوقف على انضمام آثار الأمواج بعضها إلى بعض ، ولولا ذلك لماتحرك العصب السمعي ، أضف إلى ذلك أن للاحساس السمعي حداً اكبر وحداً أصغر ، فاذا خرج عدد الأمواج عن هذين الحدين لم تسمع الاذن لها أثراً . وإذا كان الحد الاصغر لتولد الاحساس السمعي ۱۲ موجة كانت الـ ۱۱ موجة عديمة الأثر ، فلا يتولد منها احساس ابداً.
وإذا تعمقنا في المناقشة وجدنا رأي ) ليبنيز ( ، مبنياً على المبدأ الآتي : كل جزء من العلة يحدث جزءاً من المعلول مجاناً للمعلول كله ، وقد بين ( استوارت ميل ) ان هذا المبدأ لا ينطبق على التجربة ، ولنوضح ذلك بمثال . لنفرض أن خيطاً ينقطع إذا علقت به قطعة من المعدن تزن ۱۰۰ غرام، فهل ينقطع إذا علق به ۱۰ غ ؟ نعم ان وزن ۱۰ غ يحدث في الخيط أثراً ما ، فيوتره ويهيء إنقطاعه ، ولكن هذا الأثر الجزئي ليس مجانساً للمعلول الكلي ، لأن اشتداد الوتر شيء ، وانقطاعه شيء آخر . وليس يمكنك أن تقول أن التوتر المتولد من عشر العلة معادل لعشر المعلول الكلي ومجانس له . فكما انه لا يمكن أن ينقسم انقطاع الوتر إلى عشرة أجزاء متجانسة كذلك لا يمكن أن ينقسم الإحساس إلى عناصر جزئية متجانسة ، لأن الإحساس ليس مركباً . وسنعود إلى هذا البحث عند الكلام على نظرية ( تين ) و ( سبنسر ( في وحدة تركيب النفس ، ولو صح دليل ( ليبنيز ( لأثبت لنا عكس ما يريد ، لأنه يقتضي أن يكون المعلول الجزئي شعورياً ، كالمعلول الكلي لكونه مجــانـــا له ، وأن تكون الأذن قادرة على الإحساس بصوت الموجة الصغيرة كإحساسها بصوت الأمواج المجتمعة ، وهذا
مخالف للتجربة
فأنت ترى أن هذه المناقشات العقلية لا توصل إلى يقين تام ، ولا تقطع مظان الاشتباه،
بل تثبت أن وجود ا الحياة اللاشعورية أمر ممكن لا غير
٢ - الاعتراض على نظرية اللاشعور
ولنناقش الآن بعض الاعتراضات المنطقية التي ذكرها الفلاسفة في الرد على نظرية اللاشعور
1 - الاعتراض الأول : - إن وجود حالات ) نفسية لاشعورية) محال لا بل متناقض. لأنه إذا كان الشعور جوهر النفس ، امتنع وجود احدهما دون الآخر . قد يكون للحياة اللاشعورية معنى من الوجهة الفيسيولوجية، فلا يمتنع وجود شيء فيسيولوجي لاشعوري، أما من الوجهة النفسية فلا يعقل وجوده ، لأنك لا تستطيع أن تتصور عقلا لا يعقل ، أو
نفاً لا تشعر
لا قيمة لهذا الاعتراض إلا بالنسبة إلى الذين لم يألفوا البحث في الحياة اللاشعورية؛ لأن هذه النظرية الجديدة تنافي كل ما تعودوه. ومثل علم النفس في ذلك كمثل العلوم الأخرى. أفلا يختلط الأمر على المبتديء في حساب اللانهايات ، و مل سلمت نظرية الجاذبية العامة في
