قطرب (محمد بن المستنير ـ)
(… ـ 206هـ/… ـ 821 م)
أبوعليّ، محمّد بن المستنير بن أحمد، من أئمة اللغة والنحو على مذهب أهل البصرة. سُمّي قطرباً لأنه كان يبكّر إلى سيبويه للأخذ عنه قبل حضور أحد من تلامذته، فقال له سيبويه يوماً: «ما أنت إلا قُطْرب ليل» (والقطرب دويّبة تدِبّ ولا تستريح)، فلُقّب بذلك.
لم تذكر المصادر شيئاً عن مكان ولادته ولا عن زمانها، واكتفت بالإشارة إلى أنه كان مولى لرجل يدعى سالم ابن زياد.
نشأ قطرب في البصرة التي احتضنت قبل غيرها علوم اللغة، فأخذ النحو واللغة عن جماعة من علمائها وفي مقدمتهم سيبويه (ت180هـ) وكان شديد الملازمة له، ومع ذلك لم يقرأ عليه كتابه، وأخذ أيضاً عن عيسى بن عمر الثقفي (ت149هـ)، وعن يونس بن حبيب (ت183هـ). والظاهر أن قطرباً نشأ في أسرة معتزلية الرأي، فقد كان أبوه معتزلياً، فلا غرابة أن يتتلمذ لإبراهيم بن سيّار النظّام (ت231هـ) إمام المعتزلة في البصرة، وأن يلتقيا في الرأي، ولمّا صنّف كتاباً في التفسير أراد أن يُقرِئه في الجامع، لكنه خاف من العامّة وإنكارهم عليه لأنه صنفه على مذهب المعتزلة، فاستعان- كما ذكر ياقوت ـ بجماعة من أصحاب السلطان ليتمكن من قراءته في الجامع.
ولم يلبث بعد ذلك أن ارتحل إلى بغداد، وكان ذلك في عهد هارون الرشيد، أي بعد سنة 170هـ، فعمل مؤدّباً لولدي الرشيد: الأمين والمأمون، وألف لهما كتاباً سمّاه «جماهير الكلام»، واتصل أيضاً في بغداد بأبي دُلَف العِجْلي (ت226هـ) وأدّب أولاده.
وقد أخذ عن قطرب جماعة من العلماء، منهم يعقوب بن السكيت (ت244هـ)، وأبو جعفر محمد بن حبيب البغدادي (ت245هـ)، والجاحظ (ت255هـ)، وأبو القاسم المهلّبي، وأبو عبد الله محمد بن الجهم السمّري البغدادي (ت277هـ) صاحب الفرّاء وراوي كتبه، وراوي كتاب «الفرق» لقطرب، وكذا أخذ عنه ابنه الحسن بن قطرب.
وقد أشاد أكثر المتقدمين بقطرب ووثّقوه، فذكر أبو الطيب اللغوي أنه كان حافظاً للّغة كثير النوادر والغريب، وذكر صاحب «الفهرست» والخطيب البغدادي وسواهما أنه كان «ثقة فيما يحكيه» وكذا أثنى عليه أبوعلي الفارسي وتلميذه ابن جني وعوّلا عليه في تصانيفهما، بيد أن قطرباً لم يسلم من نقد بعض معاصريه، فاتهمه تلميذه ابن السكيت بالكذب فيما يرويه من اللغة، وكان أبو إسحاق الزجاج (ت311هـ) يهجّن من مذاهبه في النحو أشياء نسبه إلى الخطأ فيها كما ذكر الأزهري في «التهذيب».
صنف قطرب جملة من الكتب والرسائل تدلّ على سعة علمه، ولاسيما في اللغة وعلوم القرآن، وقد انتهى إلينا من مؤلفاته مطبوعاً أربعة كتب: «المثلثات»، «الأضداد»، «الأزمنة»، «الفَرْق».
وقطرب هو أول من صنّف في المثلثات اللغوية، ذكر ذلك ابن خلكان ثم قال: «وكتابه وإن كان صغيراً لكن له فضيلة السبق». والمراد بالمثلثات تلك الألفاظ التي يتغيّر معناها باختلاف حركة فائها أوعينها، مثل: «الغُمر»: الرجل الجاهل، و«الغَمر»: الماء الكثير، و«الغِمر»: الحقد.
أمّا مصنفاته الأخرى فلا يُعرَف إلا أسماؤها وشيء من صفاتها، منها: «معاني القرآن»، قيل: لم يُسْبَق إليه، وعليه احتذى الفرّاء. و«الردّ على الملحدين في متشابه القرآن» وهو كتاب صغير أثنى عليه ابن جني وشيخه أبو علي وأفادا منه، و«إعراب القرآن» و«مجاز القرآن» و«غريب الحديث» و«المصنف في غريب اللغة» و«خَلْق الإنسان« و«خَلْق الفرس» و«الأنواء» و«الصفات» و«النوادر» و«الهمز» و«فعل وأفعل» و«العلل في النحو» و«جماهير الكلام» وهو رسالة في النحو تناول فيها باب التصغير، و«القوافي».
