- القوانين النفسية
قلنا إن الظواهر النفسية خاضعة لنظام ، ومعنى ذلك أن لها قوانين تضبطها، فما هي قيمة هذه القوانين ؟ هل يمكن الوصول فيها إلى يقين تام ، وهل هي مشابهة للقوانين الطبيعية في ضبطها وأحكامها ؟
ما من عالم يشك اليوم في وجود القوانين النفسية ، فهناك قوانين العادة ، والهوى ، والإحساس ، والإدراك ، والذاكرة ، وتداعي الأفكار وغيرها مما سنأتي على ذكره في هذا الكتاب .
ولنأت الآن بأمثلة على ذلك :
من القوانين التي قررها ) هو فدينغ ( في ادراك العالم الخارجي القانون الآتي : معرفة العالم الخارجي تعارف . ومعنى ذلك أننا لا ندرك الأشياء إلا بحسب الصور النفسية المكتسبة التي نطرحها عليها ، فكأن الأشياء مصبوغة بصوو النفس .
و من القوانين النفسية أيضاً قانون ) ريبو ( في الذاكرة ، وهو أن النسيان يلحق أولاً الأسماء الخاصة ، فالأسماء العامة ، ثم يعم الأفعال
ومنها القانون الآتي : الطفل يعيش في الحاضر، والشاب يعيش في المستقبل ، أما الشيخ
فيعيش في الماضي (١) ، ومنها قوانين تداعي الأفكار التي وضعها ( ارسطو ) وغير ذلك مما
سنأتي على ذكره في الفصول الآتية :
إن هذه القوانين النفسية ليست عامة وضرورية كالقوانين الطبيعية ، فهي إذن لا تصلح للتنبؤ ولا للعمل . إننا لا نستطيع أن نتنبأ بالعزم عند معرفة أسبابه ، كما نتنبأ بالخسوف عند معرفة قوانينه ..
ويمكننا أن نمز و ذلك إلى الأسباب الآتية :
١ - إن القوانين النفسية تابعة لمتغيرات مستقلة ، كالحرية والشخصية . ولذلك كان التنبؤ بواسطتها صعباً ، لأن عامل الحرية قد يبدل نتائج الأسباب. ويجعل المعلولات ذاتها غير ناشئة عن العلل ذاتها .
٢ - إن الظواهر النفسية أكثر اشتباكا وتعقيداً من الظواهر الطبيعية . ما أسهل تعيين شروط سقوط الأجسام مثلا إذا نسبت إلى شروط التفكير ! ، إن التفكير متعلق بكثير من العوامل الطبيعية ، كالأقليم ، والوراثة ، والبيئة ، والصحة . وهو تابع أيضاً العوامل نفسية كثيرة ، كتداعي الأفكار ، والتخيل ، والذاكرة ، والحساسية . ولذلك كان تحليل هذه العوامل لكشف عناصرها البسيطة أصعب في علم النفس منه في علوم
الطبعة
- إن طبيعة الظواهر النفسية مختلفة عن طبيعة الظواهر المادية ، فالتجريب فيها مشتمل على كثير من الصعوبات ولا يوصل فيها إلى قياس مباشر ، ولا تعين كميتها كما تعين كمية الشروط
المادية ، ولا تنطبق الرياضيات عليها كما تنطبق على العلوم الطبيعية ، فـ لا يمكن التعبير عن قوانينها بمعادلات ، ولا قلبها إلى توابع ( Fonctions ) رياضية.
٤ - لا يمكن استنتاج القوانين النفسية بعضها من بعض لاختلافها وعدم تناسقها ، أما العلوم الطبيعية فانه يمكن الوصول فيها إلى قوانين تسمى بالقوانين المشتقة، لأنها متناسقة . مثال ذلك انك تستنتج قوانين ) كبلر ( الثلاثة من قانون الجاذبية العامة ، فتسمى قوانين كبار بالقوانين المشتقة . ان علم النفس لا يتضمن مثل هذه القوانين المشتقة ولا يجمع القوانين في قانون عام واحد ، فلا غرو إذا بقيت قوانينه متفرقة لا توحيد فيها ولا اتصال المختلفة
بين حدودها .
وبالرغم من هذا النقص فاننا لا نزال نعتقد أن الظواهر النفسية خاضعة لقوانين كغيرها من الظواهر الطبيعية ، إلا أنه لا يمكن الوصول فيها الآن إلى درجة عالية من الضبط لتعذر صياغتها في معادلات رياضية ، لقد قال ارسطو :
و لا ينبغي لنا أن نطلب في جميع العلوم درجة واحدة من الضبط ، بل يجب أن نطلب التحقيق والضبط في كل نوع من الموضوعات بمقدار ما تقتضيه نفس طبيعة الشيء الذي يعالج ) . فاذا صح انه يمكن الوصول الى الضبط التام في بعض مواضيع العلم، فانه لا ينبغي ان يتحتم الضبط في كل مؤلفات المقل بقدر سواء (۲) ، وبالنسبة إلى الأشياء غير المعينة يجب (۱)
أن يبقى القانون مثلها غير معين (٣) . )
قلنا إن الظواهر النفسية خاضعة لنظام ، ومعنى ذلك أن لها قوانين تضبطها، فما هي قيمة هذه القوانين ؟ هل يمكن الوصول فيها إلى يقين تام ، وهل هي مشابهة للقوانين الطبيعية في ضبطها وأحكامها ؟
ما من عالم يشك اليوم في وجود القوانين النفسية ، فهناك قوانين العادة ، والهوى ، والإحساس ، والإدراك ، والذاكرة ، وتداعي الأفكار وغيرها مما سنأتي على ذكره في هذا الكتاب .