وإذا تعمقنا في المناقشة وجدنا رأي ) ليبنيز ( ، مبنياً على المبدأ الآتي : كل جزء من العلة يحدث جزءاً من المعلول مجاناً للمعلول كله ، وقد بين ( استوارت ميل ) ان هذا المبدأ لا ينطبق على التجربة ، ولنوضح ذلك بمثال . لنفرض أن خيطاً ينقطع إذا علقت به قطعة من المعدن تزن ۱۰۰ غرام، فهل ينقطع إذا علق به ۱۰ غ ؟ نعم ان وزن ۱۰ غ يحدث في الخيط أثراً ما ، فيوتره ويهيء إنقطاعه ، ولكن هذا الأثر الجزئي ليس مجانساً للمعلول الكلي ، لأن اشتداد الوتر شيء ، وانقطاعه شيء آخر . وليس يمكنك أن تقول أن التوتر المتولد من عشر العلة معادل لعشر المعلول الكلي ومجانس له . فكما انه لا يمكن أن ينقسم انقطاع الوتر إلى عشرة أجزاء متجانسة كذلك لا يمكن أن ينقسم الإحساس إلى عناصر جزئية متجانسة ، لأن الإحساس ليس مركباً . وسنعود إلى هذا البحث عند الكلام على نظرية ( تين ) و ( سبنسر ( في وحدة تركيب النفس ، ولو صح دليل ( ليبنيز ( لأثبت لنا عكس ما يريد ، لأنه يقتضي أن يكون المعلول الجزئي شعورياً ، كالمعلول الكلي لكونه مجــانـــا له ، وأن تكون الأذن قادرة على الإحساس بصوت الموجة الصغيرة كإحساسها بصوت الأمواج المجتمعة ، وهذا
مخالف للتجربة
فأنت ترى أن هذه المناقشات العقلية لا توصل إلى يقين تام ، ولا تقطع مظان الاشتباه،
بل تثبت أن وجود ا الحياة اللاشعورية أمر ممكن لا غير
٢ - الاعتراض على نظرية اللاشعور
ولنناقش الآن بعض الاعتراضات المنطقية التي ذكرها الفلاسفة في الرد على نظرية اللاشعور
1 - الاعتراض الأول : - إن وجود حالات ) نفسية لاشعورية) محال لا بل متناقض. لأنه إذا كان الشعور جوهر النفس ، امتنع وجود احدهما دون الآخر . قد يكون للحياة اللاشعورية معنى من الوجهة الفيسيولوجية، فلا يمتنع وجود شيء فيسيولوجي لاشعوري، أما من الوجهة النفسية فلا يعقل وجوده ، لأنك لا تستطيع أن تتصور عقلا لا يعقل ، أو
نفاً لا تشعر
لا قيمة لهذا الاعتراض إلا بالنسبة إلى الذين لم يألفوا البحث في الحياة اللاشعورية؛ لأن هذه النظرية الجديدة تنافي كل ما تعودوه. ومثل علم النفس في ذلك كمثل العلوم الأخرى. أفلا يختلط الأمر على المبتديء في حساب اللانهايات ، و مل سلمت نظرية الجاذبية العامة في
أول أمرها من الاعتراض. لا يهدم الاعتراض نظرية من نظريات العلم إلا إذا كانت واهية، ولا يتقدم العلم إلا إذا استعان بالفرضيات والنظريات ، والناس يستغربون كل جديد ، فلا تعجب لنظرية اللاشعور إذا بدت متناقضة .
ولعل هذا التناقض لم ينشأ إلا عن توحيدنا النفس والشعور ، واعتقادنا أن الشعور يشمل جميع الظواهر النفسية . لقد تعودنا الإطلاع على الظواهر النفسية بوساطة الشعور فقط . ولكن هل يلزم من ذلك أن يكون الشعور حقيقة النفس . إذا كان كل شعور نفسيا، فليس كل نفسي شعورياً. وكيف يمكن تعريف النفس بالشعور وهي أوسع وأغنى منه ، يكفي أن نعدل عن المطابقة بين النفس والشعور حق يزول التناقض .
يكون ٢ - الاعتراض الثاني . إذا سلمنا بخلو نظرية اللاشعور من التناقض لم تسلم من الإعتراض . لأنه قد يقال لنا كيف يمكن إدراك اللاشعور ومعرفته . فإما أن اللاشعور نفسياً ، وإما أن يكون غير نفسي . فإذا كان نفسياً لم يدرك بالملاحظة الخارجية، ولا بالملاحظة الداخلية، لأن آلة هذا الإدراك هي ا الشعور ، فالأحوال اللاشعورية لا تدرك بالملاحظة الداخلية ولا بالملاحظة الخارجية، فوجودها وعدم وجودها سواء .