نبيل أبو عمشة
(… ـ 206هـ/… ـ 821 م)
أبوعليّ، محمّد بن المستنير بن أحمد، من أئمة اللغة والنحو على مذهب أهل البصرة. سُمّي قطرباً لأنه كان يبكّر إلى سيبويه للأخذ عنه قبل حضور أحد من تلامذته، فقال له سيبويه يوماً: «ما أنت إلا قُطْرب ليل» (والقطرب دويّبة تدِبّ ولا تستريح)، فلُقّب بذلك.
لم تذكر المصادر شيئاً عن مكان ولادته ولا عن زمانها، واكتفت بالإشارة إلى أنه كان مولى لرجل يدعى سالم ابن زياد.
نشأ قطرب في البصرة التي احتضنت قبل غيرها علوم اللغة، فأخذ النحو واللغة عن جماعة من علمائها وفي مقدمتهم سيبويه (ت180هـ) وكان شديد الملازمة له، ومع ذلك لم يقرأ عليه كتابه، وأخذ أيضاً عن عيسى بن عمر الثقفي (ت149هـ)، وعن يونس بن حبيب (ت183هـ). والظاهر أن قطرباً نشأ في أسرة معتزلية الرأي، فقد كان أبوه معتزلياً، فلا غرابة أن يتتلمذ لإبراهيم بن سيّار النظّام (ت231هـ) إمام المعتزلة في البصرة، وأن يلتقيا في الرأي، ولمّا صنّف كتاباً في التفسير أراد أن يُقرِئه في الجامع، لكنه خاف من العامّة وإنكارهم عليه لأنه صنفه على مذهب المعتزلة، فاستعان- كما ذكر ياقوت ـ بجماعة من أصحاب السلطان ليتمكن من قراءته في الجامع.
ولم يلبث بعد ذلك أن ارتحل إلى بغداد، وكان ذلك في عهد هارون الرشيد، أي بعد سنة 170هـ، فعمل مؤدّباً لولدي الرشيد: الأمين والمأمون، وألف لهما كتاباً سمّاه «جماهير الكلام»، واتصل أيضاً في بغداد بأبي دُلَف العِجْلي (ت226هـ) وأدّب أولاده.
وقد أخذ عن قطرب جماعة من العلماء، منهم يعقوب بن السكيت (ت244هـ)، وأبو جعفر محمد بن حبيب البغدادي (ت245هـ)، والجاحظ (ت255هـ)، وأبو القاسم المهلّبي، وأبو عبد الله محمد بن الجهم السمّري البغدادي (ت277هـ) صاحب الفرّاء وراوي كتبه، وراوي كتاب «الفرق» لقطرب، وكذا أخذ عنه ابنه الحسن بن قطرب.
وقد أشاد أكثر المتقدمين بقطرب ووثّقوه، فذكر أبو الطيب اللغوي أنه كان حافظاً للّغة كثير النوادر والغريب، وذكر صاحب «الفهرست» والخطيب البغدادي وسواهما أنه كان «ثقة فيما يحكيه» وكذا أثنى عليه أبوعلي الفارسي وتلميذه ابن جني وعوّلا عليه في تصانيفهما، بيد أن قطرباً لم يسلم من نقد بعض معاصريه، فاتهمه تلميذه ابن السكيت بالكذب فيما يرويه من اللغة، وكان أبو إسحاق الزجاج (ت311هـ) يهجّن من مذاهبه في النحو أشياء نسبه إلى الخطأ فيها كما ذكر الأزهري في «التهذيب».
صنف قطرب جملة من الكتب والرسائل تدلّ على سعة علمه، ولاسيما في اللغة وعلوم القرآن، وقد انتهى إلينا من مؤلفاته مطبوعاً أربعة كتب: «المثلثات»، «الأضداد»، «الأزمنة»، «الفَرْق».
وقطرب هو أول من صنّف في المثلثات اللغوية، ذكر ذلك ابن خلكان ثم قال: «وكتابه وإن كان صغيراً لكن له فضيلة السبق». والمراد بالمثلثات تلك الألفاظ التي يتغيّر معناها باختلاف حركة فائها أوعينها، مثل: «الغُمر»: الرجل الجاهل، و«الغَمر»: الماء الكثير، و«الغِمر»: الحقد.
أمّا مصنفاته الأخرى فلا يُعرَف إلا أسماؤها وشيء من صفاتها، منها: «معاني القرآن»، قيل: لم يُسْبَق إليه، وعليه احتذى الفرّاء. و«الردّ على الملحدين في متشابه القرآن» وهو كتاب صغير أثنى عليه ابن جني وشيخه أبو علي وأفادا منه، و«إعراب القرآن» و«مجاز القرآن» و«غريب الحديث» و«المصنف في غريب اللغة» و«خَلْق الإنسان« و«خَلْق الفرس» و«الأنواء» و«الصفات» و«النوادر» و«الهمز» و«فعل وأفعل» و«العلل في النحو» و«جماهير الكلام» وهو رسالة في النحو تناول فيها باب التصغير، و«القوافي».
نبيل أبو عمشة