ولنأت الآن بأمثلة على ذلك :
من القوانين التي قررها ) هو فدينغ ( في ادراك العالم الخارجي القانون الآتي : معرفة العالم الخارجي تعارف . ومعنى ذلك أننا لا ندرك الأشياء إلا بحسب الصور النفسية المكتسبة التي نطرحها عليها ، فكأن الأشياء مصبوغة بصوو النفس .
و من القوانين النفسية أيضاً قانون ) ريبو ( في الذاكرة ، وهو أن النسيان يلحق أولاً الأسماء الخاصة ، فالأسماء العامة ، ثم يعم الأفعال
ومنها القانون الآتي : الطفل يعيش في الحاضر، والشاب يعيش في المستقبل ، أما الشيخ
فيعيش في الماضي (١) ، ومنها قوانين تداعي الأفكار التي وضعها ( ارسطو ) وغير ذلك مما
سنأتي على ذكره في الفصول الآتية :
إن هذه القوانين النفسية ليست عامة وضرورية كالقوانين الطبيعية ، فهي إذن لا تصلح للتنبؤ ولا للعمل . إننا لا نستطيع أن نتنبأ بالعزم عند معرفة أسبابه ، كما نتنبأ بالخسوف عند معرفة قوانينه ..
ويمكننا أن نمز و ذلك إلى الأسباب الآتية :
١ - إن القوانين النفسية تابعة لمتغيرات مستقلة ، كالحرية والشخصية . ولذلك كان التنبؤ بواسطتها صعباً ، لأن عامل الحرية قد يبدل نتائج الأسباب. ويجعل المعلولات ذاتها غير ناشئة عن العلل ذاتها .
٢ - إن الظواهر النفسية أكثر اشتباكا وتعقيداً من الظواهر الطبيعية . ما أسهل تعيين شروط سقوط الأجسام مثلا إذا نسبت إلى شروط التفكير ! ، إن التفكير متعلق بكثير من العوامل الطبيعية ، كالأقليم ، والوراثة ، والبيئة ، والصحة . وهو تابع أيضاً العوامل نفسية كثيرة ، كتداعي الأفكار ، والتخيل ، والذاكرة ، والحساسية . ولذلك كان تحليل هذه العوامل لكشف عناصرها البسيطة أصعب في علم النفس منه في علوم
الطبعة
- إن طبيعة الظواهر النفسية مختلفة عن طبيعة الظواهر المادية ، فالتجريب فيها مشتمل على كثير من الصعوبات ولا يوصل فيها إلى قياس مباشر ، ولا تعين كميتها كما تعين كمية الشروط
المادية ، ولا تنطبق الرياضيات عليها كما تنطبق على العلوم الطبيعية ، فـ لا يمكن التعبير عن قوانينها بمعادلات ، ولا قلبها إلى توابع ( Fonctions ) رياضية.
٤ - لا يمكن استنتاج القوانين النفسية بعضها من بعض لاختلافها وعدم تناسقها ، أما العلوم الطبيعية فانه يمكن الوصول فيها إلى قوانين تسمى بالقوانين المشتقة، لأنها متناسقة . مثال ذلك انك تستنتج قوانين ) كبلر ( الثلاثة من قانون الجاذبية العامة ، فتسمى قوانين كبار بالقوانين المشتقة . ان علم النفس لا يتضمن مثل هذه القوانين المشتقة ولا يجمع القوانين في قانون عام واحد ، فلا غرو إذا بقيت قوانينه متفرقة لا توحيد فيها ولا اتصال المختلفة
بين حدودها .
وبالرغم من هذا النقص فاننا لا نزال نعتقد أن الظواهر النفسية خاضعة لقوانين كغيرها من الظواهر الطبيعية ، إلا أنه لا يمكن الوصول فيها الآن إلى درجة عالية من الضبط لتعذر صياغتها في معادلات رياضية ، لقد قال ارسطو :
و لا ينبغي لنا أن نطلب في جميع العلوم درجة واحدة من الضبط ، بل يجب أن نطلب التحقيق والضبط في كل نوع من الموضوعات بمقدار ما تقتضيه نفس طبيعة الشيء الذي يعالج ) . فاذا صح انه يمكن الوصول الى الضبط التام في بعض مواضيع العلم، فانه لا ينبغي ان يتحتم الضبط في كل مؤلفات المقل بقدر سواء (۲) ، وبالنسبة إلى الأشياء غير المعينة يجب (۱)
أن يبقى القانون مثلها غير معين (٣) . )
تعليق