إن هذا الاعتراض لا ينقض نظرية اللاشعور ، لأن وجود الشيء لا يقتضي ملاحظته بإحدى الصور المعلومة. وإذا كنا نقرر وجود كثير من الأشياء التي لا نستطيع مشاهدتها فمرد ذلك إلى أننا نستدل على وجودها بآثارها ، وإلى أننا نفرض وراء المعلول الظاهر علة عميقة تفسره . نحن لا نرى إلا وجها واحداً من القمر ، فأي فلكي يتردد في إثبات وجه آخر له. نحن لا نرى موجة واحدة من أمواج الأثير ، و لكن العالم الطبيعي يقرر وجودها ويقيس سمعتها ويعين اتجاهها . أنا لا أدرك مباشرة إلا حياتي النفسية، ولا أطلع على حياة الآخرين إلا بآثارها . فاي عالم نفسي لا بل أي رجل عاقل يشك في وجود حياة نفسية عند الآخرين. فلماذا يقرر الفلكي وجود أشياء لم يرها بمنظاره ؟ ذلك لأن له في حسابه الدقيق غنى عن المشاهدة الحسية . ولو لا حاجة الطبيعيين إلى تعليل بعض الظواهر الطبيعية كالتداخل والاستقطاب وانتقال النور لما فرضوا وجود الأثير ، وكذلك لولا اضطرار علماء النفس الى تعليل بعض الظواهر النفسية لما فرضوا وجود اللاشعور ، فنظرية اللاشعور إذن نظرية ، وهي أكثر نفعاً في علم النفس من فرضية الأثير في علم الطبيعة . ضرورية ونافعة
أول أمرها من الاعتراض. لا يهدم الاعتراض نظرية من نظريات العلم إلا إذا كانت واهية، ولا يتقدم العلم إلا إذا استعان بالفرضيات والنظريات ، والناس يستغربون كل جديد ، فلا تعجب لنظرية اللاشعور إذا بدت متناقضة .
ولعل هذا التناقض لم ينشأ إلا عن توحيدنا النفس والشعور ، واعتقادنا أن الشعور يشمل جميع الظواهر النفسية . لقد تعودنا الإطلاع على الظواهر النفسية بوساطة الشعور فقط . ولكن هل يلزم من ذلك أن يكون الشعور حقيقة النفس . إذا كان كل شعور نفسيا، فليس كل نفسي شعورياً. وكيف يمكن تعريف النفس بالشعور وهي أوسع وأغنى منه ، يكفي أن نعدل عن المطابقة بين النفس والشعور حق يزول التناقض .
يكون ٢ - الاعتراض الثاني . إذا سلمنا بخلو نظرية اللاشعور من التناقض لم تسلم من الإعتراض . لأنه قد يقال لنا كيف يمكن إدراك اللاشعور ومعرفته . فإما أن اللاشعور نفسياً ، وإما أن يكون غير نفسي . فإذا كان نفسياً لم يدرك بالملاحظة الخارجية، ولا بالملاحظة الداخلية، لأن آلة هذا الإدراك هي ا الشعور ، فالأحوال اللاشعورية لا تدرك بالملاحظة الداخلية ولا بالملاحظة الخارجية، فوجودها وعدم وجودها سواء .
إن هذا الاعتراض لا ينقض نظرية اللاشعور ، لأن وجود الشيء لا يقتضي ملاحظته بإحدى الصور المعلومة. وإذا كنا نقرر وجود كثير من الأشياء التي لا نستطيع مشاهدتها فمرد ذلك إلى أننا نستدل على وجودها بآثارها ، وإلى أننا نفرض وراء المعلول الظاهر علة عميقة تفسره . نحن لا نرى إلا وجها واحداً من القمر ، فأي فلكي يتردد في إثبات وجه آخر له. نحن لا نرى موجة واحدة من أمواج الأثير ، و لكن العالم الطبيعي يقرر وجودها ويقيس سمعتها ويعين اتجاهها . أنا لا أدرك مباشرة إلا حياتي النفسية، ولا أطلع على حياة الآخرين إلا بآثارها . فاي عالم نفسي لا بل أي رجل عاقل يشك في وجود حياة نفسية عند الآخرين. فلماذا يقرر الفلكي وجود أشياء لم يرها بمنظاره ؟ ذلك لأن له في حسابه الدقيق غنى عن المشاهدة الحسية . ولو لا حاجة الطبيعيين إلى تعليل بعض الظواهر الطبيعية كالتداخل والاستقطاب وانتقال النور لما فرضوا وجود الأثير ، وكذلك لولا اضطرار علماء النفس الى تعليل بعض الظواهر النفسية لما فرضوا وجود اللاشعور ، فنظرية اللاشعور إذن نظرية ، وهي أكثر نفعاً في علم النفس من فرضية الأثير في علم الطبيعة . ضرورية ونافعة
تعليق